
«وكالات» : استشهد عشرات الفلسطينيين أمس الأربعاء جراء غارات كثيفة تركزت إلى حد كبير على خان يونس، بعد أن أوقع القصف أكثر من 100 شهيد، في وقت نزحت فيه آلاف العائلات من شمال غزة.
وأفادت مصادر في مستشفيات غزة باستشهاد 43 فلسطينيا في القصف الإسرائيلي المتواصل، بينهم 24 في خان يونس، منذ فجر أمس.
وفي التفاصيل، أفاد مصدر طبي في مجمع ناصر الطبي باستشهاد 6 أشخاص وإصابة أكثر من 10 آخرين -معظمهم أطفال- في قصف نفذته مسيّرات إسرائيلية فجر أمس على خيام نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس.
وقال المصدر إن حالة بعض المصابين خطرة، ونشر ناشطون صورا تظهر أطفالا مضرجين بدمائهم في المستشفى.
وتأتي المجزرة الجديدة في منطقة المواصي المكتظة بالنازحين بعد ساعات من إصدار جيش الاحتلال أوامر بإخلاء أحياء في خان يونس بذريعة إطلاق صواريخ من داخلها الثلاثاء.
وكانت كتائب القسام تبنت إطلاق صواريخ من طراز «كيو-20» من منطقة توجد فيها الآليات العسكرية الإسرائيلية شمال خان يونس على مستوطنتي نير إسحاق ومفتاحيم المحاذيتين لقطاع غزة.
وتشهد خان يونس معارك محتدمة بين المقاومة وقوات الاحتلال المتوغلة في بعض المحاور بالمنطقة.
وفي تطورات ميدانية أخرى، أفاد مصدر في المستشفى المعمداني بوصول 4 شهداء بينهم طفلان إثر غارة إسرائيلية على منزل بحي التفاح شرقي مدينة غزة.
وتعرضت المناطق الشرقية لمدينة غزة، بما فيها حي الشجاعية، لغارات جوية وقصف مدفعي، وشمل القصف حي الزيتون الذي يقع جنوب شرقي المدينة، وفقا لمصادر فلسطينية.
وكانت مدينة غزة شهدت في الأيام القليلة الماضية مجازر عدة إحداها وقعت في استراحة على شاطئ البحر وأسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى.
وفي شمال القطاع، تجدد القصف أمس على منطقة جباليا التي تعرضت في المدة الأخيرة لأحزمة نارية.
وفي وسط القطاع، أفاد مصدر في مستشفى شهداء الأقصى باستشهاد 5 بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على مجموعة من الفلسطينيين بدير البلح.
وقبل ذلك، استهدفت غارة خيمة تؤوي نازحين في محيط مستشفى شهداء الأقصى مما أسفر عن 10 مصابين.
وفي مخيم المغازي القريب، أصيبت سيدة حامل بجروح خطيرة جراء قصف مدفعي.
وكانت مصادر في مستشفيات القطاع أفادت بأن 109 فلسطينيين استشهدوا الثلاثاء جراء القصف الإسرائيلي، مشيرة إلى أن أكثر من نصف الشهداء سقطوا في جنوبي القطاع وبينهم عدد من الباحثين عن مساعدات غذائية.
ومنذ استئناف العدوان على غزة في مارس الماضي، استشهد أكثر من 6300 وأصيب 22 ألفا، وبين الشهداء 600 من المجوّعين الذي استهدفوا في محيط مراكز المساعدات الخاضعة لإشراف أميركي إسرائيلي.
في غضون ذلك، قالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 1500 عائلة نزحت في الأيام الماضية من شمال غزة، وكذلك من الجزء الشرقي من محافظة غزة.
وأضافت الأمم المتحدة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تكثفت في غزة منذ إصدار أمر النزوح الأخير.
وفي الإطار، نقلت قناة الأقصى الفضائية عن عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لوكالة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن هناك موجة نزوح ضخمة تزامنا مع تصعيد عسكري إسرائيلي بالقطاع.
وكانت وكالة الأونروا قالت إن 82 في المئة من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية.
وأضافت الوكالة أن الفلسطينيين لا يجدون مكانا يلجؤون إليه مع استمرار تدمير المنشآت ومراكز الإيواء.
