
«وكالات» : أحصت مستشفيات قطاع غزة مزيدا من ضحايا الإبادة الجماعية أمس الأحد، وقد ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة استهدفت مواطنين قرب المستشفى المعمداني، كما تزايدت أعداد ضحايا التجويع، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة في ظل شح الأدوية والحليب الخاص بالأطفال.
وذكرت مصادر في مستشفيات غزة أن هناك 47 شهيدا و226 مصابا بنيران جيش الاحتلال في مناطق عدة بالقطاع منذ فجر أمس، وأكدت أن من بين الشهداء 14 من منتظري المساعدات.
وأفاد مجمع ناصر الطبي أن الشهداء من منتظري المساعدات كانوا ضحية استهداف نيران جيش الاحتلال موقعا شمال رفح (جنوبي القطاع).
وأحصى المجمع 4 شهداء وعدد من المصابين في قصف إسرائيلي على خيام تؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة).
وقال مصدر في مستشفى شهداء الأقصى إن فلسطينيين استشهدا في قصف إسرائيلي شرقي دير البلح وسط القطاع.
وذكرت مصادر أن جيش الاحتلال نفذ عمليات نسف مبان سكنية شمالي مدينة خان يونس.
وقالت مصادر طبية بمستشفى المعمداني إن 7 فلسطينيين استشهدوا -فجر أمس- في قصف من مُسيرة إسرائيلية استهدفت مواطنين في ساحة المستشفى بمدينة غزة.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع قالت إن المستشفيات استقبلت خلال الـ24 ساعة الماضية «70 شهيدا و385 إصابة جراء استمرار الهجمات الإسرائيلية على مختلف مناطق القطاع».
وأضافت الوزارة أن حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية -التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا- ارتفعت إلى 61 ألفا و897 شهيدا، و155 ألفا و660 مصابا.
من جانب آخر، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 11 وفاة بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال الساعات الـ24 الماضية.
وقالت الوزارة إن العدد الإجمالي لضحايا التجويع وسوء التغذية في القطاع ارتفع إلى 258 شهيدا، منهم 110 أطفال.
وفي غضون ذلك، قال أحمد الفرا مدير مستشفى الأطفال في مجمع ناصر بمدينة خان يونس (جنوبي القطاع) إن المستشفى استقبل 35 حالة سوء تغذية شديدة في يوم واحد، ونحو 70 حالة خلال أسبوع.
وأضاف رئيس المستشفى أن هناك ارتفاعا ملحوظا في نسبة الوفيات نتيجة سوء التغذية، في ظل شح الأدوية والحليب الخاص بالأطفال وعدم توفر المواد الغذائية الأساسية في السوق المحلية.
كما حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني ما لم يُسمح بدخول المساعدات الأساسية بسرعة وأمان ودون قيود.
من ناحية أخرى أعلن الجيش الإسرائيلي أمس الأحد، إقرار الخطة التي تتناول المرحلة التالية للحرب في قطاع غزة، مؤكداً التركيز على مدينة غزة بهدف «القضاء» على حركة حماس.
ونقل بيان عسكري عن رئيس الأركان إيال زامير قوله «نُقر اليوم الخطة للمرحلة التالية في الحرب.. سنحافظ على الزخم الذي تحقق في عربات جدعون مع تركيز الجهد في مدينة غزة. سنواصل الهجوم حتى القضاء على حماس، والمختطفون أمام أعيننا» في إشارة إلى أن تحرير الأسرى الذين لا يزالون محتجزين في غزة هو الأولوية.
و«عربات جدعون» هو الاسم الذي كانت إسرائيل قد أطلقته على عمليتها العسكرية البرية في غزة والتي أعلنتها منتصف مايو الماضي. الأسبوع الماضي، وافق المجلس الوزاري الأمني في إسرائيل على خطط للسيطرة على مدينة غزة ومخيمات للاجئين في ظل حرب مدمرة وحصار مستمرين منذ 22 شهراً.
وبحسب زامير فإن «عربات جدعون» حققت أهدافها، وأن «حماس لم تعد تملك القدرات التي كانت لديها قبل العملية، وقد ألحقنا بها أضراراً جسيمة». وأضاف: «المعركة الحالية ليست حدثاً موضعياً (آنياً)، بل هي حلقة أخرى في خطة طويلة الأمد ومدروسة، في إطار رؤية متعددة الجبهات تستهدف كل مكونات المحور وعلى رأسه إيران».
وجاء في البيان أيضاً أن الجيش سيعمل وفق «استراتيجية ذكية، متوازنة ومسؤولة.. وسيُشغّل كل قدراته في البر والجو والبحر من أجل توجيه ضربات قوية لحماس».
كما شدد رئيس الأركان الإسرائيلي خلال زيارة لقطاع غزة أمس الأحد على أن الجيش «سيواصل تعميق الضربات ضد حماس بمدينة غزة».
من جهتها، قالت حركة حماس أمس الأحد إن خطط إسرائيل الجديدة لنقل السكان «موجة جديدة من.. عمليات التهجير.. لمئات الآلاف من سكان مدينة غزة والنازحين إليها». وأضافت حماس «الحديث عن إدخال خيام إلى جنوب قطاع غزة تحت عناوين الترتيبات الإنسانية يعد تضليلاً مفضوحاً». وتابعت في بيان «تترافق خطوات ومحاولات.. (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومته لتهجير شعبنا واقتلاعه من أرضه مع الكشف الصريح عن نواياه الحقيقية بإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى».
