
«وكالات» : في مشهد يختزل مفارقات الواقع المأساوي في قطاع غزة، تحوّلت حتى الحمير إلى ضحايا جديدة للحصار والاحتلال، بعد أن كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قيام الجيش الإسرائيلي بنقل مئات الحمير من القطاع إلى داخل إسرائيل بزعم «إنقاذها من صدمات نفسية وجسدية».
وكشفت قناة «كان» الإسرائيلية، الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي نقل هذه الحمير إلى مزرعة تديرها جمعية إسرائيلية تُدعى «لنبدأ من جديد»، تُعنى برعاية الحمير.
ونقلت القناة عن المسؤولة عن الجمعية قولها «لن نسمح بدخول الحمير مجددًا إلى قطاع غزة، وسنعمل على إخراج ما تبقى منها لكي لا تُستغل في عمليات إعادة إعمار القطاع».
وأوضحت القناة أن الجمعية قامت لاحقًا بترحيل جزء من الحمير إلى فرنسا، نظرا لوجود مساحات واسعة هناك تتيح لهذه الحيوانات العيش بحرية، فيما يجري الإعداد لنقل دفعة أخرى إلى بلجيكا.
وبحسب المسؤولة عن الجمعية، فإن الوضع النفسي والجسدي للحمير التي جرى إخراجها من غزة كان «صعبا»، مشيرة إلى أنها كانت «تعيش حياة عبودية» جراء استخدامها في نقل الرمل ومواد البناء، ولاحقًا في نقل الأثاث والمواطنين بعد الحرب.
وأثارت هذه الخطوة، التي وُصفت على نطاق واسع بأنها «سرقة علنية»، موجة غضب وسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر ناشطون أن الاحتلال لا يكتفي بمصادرة الأرض والحقوق، بل يمتد ليطال كل أشكال الحياة، حتى وسائل النقل البدائية التي يعتمد عليها السكان لمواجهة آثار الحصار والدمار.
ورأى مدونون أن ما جرى يمثل عملية سرقة واضحة، مؤكدين أنه لا غرابة في تصرف دولة «قامت أصلًا على أرض مسروقة».
وأشار آخرون إلى أن الحمير في قطاع غزة لم تسلم من الإعدامات والتجويع، وإن نجت فإنها تواجه المصادرة والترحيل، في مشهد وصفوه بأنه «لا يحدث في أي مكان في العالم إلا في غزة التي تتعرض للإبادة بكل الوسائل».
وأوضح ناشطون أن السبب الحقيقي وراء مصادرة الحمير هو أنها كانت تشكّل شريان حياة للأهالي، إذ لا تنقل النازحين والأمتعة فحسب، بل الجرحى والشهداء أيضًا، مشيرين إلى أن سكان غزة احتفلوا بتكريم هذه الحيوانات الشهر الماضي تقديرًا لدورها الحيوي.
وتساءل مغردون: «من الذي يقتل الحمير ويعذبها في الحقيقة؟ فالحمير تعاني ما يعانيه البشر من حرب الإبادة والقصف والجوع في غزة «.
كما تساءل آخرون على وجه السخرية: «سرقة الحمير من غزة… إنسانية عوجاء أم امتداد لسياسة الإبادة؟».
وفي السياق ذاته، اعتبر نشطاء الخطوة بأنها «انتهاك فاضح لحقوق الحيوانات ولسكان القطاع»، معتبرين أنها ترحيل قسري لها إلى الخارج.
وكتب أحد النشطاء: «هذا هو المعنى الحقيقي للإجرام بكل المقاييس… حتى الحمير يسرقونها لكي يشقّوا على أهل غزة».
وأضاف آخر: «طول عمرهم اعتادوا السرقة… حتى الحمير لم تسلم منهم. يريدون قتل كل أشكال الحياة لتهجير الناس من غزة».
ووصف نشطاء إسرائيل بأنها «لصوص الحمير»، حيث لم تكتفِ بسرقة أرض الفلسطينيين وأرواحهم، بل سرقت أيضًا حمير غزة ومنحتها «حق اللجوء» في فرنسا.
