العدد 2679 Sunday 29, January 2017
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
صباح الأحمد .. مسيرة مضيئة للكويت والإنسانية لا إبعاد لمن سحبت جنسيته إلا بحكم قضائي «المالية» تقدير المصروفات في الموازنة العامة لـ 3 سنوات الأمم المتحدة لترامب : منع دخول اللاجئين كارثة إنسانية تفاقم مستويات التلوث في بكين بسبب الألعاب النارية ليلة رأس السنة القمرية صباح الأحمد .. تاريخ من الإنجازات الحافلة بالعطاء .. وراية خفاقة بقلب السماء الكويت تحتفل بذكرى تنصيب «قائد الإنسانية» أميراً للبلاد الغانم: صاحب السمو جنب الكويت تداعيات أزمات المنطقة 4 مسابقات قوية في اليوم الثاني لبطولة الأمير الدولية للرماية «الهيئة» تنذر الهيئات الرياضية المتأخرة في إقفال عهُدها المتراكمة مـــصـــر والمـــغــــرب...مــــــواجهــــة عــــربــيـــة ثــأرية اليمن : عملية نوعية للتحالف بعد السيطرة على كامل المخا تونس: الاتحاد الأوروبي يُمدد تجميد أموال بن علي المهربة و48 شخصاً من عائلته العراق: الجيش ينتظر إعلان «ساعة الصفر» لبدء تحرير غرب الموصل «الشال»: ارتفاع سيولة البورصة دون تصحيح مستحق أمر يحتاج إلى حذر ومراجعة المخيزيم: 2.4 مليون دينار...الأرباح الصافية لـ «أركان الكويت» في 2016 رمضان خسروه : «حبيب الأرض» تخليد للذكري وفخر للكويت بنك الخليج يحتفل بموظفيه الحاصلين على دورة «التدريب المهني» الكاسر نجم الليلة التاسعة .. وخالد عبدالرحمن لم يقدم المأمول ديانا حداد: تميزت في الأغنية الخليجية بشهادة الجميع

محليات

الكويت تحتفل بذكرى تنصيب «قائد الإنسانية» أميراً للبلاد

يستذكر الكويتيون اليوم الأحد لحظات تاريخية مرت بها الكويت قبل 11 عاما حين وقف صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد تحت قبة البرلمان ليؤدي اليمين الدستورية أميرا لدولة الكويت إيذانا ببدء مسيرة جديدة من العمل والعطاء واستكمالا لما بدأه أسلافه من حكام الكويت.
ففي 29 يناير 2006 تولى سمو الشيخ صباح الأحمد مسند الإمارة وسط تأييد شعبي ورسمي كبير حيث تمت مبايعته بالإجماع من قبل أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أميرا للبلاد.
من جانبه أكد نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد أن مسيرة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الحافلة بالإنجازات داخليا وخارجيا تسجل لتاريخ الكويت الحديث.
وقال الشيخ مشعل الأحمد لـ «كونا» أمس بمناسبة الذكرى الـ11 لتولى سمو أمير البلاد مقاليد الحكم التي تصادف اليوم إن سمو الأمير شارك في جميع المحطات التاريخية التي شهدتها البلاد منذ بداية بناء الدولة مطلع الخمسينيات لافتا إلى أن سموه كان مساهما أصيلا وعنصرا فاعلا في مسيرة النهضة وإرساء دعائم الدولة وبناء مؤسساتها.
وأوضح أن سمو أمير البلاد كان قريبا من العديد من قادة الكويت العظام أمثال الشيخ أحمد الجابر والشيخ عبدالله السالم والشيخ صباح السالم ورفيقي دربه الشيخ جابر الأحمد وسعد العبدالله فاكتسب الخبرة والحنكة والرؤية الصائبة والبصيرة الثاقبة وسعه الصدر وحسن التعامل مع الشدائد والأزمات والقدرة على تجاوز العقبات والتحديات.
وذكر أن سمو الشيخ صباح الأحمد استثمر خبراته في تحقيق الكثير من الإنجازات الداخلية والخارجية منوها إلى أن سموه استطاع خلال مسيرته السياسية الممتدة أن يحقق للكويت مكانة مرموقة ومؤثرة في العالم مستغلا خبرته الدبلوماسية وحنكته السياسية في إقامة علاقات وطيدة وقوية مع معظم دول العالم.
