
أكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد ضرورة تطوير آلية التعاون بين دول آسيا بما يتناسب والعلاقات الراسخة بين دولها، ودفع العمل المشترك بين هذه الدول الى آفاق أرحب، معلنا استعداد الكويت لاستضافة أية آلية يمكن أن يتفق عليها خبراء دول القارة في اجتماعهم القادم.
وقال سمو الأمير في كلمته خلال افتتاح منتدى قمة الحوار الآسيوي الأولى التي تستضيفها الكويت ان تحقيق التعاون الاقتصادي بين دول القارة يحتاج إلى خلق الأجواء الملائمة للاستثمار وسن التشريعات اللازمة لتشجيعه وتحفيز التجارة البينية والاهتمام بالبنية التحتية المشتركة، مؤكدا أن استثمار امكانيات دول القارة على الوجه الامثل سيمكنها من اقامة اقتصادات قوية وقادرة على مواجهة التحديات وسيحقق نقلة نوعية في رفع مستوى معيشة أبناء القارة.
وأوضح سموه أن تداعيات الازمة الاقتصادية التي ما زالت تلقي بظلالها على العالم، تدعو الى التحرك دون تأخير لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة لما سيوفره من فرص عمل واستقرار وظيفي، ويتطلب المشاركة برسم خريطة جديدة للنظام المالي بشكل عام تحقق تطورا وحداثة وفق ارقى المعايير العالمية وافضل الممارسات المصرفية.
وتقدم سموه بمبادرة تجسد التعاون الآسيوي من خلال حشد موارد مالية بمقدار 2 مليار دولار في برنامج هدفه تمويل مشاريع انمائية في الدول الآسيوية غير العربية تسهم في تحقيق الأهداف الانمائية للالفية، معلنا عن مساهمة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار في البرنامج واستعداد الكويت للانضمام الى مجموعة البنك الآسيوي للتنمية.
ودعا سموه الى تغليب لغة العقل والحوار والنأي بالأوطان عن الخراب والدمار عن طريق احترام المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات وحل الخلافات بالطرق السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية «لنقدم للعالم نموذجا راقيا في التعامل مع الازمات والقدرة على تجاوزها بما يحفظ سلامة اوطاننا ورقي مجتمعاتنا وازدهار اقتصادياتنا».
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
أصحاب المعالي والسعادة..
يسرني بداية أن ارحب بكم في دولة الكويت شاكرا لكم تلبيتكم الكريمة لدعوتنا لمؤتمر القمة الاول لحوار التعاون الآسيوي الامر الذي يؤكد حرصكم على هذا الحوار واهميته وضرورة أن نعمل جميعا على تفعيله وتطويره والارتقاء به إلى ما نتطلع ونطمح إليه متمنيا لكم طيب الاقامة ولاجتماعاتنا التوفيق والسداد.
كما ويسرني ان ارحب بجمهورية افغانستان الاسلامية الصديقة عضوا في هذا المنتدى ما يعكس الاهتمام المتزايد بتجمعنا وأهدافه في تحقيق التنمية والاستقرار لشعوب القارة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
تنعقد أعمال قمتنا هذه بعد مرور اكثر من عقد على إنشاء المنتدى وفي ظل ظروف ومتغيرات سياسية وازمات اقتصادية خانقة على مستوى العالم اجمع لا زلنا نعاني من نتائجها وباتت تشكل تحديات خطيرة لجهودنا ومحاولاتنا المستمرة للارتقاء بقارتنا والوصول بها الى مستوى تحقيق طموح وتطلعات ابنائها ما يتطلب منا جميعا تكثيف جهودنا واستثمار لقاءاتنا للتحاور بعمق وموضوعية حول تلك التحديات وتحليل أسبابها والعمل على احتواء نتائجها وتلافي تكرارها بما يحفظ لدولنا استقرارها وتحقيقها لمعدلات نمو طموحة وفاعلة.
اننا نقدر ما قامت به دول المنتدى من المحافظة على عقد لقاءات سنوية على المستوى الوزاري لبحث السبل الكفيلة التي من شأنها تحقيق مستويات عالية من التعاون والتنسيق بين دولنا في تأكيد واضح على حيوية هذا المنتدى واليوم نجدنا مطالبين ان نطور آلية تعاوننا آخذين في الاعتبار ما تلمسناه في تلك الاجتماعات الوزارية من رؤى وعزم مشترك يتناسب وعلاقاتنا الراسخة ويمكننا من الدفع بعملنا المشترك الى آفاق ارحب وندعو في هذا الصدد الى وضع التصورات والافكار لهذا التطور بما يتناسب وحجم مسؤولياتنا تمهيدا لاعتمادها والعمل بها.
ويسعد دولة الكويت في هذا الصدد ان تستضيف أية آلية يمكن أن يتفق عليها خبراء دولنا في اجتماعهم القادم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
ان تحقيق التعاون الاقتصادي الذي ننشده يحتاج منا خلق الأجواء الملائمة للاستثمار وسن التشريعات اللازمة لتشجيعه وتحفيز التجارة البينية بين دولنا والاهتمام بالبنية التحتية المشتركة لدولنا ولاسيما المواصلات والاتصالات. والتي من شأنها زيادة حركة تبادل السلع والخدمات.
ان استثمار امكانات دولنا على الوجه الامثل والتعاون لخلق تكامل اقتصادي بيننا سيمكننا من اقامة اقتصاديات قوية راسخة قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز العقبات وسيحقق لنا نقلة نوعية في رفع مستوى معيشة أبناء القارة.