ورأى مدونون أن السبب الحقيقي والرئيسي لهذه الخطوة هو إعاقة حياتهم اليومية وتعطيل آخر وسيلة مواصلات يستخدمها الأهالي، وليس حبًّا في الحمير، مشيرين إلى أن الاحتلال كان يقنص الأحصنة والحمير خلال الحرب وكأنه يقتلها في لعبة.
وأكد آخرون أن الحقيقة المؤلمة أن هذه الحيوانات لم تُنقل بدافع الرحمة، بل لأنها تمثل وسيلة النقل الوحيدة المتبقية للأهالي بعد تدمير البنية التحتية ومنع الوقود.
واعتبروا أن الكيان الإسرائيلي يستخدم أدوات «تبدو إنسانية لتحقيق أهداف خبيثة»، منها تعميق الحصار، وشلّ حركة السكان، وفرض واقع خانق على حياة أكثر من مليوني إنسان في غزة.
من ناحية أخرى استشهد 11 فلسطينيا أمس الثلاثاء بغارات إسرائيلية على مناطق متفرقة في قطاع غزة، مع تواصل حرب الإبادة الجماعية لليوم الـ648.
وأفاد جهاز الإسعاف والطوارئ باستشهاد 5 أشخاص فجر أمس في قصف إسرائيلي على منزل في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.
وقال مراسل الجزيرة إن غارات إسرائيلية استهدفت محيط مسجد الشمعة بحي الزيتون جنوبي مدينة غزة.
وأضاف بإصابة عدد من الفلسطينيين بجروح جراء قصف على محيط مسجد صلاح الدين في حي الزيتون بمدينة غزة وسط القطاع.
كما أفاد مصدر في مستشفى القدس باستشهاد 12 فلسطينيا وإصابة أكثر من 30 آخرين، بينهم حالات حرجة، في قصف إسرائيلي استهدف منزلا يعود لعائلة عزام في حي تل الهوى.
وفي نبأ عاجل ورد صباح الثلاثاء، أكد مصدر في مستشفى الشفاء استشهاد النائب في المجلس التشريعي فرج الغول في قصف استهدف منزله بمدينة غزة فجر أمس.
وفي دير البلح وسط القطاع، أفاد مصدر طبي بمستشفى شهداء الأقصى باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين إثر قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين وسط مدينة دير البلح.
وشمال القطاع، قالت مصادر إن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن سلسلة غارات على جباليا البلد.
وجنوبا، أكدت المصادر في مستشفى ناصر باستشهاد 10 فلسطينيين معظمهم من الأطفال، وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف خياما للنازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. ووصف المصدر الطبي حالة عدد من المصابين بالخطرة.
وبذلك يتجاوز عدد الشهداء حتى ظهر أمس أربعين شهيدا علما بأن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة الاثنين، أدت إلى استشهاد 62 فلسطينيا آخرين.
من جانب آخر، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إن إسرائيل لا تنوي السيطرة على غزة على المدى الطويل.
وأضاف ساعر، في تصريحات ليورونيوز، أن مخاوف إسرائيل بشأن غزة أمنية فقط ولا نية لديها للسيطرة على القطاع مستقبلا.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إن حماس لا يمكن أن تكون جزءا من مستقبل غزة، وإنه إذا كانت الحركة مستعدة لإلقاء سلاحها ونزعه فيمكن القيام بذلك عبر مسار دبلوماسي.
من جانبه قال رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- إنه يوافق على صفقة التبادل فقط إذا كانت جيدة وإنه لن يقبل ما سماها الصفقات السيئة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 197 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.
من جهة أخرى جدد الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية منذ أكثر من 21 شهرا ومخططات التهجير القسري.
وأنذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان، الفلسطينيين بإخلاء مناطق كان قد وجه إليها أمرا بالإخلاء مرات متكررة خلال يونيو الماضي.
وتضم مناطق مدينة غزة التي ذكرها الجيش في البيان أحياء الزيتون الشرقي والبلدة القديمة والتركمان والجديدة والدرج والصبرة والتفاح. في حين تضم مناطق محافظة الشمال، وفق ما جاء في البيان: جباليا البلد وجباليا النزلة ومعسكر جباليا وأحياء الروضة والنهضة والزهور والنور والسلام وتل الزعتر.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة بدعم أميركي، أكثر من 197 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
وطلب المتحدث من الفلسطينيين مغادرة تلك المناطق والتوجه إلى منطقة «المواصي» الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب دير البلح (وسط) حتى ما قبل شمال خان يونس (جنوب).
