
قال رئيس منتدى الكويت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة د. مصطفى بهبهانى ان العالم بأسره ما زال يبحث عن حلول عملية لمعالجة الآثار التدميرية للأزمة المالية العالمية من انتشار للبطالة المدمرة للمجتمعات خصوصا فى قطاع الشباب جاء ذلك في مجمل كلمته التي ألقاها خلال افتتاح حلقة نقاشية بعنوان «المشروعات الصغيرة والمتوسطة ركيزة التنمية» والتي أقامها منتدى الكويت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة صباح أمس وبالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط وبرعاية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي وبحضور فعاليات اقتصادية واجتماعية.
وأوضح بهبهانى أن الكيانات والمشروعات الصغيرة تضررت سلبا وبدرجة كبيرة من أثار الأزمة المالية العالمية التى طالت اثارها العالم كله فلم تسلم منها أي دولة مما أدى إلى ظهور تحديات قوية تواجه الحكومات والشعوب كتفشي البطالة ووصولها إلى مستوى خطير فى معظم الدول من الولايات المتحدة الأمريكية إلى السوق الأوروبية المشتركة مرورا ببلاد الهند واليونان.
وأضاف بهبهانى أن أزمة البطالة فى الوطن العربي أدت إلى اندلاع الإضطرابات والثورات الشعبية التى قضت على الأنظمة السياسية والسلطات الحاكمة فى مصر وليبيا وتونس واليمن فيما اصطلح على تسميته بالربيع العربي والذي لم تحسم أثاره بعد الأمر الذي جعل دول العالم والمنطقة تحاول مجابهة هذا التحدي الخطير على استقرارها وتنميتها الاقتصادية.
وأشار بهبهانى إلى ان الكويت تواجه تحديات كثيرة ومتعددة تبدأ بعدم وجود رؤية وخطة إستراتيجية واضحة للاقتصاد وقابلة للتطبيق الأمر الذي أدى إلى عدم الالتزام بتنفيذها من قبل الحكومة خاصة في ظل تنامي الجاذبات السياسية بينها وبين مجلس الأمة مما أدى إلى عرقلة التنمية الاقتصادية، وكذلك عدم الانسجام بين الوزارات الحكومية والذي أدى إلى تخبط السياسات وعدم تنفيذها فى الوقت المناسب وإيقاف الكثير من المشاريع العامة والهامة الأمر الذي جعل الكويت تحصل على مراكز متأخرة بأغلب مؤشرات التنمية الاقتصادية من المؤسسات العالمية.
واستطرد بهبهاني في حديثه عن التحديات على المستوى المحلي بان عدم الاستفادة من الكفاءات والخبرات الوطنية المهنية القادرة على الإنجاز أدى إلى عدم تنفيذ السياسات المالية والاقتصادية الصحيحة القادرة على مجابهة الأزمات وإيجاد الحلول العملية واتخاذ القرارات في الوقت المناسب وفشل المشاريع التنموية الكبرى كمشروع حقول الشمال والمصفاة الرابعة ومشروع الداو، موضحا أن بيئة الأعمال أصبحت طاردة للاستثمار الأجنبي والمحلي معا وعلى العكس من ذلك جذبت الدول الخليجية والأجنبية الأموال الكويتية نتيجة للعراقيل والمعوقات الكثيرة التي أدت إلى فشل اغلب المشاريع خصوصا الصغيرة والمتوسطة منها.
وبين بهبهانى أن تنامي سيطرة القطاع العام على الاقتصاد أدى إلى تهميش القطاع الخاص بجميع مكوناته حيث أصبح لا يلعب الدور المؤثر لتحريك الاقتصاد نتيجة لسياسات التوظيف الحكومية من زيادة الرواتب وتنامي ظاهرة البطالة المقنعة وهروب الكفاءات الشابة إلى القطاع الحكومي كذلك سياسة الإغراق في منح الميزات المالية والوظيفية في القطاع الحكومي وعدم الإنجاز الوظيفي أدت على الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية لأداء الأعمال المطلوبة وخروج وتدفق أموال هذه الجاليات إلى الخارج بدون استفادة الاقتصاد المحلي منها للتنمية.