وأشار الشيخ مشعل الأحمد إلى أن سموه يعد طرازا فريدا من قادة العالم المتميزين الذين خلدوا أسماءهم باقتدار من خلال جهوده السياسية التي ساهمت في تحقيق السلام والاستقرار في العالم وأعماله الإنسانية التي أفاءت بالخير على كثير من الدول والشعوب المنكوبة.
وأكد أن تكريم الأمم المتحدة لسمو الأمير بتسميته «قائدا للعمل الإنساني» ودولة الكويت «مركزا للعمل الإنساني» جاء تتويجا للدور الإنساني الذي تفردت به الكويت في مساعدة كثير من الشعوب التي تعرضت للحروب والنكبات.
وبين أن سمو أمير البلاد تبوأ العمل السياسي مبكرا وحمل منذ ريعان شبابه هموم الكويت وتطلعات أبنائها في قلبه ووجدانه فضحى بالوقت والجهد من أجل إعلاء مكانة وطنه وبناء دولة عصرية حديثة ينعم أبناؤها بالتقدم والازدهار.
وقال الأحمد إن حكمة سموه وحنكته السياسية كانت وراء الحشد الدولي غير المسبوق الذي استطاع تحقيقه مع رفيقي دربه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله أسكنهما الله فسيح جناته لتحرير البلاد من قوات الغزو العراقي الآثم وإعادة إعمارها عام 1991.
واستذكر نائب رئيس الحرس الوطني بالتقدير الجهود التي بذلها سمو أمير البلاد طوال مسيرته من أجل استكمال مسيرة النهضة الشاملة والمتكاملة التي تقوم على أسس ثابتة وقواعد راسخة تفيء بالخير على حاضر الكويت ومستقبلها.
وأشار إلى أن صاحب السمو أمير البلاد صنع تاريخا حافلا بالعطاء وسجلا ناصعا بالإنجازات وميراثا كبيرا من حب الوطن والحرص على وحدته وقوته وعزته في وجدان أبناء الكويت الأوفياء. 
بدوره أكد وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود أن تاريخ الكويت سيتوقف طويلا بكل إجلال وإعزاز أمام مسيرة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وإنجازاته التي حققت للكويت مكانة متميزة إقليميا ودوليا.
وقال الحمود إن سموه تميز بعطاءاته الكبيرة وإنجازاته الكثيرة التي لم تقتصر على الكويت فقط بل امتدت لتشمل مناطق شاسعة من العالم وتعد نقاطا مضيئة في حياة الأمم والشعوب وتؤكد الدور الحضاري والإنساني العابر لحدود الوطن.
ولفت إلى أن رؤية سموه لدولة الكويت لعام 2035 تمثل نقلة نوعية لكويت المستقبل لتحقيق كل ما من شأنه رفعة الوطن والحفاظ عليه واحة أمن وأمان واستقرار وتحقيق الرخاء والرفاهية للشعب الكويتي الأبي المؤمن بقيم الولاء والانتماء لأرضه وقيادته الحكيمة.
وأضاف أنه رغم تحمل سموه مسؤولية الكويت وشعبها منذ ريعان شبابه وقدم لها خلال رحلته الممتدة الكثير من الخدمات الخالدة فإن سموه لم يغفل عن مساندة الدول الشقيقة والصديقة إيمانا بأن المسؤولية لا تتجزأ وأن عطاء الدول الكبيرة لا يتوقف مشيدا ومستذكرا في الوقت ذاته ترسيخ سموه على جعل العمل الإنساني والتنموي إحدى ركائز السياسة الخارجية لدولة الكويت منذ فجر الاستقلال.
وذكر أن صاحب السمو أدرك مبكرا بخبرته السياسية وحنكته الدبلوماسية أن مكانة الدول لن تتحقق بأموالها وثرواتها أو مساحتها وعدد سكانها وإنما بتفاعلها مع الأحداث الدولية وتأثيرها في صناعة القرارات الدولية وجهودها في مساندة القضايا العادلة ومساعدة الشعوب الفقيرة بمبادرات تنموية كويتية رائدة كان لها صداها الكبير على المستوى الدولي.
