
أكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي للجمهورية الإسلامية الإيرانية سيد محمد حسيني عمق العلاقات الكويتية الإيرانية مؤكدا أنها متينة وقوية آملا مزيدا من تعزيز الوشائج الثنائية في مختلف المجالات ولا سيما المجال الثقافي بين البلدين الجارين الكويت وإيران، آملا في الوقت ذاته بتحقيق التواصل بين أهل الفكر والمثقفين وأصحاب الأقلام في البلدين وزيادة التبادل الثقافي الثنائي.
وأضاف حسيني خلال استضافته في اللقاء المفتوح الذي نظمته رابطة الأدباء مساء أول من أمس بمقرها في منطقة العديلية: إن إيران مهد العلم والثقافة والحضارة والأدب – قدمت علماء وأدباء ومفكرين خدموا بدورهم المجتمع الإنساني والإسلامي منهم شعراء مثل الشيرازي وعمر الخيام وغيرهما.
ولفت إلى أن الأدب يدعو دائما للمحبة والمودة، وهؤلاء الشعراء قدموا رسالة مودة ومحبة لجميع شعوب العالم وللإنسانية جمعاء، خلافا لما نشاهده حاليا من دعوات البعض إلى الفتن والفرقة، موضحا أن رسالة الأدب تتضمن المنطق والاستدلال والدعوة للسلام بدلا من الدعوة إلى العنف.
وتابع حسيني بقوله: يجب أن نتواصل ونقف مع بعضنا البعض وأن نساعد بعضنا بعضا انطلاق من الجانب الإنساني، مستدركا: ولكن مع الأسف: هناك عودة للأفكار الجاهلية وترويج الصراعات التي كانت منتشرة بين القبائل والعشائر، في الوقت الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام السمحة الداعية إلى السلام والوئام والتسامح والمحبة بين البشر، تلك الرسالة التي قضت على الأفكار العنصرية وتحقيق العدل والحرية والمساواة بين الناس جميعا، انطلاقا من قوله تعالى: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم....».
واستطرد بقوله: لقد رفض الإسلام أفضلية العرب على العجم أو أفضلية الأسود على الأبيض أو أفضلية فئة على فئة أخرى، مستغربا من دعوات البعض إلى ترويج الأفكار الجاهلية الداعية إلى الفتن والفرقة والصراعات والعودة إلى الوراء، متابعا: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بأمور عدد ممن دخلوا الإسلام وهم ليسوا من العرب منهم سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وغيرهم وجعل لهم مكانة متميزة داخل المجتمع الإسلامي، انطلاقا من مبدأ التآخي والتسامح والتعارف والمساواة بين جميع من في دولة الإسلام وانطلاقا من الآية الآنفة الذكر.
وأكمل: لقد كانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم عالمية ولم تقف عند الصلح بين الأوس والخزرج أو التآخي بين المهاجرين والأنصار، كانت رسالته صلى الله عليه وسلم قائمة على نبذ الفتن ونبذ الفرقة، وكانت قائمة على التعاون والمحبة والتعايش... يجب أن تكون نظرة النخبة بنفس هذه الرؤى وقائمة على تلك المبادئ مستندة على تحكيم العقل والاستدلال بدلا من الدعوات إلى الصراعات والحروب... ومع الأسف هناك توجه لمثل هذه الأفكار بدلا من التركيز على العلم، فهناك اتهامات تطلق على بعض الدول، فمثلا يتم اتهام الأتراك بالعودة إلى إعادة مجدهم ومملكتهم العثمانية، وكذلك اتهامات تطلق على إيران لإحياء الأفكار الصفوية وتحقيق المد الشيعي، مؤكدا أن هذه الاتهامات غير صحيحة وتنافي الواقع.. ليس هناك عودة إلى الوراء ولننطلق جميعا إلى الأمام لأجل تحقيق التقارب والتواصل والتعاون بين بعضنا البعض.
وأوضح حسيني أن النظام الإسلامي يعد نموذجا يحتذى في التقدم في مختلف المجالات العلمي والفنية والأدبية والصناعية والاقتصادية، لافتا إلى أن الغرب أبدى انزعاجا من التفوق، مشيرا إلى أن إيران لا تمثل تهديدا وقد حققت تقدما ملحوظا في جميع المجالات مثل النانو والطب وجميع الشؤون الحياتية وبناء الذات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الآخرين، بدأت إيران بخطوات رائدة وحققت ازدهارا باهرا ونجاحا عظيما والمجال لا يتسع لشرح هذه النجاحات.
واستدرك بقوله: هناك خطوات جيدة في مجال الثقافة والفنون والآداب نريد الاطلاع عليها عن كثب، متابعا: في بداية الثورة الإيرانية كان عدد عناوين الكتب المطبوعة ألف كتاب، ولكن اليوم لدينا 70 الف عنوان كتاب يطبع وبكميات هائلة وكبيرة، ناهيك عن الآلاف من الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية والفصلية ويتم اعتماد التراخيص لها
وبالنسبة للسينما ذكر حسيني أنها قبل الثورة كانت تابعة للغرب، ولم يكن لدى السينما ما تطرحه، ولكن بعد الثورة الإسلامية حققت السينما تفوقا مبهرا ولاقت الأفلام الإيرانية ترحيبا في مختلف الأقطار الإسلامية كما لاقت رواجا ونجاحا في الغرب، وتلك الأعمال تبرز رسالة إيران الإنسانية في مختلف أنحاء العالم.
