
صرح بدر خالد العازمي رئيس اتحاد نقابات العاملين بالقطاع الحكومي بأن المكتب التنفيذي للاتحاد قد عقد اجتماعه الدوري ثم عقبه الاجتماع المشترك مع رؤساء النقابات الأعضاء بالاتحاد – حيث تم خلال الاجتماعين استعراض العديد من الأمور التي تهم المواطنين والأحداث الجارية وخاصة تلك التي تمس الطبقة العاملة وتلمس حياتهم المعيشية وعلى وجه الخصوص تحرك الأسعار في الآونة الأخيرة بدرجة كبيرة – من شأنها أن تؤثر على القدرة المعيشية للمواطنين وعليه فقد تم اتخاذ العديد من التوصيات للتعامل مع هذه الأوضاع – لكون أن الاتحاد والنقابات الأعضاء يمثلون الشريحة الأكبر من أبناء الوطن .
وكان من اللافت للنظر في هذا السياق هو التعرض لأحدث القضايا على الساحة وهى رفع الدعم عن الديزل والذى قد أدى الى اشتعال الأسعار ومن الطبيعي أن يكون لهذا الارتفاع تأثيره بدرجة كبيرة على ذوي الدخل المحدود – ولا ينال من أوضاع وقدرة أصحاب الدخول المرتفعة فأن تأثيره بالنسبة لهم قد يكون منعدما – ولعل ما يدعو الى التساؤل هو أن أسعار النفط على المستوى العالمي قد تدنت بدرجة كبيرة ومن المفترض تبعا لذلك أن تنخفض أسعار جميع مشتقاته على المستويات المحلية – الا أنه من العجيب أن الكويت قد أخذت منحى مغاير لطبيعة الأمور وساهمت في تصعيد الاسعار – مما أضاف أعباء على كاهل الأسر المعدمة والمحتاجة والطبقة العاملة على وجه الخصوص لكون أن مواردها محدودة وقاصرة على رواتبها فهي موارد ثابته ولا يتم زيادتها بما يواكب زيادة الاسعار وبالتالي فإنها هي الطبقة الاشد والاكثر تأثرا بغلو الاسعار لمحدودية مواردها .
ومن هنا فانه يجب إعادة النظر في هذه الزيادات لهدهدة ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في الآونة الأخيرة – ومن هنا فان الاتحاد وأعضاء النقابات يتوجهون بالنداء والمناشدة إلى كل من الحكومة والأخوة في مجلس الأمة من تبني سياسات متوازنة من خلال سن التشريعات التي تربط الأجور بالأسعار بدلا من تأكل الموارد بسبب ارتفاع الأسعار وتأثيره على الأسرة الكويتية وعدم استقرارها تحت وطأة الحاجة وعدم كفاية الموارد الخاصة بها .
وأشار العازمي أنه تلى ذلك بحث موضوع البدلات المقررة للموظفين العاملين في الوزارات وما يتبعها من هيئات ومؤسسات عامة - حيث تبين أن هناك بعض المسؤولين الذين يؤجلون صرف هذه البدلات تحت ذريعة ما يسمى بالمزيد من الدراسة وهي حجج أو مبررات غير قائمة على أساس أو منطق
فأنه من المفهوم أن هذه البدلات قد أصبحت تشكل جزءا وقدرا مهما في دخل الأسرة وتعول عليها في ترتيب أمورها وتلبية احتياجاتها وأن من شأن التأخير في صرف هذه البدلات أن يزيد من إرهاق المواطنين الذين يواجهون أساسا أعباء ارتفاع الأسعار – ولعل أن ما يثير الدهشة والاستغراب أن من يصدرون هذه القرارات غير المنطقية لا يقدرون عواقبها أو تبعاتها فما يعنيهم هو استقرارهم على كراسي المسؤولية والتشبث بها غير عابئين بالطبقات الكادحة.
