
بهدف التأكد من شفافية ونزاهة الانتخابات التكميلية لمجلس الأمة في الفصل التشريعي الرابع والتي ظهرت نتائجها صباح يوم الجمعة الماضي لاختيار خمسة نواب من بين المرشحين في الدوائر الانتخابية الثانية والثالثة والرابعة, فقد قامت المفوضية الأهلية لشفافية الانتخابات التابعة لجمعية الشفافية الكويتية بتشكيل فريق مراقبة محلي، بهدف التأكد من نزاهة الانتخابات وتقييم الممارسة الانتخابية، وتأتي هذه الانتخابات - وهي العاشرة في تاريخ الحياة النيابية في الكويت - في أعقاب تقديم خمسة نواب استقالاتهم وإعلان خلو مقاعدهم، وهم: السيد رياض العدساني والدكتور عبدالكريم الكندري والدكتور حسين القويعان والسيد علي الراشد والسيدة صفاء الهاشم.
وخلال هذا الموسم الانتخابي تواصلت المفوضية الأهلية لشفافية الانتخابات مع اللجان العليا المشكلة من العديد من الجهات العامة لإدارة العملية الانتخابية بهدف التنسيق في المسائل المشتركة وتزويدهم بملاحظات المفوضية حول سير العملية الانتخابية منذ صدور قرار وزير الداخلية بدعوة المرشحين والناخبين للانتخابات التكميلية وحتى إعلان النتائج النهائية من اللجنة القضائية.
وقد لاحظت المفوضية وجود مقاطعة عن المشاركة في الانتخابات ترشيحا وانتخابا من قبل عدد ليس بقليل من الناخبين، معظمهم قرروا مقاطعة الانتخابات منذ تم تغيير نظام التصويت إلى صوت واحد لكل ناخب بدلا من أربعة أصوات، وقد زاد على المقاطعين شرائح محسوبة على المستقيلين الخمسة مؤخرا.
في المقابل، قام فريق المراقبة المحلي بزيارة مقار الاقتراع في الدوائر الانتخابية الثلاث، وخرج بمجموعة من الملاحظات التي تم ذكرها تفصيلا في هذا التقرير.. وهي ملاحظات لا تخدش في نزاهة عملية التصويت والفرز ، حيث إن النهج «الشفاف» الذي اتبعته اللجنة القضائية العليا وكذلك الجهات المعنية في إدارة الانتخابات يستحق الثناء والشكر، كما أن السماح للمراقبين المحليين في متابعة الانتخابات أمر يبعث على الاعتزاز.
آملين أن يطلع المعنيون على التوصيات المرفقة مع هذا التقرير بعناية، لتحقيق المزيد من تطوير الديمقراطية الكويتية وآليات إدارة الانتخابات.
متمنين للكويت وشعبها التوفيق ولأعضاء مجلس الأمة الجدد النجاح في تحقيق التنمية.
فبعد إعلان مجلس الأمة بتاريخ 15/5/2014 بشأن خلو مقاعد بعض أعضاء المجلس عن الدوائر الانتخابية الثانية والثالثة والرابعة , صدر قرار وزير الداخلية رقم «2166» لسنة 2014 بتاريخ 18/5/2014 بشأن دعوة الناخبين إلى الانتخابات التكميلية لأعضاء مجلس الأمة ، حيثت حدد موعد الاقتراع في يوم الخميس الموافق 26 يونيو 2014م، لذا قامت جمعية الشفافية الكويتية بمباشرة أعمال «المفوضية الأهلية لشفافية الانتخابات» وذلك بهدف رصد ومتابعة الانتخابات التكميلية لمجلس الأمة للتأكد من نزاهتها وفقا للقوانين والأنظمة النافذة , كما أطلقت المفوضية حملة في شبكات التواصل الاجتماعية « #رصد_انتخابي « و دعت المواطنين إلى الايجابية في رصد أي مخالفات انتخابية.
