
عندما يحطّ البشر أخيراً على سطح المريخ، فإنهم سيدخلون واحدة من أقسى البيئات في النظام الشمسي، ولكن بحسب عالمة فضاء بارزة، فإن أقرب مثال لما قد يعيشه رواد الفضاء هناك، ليس قواعد الأبحاث في القطب الجنوبي أو الغواصات النووية، بل… السجون!
في دراسة لافتة، حذّرت البروفيسورة لوسي بيرثود، مهندسة أنظمة الفضاء في جامعة بريستول البريطانية، من أن الحياة داخل مستعمرة مريخية ستكون مشابهة بشكل مدهش للحياة داخل الزنازين، من حيث العزلة، ومحدودية الخصوصية، والروتين القاسي، وحتى جودة الطعام.
وقالت بيرثود: “السجناء ورواد الفضاء يواجهون ظروفاً متشابهة: مساحة شخصية ضيقة، ونظام صارم، وطعام محدود الجودة، ومخاطر مستمرة، مع غياب الاستقلالية وتنوع الأنشطة”.
وبينما يُختار رواد الفضاء بعناية، ويذهبون بمحض إرادتهم إلى المريخ، إلا أنهم، مثل السجناء، سيُحاصرون في أماكن مغلقة مع نفس المجموعة الصغيرة من البشر لفترات طويلة. وتشير البروفيسورة إلى أن وحدة القيادة في برنامج “أبولو” مثلًا، التي أقلّت ثلاثة رواد فضاء إلى القمر، لم تتجاوز مساحتها 6.2 متراً مكعباً.
وبما أن موارد المستعمرات المريخية ستكون محدودة للغاية، فإن “ضيق المكان” ليس خياراً بل ضرورة، وفقاً لما ورد في صحيفة “دايلي ميل” البريطانية.
العيش في بيئة محفوفة بالمخاطر، سواء كانت سجناً أو كوكباً غريباً، يضع الدماغ في حالة “تأهب دائم”، ما يسبب إرهاقاً نفسياً وجسدياً على المدى الطويل.
ورغم أن رواد الفضاء مدربون للتعامل مع الطوارئ، فإن التأثير النفسي الناتج عن الشعور بالعزلة والمسؤولية الهائلة سيبقى ماثلًا، خصوصاً مع البُعد الهائل عن الأرض، حيث يستغرق الاتصال حتى 20 دقيقة للوصول من المريخ إلى الأرض.
في كلا البيئتين، يُفرض على الأفراد جدول صارم لا يكاد يترك لهم مساحة للقرار أو الخصوصية. رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية يعملون 15 ساعة يومياً، منها ساعتان إلزاميتان للرياضة، وساعة واحدة فقط للراحة الشخصية.