وأشار الحمود إلى أن صاحب السمو تفرد بمبادراته الإنسانية العديدة لإغاثة الدول والشعوب المنكوبة والتي كانت لها أصداء عالمية كبيرة توجت بتكريم رفيع من الأمم المتحدة بتسمية سموه «قائدا للعمل الإنساني» والكويت «مركزا للعمل الإنساني» وهو تكريم فريد غير مسبوق في تاريخ المنظمة الدولية لم تحظ به دولة أخرى من قبل.
واستذكر الجهود الدبلوماسية والمصالحات التي قام بها سمو الأمير سرا وعلانية بين مختلف الدول سواء العربية أو الأجنبية لحل المشاكل وإنهاء النزاعات بينها وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم والتي سيذكرها التاريخ بالتقدير والاحترام.
وقال إن سمو الأمير ومنذ بداية توليه حقيبة وزارة الخارجية على مدى أربعة عقود حرص على الانفتاح على العالم وإقامة علاقات قوية مع مختلف الدول وارتبط بصداقات مع قياداتها وأثمرت هذه السياسة نجاح مبادراته وتأكيد مكانة دولة الكويت وتقدير دول العالم لرؤاها ومواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن الالتفاف العالمي حول الكويت إبان أزمة الغزو الغاشم عام 1990 ومساندة موقفها والإجماع الدولي على تحرير ترابها كان نتاج دبلوماسية حكيمة قادها صاحب السمو ورفيقا دربه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح طيب الله ثراهما.
وقال الشيخ سلمان الحمود إن اهتمام ودعم حضرة صاحب السمو أمير البلاد ورعايته للشباب يؤكدان إيمان سموه المطلق بقدرات أبناء وبنات الكويت في حمل الأمانة والانطلاق بكويت المستقبل وهو ما ستؤكد عليه أنشطة وفعاليات الاحتفال بالكويت عاصمة للشباب العربي لعام 2017 برسالة تقدير اجلال لسموه.
وشدد على أن مسيرة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ستبقى علامة بارزة ومضيئة في تاريخ الكويت بإنجازاته وخدماته وإسهاماته التي قدمها لوطنه وشعبه والعالم أجمع وستظل نموذجا يحتذى به في القيادة والحكم الرشيد. 
بدوره قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله إن مرور 11 عاما على تولي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم مناسبة عزيزة على قلوبنا «فسموه قائد الإنسانية الذي أفنى حياته في خدمة الشعب الكويتي وفق المعطيات الدستورية والقانونية» مبينا أن البلاد شهدت طفرة نوعية في عهد سموه.
 وتمنى العبد الله أن يمد الله في عمر سمو الأمير وصحته وأن تنعم البلاد في عهد سموه بالمزيد من الرقي والازدهار.
ومن جانبه هنأ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري سمو الأمير وولي عهده الأمين بتلك المناسبة الغالية على قلب كل كويتي متمنيا لهما موفور الصحة والعافية.
وأشاد الجبري بما حققته دولة الكويت في ظل عهد سمو الأمير من إنجازات على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية لافتا إلى اختيار سموه قائدا للعمل الإنساني ودولة الكويت مركزا للعمل الإنساني.
من جهته قال رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لـ (كونا) الشيخ مبارك الدعيج إن صاحب السمو يعد من زعماء العالم القلائل الذين تركوا بصمات واضحة على كثير من الملفات الإقليمية والدولية المهمة.
وأضاف الدعيج أن سموه قام بمساهمات بارزة في حل كثير من الأزمات والمشاكل التي واجهت منطقة الشرق الأوسط والعالم.
ولفت إلى جهود الوساطة والمصالحة العديدة التي قام بها سموه رعاه الله لإذابة الجليد ونزع فتيل الازمات بين الدول الشقيقة والصديقة والتي كانت لها آثار كبيرة في تحقيق الاستقرار ونشر الأمن والسلام في مناطق مختلفة من العالم.