وتؤكد الأمم المتحدة أن إسرائيل تحاصر السكان في نحو 22 في المئة من مساحة القطاع.
ومنذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، اضطر معظم السكان البالغ عددهم نحو 2.2 مليون إلى النزوح مرة واحدة على الأقل.
ونزح مئات الآلاف من مناطق توغلت فيها الدبابات الإسرائيلية، بينها رفح وخان يونس في الجنوب، وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون والمناطق الشرقية لمدينة غزة في الشمال.
من جهة أخرى حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة حماس على الموافقة على ما وصفه بـ«المقترح النهائي» لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة لمدة 60 يوما، والذي سيقدمه مسؤولون وسطاء من قطر ومصر.
وفي منشور على منصته «تروث سوشيال»، قال ترامب إن ممثليه عقدوا اجتماعا «طويلا ومثمرا» مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن غزة.
ولم يكشف ترامب عن ممثليه، إلا أن اجتماعا كان مقررا بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جيه.دي فانس مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.
وقال ترامب إن إسرائيل وافقت على شروط وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، «وخلال هذه الفترة سنعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب»، مشيرا إلى أن ممثلين عن قطر ومصر سيسلمون «هذا الاقتراح النهائي» إلى حماس.
وقال الرئيس الأمريكي: «آمل، من أجل مصلحة الشرق الأوسط، أن تقبل حماس بهذه الصفقة، لأن الوضع لن يتحسن، بل سيزداد سوءا. أشكركم على اهتمامكم بهذا الأمر!».
وكان ترامب قد قال للصحافيين في وقت سابق يوم الثلاثاء إنه يأمل في أن يتم «التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل الرهائن الأسبوع المقبل بين إسرائيل وحماس».
ومن المقرر أن يلتقي ترامب بنتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين.
وقالت حماس إنها على استعداد للإفراج عن المحتجزين المتبقين في غزة بموجب أي اتفاق لإنهاء الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب إلا بعد نزع سلاح حماس وتفكيكها.
وترفض حماس إلقاء سلاحها.
واندلعت الحرب في غزة عندما هاجم مسلحون بقيادة عناصر من حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وهو ما تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 في غزة.
ولم يُظهر الجانبان علامات تذكر على استعدادهما لتقديم أي تنازلات.
واقترحت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما والإفراج عن نصف المحتجزين مقابل أسرى فلسطينيين ورفات فلسطينيين آخرين.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما و»صفقة الرهائن» التي اقترحتها الولايات المتحدة، محملا حماس المسؤولية.
ويسعى ترامب ومساعدوه على ما يبدو إلى استغلال أي زخم من الضربات الأمريكية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي في هذا الصراع، لتأمين هدنة دائمة في الحرب في غزة، بحسب المحللين.
وقال ترامب للصحافيين، خلال زيارة إلى فلوريدا، إنه سيكون «حازما جدا» مع نتنياهو بشأن الحاجة إلى وقف سريع لإطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن نتنياهو يريد أيضا وقفا سريعا لإطلاق النار.
وقال الرئيس الأمريكي: «نأمل أن يحدث ذلك. ونحن نتطلع إلى حدوثه في وقت ما الأسبوع المقبل...نريد إخراج الرهائن»، بحسب تعبيره.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعقب هجوم السابع من أكتوبر أدى إلى مقتل أكثر من 56 ألف فلسطيني، كما تسبب في أزمة جوع، ونزوح سكان غزة بالكامل، ودفع إلى توجيه اتهامات بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية واتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية. وتنفي إسرائيل هذه الاتهامات.
من ناحية أخرى أبلغ جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس 50 عائلة بإخلاء منازلها في مخيم طولكرم بالضفة الغربية تمهيدا لهدمها، ويأتي ذلك وسط استمرار الاقتحامات اليومية والاعتقالات بحق سكان الضفة وإحراق مستوطنين لأراض زراعية.
وذكرت مصادر أن قرار الإخطار بالهدم يأتي ضمن مخطط إسرائيلي أوسع لهدم 104 مبان تضم نحو 400 شقة سكنية، وعشرات المنشآت التجارية التي تعود ملكيتها لعائلات في المخيم.
