
أكد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس اتحاد المؤسسات الإغاثية في لبنان الشيخ أحمد العمري أن الشعوب الإسلامية أمام تجارب تحيط بأمتها من آن إلى آخر وأزمات متكررة في ظل ظروف صعبة وتكالب الأعداء عليها شرقا وغربا لذا من الواجب عليها أن تظهر العلاقات الإيجابية والتي أرسي قواعدها الله سبحانه وتعالي في كتابه حينما قال: «أفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»، كما أكد سبحانه بأنه لا يستوي الحق والباطل ولا الطيب والخبيث فالعمل الذي يبنى على تقوي من الله ورضوان في مجال العبادات والأخلاقيات والسلوكيات هو الذي يكون مقبولا عند الله سبحانه وتعالى كما أرسى تلك القواعد أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمة الإسلامية حينما قال «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص» وقال أيضا «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى» وأمام هذه المنظومة لابد أن تظهر العلاقات الإيجابية بين المسلمين.
وقال العمري في ندوة «النزوح السوي تحديات وتطلعات!» والتى أقيمت في رابطة أعضاء هيئة التدريس بالعديليه بمشاركة عدد من الجمعيات الخيرية اللبنانية وحملة البنيان: أحسب أن الساحة اللبنانية والمعروفة بكثرة أزماتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية تعرف جيدا أن هناك شعبا كشعب الكويت أعطى نماذج طيبة للنصرة لشعوب العالم العربي والذي جعلها في مصاف الدول التي تطبق تلك القيم وهذا الأمر من باب الواقع وليس من باب الرياء فالعمل الخيري الكويتي له بصمات واضحة مشيرا إلى أن الشعب السوري يعيش اليوم أزمة كبيرة بعد أن أخرجوا من ديارهم وأموالهم لأنهم قالوا ربنا الله وطالبوا بالحرية فقد فعَل فيهم النظام السوري القتل والتعذيب والتشريد والتنكيل لأنهم طالبوا بذلك.
وأضاف العمري: هناك العديد من المؤسسات الكويتية التى تؤازر الشعب السوري مثل بيت الزكاة وحملة البنيان والهيئة الخيرية وهيئات أخرى من بعض دول الخليج مشيرا إلى أن الخشية تكمن في شعور الشعوب بالملل والفتور لأن الأزمة تطول مؤكدا على أن الدافع الإيجابي الذي تعلمناه من النبي صلى الله عليه وسلم أن نواصل العمل والدعم حين تستفحل أزمتهم وتطول.
فيما قال المنسق العام لاتحاد المؤسسات الإغاثية اللبنانية حسام الغالي ان لبنان تظهر على الخريطة وكأنها قطعه من سوريا خصوصا أن أغلب محافظات لبنان قريبة من سوريا عدا حلب بالإضافة إلى أن هناك بعض أفراد من الشعب السوري تربطهم علاقات مصاهرة مع الشعب اللبناني لذا يلجأ عدد كبير من السوريين إلى لبنان مشيرا إلى أن وزير الشؤون اللبناني يتحدث أن اللاجئين السوريين في لبنان تخطوا المليون بينما المفوضية العليا تقول ان هناك 400 ألف شخص وهناك 400 ألف آخرون أخذوا المواعيد أي ما يقارب 800 ألف لاجئ سوري في لبنان مشيرا إلى ان هناك أعدادا أخرى تخشى التسجيل خوفا من النظام اللبناني.
وأشار الغالي إلى أن هناك ضغطا على شبكات المياه في لبنان وشبكات الكهرباء التي تنقطع كثيرا بالإضافة إلى أن هناك بعض المستشفيات التي امتلأت بالسوريين فهناك معاناة في لبنان خصوصا إذا علمنا عدم مجانية التعليم والصحة في لبنان للمواطن فما بالنا باللاجئ السوري مبينا أن السوريين اليوم يعيشون في كل مكان في لبنان في بيوت مستأجرة وفى محلات تجارية وفى حظائر الحيوانات بل قد تجدهم على الطرقات.
وبين الغالي أن أبرز مشاكل اللجوء في لبنان هي الإيواء إذا ما علمنا أن الدول لم تسمح ببناء مخيمات خصوصا وأن لبنان يعاني من أزمة إسكانية بالإضافة الى مشكلة العلاج والأدوية والعمليات التى يعاني منها السوري داخل لبنان فقد قمنا بشراء جهاز من مصر بـ60 ألف دولار كان يباع في لبنان بـ600 ألف وهم يرفضون إدخال أي أجهزة من خارج البلاد إذا ما علمنا بأن هناك أناسا لهم مصالح في وزارة الصحة اللبنانية لذلك هم يرفضون إدخال الأدوية والأجهزة إلى لبنان. وأضاف الغالي أن اللاجئين السوريين أمام مشاكل اجتماعية وأخلاقية يجب الاسراع في حلها إذا ما علمنا بأن هناك العشرات يقطنون في غرفة واحدة مشيرا إلى أن هناك أزمة غذاء يعاني منها اللاجئون أيضا فبعض الأطفال يشربون ماء الأرز بدلا من الحليب بالإضافة الى المشاكل التعليمية التى يعاني من اللاجئ مؤكدا على أن الأمم المتحدة عاجزة عن استكمال مشروعاتها وأوقفت أبواب التسجيل وأصحاب المستشفيات يؤكدون بأن هناك سوريين يموتون على أبواب المستشفيات.