وأكد أن المكانة المتميزة التي حققتها دولة الكويت في العالم كانت نتاج جهود كبيرة وأعمال دؤوبة قام بها سمو الأمير منذ توليه مهام وزارة الخارجية مطلع ستينيات القرن الماضي مشيرا إلى حرص سموه على بناء علاقات وطيدة مع مختلف دول العالم تقوم على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.
وأوضح أن سمو الأمير توج هذه المكانة بالتكريم الكبير من قبل الأمم المتحدة بتسمية سموه حفظه الله (قائدا للعمل الإنساني) والكويت (مركزا للعمل الإنساني) في بادرة غير مسبوقة من المنظمة الدولية تعكس تقدير واحترام العالم لزعيم كبير وصاحب مواقف مشرفة ورؤية سابقة ولدولة كان لها دور فاعل ومؤثر في القضايا الدولية.
واستذكر الشيخ مبارك الدعيج الدعم العالمي الذي حظيت به دولة الكويت إبان أزمة الغزو العراقي الآثم عام 1990 ومساندتها في تحرير البلاد وإعادة إعمارها في ظاهرة فريدة نتيجة الدبلوماسية الحكيمة التي قام بها سمو الأمير حفظه الله مع رفيقي دربه أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراهما.
وقال إن سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه حمل مسؤولية العمل الوطني مبكرا وكانت الكويت دائما في قلبه ووجدانه فحرص طوال حياته على إعلاء مكانتها وبناء نهضتها وتحقيق التقدم والازدهار لأبنائها.
ووصف الشيخ مبارك الدعيج صاحب السمو أمير البلاد رعاه الله بأنه مدرسة عالمية جامعة في الحكمة والدبلوماسية يتمتع بالبصيرة النافذة والرؤية الثاقبة والقدرة الفذة في معالجة الأمور وحل الأزمات وتحقيق الإنجازات وتعظيم قيم التلاحم والتعاضد بين أبناء شعبه الذي احبه فبادله الحب بالحب.
وشدد على أن مسيرة سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه تعتبر إضافة سياسية لحكم آل الصباح الذين استطاعوا بحبهم للكويت وحرصهم على رعاية أبنائها أن يتآلفوا لبناء دولة عصرية متحضرة لها مكانتها المتميزة ودورها الفعال في العالم.  
ولدى الحديث عن تاريخ الشيخ صباح الأحمد الحاكم الخامس عشر لدولة الكويت فإن سيرته الحافلة انطلقت من كونه الابن الرابع للشيخ أحمد الجابر الذي توسم في نجله الفطنة والذكاء في سن مبكرة فأدخله المدرسة المباركية.
بعد ذلك تم إيفاده إلى بعض الدول لاسيما الأجنبية منها للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية التي ساعدته في ممارسة العمل بالشأن العام منذ أن عين بادئ الأمر عام 1954 عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية.
وتولى الشيخ صباح الأحمد عام 1955 منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث عمل على تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل خصوصا في ظل التدفق الخارجي من الدول العربية والأجنبية للعمل في الكويت واستحداث مراكز التدريب الفني والمهني للشباب ورعاية الطفولة والأمومة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وتشجيع قيام الجمعيات النسائية والاهتمام بالرياضة وإنشاء الأندية الرياضية.
وأولى الشيخ صباح الأحمد اهتماما بالفنون وعلى رأسها المسرح حيث أنشأ أول مركز لرعاية الفنون الشعبية في الكويت عام 1956 وفي عام 1957 أضيفت الى مهامه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر إذ عمل على إصدار الجريدة الرسمية للكويت «الكويت اليوم» وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبية احتياجاتها من المطبوعات ووقتها تم إصدار مجلة «العربي».
وأبدى الشيخ صباح الأحمد اهتماما بارزا بإحياء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة وتشكيل لجنة خاصة لمشروع «كتابة تاريخ الكويت» وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي كان له دور مميز في تحقيق الصحافة الكويتية مكانا مرموقا بين مثيلاتها في الدول العربية لما تتصف به من حرية واتزان.