كما نوه العازمي إلى أنه قد تم تناول القضية الخاصة بأن يحصل الموظف المستقيل على أجازة 180 يوم بدلا من 90 يوم إلا أنه من المؤسف أيضا أن طالعتنا بعض الأخبار بأنه قد تم تأجيل اقرار هذا الاقتراح لمزيد من الدراسة وهذا مبدأ قد بدأ في الآونة الأخيرة كمبرر أو شماعة لتعطيل صدور القوانين والقرارات التي تصب في مصلحة العامل وكأنه الطرف الضعيف المغلوب على أمره وأن كافة قرارات الترشيد أو غيرها من السياسات الأخرى في سبيل إقرارها تبدأ بالنيل من مكتسبات الطبقة العاملة وكأنها هي التي تدفع ضريبة اعباء أو إنفاذ أي سياسة تعتزم الجهات المسؤولة إخراجها إلى الواقع فهي دائما الطبقة التي تدفع الثمن أو الضريبة لأي أزمات أو انتكاسات اقتصادية
وأردف العازمي أنه قد تم مناقشة ما تناولته وسائل الإعلام مؤخرا بشأن تبني بعض الأخوة في مجلس الأمة لمشروع قانون يقضي بتطبيق نظام الصوت الواحد على العديد من الجهات ومن بينها المنظمات النقابية والجمعيات ذات النفع العام ولقد ساقت المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع العديد من المبررات التي تلخصت في الرغبة إلى الارتقاء بالاتحادات والأندية الرياضية وجمعيات النفع العام والنقابات العمالية والبعد بها عن الشطط والغلو في الأطروحات الانتخابية وتفتيت مظاهر التعصب – ولقد أكد المجتمعون إلى أن هذه المبررات التي تم إيرادها في مشروع القانون المقترح ومذكرته الإيضاحية لامجال ولا مكان لها في العمل النقابي
حيث أن الحركة النقابية تعمل في جو من التعاون والتالف بعيدا عن مظاهر التكتل في الانتخابات البرلمانية أو غيرها من الانتخابات الأخرى فهي تقوم على إيثار مصلحة العمال وارتقائهم والبعد عن المزايدات والوعود الرنانة ولها من الخصوصية ما يجعلها بمنأى عن كل هذه التداعيات أو المبررات الرامية إلى محاولة فرض هذا التوجه على الحركة النقابية وهو أمر لن تقبله الحركة النقابية تحت أي ظرف من الظروف ومهما كانت الأسباب لان هذا يتعارض مع خصوصيتها واستقلاليتها كونها صاحبة قراراها حيث أن الجمعية العمومية للمنظمة النقابية هي صاحبة السلطة العليا في إقرار النظام الأساسي للمنظمة التي تمثلها وتدافع عن حقوقها وترفض أن يكون عليها وصاية من الخارج.
ومن هنا فان أي وصاية عليها من الخارج وفرض أسلوب عملها يعتبر تدخلا يتنافى تماما مع طبيعة العمل النقابي وبالتالي هو مرفوض جملة وتفصيلا ومن هنا فقد جاءت نصوص القانون رقم «6» لسنة 2010م في شأن العمل في القطاع الأهلي متناسقة ومتناغمة تماما مع تلك الاستقلالية والتفرد الذي تتميز به منظومة العمل النقابي حيث نصت المادة «101» من القانون المذكور على التالي :
' يبين النظام الأساسي للمنظمة أهدافها وأغراضها التي أنشئت من أجلها وشروط عضويتها وحقوق أعضائها وواجباتهم والاشتراكات التي تحصل من الأعضاء واختصاصات الجمعية العمومية العادية وغير العادية وأعضاء مجلس الادارة وشروط عضويته ومدته واختصاصاته والقواعد المتعلقة بالميزانية وإجراءات تعديل التنظيم الأساسي للمنظمة وإجراءات حلها وكيفية تصفية أموالها وكذلك السجلات والدفاتر التي تحتفظ بها المنظمة وأسس الرقابة الذاتية '
ويتضح من هذا النص أنه قد أطلق العنان للجمعية العمومية للمنظمة النقابية في أن تمارس دورها وتختار من يمثلها في مجالس اداراتها بحريتها وإدارتها دون أي تدخل أو رقيب من خارج نطاق العملية النقابية وان رقابتها ذاتية تنبع من داخلها وليس من أي جهة اخرى خارج نطاق المنظومة النقابية
ولقد جاءت الاتفاقيتين الدوليتين رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية التنظيم ورقم 98 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية واللتان تم التصديق عليهما من قبل دولة الكويت مؤكدتين لحرية العمل النقابي وحيث نصت المواد « 1 ، 2 ، 3 » من الاتفاقية رقم 87 على حرية العمل النقابي وعلى وجه الخصوص فقره « 2 » ماده « 3 » على التالي « تمنع السلطات العامة من أي تدخل من شانه ان يقيد هذا الحق او ان يعيق ممارسته المشروعة».
ومن هنا فان احكام هاتين الاتفاقيتين ملزمتين لدولة الكويت ومن شان التدخل في ارغام المنظمات النقابية على فرض نظام يأتي من خارج ادارتها فانه سوف يترتب عليه تبعات قانونية تسئ الى سمعة دولة الكويت بادعاء الهيمنة على منظمات العمل النقابي وتقييد اليات عمله بما يتعارض مع اسس العمل النقابي الدولي .