أقام مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت ورشة عمل حول «دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ظل التغيرات الحالية»، بمشاركة أستاذ الجغرافيا في كلية العلوم الاجتماعية د.وليد المنيس، أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية د.شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية د.حسن جوهر، أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب د.سعد بن طفلة العجمي، أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم الإدارية د.عباس المجرن، وأستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم الاجتماعية د.إبراهيم الهدبان، وأدار النقاش عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي سليمان ماجد الشاهين، وقد حضر هذه الورشة نُخبة من أعضاء هيئة التدريس من ذوي الخبرة في الشأن الخليجي، وتطرقت الورشة إلى عدد من القضايا المُهمة التي ترتبط بالمسيرة الخليجية بشكل أو بآخر، وأبرز ما جاء في هذه الورشة من رؤى وتصورات حسب ما قدمه المشاركون هي:
أولاً: ضرورة المضي بالوحدة الكونفدرالية الخليجية التي تشكلت أساساتها عسكريا بدرع الجزيرة واقتصاديا بإعلان السوق الخليجية الاقتصادية المشتركة وسياسيا بالأمانة العامة للمجلس التي يمكن أن تتحول إلى مفوضية دائمة على غرار الاتحاد الأوروبي.
ثانياً: العمل على خلق آليات تتعامل مع عدم تنفيذ قرارات القمم الخليجية ومحاسبة الأجهزة التنفيذية التي تقصر في عملية التنفيذ كبرلمان خليجي قد يكون معينا في البداية - تفعيل لجنة فض المنازعات وتطويرها لمحكمة عدل خليجية تفض الخلافات التي قد تنشأ بين الدول الأعضاء.
ثالثاً: ارتبطت نشأة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو 1981م بالهاجس الأمني الإقليمي السائد حينذاك، ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على ذلك، لا يزال الهاجس الأمني هو المحرك الفاعل والرئيسي الذي يحفز المجلس على الإسراع في انجاز بعض مستحقات التعاون بين أعضائه على أصعدة الاقتصاد والاستحقاقات المجتمعية، وإدراكاً لأهمية التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، والذي من شأنه تعزيز حزمة المنافع التنموية الحقيقية التي تشكل الضمانة الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار الداخلي ومن ثم دعم القدرة على مواجهة الأخطار الخارجية، بات من الضروري أن تصبح هذه المنافع التنموية هي الدافع والمحرك الأساسي لمسيرة المجلس وانجازاته، بدلا من الهواجس والمخاطر الأمنية.
رابعاً: على مدى العقود الثلاثة الماضية، ورغم جهود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على اتساعها وتشعبها وتعدد وثائقها في دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، إلا أن الجهد التنموي والاقتصادي ظل متسما بالانفرادية والتنافسية، بدلا من التناغم والتكامل مما أدى إلى اتساع فجوة الفوارق بين الدول الأعضاء سواء في مراحل النمو أو طبيعة السياسات الاقتصادية الداخلية. وقد أدى ذلك إلى قيام مراكز استقطاب اقتصادي رئيسية «مثل الرياض ودبي والدوحة» وهو ما يزيد من احتمالية تباين منافع الوحدة الاقتصادية حيث تملك مراكز الاستقطاب قدرة عالية على جذب الاستثمارات الخليجية والدولية، وهذا أمر قد يزيد من تكلفة التقارب الخليجي على مراكز أخرى داخل دول منظومة التعاون. وتتطلب معالجة هذا الهاجس إتباع سياسة ترمي إلى إعادة توزيع عوائد النمو بين الدول الأعضاء من خلال تخصص كل مركز من مراكز الاستقطاب الحالية أو المحتملة في أنشطة اقتصادية محددة، مما يضاعف ويعزز من فرص التكامل الاقتصادي في المستقبل.
خامساً: من شأن القراءة المتأنية للمخاطر المحتملة المتمثلة في الضغط التراجعي على أسعار النفط الخام أو تسارع الخطى باتجاه بدائل الطاقة، أن تحفز دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى المبادرة باتخاذ قرارات إستراتيجية واستباقية، تعيد رسم الخارطة الاقتصادية لدول المجلس على أسس تكاملية وعلاقات تشابكية، تنقلها من دائرتي الاعتماد المفرط على النفط والانكشاف الكبير على الخارج إلى اعتماد بيني متبادل يستند إلى تحقيق وفورات التخصص واقتصاديات الحجم الكبير.
سادساً: هناك درجة عالية من التفاوت بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التعامل والتفاعل مع الاستحقاقات التي تفرضها تحولات الحراك العربي الراهن، كما تتباين درجة التناسق أو التناغم بين سياسات هذه الدول تجاه التحديات الاقتصادية وتجاه التحولات السياسية على حد سواء، ويستدعي هذا التباين إطلاق مشروع حوار خليجي-خليجي يتسم بدرجة عالية من الشفافية من أجل إعادة تنسيق السياسات الخارجية وتعزيز التوافق حول أهداف ومرئيات مجلس التعاون من الحراك العربي. وإذ تشكل دول المجلس لاعباً رئيسياً في ساحة التحولات العربية، فإن من المرجح أن تواجه دول المجلس في السنوات المقبلة، أعباء زيادة هائلة في التزاماتها تجاه دول «الربيع العربي»، وهي التزامات لابد من الوفاء بها، لأن لدول مجلس التعاون كافة مصلحة حقيقية في دعم استقرار ورخاء دول الربيع العربي وتحولها نحو الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، إذ لاشك في أن استقرار دول المجلس مرهون باستقرار محيطها العربي.
سابعاً: إن مجلس التعاون مؤسسة سياسية لا غنى عنها في جميع الأحوال وهي من أبرز الوسائل لتحقيق التقارب المرحلي المطلوب بين دول المجلس.
ثامناً: إن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي هو انتقال طبيعي متصور ومتوقع من مرحلة مجلس التعاون وهي من أبرز المراحل المتوقعة المنشودة لوجود التماثل الثقافي والتاريخ المشترك.
تاسعاً: من الضروري أن يكون هناك جهة رسمية تمثل المجلس تتولى توحيد الردود لتوضيح وجهة نظر المجلس تجاه القضايا الإقليمية والعالمية منعا لتضارب التفسيرات والتحليلات تجاهها.
عاشراً: لابد من تحقيق وتوفير أسباب القوة الأمنية والعسكرية والسياسية الكفيلة بتحقيق الأمن الفردي والجماعي لمواطني دول المجلس بعيدا عن تقلبات المعاهدات الأمنية مع القوى الكبرى.
حادي عشر: تقوية الصلات والانفتاح بين مواطني المجلس وتسهيل بيئة المبادرة والاستثمار بين دوله بما يسهل الحراك الحضري والاستثماري بين دول المجلس.
ثاني عشر: تحقيق المبادرة والمناورة الاقتصادية المناسبة مع الأوضاع الحالية مع التغير في أسعار النفط ودخول دول جديدة في ميدان الإنتاج ودخول النفط الصخري الذي سيغير معادلات كثيرة. ثالث عشر: الاستفادة من الفرص السانحة من تحول استثمارات الغرب نحو الشرق الأقصى وتحول استثمارات الشرق الأقصى نحو الغرب بالنظر إلى كون دول المجلس ملتقى هذه الصلات ومحطة الانتقال فيما بين الإقليمين.
رابع عشر: الحفاظ على الهوية العربية أمام أمواج العولمة عن طريق تقوية الثقافة العربية بالاستفادة من تراثنا العربي الإسلامي الأصيل.
خامس عشر: ضرورة تكوين إستراتيجية توحيد الرؤى تجاه المشاكل الراهنة في العالم العربي والعالم منعا للتفرد والعزلة والتناقض أو التفرد والمبادرات الفردية.
سادس عشر: تأصيل دبلوماسية القمم والربط الإقليمي والعالمي في الدعوة إلى المؤتمرات لإظهار سياسة المجلس وتوسيع مظلته السياسية وجمع العالم حوله والاعتداد بحوكمته.
سابع عشر: التأكيد على تأصيل التعاون البيني وتقويته للانتقال من مرحلة الهاجس الأمني إلى مرحلة المعايشة والتفاعل والمبادرة.
ثامن عشر: تطوير المشاريع التي تستوعب الطاقة الشبابية باعتبار أن 65 في المئة من سكان دول المجلس من هذه الشريحة العمرية.
تاسع عشر: التأكيد على ضرورة دمج وصهر كافة قطاعات المُجتمع وشرائحه تحت مظلة الدولة، والعمل على خلق وتعزيز مبادئ المشاورة والنُصح المُتبادل استمداداً بالتُراث والتاريخ.
عشرون: زيادة الإنفاق على عملية التنمية بموازنة مع الإنفاق الكبير على عملية التسلُح.