يتبدى تأثير وسائل الاعلام في سلوكيات المتلقين واضحا أكثر من ذي قبل خصوصا لدى الاطفال واليافعين الذين يتعرضون لرسائل اعلامية مكثفة وسط انتشار مطرد للاجهزة والتقنيات التي تتسارع وتيرة تقدمها تباعا ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي ما يعني دق جرس الانذار لجهة مغبة التأثيرات السلبية على الجمهور في المجتمع الكويتي المحافظ.
وتلعب مختلف وسائل الاعلام دورا مهما في تربية الاطفال وتنشئتهم وتؤثر في سلوكياتهم الحالية والمستقبلية سواء ضمن اطار الاسرة أو المجتمع خصوصا أن بعض وسائل الاعلام تتجه رسائله الى الجمهور دون تحديد الفئة العمرية المناسبة حتى يمكن ملاحظة الانتباه والاهتمام الكبيرين لدى أطفال في عمر السادسة بأفلام الحركة والعنف عبر التلفاز والاجهزة المحمولة واللوحية.
ولا تقتصر اهتمامات وشغف الاطفال بهذا النوع من الرسائل الاعلامية والثقافية والمعرفية بل أصبحت الالعاب الالكترونية التي يمكن تحميلها على الاجهزة الالكترونية المنزلية البسيطة بابا جديدا لعادات وتقاليد وممارسات غريبة عن مجتمعاتنا المحافظة وحتى عبر التلفاز الذي يمثل منفذا رئيسيا للأسرة وأفرادها على العالم الخارجي.
وفي ظل تسارع متطلبات الحياة وسعي الاب أو الابوين معا وانشغالهما الدائم في العمل ما يعني الابتعاد لفترات طويلة عن الاطفال بات يزداد التأثير السلبي لوسائل الاعلام والتجهيزات المرافقة على الاطفال وأسلوب تربيتهم ما يتطلب متابعتهم دوريا وتقويم أفكارهم في حال حادت عن القيم والعادات والافكار التي يحملها مجتمعنا الكويتي بما يشكل محددا رئيسيا في البناء السليم للنشء ولمختلف الاجيال.
ويأتي مجمل ذلك في وقت تشهد وسائل الاعلام في مجتمعاتنا تنافسا محموما يتخطى التوقعات خصوصا في السنوات الاخيرة ليصبح تأثيرها السلبي أو الايجابي مضاعفا نظرا الى سهولة وسرعة الوصول للمعلومات ووفرتها أو امكانية دخول تلك الوسائل لأي مجتمع والتأثير في ثقافته وحتى امكانية اطلاع أي كان على أي ثقافة حول العالم والتأثر بها في وقت تشهد منطقتنا العربية تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية متسارعة لا تخلو من العنف.
وللاضاءة على تأثير وسائل الاعلام على تربية النشء والاطفال أجرت وكالة الانباء الكويتية «كونا» لقاءات مع وليتي أمر ومع اختصاصي علم نفس للتعرف على كيفية تعامل أولياء الامور وتصرفهم مع أبنائهم اثناء مشاهدتهم وسائل الاعلام بكل ما تحمله من رسائل اعلامية وثقافية واجتماعية ومعرفية ومدى متابعتهم الموضوعية وقيامهم بدورهم التوعوي مع أبنائهم.
وبالنسبة الى الرأي الاختصاصي قال الدكتور والاخصائي النفسي مروان المطوع ان معظم الدراسات في الكويت أظهر نتائج خطيرة بالنسبة لساعات مشاهدة الاطفال لوسائل الاعلام بالدرجة الاولى «التلفزيون» الذي أطلق عليه العلماء اسم «المربي الالكتروني» اذ يتابعه الاطفال بين أربع و خمس ساعات يوميا.
وأوضح الدكتور المطوع ان الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل في مشاهدة التلفاز «من أخطر الامور لاسيما أن السنوات الست الاولى من عمره هي الاهم والاساس لتشكيل شخصيته واتجاهاته وعقليته ونفسيته وقيمه مستقبلا».
وذكر أن الطفل من خلال وسائل الاعلام يتعلم الصواب والخطأ والحلال والحرام واتجاهاته الفكرية والثقافية وحتى لغة الحوار وطريقة اللعب أو حتى أذواقه ومظهره مبينا أن وسائل الاعلام أصبح لها تقنيات وتقدم برامجها بشكل شيق وجذاب ما أمكنها ذلك.
واشار الى انه مع انتشار الثورة التكنولوجية باتت الرقابة الاسرية شبه غائبة حيث يستطيع الطفل مشاهدة ما يريد عن طريق الانترنت أو التلفاز أو الاجهزة الذكية واللوحية ورأى الخطورة كامنة في تعلم الاطفال للجريمة والعنف والتشبث بالافكار المنحرفة والسلبية وبعض القيم الموجودة في الغرب ولا يصلح تطبيقها في مجتمعاتنا العربية والاسلامية المحافظة.
وأكد أهمية ما أسماه «الهرم المقدس» لمواجهة هذه الظواهر أي الاسرة في المقدمة ثم المدرسة فالمجتمع «وهذه العوامل الثلاثة مسؤولة عن تربية أطفالنا فإذا لم تقم الاسرة بدورها وتخلت عنه للمربية واذا تحولت المدرسة الى مجرد وسيلة تلقين لا تربية و تعليم وأصبح المجتمع غير مسؤول لناحية عدم مراقبة وسائل الاعلام فسيسبب ذلك آثارا سلبية كبيرة للطفل».