وتابع الغالي: قامت أكثر من 100 جمعية لبنانية بتوفير بعض احتياجات اللاجئين واستطعنا أن نعالج عدداً كبيراً من المرضي وقمنا بالتنسيق مع المفوضية العليا لإجراء بعض العمليات ووفرنا بعض المدارس فهناك ما يقارب 15 ألف طالب سوري يدرسون الآن في لبنان بمناهج وأساتذة سوريين مشيرا إلى أن تلك المعاناة تحتاج إلى جهد خصوصا إذا ما اشتعلت معركة دمشق فسيزيد أعداد اللاجئين والإشكالية أن وزير الشؤون قال بأنه يفكر في إغلاق الحدود مع سوريا إذا ما ازاد أعداد اللاجئين مشيرا إلى أن حوادث السرقة ارتفعت في لبنان نتيجة الفقر والجوع متمنيا أن تنتهي الأزمة السورية في أقرب وقت ممكن.
وقال منسق حملة البنيان ورئيس جمعية التعاون الإنساني في لبنان فادي شامية ان أول ما يتبادر إلى الذهن حينما نتحدث على القضية السورية هو الزمن والثمن ونحن نتساءل كما يقي من زمن حتى تنتهي تلك الأزمة وماهو الثمن الباقي الذي سيدفعه الشعب إلى أن تنتهي تلك الأزمة مشيرا إلى أن المواجهه جادة لأنها تواجه مشروعا له من يدعمه ومن يقف معه مشيرا إلى أن الثورة استجمعت كل الشرائط للقضاء على هذا النظام فالثورة السورية شاملة لابد أن تنتصر بالدم فلا تسويات في هذه القضية مبينا أن الأيام القادمة سوف تحمل مزيدا من الدماء والدمار حتى تحقق الثورة غاياتها.
وأكد شامية أن أزمة الشعب السوري لن تنتهي بسقوط النظام الحالي وإنما تمتد إلى ما بعد النظام فهناك بلد مدمر من يدخل سوريا يدرك أن البنية التحتية انهارت والاقتصاد شبة مدمر والمدارس تحولت إلى ثكنات مشيرا إلى أن الثوار منذ أن دخلوا حلب وأصبح النظام عاجزا عن استعادة أي منطقة فهم الآن يحررون ولا يتراجعون فالمسار بطيء ولكنه ثابت ودمشق تنتظر مصيرا نالته مدنا أخرى كحمص وحلب. وبين شامية أن سوريا بها اليوم جيش يحتاج إلى رجال ورجال يحتاجون إلى سلاح ومن يدرك المعادلة هو من سيربح مبينا أن أكثر من 95 في المئة من الجيش السوري من الطائفة العلوية الموالية للنظام ولكنك تجد في كل حي وفى كل مدينة مجموعات تثور على النظام فقد أصبح تعداد الجيش الحر أكثر من 300 ألف مشيرا إلى أن سوريا تحولت إلى وجهة لكل طالب للجنة فبشار هو من جعل الناس تحمل السلاح للدفاع عن أعراضهم وأبنائهم.
وتابع شامية : أحسب أن أكثر من ثلثي الشعب السوري بين نازح ولاجئ ففى الداخل 4 ملايين نازح انتقلوا من منطقة إلى أخرى وفي الخارج العدد لايقل عن ذلك في لبنان وتركيا مشيرا إلى الأزمة في لبنان مركبة فهو البلد الوحيد الذي يعاني فيه النازح من ظلم شرائح واسعة مطالبا بضرورة الاستعداد لمعركة دمشق حين يتزايد أعداد النازحين إلى لبنان.
وأوضح شامية أنه بعد سقوط النظام السوري سنكون أمام ثلاثة أمور شريحة النازحين في الداخل وشريحة اللاجئين الذين لجأوا إلى دول الجوار ورتبوا أوضاعهم في بلدان أخرى وشريحة العائدين إلى بيوتهم ولن يجدوها وسينصبون الخيام مشيرا إلى أن الشعب السوري ولد من جديد من حيث واقعه وطموحه لذا نحن في حاجة إلى علماء وقادة ومفكرين يرشدون الناس ويبعدونهم عن الاحقاد كما ان الشعب السوري بحاجة إلى مجموعات قادرة على الامساك بالشارع حتى يستعيد هذا البلد عافيته.