وعبر بهبهانى عن أن غياب دور المرآة الكويتية العاملة في النشاط الاقتصادي خلق تحديا أخر لعدم نجاح الكثير من المشروعات الصغيرة لفقدان الحس والالتزام المحلى لإدارة هذه المشاريع كما أن الجهات المسؤولة عن نفيذ القرارات الإدارية للمشروعات الصغيرة لم تعط الفرصة الفعلية المناسبة للجيل القادم من الشباب الطموح جراء مشكلات الدورات المستندية وعدم توافر الاراضى المناسبة وغيرها من العراقيل الأمر الذي أدى على عزوف الشباب المبادر في الدخول في مجال الاستثمار في المشاريع الصغيرة وشعورهم بالإحباط والفشل.
ومن جهته أكد مدير المعهد العربي للتخطيط د. بدر عثمان مال الله أن المنتدى يتناول واحدة من أهم الموضوعات المتعلقة بواقعنا الاقتصادي وأحد أبرز آليات دعم النمو الاقتصادي، لافتا إلى أن استضافة المعهد العربي للتخطيط لمنتدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة يأتي في إطار تفاعل وتعاون المعهد مع مبادرات ومشروعات مؤسسات المجتمع المدني الداعمة للنمو والتنمية الاقتصادية.
ولفت مال الله إلى أن الصورة الاقتصادية للكويت والمتعلقة ببيئة الاستثمار والمناخ الاقتصادي ومسارات الإصلاح الاقتصادي فيها لم تكن قاتمة خلال السنوات الماضية، موضحا أنه من خلال رؤيته كأحد المساهمين والمشاركين في العملية التخطيطية والتنموية، الكويت بدأت تتقدم للإمام بشكل ملحوظ وتحقق إنجازات مهمة على صعيد استكمال منظومتها التخطيطية، فضلا عن استراتيجية ورؤية واضحة وتقارير مهمة أبرزها تقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية للإصلاح الاقتصادي والذي دمج في برنامج عمل الحكومة وهناك حلول ومعالجات لا يتسع المجال لذكرها تفاعل معها الجميع من الحكومة بكامل مؤسساتها ومؤسسات المجتمع المدني وتحققت العديد من الإنجازات، مشيرا إلى أن الكثير من المشروعات الكبرى دخلت حيز التنفيذ وبدأت عجلتها في الدوران، وبيئة الاستثمار أخذة في التحسن والتطور يوما بعد يوم، معربا عن أمله، خصوصا بعد التطورات والإصلاحات على الصعيدين السياسي والاقتصادي والتي تمت خطوات منها مؤخرا، أن تتقدم الكويت للإمام في ترسيخ المكانة المعروفة للكويت دوليا وسياسيا وكذلك ترسيخ قيمة الاقتصاد الوطني وما يتميز به من مقومات مهمة وأساسية نأمل أن نبني عليها في المستقبل ونأمل أن تكون إنجازاتنا في خطة التنمية متوسطة الأجل القادمة أكبر وأفضل من الإنجازات الحالية.
ولفت مال الله إلى أن وضع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يحتاج إلى إعادة نظر، موضحا أن مبادرة صاحب السمو الأمير لإنشاء صندوق لدعم وتمويل المشروعات الصغيرة في قمة الكويت الاقتصادية كانت مبادرة رائدة ومحل ترحيب الرؤساء والقادة العرب، مشيرا أن المبادرة كانت نتاج مجموعة من الدراسات وعقود من أدبيات التنمية المتراكمة التي بينت أثر مشروعات الصغيرة في معالجة إشكاليات اقتصادية مهمة خصوصا فيما يتعلق بتحريك عجلة النمو وتوسيع القاعدة الاقتصادية وضبط معدلات التشغيل ومعالجة البطالة، بالإضافة إلى اختزالها لعمليات الإبداع لدى الشباب وتحويلها لطاقات منتجة، موضحا أن تجربتنا في المشروعات الصغيرة خلال السنوات الماضية لم تكن على ما يرام وكانت بحاجة ماسة إلى تعديل وذلك لأننا لم نكن نتعامل معها من خلال رؤية واقعية أو فلسفة واضحة تمكنها من تحقيق أهدافها على صعيدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وشدد مال الله على أن المشروعات الصغيرة يجب أن تكون داعمة للنمو الاقتصادي ومرتبطة بالإنتاج الكبير، مؤثرة في القطاعات ذات الكفاءة الاقتصادية، وعلى مستوى من الإبداع ومشغل حقيقي للعمالة الوطنية، مشيرا إلى أن تمويل المشروعات الصغيرة في السنوات الماضية كان مبعثرا وأقل من المتوقع حيث كان يبلغ بالمتوسط 9 ملايين دينار أي ما يوازي محفظة شخصية لأي مستثمر ولذلك كان هناك حريص كبير على تلافي هذه السلبيات من خلال مبادرة صاحب السمو الأمير وجهود الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني.
