
يقبل الكثير من الناس على مشاهدة افلام وقصص الرعب بشكل لم يكن موجودا بهذا القدر في مجتمعاتنا من قبل وذلك لاسباب عدة منها عضوية وأخرى نفسية ولها في بعض الاحيان تأثير ضار على المتلقين من مشاهدين وقراء ومستمعين وهي التي حذر منها ذوو الاختصاص والخبرة في علم النفس.
وأفادت اختصاصية العلاج النفسي بمستشفى الطب النفسي نادية البغدادي في لقاء مع «كونا» بأن قصص وأفلام الرعب بما فيها من تهديد وخوف تعمل على استثارة افراز مجموعة هرمونات «في اجسامنا وليس فقط هرمون الادرينالين المعروف الذي يساعد على تنشيط الدماغ والجهاز العصبي السمبثاوي والباراسمبثاوي وتنشيط الغدة النخامية وبالتالي يزيد من قدرة الانسان على الاستجابة للامور المفاجئة والتعامل معها بشكل حسن».
وقالت البغدادي ان الادرينالين ينشط الدورة الدموية والقلب ما يعزز عمل الاجهزة في الجسم افضل من أي نوع من المنشطات ويعمل أيضا على تحفيز البروتينات المسؤولة عن شد العضلات وانبساطها ما يساعد بالتالي على القضاء على مرض ضمور العضلات وتصلب المفاصل مبينة انه بسبب كل ذلك يرغب الكثير من الناس بالشعور بالخوف حتى في أوقات الراحة والامان من خلال مشاهدة او قراءة قصص الرعب.
وأضافت ان الاطفال بشكل خاص يقبلون على مشاهد الرعب وسماع قصصه لاكتشاف تجارب جديدة لم يألفوها من قبل وليستمتعوا بشعور النصر المظفر في مرحلة يعدون بها انفسهم للتغلب على اي اعتداءات محتملة قد يتعرضون لها عند انتقالهم الى مرحلة البلوغ وذلك من خلال اكتساب خبرات مواجهة التحديات والمصاعب مبينة ان حبهم لمشاهدة افلام الرعب ليس بالضرورة ان يكون لانهم تعرضوا للعنف في حياتهم انما ذلك يعتمد على نوع شخصياتهم وحبهم للاستطلاع.
ونصحت الوالدين بالسماح لابنائهم بمشاهدة نوعية مختارة جيدا من هذه الافلام كي لا يصل الطفل الى مرحلة الخوف الذي قد يؤدي الى حدوث خلل في اجهزة الجسم او الى الاغماء او الجنون مشددة على انه يجب ألا تحتوي هذه الافلام على مشاهد عنف قاسية جدا وحركات خطرة حتى لا يقلدها الاطفال والمراهقون في حياتهم العادية وخلال تعاملهم مع الناس.
ولتسليط الضوء اكثر على هذا الموضوع التقت «كونا» عددا من مشاهدي هذه الافلام وكانت البداية مع عائشة البالغة من العمر 18 عاما والتي قالت انها تحب مشاهدة افلام الرعب منذ كانت طفلة في الخامسة من العمر ولم تكن تشعر بأي خوف منها وتفضلها على افلام الكارتون والرسوم المتحركة.
وأضافت ان أهلها كانوا يخبرونها بانها كانت تصرخ اثناء نومها وتصيبها حالات تشنج لكنها لم تكن تحس بذلك ابدا ولا تتذكر انها كانت ترى احلاما مزعجة وهي الان تميل ايضا الى قراءة قصص الرعب والحكايا الغريبة الخارقة للعادة.
من جانبها قالت ام ماجد «43 عاما» انها تحب بشغف مشاهدة افلام الرعب وتضع صور الوحوش والكائنات الغريبة المخيفة وصور الدماء والقتل في مواقعها التي انشأتها في الانترنت مثل «الانستغرام» و«تويتر» وغيرهما وهي تشعر بأن كل تلك الصور بما فيها من عنف موجودة بداخلها وتود اظهارها مبينة ان ذلك قد يكون بسبب ما تشعر به من غضب مكبوت على ما تواجهه بالحياة من ظلم وعنف من الاهل والناس ومن مسؤوليها بالعمل وبسبب الظروف الصعبة التي تعانيها وتتمنى تحطيمها.
وعلى النقيض من ذلك ذكر سامي البالغ من العمر 40 عاما انه يندهش جدا لرغبة بعض الناس في تخويف انفسهم ومشاهدة افلام مرعبة وانه يكره هذا النوع من الافلام والقصص لانها توتر اعصابه «ويكفي ما نراه في حياتنا من رعب وما نتعرض له يوميا من توتر» مشيرا الى انه عانى في صغره من خوف وانهاك عصبي بسبب رؤيته لمشاجرات والديه العنيفة وبسبب ما تعرض له من اعتداءات وضرب من قبل اقرانه بالمدرسة.
أما ام عمر فقالت انها لا تستطيع منع أبنائها من مشاهدة تلك الافلام «فنحن في عصر الانترنت والعولمة» مبينة انها اذا لم تأخذهم لمشاهدتها بدور السينما فانهم سيشاهدونها بطرق اخرى وطالبت بتشديد الرقابة على بيع وعرض تلك الافلام والقصص التي تظن ان لها اثارا سيئة على البعض.
وقال الكاتب الكويتي في مجال قصص «ما وراء الطبيعة والرعب» عبدالوهاب السيد الرفاعي ان اقبال القراء على قصصه كبير جدا لاسيما من فئة المراهقين اذ تجاوزت مبيعاته آلاف النسخ في خطوة لم يتوقعها في بداية مشواره الكتابي.
وأشار الرفاعي الى أن بعض قرائه تمنوا ان يصبحوا مثل ابطال قصصه مرجعا سبب ميل المراهقين الى مثل هذا النوع من القصص الى ان المراهق بطبيعته يعشق الغموض والخيال.
واعرب عن اعتقاده بأن هناك أسبابا أخرى لاقبال الناس على الرعب منها «الدراما التي لم تعد مشوقة وموضوعاتها قد استهلكت دون جديد يذكر أما موضوعات الغموض والرعب وأدب الخيال العلمي والادب البوليسي فهذا الجانب لا يزال فقيرا في مجتمعنا ولم يقدم بشكل كاف للجمهور وهو ما أحاول فعله».
وأوضح أن أدب الرعب إن صح التعبير محليا كان يرتبط دوما بالاشباح والجن لكنه تطور في العالم عموما وصار يصنف الى 16 صنفا كما أن هناك 22 نوعا من الخيال العلمي وكل نوع له ما يميزه.
ولفت الى انه كتب أيضا في مجال علم النفس الذي يعتبره الكثيرون مجالا غامضا مشيرا الى أن كتابه «حلات نادرة» بجزئيه الاول والثاني يحوي قصصا حقيقية غريبة زوده بها معالجون وأطباء نفسيون بمستشفى الطب النفسي «وهذه الموضوعات هي التي تشد المراهقين الذين هم محل اهتمامه كونهم هم من سيبني الوطن».
في المقابل فإن الرفاعي صاحب القصص المرعبة «زيارات ليلية» و«وراء الباب المغلق» و«الابعاد المجهولة» و«بعد منتصف الليل» لا يخفي حقيقة انه يشعر بالخوف أثناء سماعه أو مشاهدته لقصص الرعب واثناء كتابته لها.