وفيما يلي أهم الملاحظات على يوم الاقتراع وعلى انتخابات مجلس الأمة:
أولا: ملاحظات عامة على الموسم الانتخابي:
1/ اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات:
أصدر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير العدل بالوكالة الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح قرارا وزاريا بتشكيل اللجنة المشرفة على سير الانتخابات التكميلية لمجلس الأمة برئاسة وكيل محكمة الاستئناف المستشار صالح حمادي وتختص بترشيح عدد من رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة لرئاسة اللجان الرئيسية والأصلية والفرعية سواء بصفة أصلية أو احتياطية، وبين القرار ضرورة تيسير وتنظيم عمل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ومتطوعي جمعية الشفافية الكويتية ومنظمات المجتمع المدني لمتابعة سير الانتخابات والتعاون معهم، وقد رشحت اللجنة رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة لرئاسة اللجان الرئيسية والأصلية والفرعية أثناء عمليتي الاقتراع والفرز، حيث شارك «396» مستشارا وقاضيا وعضو نيابة من بينهم «259» بصفة أساسية و»137» بصفة احتياطية ترأسوا اللجان الأصلية والفرعية، والتي بلغت «256» لجنة موزعة على الدوائر الثلاث «54» لجنة في الدائرة الثانية و»84» لجنة في الدائرة الثالثة و»118» لجنة في الدائرة الرابعة.
أدار القضاة اللجان الانتخابية في يوم الاقتراع بكفاءة عالية منذ بداية الانتخابات في الثامنة صباحا وحتى فرز صناديق الاقتراع في الساعات الأولى من اليوم التالي، وقد أوجدت تلك الإدارة رضا عاما لدى المرشحين من حيث حسن الإدارة ونزاهة الانتخابات ونتائجها، دون الإخلال بحق الطعن على نتائج الانتخابات.
2/آلية التبليغ عن الفساد الانتخابي:
خصصت وزارة الداخلية مخفرا في كل دائرة انتخابية وأرقام هواتف أرضية ونقالة للتبليغ عن الجرائم الانتخابية، وقد تم إبلاغ المفوضية الأهلية عن تلك الأرقام، وهو شيء جيد، علما بأنه كان من الأفضل أيضا لو قامت الوزارة بنشر أرقام الهواتف عبر وسائل الإعلام الرسمية والرسائل النصية.
3/ جريمة شراء أصوات:
حذر العديد من المرشحين خلال هذه الانتخابات من تفشي ظاهرة شراء الأصوات, وشملت المطالبات جميع الدوائر الثلاث, في حين لم تعلن وزارة الداخلية الجهة المعنية الأولى في أمور التحري والضبطية القضائية وفقا لمسئوليتها القانونية عن أي إجراءات في هذا الشأن.
كما قامت المفوضية برصد شبهة شراء أصوات أمام احد المقار الانتخابية النسائية في الدائرة الثانية وتم إبلاغ وزارة الداخلية بضرورة التعاون مع المفوضية الأهلية ولكن لم يصلنا رد حول الإجراءات التي اتخذتها الوزارة حتى إعداد هذا التقرير.
بشكل عام، فإن النموذج الحالي لتقسيم الدوائر بشكلها الكبير مع صوت واحد للناخب يسهل من تفشي جريمة شراء الأصوات، ويزيد العبء على وزارة الداخلية في تعقب تلك الجريمة.
4/ الانتخابات الفرعية:
يجرم القانون الكويتي الدعوة لانتخابات فرعية وإجرائها على أساس قبلي أو طائفي قبل الاقتراع العام، والتي تهدف إلى تصفية أعداد المرشحين على أسس عصبية، ونظرا إلى أن الانتخابات قائمة على صوت واحد لكل ناخب، فقد أخذت الانتخابات الفرعية شكلا آخر يتناسب مع أوضاع النظام الانتخابي.
فقد شهدت الدوائر الثانية والرابعة انتخابات فرعية، وبقيت الدائرة الثالثة دون أن تشهد أي انتخابات فرعية, في حين نشرت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تفاصيل عن انتخابات فرعية اثنتان في الدائرة الثانية، وثلاث فرعيات في الدائرة الرابعة, كما انتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي أخبار عن إحالة وزارة الداخلية لبعض الفرعيات إلى النيابة دون أن نقرأ تصريحا رسميا من وزارة الداخلية بهذا الشأن.
وبشكل عام فيمكن ملاحظة غياب الشفافية في إجراءات وزارة الداخلية في هذا الموضوع بشكل لافت.. وكنا نأمل أن يتم تعامل وزارة الداخلية في رصد الانتخابات الفرعية بمهنية عالية واستخدام الصلاحيات المخولة لها وفق القانون.
5/ جمعيات النفع العام :
لوحظ قيام إحدى جمعيات النفع العام بالدعوة للتصويت لعدد من المرشحين المنتسبين لها من خلال خدمة الرسائل النصية «المسجات» المخصصة لأعضاء الجمعية العمومية, مما يعد جريمة انتخابية وفقا للبند السادس من المادة «45» من قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة.
