الكويت – "الجامعة الدولية" :في مشهد علمي مشرق ومليء بالطموحات المستقبلية، أطلقت الجامعة الدولية في الكويت فعاليات المؤتمر السابع والخمسين لاتحاد الجامعات العربية تحت شعار «تعزيز التكامل الإقليمي والتحوُّل الرقمي في التعليم العالي العربي»، وذلك بمشاركة ممثلين عن 22 دولة عربية، وأكثر من 500 جامعة، ونخبة من الأكاديميين ورؤساء الجامعات العربية وممثلي الهيئات العلمية والبحثية.
دعم الجامعات الفلسطينية
استهل المؤتمر بكلمة لرئيس الجامعة الدولية في الكويت، الدكتور بركات الهديبان، الذي شدّد فيها على أهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به الجامعات العربية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً أن «دعم الجامعات الفلسطينية الشقيقة أصبح الآن فرض عين»، في ظل الظروف القاسية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، وخصوصاً بعد تصاعد العدوان على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف الهديبان أن القيادة الكويتية، ممثلة بسمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، تولي أهمية كبيرة للعلم والعلماء، مشيداً بتوجيهات سموه ودعمه المتواصل لمسيرة التعليم العالي والبحث العلمي في الكويت والعالم العربي.
التحول الرقمي
وفي كلمته خلال المؤتمر، استعرض الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، الدكتور عمرو سلامة، أبرز الإنجازات التي حققها الاتحاد في إطار تنفيذ خطته الاستراتيجية للفترة 2020-2030، مشيراً إلى إطلاق مشروع "بنك المعرفة العربي"، الذي تم تنفيذه بدعم من بنك المعرفة المصري.
ويُعد هذا المشروع نقلة نوعية في مسيرة التعليم العربي، إذ يتيح للجامعات الأعضاء الوصول إلى أكثر من 100 مليون مادة معرفية مقدمة من أكثر من 1000 دار نشر دولية وإقليمية ومحلية، ما يمثل منصة مركزية لإتاحة المعلومات والمعرفة على أوسع نطاق.
تعاون وتعليم مستدام
من جانبه، أكد الدكتور بهاء إبراهيم، رئيس جامعة بغداد ورئيس الدورة السادسة والخمسين السابقة للمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية، على ضرورة البناء الاستراتيجي للتعاون العربي في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم والبحث العلمي.
وشدد على أهمية بناء أطر تنظيمية واضحة لاستخدام هذه التقنية بما يحفظ القيم الأخلاقية والإنسانية ويعزز أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أن مستقبل التعليم العربي يعتمد على مدى توظيف هذه الأدوات الحديثة لصالح المجتمعات والطلاب.
وتطوير البحث العلمي
وفي مداخلة ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور فراج العجمي، أكد أن الجامعة العربية على أتم الاستعداد لتوسيع آفاق التعاون مع المؤسسات التعليمية والبحثية والمنظمات الدولية، بهدف تطوير الجامعات في الوطن العربي والارتقاء بمستوى البحث العلمي.
وأشار العجمي إلى أن التحديات التي تواجه التعليم العالي في العالم العربي، سواء كانت تكنولوجية أو اقتصادية أو سياسية، تتطلب تضافر الجهود وتعزيز الشراكات بين مختلف الجهات المعنية.
مؤتمر غير تقليدي
وفي تصريح خاص على هامش المؤتمر، أعرب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في جمهورية مصر العربية، الدكتور محمد عاشور، عن سعادته بحضور فعاليات المؤتمر، واصفاً إياه بأنه "مؤتمر غير تقليدي" لما يحمله من أهمية بالغة في دعم وتطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في الدول العربية.
وقال عاشور: «وجود أكثر من 500 جامعة تحت مظلة اتحاد الجامعات العربية، ومشاركتها في مثل هذه المؤتمرات، يعكس الرغبة الحقيقية في تجاوز التحديات وتطوير الأداء الأكاديمي والبحثي العربي». كما شدد على أهمية تسخير إمكانات التحول الرقمي لتعزيز جودة التعليم وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات التعليمية العربية.
ورش عمل
وجلسات علمية
تضمن المؤتمر عدداً من ورش العمل والجلسات المتخصصة التي ناقشت قضايا محورية تتعلق بالتحول الرقمي، جودة التعليم، التمويل الجامعي، دور الجامعات في خدمة المجتمع، وإدارة الأزمات في مؤسسات التعليم العالي.
وتم تقديم أوراق بحثية ومشروعات علمية من مختلف الجامعات العربية، ركزت على كيفية الاستفادة من تقنيات التعليم الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الذكي، وتطبيقاتها في المناهج الدراسية وأساليب التدريس والتقييم.
مبادرات ومذكرات تفاهم
وشهد المؤتمر توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الجامعات العربية في مجالات البحث المشترك، والتبادل الطلابي، والتعاون في برامج الدراسات العليا، بما يعزز التكامل الأكاديمي العربي ويؤسس لبنية تحتية معرفية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.
كما تم الإعلان عن مبادرات تهدف إلى دعم الجامعات الفلسطينية، سواء عبر تمويل برامج أكاديمية، أو توفير منح دراسية للطلاب، أو تقديم الدعم التقني واللوجستي لمؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
التكامل الإقليمي
ناقش المشاركون خلال جلسات المؤتمر فكرة "الجامعة العربية الرقمية الموحدة"، كمشروع طموح يعكس الرغبة في توحيد الجهود الأكاديمية والبحثية، ويتيح للطلاب والباحثين العرب فرصاً أكبر للتعلم والوصول إلى مصادر المعرفة دون عوائق.
وجرى التأكيد على أن التكامل الإقليمي في مجال التعليم العالي هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية، وتحقيق الأمن العلمي والمعرفي، وتمكين الشباب العربي من أدوات العصر.
ختام وتوصيات
اختتم المؤتمر أعماله بإصدار عدد من التوصيات المهمة، أبرزها:
1. تعزيز التعاون الأكاديمي العربي من خلال مشروعات بحثية مشتركة ومؤتمرات دورية.
2. دعم الجامعات الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة، وتخصيص منح دراسية للطلاب المتضررين من الحرب.
3. تسريع التحول الرقمي في الجامعات العربية، مع توفير البنية التحتية اللازمة لذلك.
4. تأسيس لجنة دائمة لتطوير الذكاء الاصطناعي في التعليم العربي.
5. إطلاق مبادرات تمويل عربية* لدعم البحث العلمي وتطوير المناهج الأكاديمية.
خاتمة: المؤتمر محطة فارقة في مسيرة التعليم العربي، إذ جاء المؤتمر الـ57 لاتحاد الجامعات العربية ليؤكد من جديد أن التعليم العالي في العالم العربي لا يزال ينبض بالحيوية والطموح، مدعوماً بقيادات أكاديمية واعية، ومبادرات طموحة قادرة على إحداث تغيير حقيقي.
ومع انتهاء المؤتمر، غادر المشاركون الكويت وهم يحملون معهم طموحات مشتركة، وعزماً متجدداً على بناء مستقبل تعليمي عربي قائم على التعاون، والابتكار، والعدالة المعرفية.