وأشار مال الله إلى أن المعهد العربي للتخطيط كهيئة عربية إقليمية يعتبر شريك في التنمية بمساهمات عديدة منها اعداد تصورات الخطة القادمة والخطة الحالية، والخطة السنوية 2013 – 2014، وبرنامج عمل الحكومة وتنفيذ العديد من مشاريع التدريب خلال العامين الماضيين وبلغ عدد من دربهم أكثر من 2400 شخص في مختلف مجالات التنمية، وبادر المعهد بتنظيم اجتماع خبراء إقليمي برعاية صاحب السمو الأمير استقطب فيه جميع الخبرات العربية ووفر البيئة العلمية الملائمة لمناقشة هذه القضية والخروج بالحلول الملائمة، لافتا إلى أن العمل يجري الآن لاستخراج خارطة طريق وتوصيات تبلور الجهود التي بذلت إلى واقع ملموس.
مشيرا لتعاون المعهد مع جهات دولية مرموقة مثل جامعات ميونيخ وكورنيل وسنغافورة لإعداد برنامج وطني متكامل ينظر للمشروعات الصغيرة بفلسفة مختلفة ويقوم على ثلاثة محاور : تعزيز ثقافة المشروعات الصغيرة في الثقافة الوطنية، بناء القدرات وتأهيل المبادرين وإدارة الحاضنات وكيفية الاستفادة من أفضل الممارسات في هذا المجال، فضلا عن تعاون المعهد مع مركز «توم كريت» التابع لجامعة سنغافورة أحد المراكز المتقدمة في هذا المجال وكذلك مركز «جيت ميونيخ» وهو أيضا أحد المراكز المتقدمة في ألمانيا لدعم المشروعات الصغيرة وبلورنا برنامج وطني تم اعتماده من المجلس الأعلى للتخطيط وايضا تم اعتماده من الحكومة في الاجتماع المشترك وبالتالي تم تضمينه في خطة التنمية متوسطة الأجل وسيستضيف بإذن الله المعهد العربي للتخطيط، لافتا إلى أن هذا البرنامج إذا تم تنفيذه وفق الشروط المطلوبة وفي إطار وطني سيكون خطوة للأمام لتحسين وضع المشروعات الصغيرة وخصوصا إذا تم التطبيق الصحيح لقانون المشروعات الصغيرة الذي يشمل التمويل وبيئة الأعمال ليتكامل هذا البرنامج مع بيئة الأعمال التي ينظمها القانون ومع عملية التمويل، موضحا أن المعهد أدخل التدريب على المشروعات الصغيرة ضمن خطته السنوية وأجرى تعديلات مهمة في برنامجه ليستقطب الشباب الكويتي.
واختتم مال الله كلمته أن جميع أهالي الكويت حريصون على أن تتحقق أهداف التنمية ولكن يجب أن نبتعد عن ثقافة جلد الذات وخصوصا أننا نمتلك كافة مقومات النجاح والانطلاق نحو أفاق التنمية.
وقائع الجلسة الأولى في بداية الجلسة الأولى أوضحت رئيسة الجلسة النقاشية الاولى نبيلة العنجري أن الجلسة ستتناول بالبحث المعمق قانون الصندوق الوطنى لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة رقم 96 لعام 2013 والذي تم إصداره مؤخرا بمرسوم أميري بعدما تم التوافق عليه بين الحكومة والمجلس وبعد مرور 16 عاما على تأسيس الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة والتي خصص لها محفظة استثمارية بمقدار 100 مليون دينار فيما خصص للقانون الجديد صندوق استثماري بقيمة 2مليار دينار وتشتمل على كافة التسهيلات والإمتيازات بهدف التغلب على المشكلات السابقة والاستفادة من الخبرات التراكمية لتحقيق الأهداف المرجوة.
بينما تحدث مدير التنمية والدعم الصناعي والمسؤول عن تنمية الصناعات الصغيرة والحرفية بالهيئة العامة للصناعة د.عبدالله الهاجري عن دور الهيئة فى دعم قانون الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة كما تطرق بالشرح للقانون من نواحيه التنفيذية والقانونية.