ثانيا: ملاحظات عامة على يوم الاقتراع:
1» المشهد الانتخابي :
بسبب مصادفة يوم الاقتراع ليوم عمل رسمي, وكذلك ما شهدته الساحة الانتخابية الاسابيع الماضية من خمول إعلامي ملحوظ قد يكون ناتجا عن سخونة الاحداث السياسية التي تعيشها البلاد وما صاحبها من تغطية إعلامية شاملة طغت على الجو الانتخابي, أدى إلي تدني ملحوظ في نسبة الاقتراع بالإضافة إلى أن الانتخابات تكميلية هي على خمسة مقاعد فقط.
3 التصويت طوال يوم الانتخابات:
تأخر بعض اللجان عن فتح باب الاقتراع في الوقت المحدد وهو الثامنة صباحا، لكن كل اللجان تقريبا كانت قد باشرت أعملها في حلول الثامنة والنصف.
عدم مطابقة بعض اللجان عدد الاسماء بكشوف الناخبين مع عدد أوراق الاقتراع المخصصة للجنة.
ترحيب جيد من رؤساء اللجان من القضاة بالمراقبين المحليين عند زيارتهم للجان الانتخابية أثناء أوقات الاقتراع.
تم إيقاف عملية الانتخاب بسبب الصلاة في عدد محدود من مراكز الاقتراع.
لم يتم كشف وجه المرأة المنقبة والمبرقعة في بعض الأحيان لمطابقة الاسم.
توجد صعوبات أحيانا أمام ذوي الإعاقة من ممارسة الاقتراع، أما كبار السن والمقعدين الذين استطاعوا الوصول إلى مكان التصويت فلم يتوفر لكثير منهم منصة خاصة للتصويت.
استخدام الهاتف المحمول في قاعات الاقتراع والفرز في عدد من الحالات لمندوبي المرشحين والناخبين، مما سهل لبعض الناخبين من تصوير ورقة الاقتراع بعد اختيار المرشح, وانتشرت عدد من أوراق الاقتراع في شبكات التواصل الاجتماعي، وهذه شبهة جناية وفقا للمادة «44» الفقرة السادسة من قانون الانتخاب.
توجد حالات قليلة تم فيها التصويت بصوت عالٍ لإسماع الآخرين. عدد من العاملين مع المرشحين يوزعون المطبوعات الإعلانية داخل سور المدرسة.
الناخبون أكثر وعيا بنظام الصوت الواحد عن الانتخابات السابقة التي جرت لأول مرة وفقا للصوت الواحد.
تقليص عدد اللجان الانتخابية أثر قليلا على معرفة الناخبين بأماكن الاقتراع التي فيها أسمائهم.
عدم تواجد رجال الامن عند مداخل بعض المدارس خلال بعض فترات التصويت.
3» الفرز:
عدم التزام اللجان في البدء بعمليات الفرز في نفس الوقت.
بعض رؤساء اللجان في بعض مراكز الاقتراع لم يسمحوا للمراقبين في الدخول للجنة.
ثالثا – دور الجهات الحكومية في تنظيم الانتخابات:
قامت عدة جهات حكومية في المشاركة في إدارة العملية الانتخابية، وعلى رأسها وزارة الداخلية بالإضافة إلي وزارة الصحة ووزارة الإعلام وبلدية الكويت ووزارة العدل وغيرها، ونود هنا تسجيل أهم الملاحظات:
1» وزارة الداخلية:
وبصفتها المعني الأول عن هذه الانتخابات تحديدا , بذل رجال ونساء وزارة الداخلية دور جيد في تنظيم الانتخابات على مستوى الدوائر الثلاث، في حين لوحظ ضعف التنظيم في دخول وخروج الناخبين في بعض المقار الانتخابية، ولعل ذلك يعود إلى سخونة الجو، في حين كان دورها فاترا في التصدّي لمجموعة من الجرائم الانتخابية مثل رصد الانتخابات الفرعية، ورصد شراء أصوات الناخبين، وهناك ملاحظات على إدارة الترشح للانتخابات من غير المستوفين لشروط الناخب.