وبعد استقلال دولة الكويت عام 1961 عين الشيخ صباح الأحمد عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة وضع دستور البلاد ثم عين في أول تشكيل وزاري عام 1962 وزيرا للارشاد والأنباء.
وفي 28 يناير 1963 وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة عين الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية لتبدأ مسيرته مع العمل السياسي الخارجي والدبلوماسية التي برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم بعد أن قضى 40 عاما على رأس تلك الوزارة المهمة ربانا لسفينتها في أصعب الظروف والمواقف السياسية التي مرت على دولة الكويت.
ومن أبرز المواقف التي مرت على الخارجية الكويتية أثناء قيادة الشيخ صباح الأحمد لها حين رفع سموه علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولها عضوا فيه في 11 مايو 1963.
ثم كان الموقف الآخر لسموه في السياسة عندما شارك في اللقاء الذي نظمته الأحزاب المتنافسة في اليمن مع ممثلي مصر والسعودية لوضع حد للحرب الأهلية هناك والتي استأنفت اجتماعاتها في الكويت في أغسطس 1966 وعندما تدهورت العلاقة بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي وبدأت الصدامات بينهما على الحدود المشتركة قام سموه بزيارة الى الدولتين في أكتوبر 1972 أثمرت توقيع اتفاقية سلام بينهما.
وقام الشيخ صباح الأحمد عام 1980 بوساطة ناجحة بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديمقراطية نتج عنها توقيع اتفاقية خاصة بإعلان المبادىء ومن ثم وجه سموه الدعوة لوزيري خارجية الدولتين لزيارة الكويت عام 1984 حيث اجتمع الطرفان على مائدة الحوار وتوصلا الى الإعلان عن انتهاء الحرب الإعلامية بينهما واحترام حسن الجوار وإقامة علاقات دبلوماسية.
وعلى مدى أربعة عقود تمكن سمو الشيخ صباح الأحمد من قيادة السياسة الخارجية الكويتية إلى بر الأمان من خلال انتهاجه مبدأ التوازن في التعامل مع القضايا السياسية بأنواعها فاستطاع بعبقريته السياسية أن يتخطى بالكويت مراحل حرجة في تاريخها.
ولعل من أبرز تلك المراحل الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت من عام 1980 حتى عام 1988 وما نتج عنها من تداعيات أثرت على أمن الكويت واستقرارها داخليا وخارجيا.
وبذل سموه طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهدا كبيرا في تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم وخصوصا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وشهدت البلاد نتيجة ذلك استقرارا في سياستها الخارجية وثباتا اتضحت ثماره في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مناصرا للحق الكويتي في وجه العدوان العراقي والذي أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية ضد العراق ما لم يسحب قواته من الكويت.
ولعل احتضان الكويت اليوم لعشرات الممثليات الدبلوماسية على أراضيها من سفارات وقنصليات ومراكز لمنظمات دولية وإقليمية دليل ناصع على نجاح سياسة الشيخ صباح الأحمد وحنكته الدبلوماسية وحسن قيادته للسياسة الخارجية الكويتية.
ونظرا إلى ما يتمتع به من فطنة وذكاء وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية فقد أسندت إلى سموه العديد من المناصب إضافة إلى منصب وزير الخارجية حيث عين وزيرا للاعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير 1971 حتى 3 فبراير 1975 وفي 16 فبراير 1978 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وفي 4 مارس 1981 تسلم حقيبة الإعلام بالوكالة إضافة إلى وزارة الخارجية وذلك حتى 9 فبراير 1982.
وفي 3 مارس 1985 عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية حتى 18 أكتوبر 1992 عندما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وفي 14 فبراير 2001 أسندت إلى سموه مهمة تشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه بسبب ظروفه الصحية وفي 13 يوليو 2003 صدر مرسوم أميري بتعيين سمو الشيخ صباح الأحمد رئيسا لمجلس الوزراء.
ولم تتوقف مسيرة نجاحات سمو الشيخ صباح الأحمد عند محطة السياسة الخارجية فقط وإنما استمر هذا العطاء والنجاح عند توليه قيادة دفة السياسة الداخلية للبلاد فقد حرص منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت تطول مختلف قطاعات الدولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي فقام سموه بتشجيع القطاع الخاص وفتح فرص العمل الحر أمام الشباب الذين يضعهم سموه في مقدمة اهتماماته ورعايته من خلال دعم المشروعات الصغيرة.