وعن هذا قال رئيس اللجنة الشعبية في مخيم طولكرم فيصل سلامة إن الاحتلال لديه خطة أمنية ممنهجة لتدمير المخيمات الفلسطينية، مؤكدا أن 400 أسرة ستصبح بلا مأوى بعد هدم 104 بنايات، ومشددا في الوقت ذاته على أن مهلة الساعتين التي أعطاها الاحتلال للسكان لا تكفي لنقل المقتنيات.
ويأتي قرار الهدم استكمالا للمخطط المتواصل منذ 21 من يناير العام الجاري، إذ صدر في الأشهر السابقة قراران: الأول بموجبه هدم 16 بناية سكنية والثاني 58 بناية.
ومن المتوقع أن يبدأ الفلسطينيون بالتوجه نحو المخيم لإخراج بعض مقتنياتهم ضمن الفترة التي حددها قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال وهي من الساعة 7 إلى 12 ظهرا.
واستأنف جيش الاحتلال كذلك عمليات هدم المباني وتدميرها في مخيم جنين شمالي الضفة، ضمن المخطط الذي يقضي بهدم نحو 100 بناية سكنية في المخيم.
وقالت مصادر إن جرافات الاحتلال هدمت عددا من البنايات السكنية خلف «مستشفى جنين الحكومي»، بزعم شق طرق جديدة في المنطقة.
وكانت قوات الاحتلال هدمت ما يزيد على 600 بناية سكنية بشكل كلي، وأكثر من 3 آلاف بشكل جزئي.
وقد أظهرت خرائط وصور تحليلية حديثة، نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، تحولا كبيرا في عمران وجغرافية مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في شمال الضفة الغربية.
وكشفت مقارنة بين خرائط تعود إلى يونيو من العام الماضي، وأخرى حديثة، عن تغير وتحول كبير في جغرافية المخيمات، حيث شق الاحتلال شوارع جديدة من خلال تدمير واسع للمباني السكنية والمنشآت.
من جانب آخر ذكر وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، أن «الوقت قد حان» لضم الضفة الغربية، خلال اجتماع مع زعيم المستوطنين يوسي داجان.
وأضاف الوزير: «أعتقد أن هذه الفترة، بعيداً عن القضايا الحالية، هي وقت الفرصة التاريخية التي يجب ألا نضيعها»، في إشارة إلى ضم الأراضي المتنازع عليها، حسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أمس الأربعاء.
وأخبر ليفين داجان، طبقاً لبيان صادر عن مكتب هذا الأخير ومقطع فيديو أصدره: «حان وقت السيادة، حان وقت تطبيقها. موقفي في هذا الأمر صارم، هذا أمر واضح».
وأضاف أن القضية يجب أن تكون على «رأس قائمة الأولويات».
يأتي هذا بينما وجّهت مسؤولة أممية مكلفة بمراقبة الضفة الغربية وقطاع غزة، الثلاثاء، اتهامات لإسرائيل باستخدام الشركات لمتابعة مشروع «استيطاني استعماري» يهدف إلى الفصل العنصري والإبادة الجماعية، بحسب تعبيرها.
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، الأكاديمية الإيطالية المتخصصة في القانون وحقوق الإنسان، إنه في حين يتجنب القادة السياسيون والحكومات التزاماتهم، فإن «عدداً كبيراً جداً من الشركات قد استفادت من الاقتصاد الإسرائيلي للاحتلال غير الشرعي، والفصل العنصري، والآن الإبادة الجماعية»، بحسب تعبيرها.
ونشرت ألبانيز، التي تم تعيينها مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 2022، تقريراً بعنوان «من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية».
ولطالما اتهمت إسرائيل ألبانيز بـ»الافتقار إلى العدالة والحياد والنزاهة». وترفض الحكومة الإسرائيلية التعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وهيئاته.
ويحقق تقرير ألبانيز فيما يسميها «الآلية الخاصة بالشركات التي تدعم المشروع الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي لتهجير واستبدال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة». ويواصل التقرير وصف «دور الشركات في دعم الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وحملته المستمرة للإبادة الجماعية في غزة»، ويقول إن مصالح الشركات تدعم المنطق الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين واستبدالهم وتجريدهم من ممتلكاتهم.