أثبتت دراسة علمية حديثة صادرة عن معهد الكويت للابحاث العلمية تمتع الكويت بمزايا وقدرة عالية تمكنها من استغلال الموارد الطبيعية المتاحة في شكل طاقة شمسية لانتاج الطاقة الكهربائية من الانظمة الكهروضوئية.
وقال الباحث العلمي في مركز الطاقة والبناء بالمعهد الدكتور حسن قاسم لـ«كونا» أمس ان هذه الدراسة تظهر بالارقام ان الكويت تتميز بتوافر الطاقة الشمسية فيها بنسبة عالية تضعها بمصاف الدول الغنية بهذا النوع من الطاقة.
وأضاف الدكتور قاسم ان هذه النسبة تحددت عبر دراسات تفصيلية أجراها المعهد على استخدام تقنيات الطاقة الشمسية في البلاد لاسيما صيفا حيث تكون الشمس قريبة من الأرض بمتوسط زاوية انحراف للأشعة الشمسية يبلغ 13 درجة علاوة على طول فترة النهار بمتوسط 11 ساعة ما يعني وفرة بالطاقة الشمسية.
وذكر انه برغم تلك المزايا الا ان التنفيذ يبقى محدودا لعدم وجود عائد مالي للمستثمر ولتدني سعر الكهرباء في الكويت فضلا عن الدعم الحكومي الكبير للسعر المحلي للكهرباء ويصل الى 97 في المئة تقريبا ما يجعل المنافسة غير عادلة ويضع الاستثمار أمام تحد كبير مع غياب دعم حكومي لاستخدام الأنظمة المنتجة للطاقة النظيفة.
وبين ان تطبيق محطات الانظمة الكهروضوئية لانتاج الطاقة يبقى محدودا في القطاع الانتاجي وهو منحصر حاليا بوزارة الكهرباء والماء بسبب ارتفاع سعر التكلفة الفعلية لانتاج الطاقة وارتباطه بسعر الوقود المستهلك.
وقال الدكتور قاسم ان وزارة الكهرباء والماء أعلنت في ملتقيات علمية عدة خطتها المستقبلية لاستغلال موارد الطاقة البديلة لاسيما الطاقة الشمسية في انتاج الطاقة الكهربائية بغية تقليل الاعتماد على مشتقات البترول كوقود لمحطات الانتاج الكهربائي والتوجه الى مصادر الطاقة النظيفة كمصدر بديل لانتاج الطاقة في الكويت.
ولفت الى أن الوزارة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية يعملان على انشاء مشروع «الشقايا» لانتاج الطاقة الكهربائية من تكنولوجيات عدة من الطاقة المتجددة منها الشمسية الحرارية والكهروضوئية والرياح.
وعن ماهية الطاقة الشمسية أفاد بأنها تنتج من التفاعلات الهيدروجينية الناتجة في الشمس بكميات كبيرة في كل ثانية وتنتقل منها عبر الفضاء على شكل موجات اشعاعية كهرومغناطيسية تصل الكرة الأرضية بكمية قليلة من الطاقة المبتعثة من الشمس لبعد المسافة بين الأرض والشمس «149.6 مليون كيلومتر» اضافة الى انحراف الاشعة الشمسية عند وصولها بسبب شكل الارض البيضاوي.
وأشار الى أن قوة الأشعة الشمسية تعرف بالقدرة الموضعية في المساحة الساقطة «واط لكل متر مربع» حيث تم قياس شدة الأشعة الشمسية على الغلاف الخارجي للكرة الأرضية بما يعرف بالوحدة الشمسية الثابتة وتقدر بـ1367 واط لكل متر مربع.
وقال الدكتور قاسم ان الأشعة الشمسية تفقد جزءا آخر من قوتها لدى عبورها الغلاف الجوي بسبب تشتت وانكسار بعض الأشعة الشمسية عند مرورها على جزيئات الماء وجزيئات الغبار العالقة بالهواء.
وذكر ان نسبة شدة الأشعة الشمسية على سطح الأرض تختلف عن الأشعة الشمسية على الغلاف الخارجي للارض كما تختلف شدة الأشعة الشمسية من منطقة الى أخرى لاختلاف المسافة ودرجة انحراف الشمس علاوة على اختلاف نسبة تركيز مكونات الغلاف الجوي من منطقة لأخرى ما يعني اختلاف مجموع شدة الأشعة الشمسية في وحدة زمنية أو ما يعرف بالطاقة الشمسية.
وحول نسبة متوسط الطاقة الشمسية المتاحة في الكويت أوضح أنها تقاس في اليوم الواحد بواقع «5.4 كيلوواط ساعة لكل متر مربع» مقارنة مع ألمانيا «2.8 كيلوواط ساعة لكل متر مربع» وغيرها من الدول مشيرا الى امكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية باستغلال الطاقتين الحرارية والضوئية ويتطلب كل منهما تكنولوجيا خاصة.
وقال انه تم استغلال الطاقة الضوئية عبر تكنولوجيا الأنظمة الكهروضوئية تسمى الألواح الخاصة ذات القدرة على تحويل الطاقة الشمسية مباشرة الى الطاقة الكهربائية بالألواح الكهروضوئية وغالبا ما تصنع من مواد شبة موصلة أي لا تتمتع بخاصية الموصلات الكهربائية العالية كالنحاس والمواد العازلة من الكهرباء مثل البلاستيك.
أضاف الدكتور قاسم ان تلك الالواح شبيهة بما يستخدم في التقنيات الالكترونية الدقيقة مثل «الترانزستور» وتصنع بطريقة خاصة بغية زيادة قدرتها على استقبال الأشعة الشمسية لهدف زيادة كفاءة القدرة التحويلية من الطاقة الشمسية الى الطاقة الكهربائية وهو ما يعرف بالكفاءة.
