
احتضن ثرى الكويت، أمس في ليلة 25 رمضان ، احد رجالاتها الأوفياء الذي عمل بجد وإخلاص في المجال الدبلوماسي لمدة 50 عاما داخل الكويت وخارجها في المحافل والمنظمات الخليجية والعربية والإسلامية والإقليمية والدولية، فكان نعم المدافع الشرس عن قضاياها
ولكن بهدوء، حازما في طرحه ولا يتراجع في اي حق من حقوق بلاده.
توفى اول من أمس، نائب وزير الخارجية الأسبق خالد سليمان جار الله الجارالله ، عن عمر يناهز 78 عامًا، قضى منها نحو 50 سنة في وزارة الخارجية ، بعد ان تخرج في قسم العلوم السياسية من جامعة الكويت عام 1971، وانخرط في العمل بوزارة الخارجية في العام ذاته، وتدرج في المناصب الدبلوماسية حتى عين وكيلاً لوزارة الخارجية عام 1999، ثم نائبا لوزير الخارجية بدرجة وزير .
و شغل عدة وظائف ، من بينها منصب السفير الكويتي في لبنان بين 1972 و1974 ليعود بعدها إلى الكويت للعمل في الديوان العام بمكتب وكيل وزارة الخارجية قبل انتقاله إلى الإدارة السياسية كرئيس لقسم الشؤون العربية بين 1974 و1987، كما تولى في عام 1987 إدارة شؤون مجلس التعاون قبل تعيينه في 1999 وكيلا لوزارة الخارجية. وفي نهاية يناير 2021، تقدم باستقالته من منصبه التزامًا بتنفيذ المرسوم الأميري الكويتي رقم 3 لسنة 2021 بشأن إنهاء العمل بالمراسيم الصادرة بالتعيين بدرجة وزير، وبذلك قد أتم في منصبه 22 عامًا.
تعاملت معه، رحمه الله، عن قرب لعقود كمحرر للشؤون الدبلوماسية والخارجية، فتعلمت منه الكثير والكثير، فكان نعم المعلم والأستاذ ليس فقط على صعيد العمل الدبلوماسي وطريقته في ردوده، طيب الله ثراه، على الأسئلة، انما كذلك في الطرح الراقي الهادئ مع ابتسامته المعهودة،
ولم يتضايق من اي سؤال مهما كان، وفي الوقت نفسه يجيب كما يريد هو.
كنا كمحررين الشؤون الدبلوماسية ، نفرح بوجوده في اي مناسبة، لاننا نضمن الخروج باكثر من "مانشيت" ، حتى عندما يكون في عجلة من امره لارتباط ما ، فنلتف حوله، " رزقنا على الله، ثم عليك "،
فنجد الابتسامة قبل الإجابة.
تعلمت منه الدقة في كتابة التصريحات الصحافية، وأن تكون واضحة لا تحتمل التأويل " لاننا نعمل في المجال الدبلوماسي وعلاقات دولية، وكل كلمة محسوبة " ، فكان مدرسة دبلوماسية نهلت منها ما اعانني في عملي وأيضا في حياتي العادية.
لم اكن اعرف ان مقابلتي معه اول شهر رمضان ، وهو يدخل احدى الديوانيات للتهنئة، هو لقاء الوداع، فشعرت بدفء الحضن مع الكلام الطيب والاطمئنان عن اخباري، مع الوعد بلقاء قريب، ولم يدر في خاطري، انه سيكون لقاء الوداع.
ما يخفف الألم والحزن، هو حسن خاتمته في أيام العتق من النار.
" نعزي الأسرة الكريمة وانفسنا وكل محبيك في هذا المصاب الجلل، وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا " ابو حازم " لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ... إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون.