
انطلقت مساء اول من أمس احتفالية اليوبيل الذهبي للحركة التعاونية بمناسبة مرور 50 عاما على الانطلاقة، حيث شهدت قاعة البركة في فندق كراون بلازا حضورا رسميا وتعاونيا من الدول الخليجية والعربية، وفعاليات أذهلت الحضور وأعادتهم بالذاكرة إلى ستينات القرن الماضي، ونسجت في مخلية الجميع أحلاما مزهرة لحركة تعاونية مستقبلية ذات ثقل اقتصادي وأثر اجتماعي على جميع المستويات.
وبعد لحظات من وصول ممثل راعي الحفل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي، ومدير عام المكتب التنفيذي لوزراء الشؤون لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي عقيل الجاسم، ورئيس الاتحاد التعاوني العربي د. أحمد عبد الظاهر عثمان، وضيوف الكويت من مختلف الدول انطلقت الاحتفالية وسط حضور إعلامي لافت للأنظار ومتابعة مستمرة لمجريات الحفل الذي أطلقه اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.
وكان في مقدمة مستقبلي ضيوف الكويت رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية عبد العزيز السمحان ونائبه راشد مساعد بورسلي والمكتب التنفيذي وأعضاء الاتحاد، بالإضافة إلى حضور لافت من قبل رؤساء الجمعيات التعاونية وأعضاء مجالس الإدارات ووكيل وزارة الشؤون السابق محمد الكندري ورئيس الاتحاد السابق د. حسين الدويهيس، وجمع من السيدات اللواتي رغبن في المشاركة في هذا الحفل التاريخي.
انطلق الحفل بالنشيد الوطني تبعته مفاجأة قدمها أبناء الكويت عبر أوبريت غنائي تراثي يحكي أصالة التجربة التعاونية وعمقها وتاريخها الحافل، حيث قامت مجموعة من الممثلين والممثلات وبمشاركة بعض الأبناء بعرض تصويري لفت الأنظار إليه وشد الانتباه إلى مضمونه الذي سحر الحضور بانتقاله من مرحلة الأبيض والأسود إلى حداثة المنشآت التعاونية والعصر الحديث.
وحكى الأوبريت الرواية منذ ظهور أبطالها، وأعاد الجميع إلى حقبة البدايات والجهود التي بذلها الآباء والأجداد لوضع بذور الحركة التعاونية في أرض خصبة أنبتت جمعيات تعاونية تفخر الكويت بسمعتها وإنتاجيتها الرائعة، كما قامت إحدى زهرات الكويت بإبهار الحضور خلال سردها مسيرة دعم الحكومة للعمل التعاوني والوقوف إلى جانبه للنهوض والتطوير، ورد الجمعيات الجميل بالوقوف إلى جانب الوطن في محنة الغزو وتوفير المستلزمات الأساسية للشعب الكويتي.
وبعد ذلك قامت ممثل راعي الحفل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي بإلقاء كلمة نقلت خلالها تحيات سموه ومباركته السامية لاحتفالية الاتحاد باليوبيل الذهبي للحركة التعاونية وتمنيات سموه بأن تتكل جهوده بالتوفيق والنجاح، متمنية لضيوف الكويت الإقامة الطيبة في بلدهم الثاني.
وأعربت عن تقديرها لمتانة العلاقة والروابط المميزة التي تجمع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالحركة التعاونية ممثلة في اتحاد الجمعيات التعاونية، موضحة أن هناك تعاونا مشتركا في الأمور المتعلقة بتفعيل العمل التعاوني وتمكينه من أداء رسالته النبيلة في خدمة المجتمع، مشيدة بدعم الحركة التعاونية ومساهماتها ومشاركاتها في العديد من المناسبات التي تنظمها الجهات التابعة للوزارة والتي تعنى بشؤون العمل الاجتماعي.
