
مثلت نشأة بلدية الكويت عام 1930 الفرصة الاولى للكويتيين لممارسة التجربة الديمقراطية حيث اختاروا أعضاء المجلس البلدي عبر الانتخابات في محطة مهمة تتجدد هذه الايام على أعتاب انتخابات المجلس البلدي الـ11 المقرر اجراؤها في 28 سبتمبر الجاري.
وقال أستاذ التاريخ الحديث في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية التربية الاساسية الدكتور موسى الغضبان في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية «كونا» أمس ان الانتخابات البلدية تعتبر من التجارب الثرية التي أسسها رواد الجيل الماضي في ثلاثينيات القرن الماضي والذين نفخر ونعتز بهم.
وأضاف الدكتور الغضبان ان تاريخ المؤسسات في الكويت هو من أسس البنية التحتية لنهضة الكويت الحديثة والحديث عن المجلس البلدي استحضار لذلك الماضي لجعله أساسا لأي مشاريع تهدف إلى تحقيق التنمية والتطور اضافة إلى أنه يمثل اعتزازا بالجيل السابق.
وذكر ان نشأة البلدية كانت باقتراح قدم من الشيخ يوسف بن عيسى القناعي للامير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمهما الله بعد أن قام القناعي بزيارة الى البحرين اطلع خلالها على نظام البلدية هناك وأعجبه ما رآه وتمنى أن ينفذ ذلك في الكويت.
وبين أن البلدية انحصرت مهامها بداية في الاهتمام بالصحة وأمور المجتمع وفي سنة 1931 صدر أول قانون لبلدية الكويت حدد فيه عدد أعضاء المجلس بـ 12 عضوا ورئيس من الاسرة الحاكمة وقبل نهاية الثلاثينيات ظهرت وظيفة مدير البلدية ووظائف أخرى متصلة بها وتطورت مهامها لتشمل العديد من الخدمات والامور الفنية.
ولفت الى ان المادة الاولى من القانون نصت على أن يتألف المجلس البلدي من 12 عضوا اضافة الى الرئيس وحددت المادة الثانية أن يكون الرئيس من آل الصباح كما حددت المادة الثالثة من يحق لهم الانتخاب وحدد القانون أيضا مهام البلدية واختصاصاتها.
وبين الدكتور الغضبان ان المجلس البلدي تشكل بعد اجراء الانتخابات عام 1932 من كل من يوسف بن عيسى القناعي ومشعان الخضير الخالد وسليمان خالد العدساني وعلي السيد سليمان ومحمد أحمد الغانم ونصف بن يوسف النصف وزيد سيد محمد وأحمد معرفي وحمد الداود المرزوق ومرزوق الداود البدر ومشاري الحسين البدر ويوسف الصالح الحميضي.
وأشار الى ان هؤلاء الاعضاء انتخبوا سليمان العدساني مديرا للبلدية وأسندت رئاسة الشرف الى الشيخ عبدالله الجابر الصباح وتلت انتخابات البلدية انتخابات لدوائر المعارف والصحة والاوقاف وكان لتلك الانتخابات أثرها الكبير في زيادة الوعي لمبدأ المشورة والمشاركة بتنظيم شؤون الدولة من خلال مؤسسات الدولة.
وذكر ان مهام البلدية تطورت وتعددت اختصاصاتها فكانت عبارة عن مجلس وزراء مصغر يقوم بمهام كل الوزارات في وقتنا الراهن وهي مهام بسيطة تتلاءم مع المجتمع الكويتي آنذاك مضيفا أنه في عام 1938 تم انتخاب المجلس التشريعي الذي استمر ستة أشهر فقط.
ولفت الى أن ذلك المجلس أصبح مهيمنا مع مختلف مجالس الخدمات ومنها المجلس البلدي الذي قلت صلاحياته وأصبح بعض أعضائه أعضاء في المجلس التشريعي دون الجمع بين العضويتين وكان مجلس 1938 هو المرجع الأخير لقرارات المجلس البلدي.
وقال الدكتور الغضبان انه في عام 1940 ظهر الجهاز التنفيذي للبلدية وتطور الجهاز الاداري وبرزت وظائف جديدة في بلدية الكويت منها رئيس الكتاب ونائب المدير وهيئة للكشف على البيوت ورقابة دفاتر الحسابات والرسوم والضرائب وتطورت رواتب الموظفين وشكلت في عام 1947 لجنة للنظر في جداول رواتبهم.
وبين انه في عام 1950 تولى الحكم الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله وظهرت معه الدخول البترولية المرتفعة واتجاهه لبناء الكويت بناء عمرانيا وقانونيا واداريا حيث قرر تأسيس العديد من المجالس التي تأخذ على عاتقها تطوير الكويت وتنفيذ البرامج العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والعمل. وذكر من أهم هذه المجالس مجلس الانشاء الذي ظهر عام 1952 باقتراح من المستر كرايتون وكانت مهمته الأساسية تخطيط البلاد ودراسة مشاريع التنمية في الكويت في ظل الطفرة المالية وكان هذا المجلس من الناحية السياسية محاولة لتخفيف التدخلات البريطانية في شؤون البلاد الداخلية.