
أجرى مركز «اتجاهات» للدراسات والبحوث الذي يترأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة تحليل خطاب سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه الموجه الى الشعب الكويتي بمناسبة العشر الاواخر من رمضان، وفقا لأسلوب تحليل المحتوى content analysis وهو الأسلوب الشائع في دراسة النصوص المكتوبة في الأدبيات الإعلامية والكتابات السياسية، في إطار المنهج الوصفي التحليلي، حيث تم التحليل «الكيفي» لفقرات الخطاب البالغ عددها 15 فقرة، بحيث تعكس كل فقرة فكرة محددة سواء كانت مستقلة بذاتها أو تابعة لغيرها، بإجمالي عدد كلمات 792 كلمة، وهو ما يهدف بدرجة أساسية إلى التعرف على القضايا الداخلية والقيم السياسية لسمو الأمير خلال المرحلة الراهنة.
واشار اتجاهات ان تحليل الخطاب اعتمد على مدخلين أساسين للمعالجة المنهجية، أولهما الوصف الغرضي من خلال قراءة النصوص الواردة في الخطاب ووصف ما جاء فيها من أغراض محددة وتوجهات حاكمة عن طريق الاستشهاد ببعض المقاطع المختارة. أما المدخل الأخر هو التحليل الغرضي الذي يميل إلى جعل التحليل عملية مركبة تتضمن أبعاد مختلفة.
اوضح التقرير ان الخطاب الأميري السامي ركز على فئتين أساسيتين هما: فئة الموضوع، ويقصد بها القضية التي تعبر عنها المفردة سواء كانت كلمة أو عبارة أو جملة. إن فئة القضايا كما هو واضح من أسمها تعني القضية الملموسة، مثل تعميق الممارسات الإيمانية وتعزيز الوحدة الوطنية وتطوير المسؤولية المجتمعية في بناء كويت الدولة وإرساء دعائم البنية المؤسسية والحفاظ على المسيرة الديمقراطية والترحم على أرواح بناة الوطن وتماسك الدول الإسلامية. أما الفئة الأخرى فهي فئة القيم،وتضم هذه الفئة المعاني المجردة سواء كانت مرغوبة مثلالأمن والسلام والرقي والنماء والرخاء والتسامح والعفووالمحبة والتواد أو قيم غير مرغوبة (مرفوضة) مثل بث الفتنة أو العبث بالوحدة الوطنية أو تمزيق النسيج الاجتماعي.
افاد اتجاهات ان سمو الأمير تطرق في خطابه سواء في بدايته أو قرب نهايته إلى التهنئة لكل أفراد الشعب الكويتي بمناسبةقدوم شهر رمضان والعشر الأواخر منه، فضلا عن الإشارة بشكل مكثف إلى الممارسات الإيمانية والعبادات خلال الشهر الفضيل من صوم وصلاة وقيام وزكاة وصالح أعمال، حيث تتزايد الطاعات وتتضاعف الحسنات.
القيم السامية
واكد التقرير ان هناك منظومة من القيم السامية الحاكمة لفكر سمو الأمير وهي القيم الروحية التي يستلهمها مما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي صارت ركائز أساسية في تكوينه الفكري، وتتمثل بدرجة أساسية في الاتحاد الوطني والعلم الراقي والعمل الجماعي والتواصل الإنساني والتكافل الاجتماعي والتمسك القانوني والصفاء النفسي والتوجه الإغاثي للغيروالتسامح الفكري، وهو ما دعا سموه إلى إصدار عفو أميري عمن صدرت بحقهم أحكام نهائية في القضايا المتعلقة بالمساس بالذات الأميرية، على نحو يشير إلى وجود درجة عالية من السمو للأمير فوق التجاوزات بحقه كحاكم ووالد للجميع، حتى من الأشخاص ليس فقط المنتقدة لأداء سلطاته وإنما المسيئة لذاته المصونة دستوريا وقانونيا.
ونوه اتجاهات ان الانشغال بالهم الوطني ومحارية التوجه الطائفي استحوذ على الاهتمام الأول لسمو الأمير في خطابه، على نحو ما تعبر عنه الكلمات التالية مثل «يحفظ بلدنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن» و «المسؤولية الوطنية» و «تعميق وحدتنا الوطنية» و «ثوابتنا الوطنية» و «الولاء للوطن» و «يديم على الأوطان الإسلامية الأمن والاستقرار» و «يظل وطننا الغالي واحة أمن وسلام» وغيرها من العبارات التي تعبر عن المكانة المركزية للوطن في فكر سمو الأمير, ويهدف سموه من التأكيد في خطابه على تلك العبارات إلى الدعوة لتحقيق الوفاق الوطني والحفاظ على اللحمة الاجتماعية لمواطنيها.
تطرق سمو الأمير إلى ضرورة إدارة الاختلافات القائمة بين أبناء المجتمع الكويتي بطريقة سلمية، مهما كان حجمها, وهو ما دعا سموه إلى المطالبة بـ «طرح كل قضايانا الوطنية ومناقشتها في موضوعية دونما تجريح أو اتهام عن طريق تبادل الرأي الهادف للوصول إلى أفضل الحلول لها بدلا من الاختلاف الدائم الذي لا طائل من ورائه سوى بث روح الفرقة والتعصب». وفقا لرؤية سمو الأمير، فإن الأوطان تبنى على السواعد المجتمعية، بدون فوارق تمييزية بين حكومة ومعارضة، أفراد ومؤسسات، وهو ما يتحقق عبر دفع مسيرة التنمية والعمل الدؤوب. وقد عبر سموه عن تقاطع المسئولياتفي خطابه بالقول «تستمر سواعدنا قوية لبناء وطننا الكويت ورعاية الأمانة التي حافظ عليها الأبناء والأجداد لتسليمها للأبناء والأحفاد». أشار سمو الامير في خطابه إلى أهمية دور فئة الشباب في المجتمع الكويتي، خلال المرحلة المقبلة، وهو ما برز في عبارات محددة منها التركيز على انعقاد المؤتمر الوطني للشباب في مارس الماضي تحت شعار «الكويت تسمع»، والانتقال من التشخيص إلى الإسراع في التنفيذ، والتحول من الشعارات والتوصيات إلى الأفعال والممارسات، لاسيما كما ذكر سمو الأمير «أن الهدف من المشروع الوطني للشباب هو الاهتمام ورعاية هذا الجيل الواعد واشراكهم في صنع القرار». كما تحدث سمو الأمير أيضا في خطابه عن المسيرة الديمقراطيةعبر مؤشرات محددة وهي دستور ديمقراطي ومجلس نيابي منتخب وقضاء نزيه وإعلام منفتح، لدرجة أن الكويت تصنف في الأدبيات الغربية بأنها أحدى الدول «شبه الديمقراطية» القليلة في المنطقة العربية. غير أنه لا يمكن للديمقراطية السياسية أن تحقق تأثيراتها بدون الخطط التنموية والمشروعات الاقتصادية وهو ما يساور التفاؤل لسموه بالحدوث بالقول «أن يكون أعضاء مجلس الأمة عند حسن الظن بهم لتحمل الأمانة والمسئولية التي ألقيت على عاتقهم للعمل على تحقيق طموحات المواطنين والإسراع بإنجاز الخدمات العامة المقدمة للمواطنين».