وبينت أن الشراكة بين أجهزة الدولة والحركة التعاونية قائمة على التكامل بما يخدم مصلحة المجتمع، باعتباره الهدف الذي قامت عليه الجمعيات منذ العام 1941 عندما تأسست الجمعية التعاونية المدرسية، وتأسيس عدد من الجمعيات التابعة للدوائر الحكومية في العام 1955، كالجمعية الاستهلاكية لموظفي دائرة الشؤون الاجتماعية ودائرة المعارف إلى أن ظهرت الحركة التعاونية المنظمة بصدور القانون 20 لسنة 1962 والمرسوم بالقانون 24 لسنة 1979، ما يشير إلى حرص القيادة السياسية منذ القدم على دعم وتشجيع الحركة التعاونية.
وأكدت ممثل صاحب السمو أن الجهود التي بذلت في السابق أثمرت تطورا في الجمعيات التعاونية واتساعا في نشاطها وخدماتها حيث بلغ عدد الأسواق المركزية 77 سوقا في نهاية العام 2012، وبلغت الفروع أكثر من 5900 فرع، ووصلت المبيعات إلى 677 مليون دينار، والمساهمين إلى 462 ألف مساهم، إضافة إلى العديد من الخدمات الأخرى الامر الذي دفع الدول إلى الاقتداء بالتجربة الكويتية الرائدة.
وشددت على أن التعاون سمة إنسانية نبيلة، وقد نشأ في صورته البسيطة ليتطور إلى مفهومه الحديث، وظهور التنظيمات التعاونية التي تتشابه في مضمونها وجوهرها، ما أدى إلى ظهور الحركة التعاونية واحتلالها مكانة بارزة على نطاق عالمي كبير متمثلا في الحلف التعاوني الدولي إضافة إلى المنظومات التعاونية الدولية الأخرى كالاتحاد التعاوني العربي.
ثم ألقى مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عقيل الجاسم كلمة هنأ خلاله الكويت واتحاد الجمعيات التعاونية بمناسبة اليوبيل الذهبي للحركة التعاونية، مستذكرا الدور الذي لعبته الجمعيات التعاونية في تاريخ الكويت الحديثة خلال أحلك اللحظات، والغزو الصدامي الغاشم على اراضيها، حيث تم توزيع المهام على اللجان الشعبية بعد ان انتقض الشعب في وجه الغزاة.
واستذكر الدور الكبير والموقف الشجاع للشهيد مبارك النوت الذي كان رئيسا لإحدى الجمعيات التعاونية عندما رفض إنزال صورة المغفور له بإذن الله الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد وتم إعدامه فورا على يد القوات الغاشمة، ما أسهم في أن يخرج الشعب الكويتي من المحنة منتصرا بدعم وتأييد الله والدول الشقيقة والصديقة.
وبين أن الاحتفال باليوبيل الذهبي فرصة للبحث عن الجديد في العمل التعاوني والتباحث والوقوف عند المحطات التاريخية للتطوير، وفرصة للاستفادة من تجربة الكويت الغنية من خلال الاطلاع على التشريعات المنظمة او رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات وآليات التنفيذ.
وأشاد الجاسم بمقترح اتحاد الجمعيات التعاونية بقيادة عبد العزيز السمحان الداعي لإنشاء مجلس اتحاد تعاوني خليجي يكون مقره في الكويت، وذلك لخبرتها المشهودة في هذا المجال، مؤكدا أننا في المكتب التنفيذي نرى ضرورة دعم مثل هذه المبادرات الخليجية لتطوير آفاق التعاون والتنسيق بين التعاونيات الخليجية، ونحن واثقون بأن المطلب سيجد قبولا من مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول الخليج إذا ما تم تقديمه من قبل الكويت ممثلة في وزارة الشؤون فيها.
وذكر ان الاحكام الخاصة بالتعاونيات في دول التعاون بحاجة إلى التطوير والارتقاء بما يلبي طموحات العاملين فيها، وقد قام مجلس وزراء الشؤون في مجلس التعاون بتشكيل لجنة مختصة للنظر في مشروع الوثيقة الاستراتيجية للتعاونيات الخليجية، ونأمل اعتمادها بصورتها النهائية في الاجتماع المقبل للمجلس في دورته الـ 30 المقرر أن تستضيفها البحرين في أكتوبر المقبل في المنامة.
