
«وكالات» : قال المبعوث الأمريكي توم براك -أمس الاثنين- إن الحكومة السورية يجب أن تتحمل المسؤولية وأن تُحاسب، في ما يتعلق بالاشتباكات الدموية التي شهدتها السويداء جنوبي البلاد الأسبوع الماضي، لكنه أضاف أنها «قادرة وذات كفاءة وموثوقة ونفذت ما وعدت به ولم ترتكب أخطاء».
ووصف براك ما حدث في السويداء بأنه «أمر مروع»، قائلا إن الولايات المتحدة تتفاعل مع التطورات في السويداء بقدر من «القلق والألم والمساعدة».
وأكد المبعوث الأمريكي أنه من المهم دمج الأقليات بالسلطة في سوريا، مشيرا إلى أنه على الحكومة إدراك أهمية التواصل والإشراك والتنسيق مع الدول المجاورة «لا سيما إسرائيل».
وقال «تذكروا كان هناك 15 سنة من الفظائع التي ترتكب قبل وصول هذه الحكومة»، موضحا أن «الأقليات والعشائر عاشت في ظل حكومة أخرى في فوضى، وعندما تحدث الأزمات لا يتوجهون إلى الدولة لحلها».
ولفت براك إلى أن السوريين ليسوا متأكدين حتى الآن من الحكومة الجديدة، لكنه أعرب عن أمله أن تؤدي اشتباكات السويداء إلى تسريع توحيد القضايا في سوريا.
وأتى حديث براك خلال مؤتمر صحفي في بيروت أعقب تسلمه رد لبنان على المقترح الأمريكي بخصوص نزع سلاح حزب الله وانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب البلاد.
كما نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن براك قوله تعليقا على الغارات الإسرائيلية على سوريا الأسبوع الماضي إن «التدخل الإسرائيلي في سوريا جاء في وقت سيئ للغاية ويخلق فصلا مربكا».
وتابع أن الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن أمور تعتبرها إسرائيل دفاعا عن نفسها، وأشار إلى أنه لا توجد خطة بديلة للعمل مع السلطات السورية الحالية لتوحيد البلاد.
واعترف أن إسرائيل تفضل سوريا مجزأة على دولة مركزية قوية تسيطر على البلاد، وأوضح أن وقف إطلاق النار المعلن السبت بين سوريا وإسرائيل اتفاق بشأن السويداء فقط.
وعن أحداث السويداء، قال إنه لا يعتقد أن الاشتباكات الدموية ستعرقل محادثات دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكشف أن بلاده ليس لديها موقف من احتمال إبرام اتفاقية دفاع بين سوريا وتركيا.
وأضاف أن القتل والانتقام من الجانبين في السويداء أمر لا يطاق «لكن الحكومة تصرفت بأفضل ما في وسعها»، بحسب المصدر السابق، مشيرا إلى أن «الحكومة السورية قادرة وذات كفاءة وموثوقة».
ولفت إلى أنه يعتقد أن جميع الأقليات في سوريا ذكية بما يكفي للرغبة في الاتحاد بنظام مركزي.
يشار إلى أن اشتباكات مسلحة اندلعت يوم 13 يوليو الجاري بين عشائر ومجموعات درزية بالسويداء أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات وصفتها بـ»الخارجة على النظام والقانون» أسفرت عن مقتل عشرات الجنود.
وفي إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء كان آخرها السبت.
ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الثلاثة السابقة طويلا، إذ تجددت الاشتباكات يوم الجمعة الماضي إثر قيام مجموعة تابعة لحكمت الهجري بتهجير عدد من أبناء عشائر البدو وممارسة الانتهاكات ضدهم.
من ناحية أخرى كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس الاثنين أن السياسة الإسرائيلية في سوريا تتضمن وجود الجيش في جبل الشيخ ومنطقة الحزام الأمني وحماية الدروز، وفق تعبيره.
وقال كاتس إن الضربات الإسرائيلية على السويداء ودمشق في الأسبوع الماضي تتماشى مع هذه السياسة، مهاجما من انتقد تلك الهجمات.
وأضاف كاتس أن «من انتقد تلك الهجمات لا يرى الحقائق»، معتبرا أن السياسة الإسرائيلية المتبعة بخصوص سوريا «صحيحة ومسؤولة وتعكس القوة وتشكل ضمانة»، بحسب زعمه.
وادعى كاتس أن الضربات الإسرائيلية على السويداء ودمشق «كانت السبيل الوحيد لوقف مجزرة الدروز» الذين يسعى الجيش الإسرائيلي لحمايتهم، وفق وصفه.
وانتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد الهجمات الإسرائيلية على دمشق، قائلا إن «كان الرد في المكان الخطأ، وبدا الأمر كأننا ثملون بالسلطة، والآن نهاجم في الشرق الأوسط أينما نشاء دون سياسة واضحة».
وأضاف زعيم المعارضة الإسرائيلية «رد فعلنا في دمشق كان متسرعا، وغير ضروري».
كما كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن حالة من القلق والانزعاج داخل البيت الأبيض إزاء السياسة العسكرية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية في سوريا، وسط انتقادات حادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه «يتصرف كالمجنون».
وتحت ذريعة «حماية الدروز» استغلت إسرائيل الاضطرابات الأخيرة في السويداء وصعّدت عدوانها على سوريا، إذ شنت الأربعاء الماضي غارات مكثفة على 4 محافظات ومقري وزارة الدفاع وهيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق مما خلف قتلى وجرحى.
في غضون ذلك ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن الفرقة 210 التابعة للجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل انتهت من تحصين أجزاء من السياج الأمني المعروف بخط وقف إطلاق النار عام 1974، لمنع تسلل مواطنين دروز على خلفية الأحداث في السويداء.
وشملت الإجراءات وضع جدران إسمنتية وأسلاك شائكة قرب مجدل شمس، وإعلان بعض المناطق مناطق عسكرية مغلقة، إلى جانب تعزيزات عسكرية وشرطية وإغلاق طرق ونصب حواجز فيها.