
"كونا":عقد أمس في الكويت الاجتماع الاستثنائي الـ46 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون والذي بحث الأوضاع في سوريا ولبنان وفلسطين.
وأكد رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي وزير الخارجية عبدالله اليحيا تمسك دول "التعاون" بالمبادئ الأساسية التي تضمن سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها "ونعبر عن رفضنا أشكال التدخل الخارجي في شؤونها".
وقال اليحيا في كلمته "نعرب عن دعمنا ومساندتنا لإرادة الشعب السوري كونه الوحيد المخول بتقرير مستقبله ومن هنا ندعو إلى استئناف العملية السياسية الشاملة التي تضمن مشاركة كل الأطراف وبشكل يسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار والازدهار".
وأضاف أنه "في هذا السياق نؤكد دعمنا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 ونشيد بجهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص غير بيدرسون ونحث على تعزيز جهود المجتمع الدولي لضمان التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام مؤكدين في الوقت ذاته أهمية رعاية اللاجئين والنازحين والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة إلى ديارهم وفقا للمعايير الدولية".
وذكر أن "اجتماعنا اليوم ينعقد في مرحلة استثنائية تشهد فيها منطقتنا تحديات متسارعة وأزمات ومخاطر معقدة تتطلب تنسيقا مستمرا وجهودا مشتركة ومسؤولية جماعية للتعامل معها ولا شك بأن استقرار سوريا ولبنان يشكل أولوية قصوى ليس فقط لأمنهما بل كذلك لأمن واستقرار الدول العربية وان مسؤوليتنا في هذا الصدد ليست مجرد التزام سياسي إنما هي واجب أخلاقي وإنساني تجاه شعوب شقيقة تربطنا بها أواصر الأخوة واعتبارات التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة".
ولفت إلى أن دول مجلس التعاون لم تدخر جهدا في دعم الشعب السوري الشقيق منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 سواء من خلال استضافة المؤتمرات الدولية للمانحين أو تقديم المساعدات المباشرة للشعب السوري.
واستذكر اليحيا باعتزاز استضافة دولة الكويت ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين من أجل سوريا خلال الأعوام "2013-2014-2015" إلى جانب رئاستها المشتركة لمؤتمري لندن "2016" وبروكسل "2017" "ونجدد اليوم التزامنا بمواصلة هذا الدعم الإنساني ونحث المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود لتخفيف معاناة الشعب السوري معبرين عن تضامننا معه لتعزيز علاقات الأخوة والتعاون لتحقيق كل ما من شأنه أن يحفظ أمنه ويحقق له التنمية والتقدم".
وفيما يتعلق بالأوضاع التي تشهدها الجمهورية اللبنانية الشقيقة أفاد بـ"أننا نتابع تطوراتها ببالغ القلق ونؤكد على دعمنا الكامل لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه ورفضِ أي تدخلات في شؤونه الداخلية أو أي محاولات للتأثير على وحدته الوطنية كما نؤكد أهمية احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولاسيما القرار 1701 ونعبر عن تطلعنا بأمل إلى الاستحقاق الرئاسي المقرر في 9 يناير 2025 باعتباره فرصة حقيقية لإعادة الاستقرار إلى لبنان الشقيق".
وتابع أنه في سياق متصل "لا يمكننا أن نغفل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي العربية السورية واللبنانية والفلسطينية بالإضافة إلى الممارسات الوحشية التي تستهدف الشعب الفلسطيني الشقيق والتي تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومبادئ السيادة".
وقال اليحيا إن دول مجلس التعاون تجدد موقفها الثابت بدعم القضية الفلسطينية العادلة وتؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما جدد مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية والإمدادات الطبية لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان قطاع غزة دون قيود مع توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل كما شدد على أهمية إحياء عملية السلام وضمان استئناف المفاوضات لتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وقال اليحيا إن "اجتماعنا اليوم يعكس روح الوحدة والمسؤولية التي تجمعنا ويؤكد على قدرتنا على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات شعوبنا وأسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والصلاح وأن يكلل جهودنا بالنجاح في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لدولنا وشعوبنا والمنطقة في ظل القيادة الحكيمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون حفظهم الله ورعاهم".
من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي الخميس إن الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية بدول المجلس في الكويت اليوم الخميس يأتي تأكيدا على دعم مجلس التعاون للجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية الشقيقتين لكل ما من شأنه تعزيز أمنهما واستقرارهما في مختلف الظروف والمواقف.
وقال البديوي في كلمة له خلال الاجتماع إن الاجتماع يأتي أيضا لتنسيق مواقف دول مجلس التعاون وسط الأحداث الجارية في الشقيقتين سوريا ولبنان وما صاحبها من تطورات متسارعة.
وذكر أن البيان الختامي للقمة الخليجية دعا إلى دعم وبذل وتعزيز كل الجهود السياسية والإنسانية والإغاثية لوقف تلك الانتهاكات ومطالبة مجلس الأمن بتنفيذ قراراته رقم 2735 ورقم 2712 ورقم 2720 لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الشقيق.