وبدوره، أكد رئيس الاتحاد التعاوني العربي د.أحمد عثمان في كلمة ألقاها إن الحركة التعاونية الاستهلاكية الكويتية تطورت تطورا ملحوظا وانتشرت في كل أنحاء البلاد ملبية احتياجات المواطنين ومؤدية دورا هاما في الحياة اليومية من خلال توفير السلع والاحتياجات، بالإضافة إلى مساهمة الاتحاد في الخدمات الاجتماعية وإنشاء مستشفى التعاونيات للقلب.
وأوضح أن للتعاونيات أدورا بارزة في مواجهة سلبيات العولمة ومشكلات البطالة والمشاكل الخاصة بالقطاعات غير الرسمية في الاقتصادات الحديثة ودورها في تنمية وتطوير هذه القطاعات بالإضافة إلى إنجاح برامج التشغيل الذاتي والصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
وبين أن الاتحاد التعاوني العربي يعمل منذ قيامه في العام 1981 على خدمة الاتحادات التعاونية العربية الأعضاء والتي بلغ عددها 17 دولة عربية، في مجالات مختلفة إضافة إلى التعاونيات الخدمية في مجالات التأمين الصحي والسياحة والرحلات والنقل والمواصلات ومجالات الرعاية الاجتماعية الأخرى.
وكشف عثمان عن أن الاتحاد التعاوني العربي يسعى للتعاون مع منظمة العمل العربية والدولية وغيرهما من الجهات العربية المانحة لإقامة المعهد التعاوني العربي لرعاية الجهود التدريبية والبحثية والتثقيفية، إضافة إلى أننا دعونا منظمة العمل العربية لإنشاء قسم خاص بالتعاون للمساهمة في رعاية التعاونيين العرب والمنظمات التعاونية العربية وتوفير الدعم المؤسسي لها.
من جهته، رحب رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية عبد العزيز السمحان بضيوف الكويت مثمنا الرعاية السامية لصاحب السمو الامير ومتقدما بالشكر لجميع المشاركين في هذا اليوم التاريخي الذي تشهد فيه الكويت انعطافة تاريخية كبرى، وتستذكر أخرى سطرها الأجداد والآباء قبل 50 عاما.
وذكر أن الرعاية السامية لصاحب السمو الأمير لاحتفالية الاتحاد التعاونية عنوان جديد من عناوين النهضة الكويتية، وريادة اقتصادية واجتماعية وثقافية، مبينا أن الحركة التعاونية استطاعت أن توجد حدثا استثنائيا بكل المقاييس غير العديد من المفاهيم وطرح مفاهيم تطويرية وتحديثية أسهمت في رفد المجتمع بمقومات النمو والازدهار ومكنت المواطنين من التحرك في إطارات اقتصادية مختلفة عن المفاهيم السائدة.
وأكد أن الحركة التعاونية بات لها شأن عظيم بين أقرانها، فما حققته خلال أعوامها السابقة فاق كل التوقعات، سواء في النتائج المالية أو الخدمات المقدمة للمساهمين أو الحركة المالية الكبرى التي عززت بها دور المصارف المحلية أو الأثر المؤكد في الاقتصاد الوطني ؛ حيث يعتبر القطاع التعاوني ثالث القطاعات في الكويت بعد القطاعين العام والخاص.