وأوضح حسيني أن إيران تنتج 100 فيلم سينمائي علاوة على المسلسلات التلفزيونية مما يدل على تفوق والمخرجين على مستوى السينما والتلفزيون، مشيرا إلى أن هناك خطوات رائدة في مجال الفن التشكيلي والأدب.
وبسؤاله حول تعلم اللغة العربية في إيران قال حسيني: إن الدستور الإيراني يحث على تعلم اللغة العربية وتدريسها بعد الفارسية لأنها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة، وندعو الجانب الكويتي لدعمنا ومساعدتنا على تعليمها، علاوة على ذلك هناك اهتمام جيد بالثقافة العربية وهناك أقسام في جامعات إيران يتم دراستها باللغة العربية.
ولفت حسيني إلى أن علماء إيران ساهموا في بناء ودعم اللغة العربية منهم سيبويه وابن العميد وغيرهم وقدموا منجرات رائعة من خلال مؤلفاتهم، ونأمل في استمرار التواصل والتفاعل وتبادل تعلم اللغتين العربية والفارسية فيما بين الكويت وإيران، فمعرفة لغات بعضنا البعض يسهم في مزيد من التعارف ويسهل التواصل والتعايش ومعرفة المضامين الثقافية.
وبين حسيني أن هناك في إيران ندوات ومؤتمرات يتم تنظيمها يحضرها الأدباء والشعراء والمثقفون ويتم فيها التناقش في مختلف الموضوعات، علاوة على ذلك يتم تنظيم أيام ثقافية كتخصيص يوم للشيرازي، ويوم لعمر الخيام، ويوم للرومي وغيرهم من الأدباء البارزين لتسليط الضوء على إبداعاتهم وإنجازاتهم، علاوة على أن هناك مؤتمرات دولية تعقد لدراسة أعمالهم خدمة للعمل الإنساني والتراث البشري.
وأشار إلى أن هناك العديد من الكتب تطبع باللغة العربية في مدينة قم وهناك اهتمام بإحياء التراث وتحقيق المخطوطات وكتب الصحاح وهي موجودة في بيوت الناس ومختلف الباحثين والجامعيون أيضا يرجعون إليها ويقومون بدراستها
وأوضح حسيني أن هناك اهتماما بالغا من قبل إيران بالشباب من المبدعين والشعراء والأدباء والرسامون ويتم دعمهم وتشجيعهم حيث يجب تعريف العالم بهم كما عرف غيرهم من القدامى الذين جابت أعمالهم جميع أنحاء العالم انطلاق من مبدأ الاهتمام بالفكر السليم والناضج حيث يجب ألا يكون الفكر حكرا على أحد.
وتحدث حسيني عن توجه لتدريس اللغة الفارسية معتبرا أنها لغة حضارة، مشيرا إلى أن ابن سينا قد كتب كتبا كثيرة بالفارسية، ونأمل بتعليمها في الجامعات والمدارس العربية لزيادة التبادل الثقافي والفكري ولن يتحقق ذلك إلا بالاهتمام بتعليمها وكذلك تنشيط حركة الترجمة، وعلينا ألا نغفل المعوقات السيساية في تعلم الفارسية حيث ألقت تلك المعوقات بظلالها على هذا الأمر، لقد كانت الفارسية سائدة لأكثر من ثمانية قرون في الهند وقام الإنكليز بالعمل على استبعادها.
وقال حسيني:حاليا في إيران يتم تسليط الضوء على الأدب الإيراني المعاصر، فهناك أكثر من 150شاعرا إيرانيا تم تأليف كتاب خاص بهم يشمل سيرتهم الذاتية ونماذج من أعمالهم وأشعارهم وهذا الكتاب تحت الطبع، علاوة على طباعة كتاب لكل شاعر على حدة يتضمن أعماله ومؤلفاته الشعرية.
وبالنسبة للأمية أشار حسين إلى أنها في طريقها إلى الإنقراض والزوال موضحا أنه ليس هناك في إيران طفل لا يدخل المدرسة وهناك اهتمام بالتعليم في مختلف المراحل الدراسية فهناك4.5 ملايين طالب جامعي يدرسون في مختلف جامعات إيران، نحن نعتبر الشخص الذي لا يجيد التعامل مع الحاسب الآلي والتكنولوجيا نعتبره أميا.
وأكد حسيني أنه استفاد كثيرا من ملاحظات حضور هذا اللقاء المفتوح، موضحا أن لقاء النخب بين جدول أعماله ولا بد من التقاء المثقفين وتحقيق التبادل الفكري والثقافي بين الكويت وإيران، موضحا أنه قد تم إنشاء مركز للدراسات الإيرانية، مبينا أن هناك مراكز إيرانية كثيرة منتشرة في كل أنحاء العالم، ونحن على استعداد لإنشاء مثل هذه المراكز في جامعات الكويت للتعريف أكثر بالحضارة الإيرانية.