
قالت ادارة الفتوى والتشريع ان الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية اخيرا بشأن عدم دستورية المرسوم بقانون «رقم 21/2012» بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات لم يكن لخطأ اجرائي ساهمت به الادارة وانما لعدم توافر أسباب ومبررات الضرورة لاصداره التي قررتها الوزارة المعنية آنذاك دون تقدير أو رقابة من الادارة.
وأضافت الادارة في بيان صحافي أمس ردا على بعض الآراء التي تناولت أداءها بالنقد بشأن مرسوم اللجنة الوطنية العليا للانتخابات ومبررات ضرورة استصداره وحملتها مسؤولية الحكم بعدم دستوريته «ان الادارة لا تقدر ظروف ومبررات مراسيم الضرورة بل ان واجباتها الدستورية والقانونية تنحصر في بذل العناية اللازمة والكافية وليس بتحقيق نتيجة لا تملكها ولا تستطيع فرضها على المحاكم» مؤكدة انها «أدت واجبها على أكمل وجه».
وذكرت ان مشروع المرسوم بقانون سالف الذكر ومذكرته الايضاحية التي نصت على مبررات الضرورة في اصداره «قد وردا من الوزارة المعنية الى الفتوى والتشريع لمراجعته من الناحية القانونية كالمعتاد في مثل هذه الحالة».
واضافت ان ذلك قد تم وأعيد المشروع ومذكرته الايضاحية إلى الوزارة المشار اليها بكتاب رسمي بينت فيه الادارة أنه تمت المراجعة والصياغة من الناحية القانونية فقط بناء على مبررات الضرورة التي ذكرتها الوزارة في المذكرة الإيضاحية المرافقة للمشروع والمعدة من قبلها.
ولفتت «الفتوى والتشريع» الى صدور المرسوم بقانون سالف الذكر بعد تلك المراجعة «وانه في أعقاب ذلك أجريت انتخابات مجلس الامة في 1/12/2012 بإشراف اللجنة الوطنية العليا للانتخابات المنشأة بالمرسوم بقانون المنوه عنه». وبينت انه قد تم الطعن على هذه الانتخابات أمام المحكمة الدستورية متضمنا ثلاثة طلبات الاول طلب الحكم بإبطال المرسوم رقم 241 لسنة 2012 بحل مجلس الامة 2009 لكونه جاء بناء على طلب وزارة لم تؤد اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة بما يستتبع بطلان المرسوم رقم 258 لسنة 2012 بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة الذي صدر بناء على هذا الإجراء الباطل.
وقالت ان الثاني يتمثل بطلب الحكم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 «الذي فرض على الناخب اختيار مرشح واحد بدلا من أربعة من قائمة مرشحي كل دائرة انتخابية» أو ما يعرف ب»مرسوم الصوت الواحد».
وأشارت الى ان الثالث هو طلب الحكم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات التي تشكلت من كبار المستشارين بالقضاء للاشراف على الانتخابات المزمع اجراؤها بعد حل مجلس «أمة 2009» ومن ثم ابطال عملية الانتخاب التي أشرفت عليها والتي أجريت في أول ديسمبر 2012 وما يترتب عليها من انتخاب لأعضاء مجلس الأمة».
وقالت ادارة الفتوى والتشريع في بيانها انها وردا على هذه الطعون فقد أودعت مذكرتين في كل طعن منها التزاما بواجباتها في الدفاع عن الدولة «الاولى من أكثر من 40 صفحة والثانية من نحو 20 صفحة عرضت فيهما الرأي الدستوري والقانوني المؤيد والمساند لوجهة نظر الحكومة».
وأضافت انها طلبت في ختام المذكرتين أمرين الاول «الحكم بعدم اختصاص المحكمة الدستورية وسائر المحاكم ولائيا بنظر الطعون كافة مستندة في ذلك الى أن المسائل المطروحة في الطعون تدخل في دائرة الأمور السياسية المتعلقة بأعمال السيادة التي استقرت على عدم اختصاص سائر المحاكم بنظرها ذات المحكمة الدستورية الكويتية في حكمها الصادر عام 1982 اضافة الى الفقه والقضاء الدستوري المقارن في دول العالم وعلى رأس ذلك المحكمة الدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية».
وذكرت ان الامر الثاني فهو «رفض سائر الطعون من الناحية الموضوعية لأن المراسيم والمراسيم بالقوانين المطعون فيها متفقة مع أحكام الدستور والقانون حيث صدرت جميعها لمعالجة أوضاع خطيرة وطارئة عايشها ويعلمها الكافة استوجبت في عقيدة المسؤولين السياسيين بالدولة لزوم التدخل الحاسم منهم لمعالجتها عن طريق المراسيم والمراسيم بالقوانين المطعون فيها».
واستطردت ادارة الفتوى والتشريع قائلة «ثم صدرت الاحكام في الطعون السابقة من المحكمة الدستورية في 16/6/2012 التي عدلت عن قضائها السابق عام 1982 سالف الذكر وقضت أولا باختصاصها بالفصل في هذه الطعون ومن ثم قبولها شكلا وثانيا برفض الطعن بعدم دستورية المرسوم بالقانون 20 لسنة 2012 «مرسوم الصوت الواحد»».