وتعزيزا لاهتمامه بتنمية القطاع الاقتصادي في الدولة قام سموه عام 2004 بجولة آسيوية على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتمكن من عقد 10 اتفاقيات وبروتوكولات ومشاريع اقتصادية ضخمة مع هذه الدول.
واستتبع سموه تلك الجولة بزيارات أخرى إلى عدد من الدول الأوروبية لنقل تجاربها ونجاحاتها إلى الكويت مؤكدا في كل خطوة من خطواته إصراره على تحقيق الهدف الأمثل الذي يسعى إليه بتحويل البلاد مركزا ماليا وتجاريا إقليميا لتستعيد الكويت دورها التاريخي لؤلؤة للخليج.واستمر صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد في مسيرة العطاء رئيسا للحكومة الكويتية حتى يناير عام 2006 عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية سموه أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964.
وانطلاقا من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء ومن مبايعة أسرة آل الصباح عرض الأمر وفقا للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006 خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد فيما خصصت الجلسة الثانية لتأدية سموه القسم الدستوري أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء.
ومنذ ذلك اليوم التاريخي بدأت أسطر جديدة تكتب في تاريخ الكويت وفي مسيرة سموه في قيادة هذا الوطن العزيز حيث استمر في تكريس رؤيته الثاقبة في الاهتمام بالاقتصاد لأنه عصب التنمية والتطور في أي مجتمع.
وعلى مدى 11 عاما من تولي سمو الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم شهدت البلاد نهضة تنموية شاملة مرتكزة على مجموعة من المشاريع الضخمة من أبرزها مدينة «صباح الأحمد البحرية» التي تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملا ما يدل على تشجيع سموه على إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في المساهمة في تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد.
ونفذت الحكومة الكويتية تحت قيادة سموه ووفقا لتوجيهاته السامية العديد من المشاريع العملاقة التي ترتبط بمختلف القطاعات الخدمية في البلاد مثل مشروع مستشفى جابر وميناء مبارك وجسر جابر الذي يربط بين الصبية ومدينة الكويت.
وتم أيضا تطوير العديد من الطرق الرئيسية وإنشاء شبكة من الجسور ومشروع مصفاة الزور ومبنى المطار الجديد واستاد جابر الرياضي إضافة إلى تنفيذ المدن الإسكانية الجديدة ومن أبرزها مدينة المطلاع السكنية العملاقة.
ولم يغفل صاحب السمو عن إدراك أهمية بناء المجتمع الكويتي من الداخل والحفاظ على وحدته وتماسكه في ظل الأخطار والتقلبات التي تعصف بالمنطقة من حين لآخر فكان التفجير الإرهابي الذي تعرض له مسجد الإمام الصادق في 26 يونيو 2015 أكبر دليل على تلاحم القيادة والشعب في الكويت في مشهد مهيب وقف له العالم إكبارا وتقديرا.
فبعد فترة قصيرة من وقوع حادث التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة 26 شهيدا وعشرات الجرحى سارع صاحب السمو أمير البلاد الى الحضور شخصيا الى موقع الحادث غير عابئ بالأخطار التي قد تحيط به أو تهدد سلامته ليطلق جملته الإنسانية الشهيرة «هذولا عيالي».
وعقب مراسم العزاء التي تقدمها أمير البلاد وحضرتها جموع الشعب الكويتي قاطبة قال سموه في كلمة له: «إن هذه الأزمة أبرزت بجلاء حقيقة الشعب الكويتي وأصالة معدنه وتكاتفه في السراء والضراء أسرة كويتية واحدة تسودها المحبة والألفة ويجمعها حب الوطن والولاء له والالتفاف حول قيادته في مواجهة العنف والفكر التكفيري المتطرف».