2» بلدية الكويت
قامت بلدية الكويت بإزالة «1479» إعلانا و»35» مقرا انتخابيا مخالفا لمرشحي الانتخابات التكميلية في جميع المحافظات الست, حيث أزالت اللجنة المشتركة بين وزارة الداخلية والبلدية 183 إعلانا انتخابيا مخالفا في محافظة العاصمة و383 إعلانا و13 مقرا انتخابيا في محافظة حولي و 300 إعلانا و7مقارات في محافظة الفروانية و250 إعلانا و12 مقرا في محافظة الجهراء و 163 إعلان و 3 مقارات في محافظة مبارك الكبير , كما تمت إزالة 200 إعلان في محافظة الأحمدي، في حين بقيت عدد من الإعلانات المخالفة التي يبدوا أن ذلك وقع بسبب كثرتها وغياب وجود غرامات مالية رادعة.
وتجدر الإشارة إلي أن المفوضية الأهلية لشفافية الانتخابات قامت بتقديم عدة بلاغات لبلدية الكويت حول إعلانات انتخابية مخالفة قامت البلدية على إثرها بإزالتها.
أما في يوم الاقتراع فقد وقعت الكثير من التجاوزات من بعض المرشحين في وضع المقرات والباصات ونشر الإعلانات، في حين أن البلدية لم تعمل على إزالة تلك المخالفات.
3» وزارة الإعلام
شكلت الوزارة لجنة إعلامية عليا خاصة بالتغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية برئاسة وكيل الوزارة، وقدمت خدمة إعلامية وإعلانية مجانية لكل مرشحي مجلس الأمة لعرض برامجهم الانتخابية ورؤاهم لناخبيهم خلال مدة زمنية محددة ومتساوية لجميع المرشحين، وساهمت الوزارة بتوعية الناخبين والناخبات بحقهم الذي كفله لهم الدستور وكيفية ممارسته بشكل صحيح، ، كما تمت التغطية الإعلامية للانتخابات وعمليات الفرز ونقلها أولا بأول لمشاهدي تلفزيون الكويت ومستمعي الإذاعة، بتكليف عدد من مذيعي ومراسلي ومندوبي الوزارة وهو توجه يستحق الإشادة به لما يكشف عن التزام بالمعايير الدولية لسلوك الإعلام الرسمي.
في المقابل شهدت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، كما هائلا من نشر الإشاعات للإضرار بمرشحين، وهي تعتبر جريمة انتخابية، في حين إن هناك استخدام ايجابي محدود لتلك الوسائل في كشف الفساد الانتخابي الذي يرتكبه بعض المرشحين، يحدث هذا في ظل غياب قانون ينظم الإعلام الالكتروني، كما يغيب تتبع الجهات المعنية للجرائم الانتخابية الكثيرة التي تقع في تلك الوسائل.
التوصيات:
تحتاج الديمقراطية الكويتية عموما، وإدارة العملية الانتخابية خصوصا مجموعة من التشريعات والسياسات لتطويرها وتحسينها، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل من مجلس الأمة ومجلس الوزراء في الفترة القريبة القادمة، ومنها:
1» مراجعة نظام الدوائر وآليات التصويت بما يحقق المزيد من العدالة، ومراجعة نظام الترشح الفردي والجماعي بما يعزز من المواطنة والتواصل بهدف تحقيق التنمية.
2» العمل على إصدار قانون «الهيئة العامة للديمقراطية» والتي تختص في: إدارة الانتخابات العامة، ومراقبة الإنفاق الانتخابي، والدعاية والإعلام الانتخابيين، والتصويت للمقيمين خارج الكويت، وعمليات الفرز، ومشاركة المجتمع، واستطلاعات الرأي و الصمت الانتخابي، بالإضافة إلى نشر الثقافة الديمقراطية.
3» العمل على إصدار «قانون الجماعات السياسية» الذي ينظم عملها وفق شروط وضوابط لتأسيسها وإشهارها بدلا من السرية المحاطة بأعمالها حاليا، وتنظيم حقوقها وواجباتها وشؤونها المالية وشفافية مواردها ومصارفها، وفقا للدستور.
4» تعديل قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 35 لسنة 1962، على أن يشمل:
جداول الناخبين تعدها الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
تنظيم حق ممارسة الاقتراع للكويتيين المحجوزين على ذمة التحقيق أو المسجونين في قضايا لا تسقط حقهم في ممارسة الانتخابات.
توفير خدمة أفضل لضمان مشاركة أصحاب الإعاقة وكبار السن والمرضى في التصويت.
تحديد معايير شطب المرشحين، والوقت اللازم لذلك، وإجراءات الطعن على قرارات الشطب.
تغليظ العقوبات في الجرائم الانتخابية وخاصة في الانتخابات الفرعية وشراء الأصوات تصل إلى إسقاط العضوية لمن ينجح في الانتخابات.