وأضافت ان المحكمة قضت ثالثا بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات ومن ثم ابطال عملية الانتخاب التي تمت في 1/12/2012 برمتها في الدوائر الخمس وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها وبالتالي ابطال مجلس الأمة الناتج عن تلك الانتخابات كما قضت في أسباب حكمها أيضا بصحة المرسومين رقم 241 بحل مجلس أمة 2009 ورقم 258 لسنة 2012 بدعوة الناخبين الى الانتخاب
وقالت الادارة ان المحكمة الدستورية أقامت قضاءها بصحة المرسوم بقانون الصوت الواحد «20/2012» على أساس ان الظروف والأحوال السائدة وقت صدوره تمثل حالة ضرورة استوجبت ذلك في حين قضت بعدم صحة المرسوم بقانون انشاء اللجنة العليا للانتخابات «21/2012» على أساس أن ذات الظروف والأحوال السابقة السائدة وقت صدوره لا تمثل حالة ضرورة ولا تستوجب إصداره وأضافت «وبالتالي تكون المحكمة الدستورية قد أقامت قضاءها السابق على أساس تقديرها هي لما اذا كانت الظروف والأحوال السائدة وقت صدور المرسومين بقانونين سالفي الذكر تعتبر من قبيل حالة الضرورة من عدمه فإنتهت إلى أن تلك الظروف والأحوال تعتبر حالة ضرورة تؤيد اصدار الاول ولا تتوافق مع اصدار الثاني لكونها لا تدخل ضمن حالة الضرورة».
وتابعت «من المسلم به ان تقييم وجود حالة الضرورة من عدمه هو أمر تستقل به وتجريه المحكمة الدستورية على أساس فهمها وتقديرها هي للوقائع والظروف والأحداث المواكبة لاصدار المراسيم بقوانين محل الطعون الانتخابية المطروحة عليها ومن ثم يكون تقدير وجود أو عدم وجود حالة الضرورة أمرا يتعلق بالواقع وليس بالقانون».
وقالت الادارة انه «على ذلك يكون القضاء بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 وما ترتب عليه من آثار ببطلان عملية الانتخاب في 1/12/2012 وبالتالي بطلان مجلس الامة الناتج عن هذه الانتخابات الباطلة قائما ليس على وجود خطأ اجرائي في اصداره أو عيب يتعلق بمخالفته لاحكام الدستور أو القانون مما لا تختص الفتوى بمراجعته والتأكد من وجوده وانما على تقدير المحكمة الدستورية للوقائع والظروف والاحداث المواكبة لصدوره أي على أمور واقعية تختلف في تقديرها وجهات النظر «.
ولفتت الى ان «من المعلوم للكافة ان الامور الواقعية المرتبطة بالوقائع والظروف والاحداث تستقل بالتحقق من وجودها الجهات المسؤولة ذات الصلة في الدولة وتقدر على ضوئها ونزولا على مقتضياتها وضروراتها مدى الحاجة إلى وجوب تدخلها لمواجهتها ودرء مفاسدها حفاظا على المصالح العليا للدولة».
وقالت «لما كانت ادارة الفتوى والتشريع بحكم قانون انشائها وكما هو معلوم للجميع لا صلة لها بتقدير الامور الواقعية سالفة الذكر وما اذا كانت تعتبر من قبيل حالة الضرورة الملجئة الى اصدار مراسيم الضرورة من عدمه إذ ينحصر كل اختصاصها في الامور القانونية دون غيرها ولا تراقب أو تراجع أو تقدر ظروف ومبررات اصدارها فمن ثم لا يجوز تحميل الفتوى والتشريع بأمر خارج عن نطاق اختصاصها الدستوري والقانوني».
وأكدت الادارة انها أدت واجبها القانوني كاملا سواء في مراجعة المرسوم بقانون 21 لسنة 2012 من الناحية القانونية التي ينحصر فيها اختصاصها أو في الدفاع عن المرسوم بقانون المنوه عنه أمام المحاكم وفصلت أوجه توافقه مع الدستور والقانون وأبانت أن الظروف والاحوال التي صاحبت اصداره قد استوجبت وفقا لرؤية وتقدير الوزارة المعنية وجوب التدخل لدرء الاخطار والنتائج السلبية له على ما سطر في المذكرة الإيضاحية المرافقة له المعدة بمعرفة هؤلاء المسؤولين في تلك الوزارة الذين قدروا وجود حالة الضرورة الملجئة الى اصداره آنذاك وهو التقدير الذي التفتت عنه المحكمة الدستورية.
وأضافت انه «لا يجوز أن تسأل الفتوى والتشريع عن عدم استجابة المحكمة لرأي الوزارة المعنية القائل بوجود حالة ضرورة لاصداره وهو الرأي الذي دافعت عنه الادارة أمام المحكمة الدستورية لأن ذلك منوط بتقدير المحكمة وحدها ولا تعقيب عليها في ذلك لا سيما أن حكمها غير قابل للطعن عليه».
وتابعت «الفتوى والتشريع» أنه «لا مجال ولا وجه للنيل من أداء الادارة لاختصاصاتها المنوطة بها قانونا حيث لم تنسب المحكمة للمرسوم بقانون 21/2012 المقضي بعدم دستوريته أي عيب اجرائي أو ثمة مخالفة للدستور والقانون مما يقع ضمن نطاق اختصاص الفتوى والتشريع وانما لعيب يتعلق بتقدير الظروف والاحداث والمبررات الواقعية الذي استقلت الوزارة المعنية به».
وجددت التأكيد انها ادت واجبها على أكمل وجه بناء على ما هو مسلم به قانونا من أن واجباتها الدستورية والقانونية تنحصر في بذل العناية اللازمة والكافية وليس بتحقيق نتيجة لا تملكها ولا تستطيع فرضها على المحاكم.
وأشارت في هذا السياق الى أن ما قضت به المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية المرسوم بقانون 21/2012 كان لعدم توافر أسباب ومبررات الضرورة لاصداره التي قررتها الوزارة المعنية آنذاك دون تقدير أو رقابة من الفتوى والتشريع عليها في ذلك ولم يكن نتيجة أي خطأ إجرائي ساهمت به الادارة.