وعن سوريا أوضح البديوي أنه منذ بداية الأزمة السورية اتخذ مجلس التعاون موقفا ثابتا وسياسة واضحة تجاه الأزمة في سوريا وقد بذلت دول مجلس التعاون جهودا مستمرة لدعم الشعب السوري الشقيق ومنها استضافة دولة الكويت لعدد من مؤتمرات للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.
وذكر أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الجمهورية العربية السورية الشقيقة وما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من احتلال للمنطقة العازلة على الحدود السورية وكذلك قرار الحكومة الإسرائيلية بالتوسع في بناء المستوطنات في الجولان السوري المحتل هو انتهاك صارخ للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن واتفاق فض الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل "1974م".
وأكد البديوي ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره ومسؤولياته لوقف هذه الاعتداءات على الأراضي السورية وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي السورية المحتلة لا سيما أن جميع دول مجلس التعاون رحبت بما تضمنه البيان الصادر عن لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا الذي عقد بتاريخ 14 ديسمبر 2024 في مدينة العقبة بالمملكة الأردنية الهاشمية.
وأشاد البديوي بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية المؤقتة في الانتقال السلمي للسلطة وتأمين سلامة المدنيين والمواقف التي أعلنت عنها للحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، وتحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها ركائز رئيسية للحفاظ على الأمن والاستقرار واستعادة سوريا لدورها الإقليمي، ومكانتها الدولية.
وأكد ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري وتغليب المصلحة العليا والوحدة الوطنية وتكريس لغة الحوار لتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار.
وشدد البديوي على حرص واهتمام دول مجلس التعاون بعلاقاتها الأخوية والتاريخية وروابطها المتينة مع الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية وبذل كل الجهود لضمان أمنهما واستقرارهما بما يسهم في ازدهارهما والعيش الكريم المستدام لشعوبهم.
ورفع البديوي أسمى آيات الشكر وعظيم الامتنان إلى سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى على الدعم الكبير وغير المحدود والتوجيهات الكريمة لدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس وعلى استضافة دولة الكويت الكريمة لهذا الاجتماع الاستثنائي.
وفي البيان الختامي الصادر عن الاجتماع حث المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري على تضافر الجهود وتغليب المصلحة العليا والتمسك بالوحدة الوطنية وإطلاق حوار وطني شامل لتحقيق تطلعاتهم في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار.
وأكد المجلس الوزاري أهمية احترام سيادة الجمهورية العربية السورية الشقيقة واستقلالها ووحدة أراضيها ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية والتصدي للإرهاب والفوضى ومكافحة التطرف والغلو والتحريض وإحترام التنوع وعدم الإساءة لمعتقدات الآخرين.
وأعرب المجلس الوزاري عن دعمه لكل الجهود والمساعي العاملة على الوصول إلى عملية انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق في الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة كما أكد المجلس الوزاري على أن أمن سوريا واستقرارها ركيزة أساسية من ركائز استقرار أمن المنطقة.
ورحب المجلس الوزاري بالخطوات التي تم اتخاذها لتأمين سلامة المدنيين وحقن الدماء وتحقيق المصالحة الوطنية والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها وقرار حل الميليشيات والفصائل المسلحة وحصر حمل السلاح بيد الدولة باعتبار هذه الخطوات ركائز رئيسية للحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا واستعادتها لدورها الإقليمي ومكانتها الدولية.
وأدان المجلس الوزاري الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الجمهورية العربية السورية الشقيقة بما في ذلك احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية في انتهاك صارخ لسيادة سوريا واتفاق فض الاشتباك المبرم في العام 1974م مشددا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف هذه الاعتداءات على الأراضي السورية وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي السورية المحتلة.
كما أكد المجلس الوزاري أن هضبة الجولان أرض سورية عربية وأدان قرارات الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة في انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ولتمكين سوريا اقتصاديا دعا المجلس الوزاري إلى رفع العقوبات عنها كما دعا كل الشركاء والدول والمنظمات المعنية إلى تقديم كل وسائل الدعم للشعب السوري الشقيق مؤكدا على استمرار دول مجلس التعاون في تقديم المساعدات الإنسانية.
وبشأن لبنان أكد المجلس الوزاري على مواقف مجلس التعاون الثابتة بشأن دعم سيادة لبنان وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه وأهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهاب وتهريب المخدرات وكافة الأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة مشددا على أهمية دور القوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمن الداخلي.
كما أكد المجلس الوزاري ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان مدينا استمرار الاعتداءات الإسرائيلية التي نتج عنها الآلاف من الضحايا المدنيين وتهجيرهم وتدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية والصحية بالإضافة إلى الهجمات التي تعرضت لها قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "يونيفيل". وفيما يتعلق بقطاع غزة أكد المجلس الوزاري وقوف مجلس التعاون الثابت والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق والدفاع عن حقوقه المشروعة معربا عن تطلع دول المجلس لنجاح جهود الوساطة القطرية المصرية الأمريكية للإفراج عن الرهائن والمحتجزين.
وشدد على ضرورة التوصل الى وقف فوري ودائم وشامل لإطلاق النار وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح جميع المعابر بشكل فوري ودون شروط وضمان ايصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإمدادات الطبية لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان قطاع غزة.