ويصنف الجيش الإسرائيلي منطقة «المواصي» منطقة «إنسانية آمنة»، لكنه يرتكب فيها مجازر بقصف خيام النازحين، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من النازحين إليها.
وأشار جيش الاحتلال في بيانه إلى أنه يعمل في تلك المناطق «بقوة متزايدة لتدمير العدو والمنظمات المعادية، في حين يمتد القتال غربا نحو وسط المدينة».
ومنذ انهيار وقف إطلاق النار بقرار أحادي من الحكومة الإسرائيلية في 18 مارس الماضي، أصدر الجيش عشرات الإنذارات المشابهة في عموم قطاع غزة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير نشره الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي أصدر منذ 18 مارس نحو 54 أمرا بالإخلاء، في حين أخضع نحو 297 كيلومترا مربعا أو ما نسبته 81 في المئة من قطاع غزة لأوامر الإخلاء.
وأضاف «مع انعدام وجود الأماكن الآمنة، لجأ الكثير من السكان إلى مواقع مكتظة لالتماس المأوى فيها وإلى مراكز الإيواء المؤقتة والبنايات المتضررة والشوارع والمناطق المفتوحة، وبات الناس محصورين في أماكن تتضاءل باستمرار».
وتابع «حتى التاسع من يوليو، كان 86 في المئة من أراضي قطاع غزة تقع داخل مناطق عسكرية إسرائيلية أو تخضع لأوامر النزوح، التي يتداخل بعضها في بعض إلى حد كبير منذ 18 مارس».
من جانب آخر أكد مصدر قيادي في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في تصريحات خاصة للجزيرة أن المقاومة الفلسطينية تعتمد على قدرات ذاتية وتصنيع محلي، نافيا أي اعتماد على تهريب السلاح عبر الحدود المصرية منذ سنوات.
وقال القيادي إن ما تروّج له إسرائيل كمبرر لتدمير مدينة رفح وتحويلها إلى معسكر نازي -على حد وصفه- هو «محض أكاذيب تهدف إلى تحقيق أجندات سياسية وأيديولوجية».
وأوضح أن العدو يحاول استخدام ذرائع أمنية زائفة لتبرير جرائمه ضد المدنيين والنازحين في رفح.
ولطالما برر مسؤولون إسرائيليون -وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو– العمليات العسكرية في رفح وسيطرتهم على معبر فيلادلفيا الحدودي باعتبارها ضرورية لمنع تهريب الأسلحة من مصر إلى حركة حماس.
كما شدد القيادي على أن «عملية طوفان الأقصى وما سبقها وما تبعها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن المقاومة لا تعتمد في تسليحها على أي خطوط تهريب تقليدية، بل على تطوير محلي كامل لقدراتها القتالية».
ومنذ بدء العملية العسكرية برفح في مايو 2024 دمر الجيش الإسرائيلي معظم المباني في المدينة وحوّلها إلى أنقاض.
وتعود رفح إلى الواجهة في وقت يدور فيه جدل واسع داخل إسرائيل بشأن خطة لإقامة ما تعرف بـ«المدينة الإنسانية»، وهي معسكر خيام ضخم يعتزم وزير الدفاع يسرائيل كاتس تشييده على أنقاض مدينة رفح جنوب غزة.
ويهدف المعسكر إلى احتجاز نحو 600 ألف فلسطيني تمهيدا لما يُخشى أن يكون «تهجيرا قسريا إلى الخارج»، وفق مؤسسات حقوقية.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خلافات حادة داخل اجتماع الكابينت مساء الأحد بين القيادة السياسية والجيش بشأن جدوى المشروع، حيث قدّرت المؤسسة العسكرية أن بناء المخيم سيستغرق أكثر من عام وسيكلف مليارات، خلافا لتقديرات الحكومة التي كانت تتحدث عن بضعة أشهر.