
قال أستاذ قسم العمارة في جامعة الكويت، ورئيس اللجنة المعمارية في المشروع الوطني لإعداد كودات البناء الوطنية، د.محمد الدواير العجمي، ان مشكلة الازدحام المروري هي نتاج عوامل تتمثل في عدة نقاط أولها التخطيط المركزي العنكبوتي للمخطط الأول لدولة الكويت منذ العام 1952 والذي نتج عنه تمركز مؤسسات الدولة الحيوية في وسط المدينة، مضيفاً بانه مع زيادة استخدام المركبات والتي يقابلها تواضع في شبكة الطرق وعدم ملائمتها لقدرة تحمل السيارات المارة، التي تتحمل ما يقارب الـ 850 الف سيارة في حين ان عدد السيارات في الكويت يتجاوز المليون ونصف سيارة وحال نزولها للطرق في ساعات محددة تسبب مشاكل كثيرة ينتج عنها تأخر البعض عن مواعيد العمل مسببا بذلك جزاءات وخصومات وتقارير قد تفضي الى قطع اجزاء من الراتب ينتج عنه اللجوء الى الاقتراض في احيان كثيرة لسد متطلبات الحياة والتي باتت أكثر رفاهية من ما سبق.
وبين الدواير في تصريح صحافي الى ان هناك حلولاً موضوعية وجذرية لحل تلك الازمة خاصة في ظل الاعمال البطيئة في شبكات الطرق والجسور التي تتحمل الحكومة مسئوليتها، والتي وصفها البعض بأنها «جعجعة دون طحين»، مؤكداً بان اولها التخطيط والتوزيع غير المركزي لمؤسسات ومراكز الدولة الحيوية، فحيثما وجدت المركزية تواجدت الزحمة الخانقة، وثانياً: التوجه الجدي نحو اعتماد وسائل نقل متطورة وصديقة للبيئة مثل السيارات الكهربائية صغيرة الحجم، مترو في الأماكن المكتظة وبين المراكز الحيوية، السيارات الطائرة في المستقبل القريب والتي ستغزو العالم بعد ان تصبح اسعار امتلاكها في متناول المواطن العادي.
واقترح إنشاء إذاعة خاصة عن أحوال المرور تقدم في شكل تفاعلي مثلما الحال في بعض الدول المتقدمة والتي تقدم توعية مستمرة لحال المرور خاصة في الاماكن المزدحمة والطرق السريعة، مستخدمة بذلك تكنولوجيا الاتصال ووسائل الـGPS والكاميرات التليفزيونية عالية الدقة والوضوح التي ترصد وتراقب وتحدد الطرق ذات الإشكالية المرورية، وتقدم بدائل سريعة لمرتادي الطريق وليس فقط لمخالفة المركبات ومستخدمي الطريق كما هو الحال الآن.
واكد على أهمية الإسراع في إنشاء المترو المزمع إقامته في الكويت على عدة مراحل والذي طال انتظاره، مبينا أهمية جذب المقيمين الى وسائل نقل حديثة واكثر راحة وتغطية في شبكتها وهو النقل الجماعي، مؤكداً بان معدل النمو لغير الكويتيين يبلغ 3.8 في المئة سنوياً وهو أعلى من معدل نمو الكويتيين2.7 في المئة ونسبة الكويتيين تبلغ اقل من 40 في المئة من إجمالي السكان مقابل اكثر من60 في المئة لغير كويتيين، وقد تزداد نسبة الوافدين في ظل الخطط الطموحة في بناء أماكن سكنية جديدة ومشروعات مختلفة تحتاج الى العديد من جلب العمالة والكوادر الهندسية والمهنية، والتي تتطلع الى وجود وسائل نقل في متناول الجميع، مؤكدا على خصوصية المجتمع الكويتي في استخدام وسائل التنقل التي تناسبه وعدم الخلط بين الأجناس، والتي قد تلقى قبولا في بعض المجتمعات الأخرى، والكويت تعيش حالة رخاء ولكل مواطن الحق في الرفاهية واستقلال سيارة.
وأشار الدواير الى ان من بين المشاكل الجذرية والتي تحتاج الى حل سريع، مشكلة محدودية الأراضي الصالحة المعروضة، مضيفاً بان ما يستخدم من الأراضي يشكل 7 في المئة فقط من مساحة الكويت في حين تحتكر الدولة أكثر من 90 في المئة من الأراضي، حيث لا تخرج معظم الأراضي في الكويت عامة عن كونها أراضي امتيازات بترولية أو أراضي تحتاج إلى بنية تحتية مكلفة لإيصال الخدمات، أو بها عوائق كخطوط الضغط العالي الكهربائية، وتمديدات أنابيب بترولية، مؤكدا على اهمية دور المجلس البلدي للتدخل لوضع سياسات وأطروحات عملية والتنسيق الهندسي مع تلك الجهات للدفع في الاتجاه الصحيح وتصحيح المسار لإيجاد حلول اكثر ايجابية في شان تنظيم وتخطيط الأراضي للاستغلال الامثل لشبكات طرق سريعة على مستوى عالمي تتناسب والتوسع العمراني المرتقب، خاصة وان ميزانية تنفيذ مشاريع الطرق للسنوات الخمس المقبلة ضمن خطة التنمية تصل الى 4 مليارات دينار لتنفيذ 88 مشروعا واتفاقية، تحتاج الى تكاتف بين ادارات البلدية والاشغال والمجلس البلدي والجهات المعنية بالمراقبة، لتجنب اية ممارسات او تجاوزات تعطل او تقيد العمل.
وقال الدواير ان الطرق الإقليمية لحركة الترانزيت وسيارات العبور التي تربط ما بين مداخل الكويت الثلاثة الأساسية النويصيب والسالمي والعبدلي، إضافة لخدمة نقل البضائع في جنوب الكويت الشعيبة والأحمدي إضافة الى الموانئ الشمالية وميناء بوبيان المرتقب، تحتاج الى بعض التنظيم والتخطيط الهندسي كي تتجنب التداخل مع حركة المرور، خاصة في ظل المشروعات السكنية المستقبلية والتي قد تطال تلك الطرق، مبينا على أهمية التخطيط الهندسي عال الجودة في ظل تطور تكنولوجي يحاكي تطور وسائل الاتصال والبرمجيات الهندسية، يتجنب اي ازدحام مروري للأجيال القادمة وعصر السرعة التي أصبحت فيها الدقيقة لها ثمن.