ثم تحدث السمحان عن طموحات اتحاد الجمعيات التعاونية واهتماماته الكبرى التي يأمل أن ترى النور في القريب العاجل، مشيرا إلى أن الاتحاد هو الممثل الشرعي والحاضنة الكبرى لـ 56 جمعية تعاونية استهلاكية تدير أكثر من 500 منفذ تسويقي في مختلف محافظات الكويت، وقد تبنى الاتحاد سياسة تطويرية مستقبلية للانطلاق بالجمعيات التعاونية إلى آفاق أوسع. وتابع بأننا نطمح أن تكون لدينا هيئة عامة للتعاونيات تشرف على تبسيط الإجراءات الخاصة بالجمعيات التعاونية، وتتابع ملفاتها وتعمل على وضع خطة ممنهجة للسياسات العامة تسويقيا وخدميا، إضافة إلى إنشاء بنك تعاوني يساهم في بناء الجمعيات الناشئة ودعم المتعثرة، كما نرنو إلى إنشاء مختبر غذائي لسلامة المنتجات والتأكد من صحتها للاستهلاك الآدمي.
وبين اننا نعمل في الاتحاد على تحقيق المعادلة الصعبة في توفير السلعة ذات الجودة العالية بأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود، ولنا تجربة ناجحة في هذا المجال تمثلت في سلع حملت علامة التعاون، يقوم الاتحاد بدعمها وشرائها، موضحا أن السلع هي من مصادر ومصانع عالمية مشهورة ومرغوبة من قبل الجميع، وقد قام الاتحاد بالعديد من الزيارات لدول المنشأ للحيلولة دون وقوع أي ارتفاع في الأسعار، ولتحقيق قواعد الاستيراد المباشر من دول المنشأ بهدف خفض الأسعار.
وزاد السمحان بأننا نجتهد في أن نحمي المستهلك، وأن نكون عونا له، كمانجتهد أيضا في أن توفر جهودنا المبذولة وأهدافنا النبيلة دعما اقتصاديا وطنيا، ونسعى إلى أن تحقق أمنا غذائيا على المدى البعيد، ويكون لها الأثر الاجتماعي من خلال الأنشطة المتنوعة التي تطلقها الجمعيات للمساهمين فيها وأبناء المنطقة الأفاضل ما ينعكس إيجابا على المجتمع بكل فئاته.
وأكد أن اللقاء الذي سيستمر لمدة 3 أيام سيكون فرصة حقيقية للتعرف علىما حققته الكويت خلال 50 عاما من انطلاقة المسيرة التعاونية، والمرور بالمراحل كلها إلى أن نصل معا وبشيء من التفصيل إلى التعرف جليا على مسيرة الحركة التعاونية وطموحاتها المستقبلية.
واختتم كلمته بتقديم الشكر لراعي الحفل وممثل صاحب السمو الأمير والشركاء الحقيقيين في دعم هذه الاحتفالية التي تكشف الوجه المشرق للعمل التعاوني، وترسخ مفاهيمه على جميع الصعد، متمنيا لضيوف الكويت طيب الإقامة والوصول إلى الأهداف المرجوة.
وبعد ذلك أكد رعاة الاحتفالية الذين كانوا في مقدمة الحضور أهمية التعاون وإبراز الوجه المشرق للكويت من خلال دعم جميع الفعاليات الخاصة بالكويت واتحادها والوقوف صفا واحدا لتحقيق الاهداف التنموية وتعريف العالم كله بالنموذج الكويتي الرائد الذي سيكون منارة تهتدي بها جميع الدول.
وفي ختام الحفل تم تكريم ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وضيوف الكويت والرعاة الحقيقيين للاحتفالية وعدد من الشخصيات التعاونية التي أثرت الحركة التعاونية خلال مسيرتها، إضافة إلى تكريم بعض التعاونيين الراحلين الذي تسلمه بعض من ينوب عنهم وسط تغطية إعلامية كبيرة وحضور لافت من قبل التلفزيون والإذاعات التي قامت بنقل الحدث بشكل مباشر.
وقد قامت الجنة الإعلامية في الاتحاد بتوفير كافة التسهيلات للإعلاميين والتنسيق مع الشخصيات المضيفة للفت النظر إلى عمق التجربة التعاونية وتميزها وتفردها بالكثير من المزايا التي جعلتها رائدة الميدان والسباقة إلى الإنجازات المشهودة محليا ودوليا.