«بي بي سي» : عندما تشعر النملة من هذا النوع باقتراب العدوى، تعالج نفسها بالكمية التي تحتاجها من الدواء. لكن الصيدلية التي تتوجه إليها ليست غرفة نظيفة وجيدة الإضاءة. فهي تتوجه إلى جيف الحيوانات، وإلى الرحيق، أو المن الذي تفرزه الحشرات.
ويعيش نمل فورميكا فوسكا في التراب أو تحت الأماكن المتعفنة أو الحجارة. في الجوار يتربص فطر قاتل. وبمجرد لمس جراثيم صغيرة من فطر «البفاريا باسينا « للنمل، يبدأ في التغذي على مادة سمية لإنقاذ حياته. هذه الجراثيم تقوم أولا بإفراز الإنزيمات التي تذوب في الغطاء الخارجي للنمل. ومن ثم ينقسم الفطر ويتغذى على إفرازات النمل حتى تصبح كرة ميتة وهشة من العفن مليئة بالجراثيم في انتظار أن تنفجر في غفلة من بقية النمل وتصيبه بالعدوى. النمل المصاب يبدو عديم القوة، لكن الأمر ليس كذلك، طبقاً لدراسة حديثة قام بها نيك بوس من جامعة هيلسينكي بفنلندا. فقد أظهرت التجارب المخبرية أنه بعد التعرض للفطر، يسعى النمل إلى أن يتغذى على الطعام الذي يحتوي مادة سامة تقتل إفرازات الفطر وتساعد النمل على النجاة. هذه القدرة على التداوي ذاتياً لوحظ وجودها أيضاً لدى مخلوقات أخرى من الطيور والنحل والزواحف. فالكائنات الحية تواجه العدوى بإفراز مواد سامة للقضاء على أعراض الأمراض المحتملة. وهذا بالضبط ما يقوم به النمل، مستخدماً مادة يطلق عليها أنواع الأكسجين التفاعلية أو «آر أو إس».