وعن كيفية تحديد الكفاءة للألواح الكهروضوئية بين ان ذلك يتم وفقا لمعايير محددة عالميا بغية تعميم نظام موحد يحكم الجهات المنتجة عند البيع لمنتجاتهم من الألواح الكهروضوئية «وتختلف أنواع التقنيات المتواجدة للأنظمة الكهروضوئية من حيث المواد المصنعة وطريقة التصنيع ما يؤدي الى اختلاف كفاءة الألواح الكهروضوئية المنتجة».
وأشار الى أن الالواح الكهروضوئية المصنعة من مادة السليكون الكرستالية تتميز بكفاءة انتاجية عالية «بين 14 و19 في المئة» مقارنة بالألواح الكهروضوئية الرقيقة المصنعة من مواد أخرى كمادة السليكون غير المتبلورة «بين 9 و13 في المئة».
وذكر الدكتور قاسم ان التكلفة الانتاجية تختلف بالنسبة لكل نوع من الألواح الكهروضوئية في وقت تعتبر الالواح الكهروضوئية الكرستالية الاعلى تكلفة مقارنة مع التقنيات الأخرى مستعرضا طريقتي استغلال الأنظمة الكهروضوئية لتوليد الطاقة الكهربائية الاولى هي الانظمة الكهروضوئية المستقلة والثانية الأنظمة الكهروضوئية المرتبطة بالشبكة الكهربائية.
وقال ان الطريقة الاولى تعتمد مبدأ استغلال الأنظمة الكهروضوئية لتخزين الطاقة واستغلالها عند الحاجة كالبطاريات وتستخدم هذه الطريقة لتشغيل أجهزة كهربائية صغيرة كالاضاءة ومضخات المياه بسبب ضعف قدرة التخزين للتقنيات الحالية ما يحد من حجم القدرة الانتاجية لاستخدام الأنظمة الكهروضوئية المستقلة وعادة ما تستخدم للأماكن المعزولة حيث ترتفع تكلفة انتاج الكهرباء بالطرق التقليدية بسبب بعد المسافة.
أما الطريقة الاخرى ووفقا للدكتور قاسم فهي الاكثر شيوعا لاستخدام الأنظمة الكهروضوئية من حيث الانتشار عالميا وذلك بسبب عدم الحاجة الى تخزين الطاقة حيث الطاقة المنتجة من الأنظمة الكهروضوئية ترحل مباشرة الى شبكة الكهرباء وتستغل هذه الطريقة لبناء محطات انتاج الطاقة الكهربائية بالأنظمة الكهروضوئية.
ولفت الى أن هذه الطريقة تستخدم أيضا في المنازل حيث تستخدم الطاقة المنتجة لتغطية جزء من الاستهلاك المحلي للمنزل وبيع الفائض «في حالة وجود دعم حكومي» على المؤسسة الحكومية أو الخاصة المنتجة.
وأشار الى أن مبدأ التكلفة والكفاءة المحددة النسبية وعند التصنيع والنسبة الانتاجية لدى الاستخدام الفعلي للأنظمة «كيلووات في الساعة لكل كيلوواط» يحدد مدى جدوى استخدام الأنظمة الكهروضوئية «فكلما زادت كمية الطاقة الشمسية المتاحة وزادت الكفاءة المحددة زادت النسبة الانتاجية للطاقة الكهربائية».
وعن الجدوى الاقتصادية لذلك أشار الى ارتباطها باستخدام الانظمة الكهروضوئية بشكل أساسي وفقا لسعر الطاقة الكهربائية المحلية في البلد المراد استخدام تلك الطاقة فيها «حيث يكون استخدام الانظمة الكهروضوئية مجديا اذا كان سعر الطاقة الكهربائية المنتجة منها أقل من سعر تلك المنتجة محليا بالطرق التقليدية وتعد هذه النقطة هدفا ودافعا رئيسيين للشركات المنتجة لتطوير تقنياتها لزيادة الكفاءة وخفض التكلفة».
ولفت الدكتور قاسم الى دراسات علمية عدة أثبتت ان كفاءة الألواح الكهروضوئية تنخفض بارتفاع درجة الحرارة اذ يؤدي ذلك الى انخفاض الانتاجية لقدرة الألواح الكهروضوئية بنسبة تقريبية بمعدل «0.24 في المئة الى 0.4 في المئة» لكل درجة مئوية ابتداء من 25 درجة مئوية.
وذكر ان هذه الدراسات أثبتت أيضا وجود علاقة مباشرة بين تلف الخلايا الكهروضوئية وارتفاع درجة الحرارة خلافا لما هو شائع حيث تؤثر الحرارة فقط على خفض القدرة الانتاجية دون ان تعمل على تلف الخلايا بأي شكل من الأشكال مبينا ان معدل تأثر الألواح الكهروضوئية بالحرارة يعد من المتغيرات المتوقعة والمقبولة لنوعية التقنيات المتاحة لانتاج الخلايا الكهروضوئية.
وتناول الدكتور قاسم في موازاة ذلك دراسات عالمية ومحلية أثبتت تأثير الغبار على خفض كفاءة الانتاج في الألواح الكهروضوئية الى ما نسبته 32 في المئة في الكويت مع وجود مؤشرات تربط تلف الخلايا الكهروضوئية بحالات خاصة من ترسب الغبار.
وأشار في هذه الحالة الى وجوب اتباع استراتيجية خاصة للتنظيف للحد من خفض الكفاءة الانتاجية الناجمة عن ترسبات الغبار لرفع كفاءة الانتاج للمعدل الطبيعي وحماية الألواح الكهروضوئية من التلف.