
يشكل اليوم العالمي للعمل الإنساني مناسبة سنوية لإحياء قيمة التضامن الإنساني بين الشعوب والتذكير بأهمية إعلاء قيمة الإنسان والعمل على صون كرامته وأيضا يستذكر فيه العالم المبادرات الإنسانية للكويت وتصدرها المشهد الإنساني دوليا وتبرعاتها السخية ومساهماتها المتعددة ومشروعاتها الخيرية التي شملت قارات العالم.
وإذ قدمت الكويت عبر تاريخها نموذجا رياديا للعطاء والخير فإن مشاركتها دول العالم الاحتفاء باليوم العالمي للعمل الإنساني - الذي صادف أمس الاثنين - تمثل فرصة مهمة نستحضر فيها بإجلال المسيرة التاريخية للكويت وقياداتها الحكيمة وما جبل عليه شعبها من جود وسخاء وأنشطة جمعياتها الخيرية والإنسانية وجهود حكوماتها المتعاقبة في التخفيف من معاناة الشعوب المتضررة والمنكوبة ومساعدة الدول على الحد من أخطار الأوبئة والكوارث والأزمات سواء الطبيعية.
وتقديرا لدور الكويت حكومة وشعبا في الوقوف إلى جانب شعوب العالم ومحاولة التخفيف عن معاناتهم على مدار العقود الماضية فقد كرمتها الأمم المتحدة في التاسع من سبتمبر 2014 بتسميتها مركزا للعمل الإنساني وتكريم الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه بتسميته قائدا للعمل الإنساني.
ويعبر احتفاء دول العالم بيوم العمل الإنساني في 19 أغسطس كل عام تقديرا للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يواجهون مخاطر عدة وصعوبات جمة ولتكريم من فقدوا أرواحهم أو تعرضوا للإصابة أثناء تأدية مهامهم الإنسانية.
واختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ يوما عالميا للعمل الإنساني تخليدا لذكرى 22 شخصا لقوا حتفهم في هجوم إرهابي استهدف المقر الرئيسي للأمم المتحدة في بغداد في 19 أغسطس 2003.
ويركز اليوم العالمي للعمل الإنساني كل عام عبر حملة ينظمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على القضايا الإنسانية وجمع الشركاء على نطاق النظام الإنساني لإغاثة ومساعدة المتضررين من الأزمات وصون كرامتهم والحفاظ على سلامة عمال الإغاثة وأمنهم.
وتضع الكويت في ظل قيادتها الحكيمة المتتابعة العمل الإنساني على رأس أولوياتها بالتزامها المستمر بدعم الأمم المتحدة ومنظماتها التابعة المعنية بذلك لاسيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إذ قدمت مساهمات سخية لتكون أكبر الداعمين للمفوضية على المستوى الإقليمي خلال العقد الماضي.
وفي 12 مايو الماضي أكد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التزام دولة الكويت بمواصلة نهجها المعهود في دعم العمل الإنساني العالمي في وقت أشاد غوتيريش بالمبادرات الرائدة للكويت في دعم العمل الانساني لاسيما مساعدة اللاجئين السوريين.
وتقدم الكويت عبر عدد من الجهات الحكومية وجمعيات النفع العام كالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وجمعية الهلال الأحمر الكويتي والجمعية الكويتية للإغاثة وأيضا القطاع الخاص مساعدات مستمرة لجميع المناطق التي تحتاج إلى دعم التنمية فيها أو تعاني جراء الكوارث الطبيعية أو تشهد صراعات مختلفة.
وتعزيزا للرؤية المؤسسية بعيدة المدى للعمل الإنساني أطلقت وزارة الخارجية المنظومة الإلكترونية للعمل الإنساني التي تعتبر قفزة نوعية للكويت في ميدان المساعدات الإنسانية في مجالات متنوعة.
وبرز دور الكويت في تقديم المساعدات الإنسانية بصورة جلية أيضا خلال جائحة فيروس "كورونا" إذ حرصت على تقديم المساعدات المختلفة لاسيما الطبية والغذائية لعدد من دول العالم.
في هذا السياق أكدت وزارة الخارجية موقف دولة الكويت الثابت بالدعم الإنساني ومد يد العون لكل شعوب العالم المحتاجة معربة عن تقديرها لجميع العاملين في المجال الإنساني.
وقالت الوزارة في بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني - الذي صادف أمس الاثنين - إن دولة الكويت تستذكر بكثير من الإجلال العاملين في المجال الإنساني والذين فقدوا أرواحهم أو جرحوا أثناء وجودهم في الميدان.
