
«وكالات» : قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الثلاثاء إن كل من يصمت بشأن ما يحدث في غزة هو «شريك لإسرائيل في جرائمها»، مؤكدا أن بلاده تسعى إلى وقف «الإبادة الجماعية» وإدخال المساعدات للقطاع المحاصر.
واعتبر أردوغان -في كلمة له أمس الثلاثاء- أن السكوت عن هذه الجرائم سيجعل «العار» لا يلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقط، بل سيطال كل من التزم الصمت.
وقال في تصريحاته «كفى لما يجري في غزة، فالصمت لم يعد مقبولا، والضمير الإنساني يجب أن يتحرك الآن».
ودعا الرئيس التركي المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف إنساني واضح تجاه ما يجري في غزة، مشددا على أن «الإنسانية تموت» هناك، وعلى الجميع أن يُظهر موقفا أخلاقيا إزاء ذلك.
وأوضح أن بلاده تواصل العمل على إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لغزة، قائلا «سنواصل الحديث عما تقوم به إسرائيل، والذي تخطى ما قام به النازيون».
ودأب أردوغان مرارا على مهاجمة إسرائيل ورئيس وزرائها نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في ظل حرب الإبادة المستمرة على غزة، إذ قال في وقت سابق إن نتنياهو وأعضاء حكومته كتبوا أسماءهم إلى جانب طغاة مثل هتلر.
وتابع أن غزة تشهد إحدى أكثر الفظائع خزيا في العصر الحديث، معتبرا أن حكومة نتنياهو المسؤولة الأولى عن الإبادة الجماعية في غزة.
وشدد أردوغان على ضرورة «أن يدرك داعمو العدوان الإسرائيلي دون شرط أو قيد أنهم أصبحوا شركاء في الجرائم المرتكبة».
من ناحية أخرى أفادت مصادر في مستشفيات غزة باستشهاد 51 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر أمس الثلاثاء، من بينهم 14 خلال انتظارهم الحصول على مساعدات.
وأفاد مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى باستشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة عدد آخر بجروح جراء قصف جوي إسرائيلي على دير البلح وسط قطاع غزة.
كما قالت وسائل إعلام فلسطينية إن غارة إسرائيلية استهدفت المناطق الشرقية لبلدة جباليا وأخرى استهدفت شرقي حي التفاح في مدينة غزة وسط قطاع غزة.
وقال مصدر في مستشفى شهداء الأقصى إن فلسطينيا استشهد وأصيب آخرون جراء قصف طائرات إسرائيلية تجمعا لمواطنين جنوب دير البلح وسط قطاع غزة.
وارتكب جيش الاحتلال فجر أمس الثلاثاء مجزرة بحق نازحين في مخيم الشاطئ، واستهدف مجددا المجوعين الباحثين عن الطعام، في حين تواصل قواته عملية عسكرية في دير البلح وسط قطاع غزة.
كما قال مصدر طبي في مستشفى الشفاء إن 13 فلسطينيا استشهدوا وأصيب آخرون في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف خيام نازحين في مخيم الشاطئ.
وشنت طائرات جيش الاحتلال في وقت مبكر أمس الثلاثاء غارات متواصلة وقصفا مدفعيا على جنوب دير البلح وسط قطاع غزة، في حين نشرت وسائل إعلام فلسطينية مقاطع مصورة تظهر قنابل ضوئية أطلقها الجيش الإسرائيلي جنوب المدينة.
كما نفذت قوات الاحتلال عمليات نسف جديدة للمنازل في المناطق الشرقية لمدينة غزة وكذلك في بيت حانون شمالا.
وكانت قوات الاحتلال بدأت الاثنين عملية عسكرية جنوب وشرق دير البلح، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر قولها إن هذا التوغل البري هو الأول في المنطقة منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.
ومنذ تولي ما تعرف بـ «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل توزيع المساعدات في مايو الماضي استشهد أكثر من 800 فلسطيني وأصيب آلاف آخرون برصاص قوات الاحتلال ومتعاقدين مع المؤسسة في محيط مراكز مخصصة لذلك.
وتصاعدت مؤخرا الدعوات الدولية والأممية بعد الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء الفلسطينيين المجوعين الذين يقتلون في «مصائد الموت» عند نقاط توزيع مساعدات «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تقف وراءها الولايات المتحدة إسرائيل.
ويأتي ذلك في وقت تواصل إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 خلفت أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.
من جهة أخرى انضمت المملكة المتحدة إلى 27 دولة أخرى في إدانة إسرائيل لحرمانها الفلسطينيين من «الكرامة الإنسانية»، حيث أصدر وزير خارجيتها دعوة إلى وقف فوري للحرب في غزة.
وأدان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الهجوم الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، مؤكدا أن «الوضع لم يعد يحتمل»، وطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتحرك دولي عاجل لإنهاء المأساة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع المحاصر.
وقال لامي خلال جلسة في مجلس العموم البريطاني إن حكومته «ستدرس اتخاذ إجراءات أخرى مع شركائها إذا لم تتوقف الحرب»، مشددا على أن «استخدام الغذاء سلاحا في غزة أمر مرفوض تماما»، في إشارة إلى الحصار والتجويع المتعمد للسكان.
وانتقد لامي خطة نقل 600 ألف فلسطيني إلى ما تسمى «المدينة الإنسانية» في رفح، واصفا إياها بـ«غير المقبولة إطلاقا».