يأتي هذا بينما عقد رئيس الأركان الإسرائيلي أمس الأحد اجتماعاً موسعاً مع قيادة المنطقة الجنوبية للمصادقة على الخطط الخاصة باحتلال مدينة غزة.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الخطة «لا تقتصر على إخلاء سكان المدينة، كما ورد في تقارير سابقة، بل تشمل أيضاً استكمال تطويقها وتحقيق سيطرة عملياتية داخلها». وتابع: «يعني ذلك أن التوغل البري إلى قلب مدينة غزة سيبدأ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في محاولة لتسريع الجدول الزمني المحدد».
إذاعة الجيش تابعت: «سيبدأ خلال الأسابيع المقبلة إخلاء السكان من المدينة، ومن المستحيل استيعاب مئات آلاف النازحين في المناطق الإنسانية الحالية في مدينة غزة».
واستطردت أنه «لذلك سيضطر الجيش للانسحاب من جزء من الأراضي التي يسيطر عليها جنوب القطاع»، لتحويلها إلى «منطقة إنسانية جديدة تستوعب النازحين».
أما على المستوى العسكري، فسيشارك في العملية الجديدة ما لا يقل عن أربع فرق عسكرية، إلى جانب استدعاء ألوية احتياط، وفق الإذاعة.
وفي 8 أغسطس الجاري، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر «الكابينت» خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجياً، بدءاً بمدينة غزة.
وفي 11 من الشهر ذاته، وفي إطار تنفيذ الخطة، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوماً واسعاً على حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، تخلله نسف منازل وقصف مدفعي وإطلاق نار عشوائي وتهجير قسري.
وتتضارب الأنباء في إسرائيل بخصوص طبيعة القوات المشاركة في عملية احتلال غزة، إذ نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قبل أسبوع، أن الجيش الإسرائيلي سيدفع «بكل قواته النظامية إلى غزة بينما ستوكل مهمة الجبهات الأخرى إلى قوات الاحتياط».
لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» ذكرت، الخميس، أن الجيش الإسرائيلي يعتزم استدعاء ما بين 80 ألفاً و100 ألف عسكري احتياط للمشاركة في عمليته المحتملة لاحتلال مدينة غزة.
والجمعة، قالت هيئة البث إن الجيش الإسرائيلي يستعد لتسريع «العملية العسكرية» التي تهدف لاحتلال مدينة غزة، كما أعلن الجيش في اليوم ذاته بدء عمل «الفرقة 99» خلال الأيام الأخيرة في حي الزيتون.
دعت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها أمس الأحد الإسرائيليين للخروج للشوارع «قبل أن يفوت الأوان»، قائلة: على كل شخص في إسرائيل مسؤولية التوقف عن روتينه اليومي والانضمام إلى مطلب واحد: أوقفوا الحرب وأنقذوا الأرواح.
وقالت إن منظمي «إضراب الشعب» دعوا الإسرائيليين إلى التضامن مع عائلات الأسرى و«ضحايا الحرب الذين لم يعودوا قادرين على الاحتمال»، مضيفة أن ملايين الأشخاص يُدعون للانضمام والمطالبة جماعيا: «أعيدوهم الآن».
وأضافت أن 681 يوما قد مرت منذ السابع من أكتوبر 2023، ولا تزال اللافتات القديمة على الطرق تذكّر بعلامات 100 و200 و400 و600 يوم، كمحطات للفشل المستمر في الإفراج عن الأسرى.
وأوضحت أنه من الصعب وصف هذا اليوم بأنه «يوم إضراب»، إذ إن كثيرا من الشركات والاتحاد العمالي «الهستدروت» لن يدخلوا في إضراب فعلي، بل سيسمحون فقط للموظفين الراغبين بالمشاركة. ومع ذلك، فقد جاء الرد قويا من شركات خاصة، ومجالس محلية، وجامعات ومؤسسات مالية أعلنت أنها ستمنح موظفيها حرية الانضمام إلى الاحتجاج.
وستُنظم احتجاجات وعرقلة حركة في أنحاء البلاد كافة. وسيتوجه المتظاهرون إلى منازل الوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف، كما سيُقام احتجاج في «ساحة الأسرى».
ووجهت هآرتس انتقادات حادة للحكومة الإسرائيلية وخاصة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، قائلة إن هذه المبادرة المهمة هي أكثر من مجرد علامة على فشل نتنياهو. فهو المسؤول الأول عن إخفاق 7 أكتوبر، وكان عليه أن يستقيل فورا بعد تلك الكارثة، دون انتظار المطالبة بذلك من خلال لجنة تحقيق رسمية.
لكن نتنياهو لم يستقل من منصبه، كما ورد في افتتاحية الصحيفة، بل على العكس، ظل يقود إسرائيل بوعي نحو أحلك ساعة في تاريخها، محولا إياها إلى دولة متهمة بارتكاب جرائم حرب خطيرة وتجويع سكان يبلغ عددهم مليوني إنسان، يسعى إلى ترحيلهم أو القضاء عليهم.
وبالإضافة إلى هذه الفضيحة، تضيف هآرتس، فإن نتنياهو لا ينظر إلى قضية المدنيين والجنود المحتجزين في عهده إلا باعتبارها إزعاجا. فمن وجهة نظره، يشكّل الأسرى في غزة عقبة أمام تحقيق «النصر الكامل» الذي وعد به الإسرائيليين المرهقين مرارا وتكرارا، دون أي أساس.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه بدلا من جعل إعادة الأسرى المهمة الأهم التي يُشتق منها كل شيء آخر، يفضّل نتنياهو التشبث بمواقفه وتعريض حياتهم للخطر عبر خطط لاحتلال مدينة غزة «أما صدمة عائلات الأسرى وخوفهم الشديد من احتمال إلحاق الضرر بأحبّائهم، فلا تزعجه ولا تسلب منه النوم».