ونوهت بقرار مجلس الأمن رقم "2730" لسنة 2024 المتعلق بضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني وجميع أفراد الأمم المتحدة خلال تأديتهم مهامهم.
وأكدت حرصها على توفير الحماية والظروف المناسبة والآمنة لهؤلاء العاملين بعد أن بلغ العنف الذي تعرضوا له في هذا المجال مستويات غير المسبوقة.
وبهذا الصدد تشدد دولة الكويت على أنها قامت وتقوم بهذه الأعمال الإنسانية بعيدا عن أي أهداف أو مصالح سياسية ودون تمييز فهذا دأبها ودأب حكامها منذ نشأتها.
كما تؤكد أن "هذا النهج يأتي على هدي من توجيهات سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه الملقب بقائد العمل الإنساني في مواصلة العمل الدبلوماسي والإنساني ومواجهة كافة التحديات ومساندة الأشقاء والأصدقاء في الأزمات الانسانية مما جعل دولة الكويت مركزا للعمل الإنساني".
من ناحيته أشاد رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لدى البلاد مازن أبوالحسن بدور دولة الكويت الداعم للجهود الإنسانية في مختلف أنحاء العالم "الذي مكن المنظمات الإنسانية من الاستجابة السريعة والفعالة للأزمات عبر تمويلها السخي".
وقال أبوالحسن لـ "كونا" بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي صادف أمس الاثنين إنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة دعمت دولة الكويت العمليات الإنسانية للمنظمة الدولية للهجرة حول العالم بمبلغ تجاوز 14 مليون دولار أمريكي.
وأكد أن هذا الدعم كان فعالا في توفير المساعدة المنقذة للحياة والمأوى والحماية لملايين الأفراد والمجتمعات النازحة المتضررة من الصراعات والكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ الأخرى.
وأضاف أن المنظمة تضم أكثر من 27 ألف موظف يعمل معظمهم في الميدان لمعالجة وتلبية احتياجات المهاجرين والنازحين في مختلف أنحاء العالم بشكل فعال على الرغم من التحديات الكبيرة التي يفرضها الصراع والوصول المحدود والظروف القاسية في المناطق التي يصعب الوصول إليها.وأوضح أن المنظمة لا تزال إحدى الوكالات الرئيسية التي تستجيب لأزمات النزوح المتعددة والصعبة في جميع أنحاء العالم التي تتراوح من الكوارث والتدهور البيئي وانعدام الأمن الغذائي إلى الصراعات المعقدة التي طال أمدها.
واستذكر التضحيات التي قدمها العاملون في المجال الإنساني مؤكدا التزام المنظمة بحماية أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لمساعدة الآخرين.
بدورها أكدت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية استمرار دورها الخيري في بناء الإنسان وتمكينه اقتصاديا وثقافيا وتعليميا واجتماعيا في مختلف بقاع العالم من دون تمييز.
وقال نائب المدير العام للاتصال المؤسسي في الهيئة الخيرية إبراهيم البدر في تصريح صحفي بمناسبة اليوم العالمي للعمل الانساني الذي صادف أمس الاثنين إن دولة الكويت من الدول السباقة في دعم المبادرات الخيرية والإنسانية.
وأشار البدر إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة الخيرية بالتعاون مع شركائها في دعم خطط وبرامج الاستجابة الإنسانية للمتضررين ومساندة الشعوب المنكوبة لا سيما في قطاع غزة الذي يعاني أوضاعا إنسانية كارثية بفعل العدوان.
واضاف انه منذ بداية العدوان الغاشم على قطاع غزة لم تدخر الهيئة الخيرية جهدا في إغاثة سكان القطاع بالتنسيق والتعاون مع الجهات الخيرية الكويتية والفلسطينية لإيصال الدعم الإنساني برا وبحرا وجوا مشيرا إلى أن الهيئة خصصت خلال تلك الفترة حوالي 10 ملايين دولار لدعم الوضع الإنساني في القطاع.
وأوضح البدر ان الهيئة الخيرية أطلقت أكبر تظاهرة خيرية إنسانية دولية لبناء تحالف إنساني عالمي لدعم وتعزيز التدخلات الإنسانية في غزة عبر تنظيم مؤتمر إنساني دولي بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" تحت شعار "شراكة إنسانية" بمشاركة 147 منظمة محلية وإقليمية وأممية ودولية من 48 دولة.