ولابد من الاشارة الى التحدي الكبير الذي نواجهه من نمو سكاني متسارع حيث وصل بقارتنا الى ارقام تناهز الـ60 في المئة من مجموع سكان العالم ما يشكل عبئا على جهودنا وخططنا التنموية لتحقيق التطور والتقدم لقارتنا وبالتالي يحتم علينا العمل دون إبطاء لوضع الخطط اللازمة للاستغلال الامثل لمواردنا البشرية والطبيعية في قارتنا الآسيوية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
يعاني عالمنا المعاصر بشكل عام وقارتنا بشكل خاص من مشاكل عديدة كالفقر وتخلف الرعاية الصحية والامية والحروب والمشاكل البيئية وهى معوقات أدت إلى عرقلة التنمية في قارتنا واخرت تحقيق ما نصبوا إليه لاوطاننا وشعوبنا.
لقد ساهمت الازمة الاقتصادية التي ما زلنا نعاني من اثارها والتي لم تستثن أياً من دولنا في زيادة اعداد العاطلين عن العمل وازدادت معها معدلات الفقر في شعوب قارتنا الامر الذي يضاعف من مسؤولياتنا ويدعونا الى التحرك دون تأخير لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دولنا لما سيوفره من فرص عمل واستقرار وظيفي ونحن إزاء تداعيات هذه الازمة مطالبون المشاركة برسم خريطة جديدة للنظام المالي بشكل عام تحقق تطورا وحداثة وفق ارقى المعايير العالمية وافضل الممارسات المصرفية والمالية.
اننا مدعوون ايضا للعمل الجماعي لمكافحة الامراض والاوبئة ومساعدة الدول المحتاجة في توفير الامصال والادوية لتهيئة انسان اسيوي معافا قادرا على المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة اجتماعيا واقتصاديا لاوطاننا والى التعاون في وضع استراتيجيات شاملة تحقق الارتقاء بمستوى التعليم والربط بين حاجة مجتمعاتنا من الايدي العاملة ومخرجات التعليم والي بذل كافة الجهود لاصلاح بيئتنا واستخدام التكنولوجيا الحديثة لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية المتلاحقة تحقيقا لاصلاح وامن بيئتنا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
ادراكا منا لاهمية التعاون في مجال التنمية والاهداف التي يسعى حوار التعاون الآسيوي لتحقيقها ومن بينها محاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة لشعوب آسيا فاني اغتنم فرصة هذا الاجتماع اليوم واتقدم بمبادرة تجسد التعاون الآسيوي وذلك من خلال الدعوة الى حشد موارد مالية بمقدار مليارات دولار امريكي في برنامج يكون هدفه تمويل مشاريع انمائية في الدول الآسيوية غير العربية تسهم في تحقيق الأهداف الانمائية للالفية.
وقد يكون من المناسب تكليف احدى مؤسسات التنمية في آسيا كالبنك الآسيوي للتنمية القيام بادارة الموارد المالية المقترحة والاشراف على استخدامها في تنفيذ المشاريع لصالح الدول الاقل نموا المستفيدة حصرا من موارد الصندوق الآسيوي للتنمية وهي الدول الاكثر حاجة لها.
وفي هذا السياق يسرني الاعلان عن مساهمة دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار امريكي في ذلك البرنامج آملين ان نتمكن من توفير المبلغ المقترح من خلال مساهمات من دول اعضاء في حوار التعاون الآسيوي كما ان دولة الكويت حرصا منها على مزيد من التعاون مع الدول الآسيوية تبدي استعدادها للانضمام الى مجموعة البنك الآسيوي للتنمية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
لقد عانت قارتنا من حروب مدمرة انهكت اقتصاداتنا وراح ضحيتها العديد من ابنائنا وادت الى عرقلة التنمية في دولنا وكنا فيها جميعا الخاسر الاكبر حيث لم تحقق تلك الحروب الا الهلاك والدمار والتخلف.
اننا ندعو من هذا المنبر الى تغليب لغة العقل والحوار والنأي باوطاننا عن الخراب والدمار وذلك عن طريق احترام مواثيقنا واتفاقياتنا ومعاهداتنا وحل خلافاتنا بالطرق السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لنقدم للعالم نموذجا راقيا في التعامل مع الازمات والقدرة على تجاوزها بما يحفظ سلامة اوطاننا ورقي مجتمعاتنا وازدهار اقتصادياتنا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
ان ما يميز قارتنا الآسيوية تنوع الثقافات والحضارات والديانات فيها وهو دليل على عراقة هذه القارة وتكاملها.
وقد جبلت شعوب قارتنا الآسيوية على التعايش فيما بينها على اختلاف اعراقهم ودياناتهم مؤكدين على مبدأ التعارف لا التناكر والتعايش لا التقاتل والتكاتف لا التطاحن. وهى مبادئ لا بد من التأكيد عليها والحث على تطبيقها فلا تستقيم حياة إذا ما حاول احدنا انكار الاخر او الغائه كما ان الالتزام بمبادئ حقوق الانسان باعتبارها الركيزة الاساسية لحياة حرة وكريمة بما تضمنته من حقوق وحريات ستوفر الاستقرار لأوطاننا والطمأنينة لشعوبنا.
وفي الختام أكرر الشكر لكم سائلا المولى تعالى أن يوفق جهودنا لما فيه خير قارتنا ومصلحة أوطاننا ورفاه شعوبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...