
أكد وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية شريدة المعوشرجي أن الأمة تعيش في ظروف صعبة في الوقت الحالي، وما أحوجها إلى نهضة الأوقاف، هذه الشعيرة العبادية التي يشهد لها التاريخ، أنها كانت ملاذا للاجئين، ومغيثا للملهوفين، وعونا للمحتاجين ونبراسا للحضارة والرقي الإنساني بهدي من النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، مستشهدا بقوله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون».
وأضاف المعوشرجي الذي مثل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في افتتاح الملتقى الوقفي الجعفري الرابع صباح أمس في قاعة البركة في فندق كراون بلازا حيث ينعقد الملتقى في الفترة من 11 إلى 14 فبراير الجاري برعاية أميرية تحت عنوان «الوقف.. حضارة وأصالة» في كلمة له: كان عهد الرسالة في الوقف علما يعمل به ومصحفا ينشر للهداية، ومسجدا للصلاة، ونهرا يجري وقليبا يحفر للسقي وعطاء لا ينضب للفقراء والمحتاجين، وكل ذلك على مستوى الواقع الفعلي الملموس حتى سطرته آيات القرآن الكريم ومضة متوهجة تتناقلها الأجيال لتتألق في سماء الخير والعطاء الإنساني.
وتابع بقوله: وهكذا سار المسلمون في أمصارهم وعصورهم في أوقافهم يشيدون المدارس والحوزات العلمية والمستشفيات والمكتبات والمؤسسات الخيرية والثقافية والتفريج عن المكروبين والأسرى والمديونين وأبناء السبيل ورعاية المسافرين ببناء الفنارات البحرية، ولصمود المحاربين في حماية ثغور المسلمين وفي تنمية وسائل الإنتاج والصناعة، وهو شيء من سجل حافل بإنجازات شعيرة الوقف الحضارية.
وأكمل: ولذلك فإننا نشيد باللجنة المنظمة لهذا الملتقى باختيارها الموفق «الوقف.. حضارة وأصالة» كدعوة لاستلهام تاريخنا التليد في حضارته الشامخة لاستنهاض حاضرنا نحو مستقبل زاهر مفعم بالبذل والعطاء، ولكل الناس الذين هم صنفان أما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق – كما جاء عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب «ع» وإننا إذ نشيد بإنجازات إدارة الوقف الجعفري وهي تزدهر في أحضان الأمانة العامة للأوقاف مما يعد نموذجا يحتذى به في دعم وحدتنا الوطنية التي تمثل الحصن المتين في دولة الكويت، تلك الدولة أصحاب المعالي ووزارة الأوقاف في منظمة التعاون الإسلامي لتكون الدولة المنسقة لملف الوقف في العالم الإسلامي منذ مؤتمر جاكرتا في أكتوبر 1997.
وأوضح المعوشرجي أن وزارة الأوقاف منذ ذلك الوقت لا تألو جهدا في نقل تجربتها الرائدة بمحاورها المختلفة إلى المؤسسات الوقفية في العالم الإسلامي.
واختتم المعوشرجي كلمته سائلا الله سبحانه وتعالى أن يديم نعمة الأمن والأمان على الكويت وسائر بلاد المسلمين.
من جهته، أعرب المنسق العام للملتقى إبراهيم غلوم عن خالص ترحيبه بالضيوف والزائرين مثمنا في الوقت ذاته تأسيس سمو الأمير لإدارة الوقف الجعفري موضحا أن هذا الوقف يحظى بدعم ومساندة من سموه حتى حقق الوقف الجعفري نموا مضطردا خلال السنوات الثماني التي مرت منذ بداية تأسيسه.