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب انضمام بريطانيا إلى 27 دولة -من بينها فرنسا وكندا واليابان ونيوزيلندا- في بيان مشترك يدين سياسات إسرائيل تجاه المدنيين في غزة، ولا سيما ما يتعلق بمنع دخول المساعدات واستخدام الغذاء سلاح حرب، ويطالبها برفع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية فورا.
وقال لامي إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة -التي استهدفت المدنيين في دير البلح- «غير مبررة عسكريا»، متسائلا «ما المبرر العسكري الممكن لغارات تقتل أطفالا جائعين؟».
كذلك، أدان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الهجمة البرية الإسرائيلية الجديدة على قطاع غزة، واصفا إياها بـ»الفضيحة» التي لا يوجد لها أي مبرر، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار، والسماح للصحافة الأجنبية بالدخول إلى القطاع لكشف حقيقة ما يجري على الأرض.
وفي تصريحات عاجلة أدلى بها يومي الاثنين والثلاثاء، قال بارو إن «الوضع الإنساني في غزة غير مقبول»، مؤكدا أن «ما يحدث هناك فضيحة، ويجب أن يتوقف فورا».
وأضاف «لم يعد هناك أي مبرر للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في غزة»، معتبرا أن توسيع العمليات نحو مدينة دير البلح سيؤدي إلى «مزيد من الكوارث وعمليات التهجير القسري»، بحسب تعبيره.
وفي مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر من شرق أوكرانيا دعا بارو إلى تمكين الصحافة الحرة والمستقلة من الدخول إلى قطاع غزة لتوثيق ما يحدث.
من جهته، أكد وزير الداخلية الأسترالي توني بيرك أن الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة آلاف المدنيين في قطاع غزة «لا يمكن تبريرها»، مشيرا إلى أن الصور الواردة من القطاع «واضحة للغاية» وتعكس «مذابح مروعة».
وأكد بيرك في تصريحات لصحيفة غارديان أن أستراليا «ترغب في رؤية نهاية فورية للحرب»، مضيفا «لقد رأينا صورا مروعة للأطفال الذين يُقتلون والكنائس التي تُقصف، ولا يمكن تبرير هذه الأعمال بأي حال».
ورغم الإدانة الدولية فإن إسرائيل دافعت عن عملياتها ورفضت البيان المشترك، إذ اعتبرته وزارة الخارجية الإسرائيلية «منفصلا عن الواقع» ويبعث رسائل خاطئة لحركة حماس.
وقال السفير الإسرائيلي في أستراليا أمير ميمون إن البيان «يتجاهل مسؤولية حماس عن الحرب والمعاناة»، وإنه «غير مفيد»، في وقت تُجرى فيه مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
من جهته وصف الأمين العام لحزب العمال البلجيكي بيتر ميرتنز ما يجري في قطاع غزة بأنه يرقى إلى «جرائم نازية»، واعتبر الصمت الأوروبي تجاه استخدام التجويع سلاح حرب «عارا وتواطؤا».
وفي تصريحات خاصة، قال ميرتنز إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيسجل باعتباره أحد أكبر مجرمي الحرب في القرن الـ21، مشبها ما يحدث في غزة بفظائع النازيين في أوروبا الشرقية وروسيا.
ووصف ميرتنز الوضع في غزة بأنه «أكبر رعب» شهده في حياته، خاصة بعد انهيار نظام المساعدات الأممية والاستعاضة عنه بآخر أمريكي، في إشارة إلى «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تقف وراءها واشنطن وتل أبيب.
ولفت إلى أن المدنيين المجوعين يُقتلون أثناء بحثهم عن الطعام، واعتبر أن إسرائيل تمارس «إمبريالية وحشية» بانتهاكها القوانين الدولية، منتقدا ما تسمى «المدينة الإنسانية» التي يخطط الاحتلال لإنشائها، ووصفها بأنها «معسكر اعتقال».
وبشأن مستقبل غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمقاومة الفلسطينية، أوضح ميرتنز أن الأمر يعود إلى الفلسطينيين لتحديد مستقبلهم وليس للغرب الحكم على ذلك.
وأشار إلى الدوافع وراء استمرار نتنياهو في الحرب يأتي في مقدمتها الدعم الأمريكي المطلق والتوجه الأيديولوجي من اليمن المتطرف في حكومة نتنياهو نحو تطهير عرقي والدافع الشخصي المرتبط بمحاكمته بتهم فساد.
كما حذر السياسي البلجيكي من تغلغل «الفكر الإبادي» في المجتمع الإسرائيلي، حيث تشير استطلاعات إلى أن ثلثي الإسرائيليين لا يؤمنون بوجود «فلسطيني بريء»، مما يبرر جرائم الحرب، كما يرى.
وانتقد ميرتنز الموقف الأوروبي والأمريكي، مؤكدا أن التدخل الدولي كان يجب أن يحدث منذ فترة طويلة عبر فرض حظر الطيران ومقاطعة شاملة لإسرائيل.
وكشف السكرتير العام لحزب العمال البلجيكي عن أسباب الانحياز الإعلامي الغربي إلى إسرائيل، مرجعا ذلك إلى سيطرة مجموعات مالية مرتبطة بصناعة الأسلحة على الإعلام، مؤكدا أن الضغط الشعبي هو ما سيدفع الإعلام إلى تغيير مواقفه.