وذكر ان المؤتمر الإنساني الدولي أسفر عن إعلان برامج ومشاريع خيرية تنموية بقيمة تفوق الملياري دولار لدعم الوضع الإنساني في قطاع غزة خلال العامين المقبلين في إطار مبادرة "سند" لتعزيز التدخلات الإنسانية والتعافي المبكر في القطاع.
وبين البدر أن الهيئة تحتضن 30 فريقا تطوعيا نفذ منذ بداية العام 71 مشروعا خيريا داخل الكويت وخارجها مشيدا بجهود الفرق التطوعية التي نفذت وأشرفت على العديد من المشاريع ومنها تسديد الرسوم الدراسية وبناء بيوت للاجئين ومشاريع سقيا الماء في غزة إضافة إلى مشاريع إفطار الصائم وتوزيع الأضاحي وغير ذلك من المشاريع المتنوعة.
وأشار إلى المشاريع الخيرية الإنسانية التي ستنفذها الهيئة قريبا في جمهورية تنزانيا بالتعاون مع فريق تراحم التطوعي والتي تتضمن افتتاح 3 آبار ارتوازية وتوزيع 300 سلة غذائية وتنظيم قافلة طبية لعلاج 1600 مريض بالإضافة إلى ترميم 3 فصول لتحفيظ القرآن الكريم يستفيد منها 240 طالبا وطالبة وتوزيع 200 حقيبة مدرسية على الطلبة الفقراء. من ناحيته قال نائب رئيس مجلس الادارة بجمعية النجاة الخيرية الدكتور رشيد الحمد إن الكويت كانت دائما نموذجا للعطاء "غير المحدود" لكافة المحتاجين حول العالم، وأن هذا العطاء يتواصل في عهد "مشعل الخير" سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد.
وأكد الحمد في تصريح له بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يحل في 19 من أغسطس أنه عندما تذكر الكويت في أي محفل فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو الدور الرائد لحكومة الكويت ومؤسساتها الخيرية في مكافحة الفقر والجهل والمرض حول العالم.
وأشار إلى أن جمعية النجاة الخيرية منذ تأسيسها قبل 46 عاماً ساهمت بجهود كبيرة في العمل الخيري والإنساني داخل الكويت وخارجها، وتقوم بتنفيذ المشاريع التعليمية، والتنموية، والإغاثية ، والطبية، بالإضافة إلى كفالة الأيتام ومساعدة الأسر المتعففة وغيرها من المشاريع، وتسارع النجاة بتقديم كافة مواد الإغاثة للمنكوبين حول العالم لا سيما الدول الشقيقة مثل اليمن وفلسطين وغيرهما..
وفي مجال التعليم أوضح الحمد أن الجمعية ساهمت ببناء المدارس والمراكز التعليمية في العديد من الدول العربية والإسلامية، وتقديم الكفالة التعليمية للطلبة، والزي والحقيبة المدرسية، وكذلك تأهيل المعلمين خارج الكويت، ومساعدة أكثر من 55 ألف طالب علم داخل الكويت .وفيما يتعلق بالصحة نظمت جمعية النجاة المخيمات الطبية المجانية لضيوف دولة الكويت من الجاليات الوافدة، كما حرصت على إقامة مشروع "إبصار" لعلاج أمراض العيون بالدول الفقيرة استفاد منها أكثر قرابة 200 ألف مريض عيون، والمساهمة في الكثير من المشاريع الصحية.
كما اهتمت الجمعية بتوفير الماء النظيف للمحرومين منه فأطلقت حملات كبرى لحفر الآبار باسم "تخيل" لحفر الآبار الارتوازية بالقارة الافريقية، وقد وصل عدد الآبار التي قامت جمعية النجاة بحفرها منذ إنشائها إلى 13 ألف بئر.
وحول جهود جمعية النجاة في كفالة الأيتام قال الحمد : تكفل الجمعية 14 ألف يتيم، وتحرص على التواصل المباشر مع الأيتام المكفولين من قبلها في كافة الدول من خلال زيارة وفودها لهم في دولهم، وتفقد أحوالهم وأسرهم، وتوزيع الهدايا عليهم في المناسبات والأعياد.
وتقدم الحمد بالشكر للمتبرعين والمحسنين الذين كان لهم الدور الأكبر في تنفيذ ونجاح مشاريع الجمعية، ولكل من وزارة الشؤون والخارجية على الدعم المتواصل الذي يقدمانه للعمل الخيري الكويتي.