وأضاف غلوم في كلمة له: ونظرا للتشعب الكبير والتطور الملحوظ الذي يشهده الوقف الجعفري، وتعدد مقاصده وغاياته ونظرا للحاجة الدائمة والملحة للرأي الفقهي الشرعي، للسير على ضوء ونهج صحيحين حيث أن الوقف في دولة الكويت يحظى برعاية قانونية تنظم عمله - فإن الحاجة كانت ملحة لعقد مؤتمرات تضم ذوي الاختصاص في المجالين الشرعي والقانوني للخروج برؤية تؤدي إلى تأطير الآراء الشرعية بنصوص قانونية تضمن لها الاستمرار والمواءمة بما يؤدي إلى تحقيق مقاصد الواقفين حسب القوانين المنظمة بما لا يخالف الرأي الشرعي والفقهي.
واستطرد بقوله: ولذلك كله ارتأت اللجنة العلمية المشكلة للملتقى اختيار عنوان «تقنين الوقف» للملتقى الرابع، وقد تم تحديد ثلاثة محاور يدور النقاش حولها وأولها التنظيم الإداري والقانوني لأحكام الوقف الشرعية، أما المحور الثاني فهو يدور حول منظور الفكر الشرعي تجاه تقنين أحكام الوقف، والمحور الثالث يتحدث عن المنظور القانوني تجاه تقنين الأحكام الوقفية الشرعية.
وتابع: وكلنا أمل أن يؤدي النقاش والحوار في الملتقى إلى استخلاص نتيجة مثلى تكون نبراسا للعمل في المرحلة اللاحقة، سواء للأوقاف في دولة الكويت، أو في الدول الأخرى التي تستفيد من التطور الذي حققته الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت، وذلك بجهود وإخلاص القائمين على إدارتها، حيث قد شهدت الكثير من الدول بأسبقية العمل في الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت، مما جعلها مثلا يحتذى به وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.
وأعرب غلوم عن خالص شكره وتقديره إلى إدارة الوقف الجعفري واللجنتين العلمية والتحضيرية وبقية الفرق المعاونة معلنا ترحيبه بالضيوف الذين شكلوا دعما قويا وحافزا مهما يدفعنا لبذل المزيد من الجهد في هذا المجال الحيوي الهام، مثمنا الرعاية الكريمة السامية لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد متمنيا التوفيق للجميع لما فيه الخير والصلاح وأن يحفظ الله الكويت ويديم عليها الأمن والرخاء والتقدم وسائر البلاد العربية والإسلامية.
من جهته، ألقى كلمة الضيوف الشيخ حسن الصفار من علماء القطيف في المملكة العربية السعودية أكد فيها أهمية تجديد وتطوير البحوث الفقهية والخطاب الديني المتصل بقضايا الوقف لتواكب تطورات الحياة وتغيرات القوانين والأوضاع الاقتصادية والحاجات التنموية في المجتمع.
واعتبر الشيخ الصفار أن انعقاد هذا الملتقى في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الأمة والمنطقة حيث تعصف بها محاولات إثارة الفتن الطائفية والنزاعات والخلافات الداخلية يمثل رسالة إيجابية وحدوية قيمة.
وأشار إلى أن دولة الكويت برعايتها وإقامتها الملتقى الوقفي الجعفري الرابع يؤكد أنها دولة بكل شعبها ومواطنيها بمختلف مذاهبهم وانتماءاتهم وأن أبناءها يحظون باحترام حكومتهم التي تيسر لهم إدارة شؤون دينهم وفق معتقداتهم ومذاهبهم.
ورأى الصفار أن الوحدة الوطنية هي التحدي الأكبر أمام شعوبنا وأوطاننا في هذا المقطع الزمني حيث تواجه مختلف الشعوب والأوطان محاولات التمزيق والنزاعات البغيضة.
ودعا الحكومات إلى تجسيد مفهوم المواطنة وتطبيق المساواة بين المواطنين دون أي تصنيف مطالبا العلماء والمفكرين والدعاة لمواجهة تيارات التعصب والتطرف التي تنشر العداوة والبغضاء بين المسلمين بإصدار فتاوى التكفير واستباحة الدماء والأعراض والنيل من المقدسات والرموز المحترمة لهذا المذهب أو ذاك والتحريض على الكراهية.