وعلى الصعيد الخارجي فقد تبوأت الكويت نتيجة لسياسات صاحب السمو ورؤيته الحكيمة القائمة على تولي زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني مركزا مرموقا بين دول العالم خلال السنوات العشر الماضية استحقت تكريم الأمم المتحدة لسمو أمير البلاد بتسمية سموه «قائدا للعمل الإنساني» ودولة الكويت «مركزا للعمل الإنساني» خصوصا بعد أن استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية لثلاث دورات متتالية على أرضها معلنة تبرعها السخي بمئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين في دول الجوار لسوريا.
ولم تنس الكويت القضية الفلسطينية التي اعتبرتها قضيتها العربية الأولى منذ بدايتها وحتى اليوم فاستمر الدعم الكويتي للفلسطينيين وازدادت وتيرته في عهد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد.
ففي يناير 2009 أعلنت الكويت تبرعها ب 34 مليون دولار لمصلحة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» تبعها في مارس من العام نفسه تقديم الكويت مبلغ 200 مليون دولار للسلطة الفلسطينية تدفع على مدى 5 سنوات ضمن برنامج إعادة إعمار غزة وفي نوفمبر 2012 وقعت دولة الكويت اتفاقية مع البنك الدولي تساهم بموجبها بمبلغ 50 مليون دولار لدعم البرنامج الفلسطيني للاصلاح والتنمية الذي يشرف عليه البنك.
واستضافت الكويت في عهد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الأولى في يناير 2009 التي شهدت أول مبادرة تنموية عربية طرحها سمو أمير البلاد متمثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره مليارا دولار تساهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار.
كما استضافت البلاد في ديسمبر 2013 قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الـ34 ومنتدى حوار التعاون الآسيوي الأول في أكتوبر 2012 الذي أعلن صاحب السمو خلاله تبرع دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لمصلحة برنامج تمويل مشاريع إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية.
وفي نوفمبر 2013 استضافت الكويت القمة العربية الإفريقية الثالثة التي حضرها رؤساء وممثلو نحو 60 دولة حيث أعلن سموه في كلمته السامية بافتتاح القمة عن توجيه المسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بتقديم قروض ميسرة للدول الافريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وحرص سمو الأمير خلال عام 2016 على مواصلة نشاطه السياسي ولقاءاته بقادة العالم وحضور المؤتمرات والفعاليات العالمية أبرزها حضوره وترؤسه وفد دولة الكويت في المؤتمر الدولي الرابع للمانحين لمساعدة الشعب السوري الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن في شهر فبراير الماضي.
وحضر سموه اختتام مناورات «رعد الشمال» التي شهدتها مدينة حفر الباطن في المملكة العربية السعودية الشقيقة خلال شهر مارس الماضي كذلك مشاركته في القمة الخليجية المغربية التي احتضنتها الرياض في أبريل والقمة العربية في موريتانيا التي عقدت في شهر يوليو والقمة الخليجية التي استضافتها مملكة البحرين في ديسمبر الماضي.
ولم يغب الوضع الإنساني العالمي عن اهتمام سموه فقد حرص على المشاركة في القمة الإنسانية العالمية التي استضافتها مدينة إسطنبول التركية خلال شهر مايو 2016 وأكد فيها أن القمة مؤشر واضح على تفاعل المنظمة الدولية والعالم بأسره مع التحديات الخطيرة التي يواجهها المجتمع الدولي.
وفي أواخر العام الماضي كانت دولة الكويت وأميرها على موعد مع الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسط ترحيب عارم رسميا وشعبيا في تأكيد جديد على قوة العلاقات العميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين وعلى حرص أمير البلاد وملك السعودية على التواصل الدائم بينهما لتعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الصعد.
ورغم كل ما سبق ذكره آنفا من إنجازات تفخر بها الكويت والكويتيون فإنها تبقى حروف قليلة في صفحات كتاب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كانت الكويت ولا تزال وسوف تبقى يسكن في قلبه عشقها فأخلص لها وكرس حياته لخدمتها والوفاء لها حتى قال في أول خطاب له بعد توليه الحكم «إن الكويت هي التاج الذي على رؤوسنا وهي الهوى المتغلغل في أعماق أفئدتنا».
 

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق