
احتفلت سفارة روسيا لدى البلاد مساء الخميس الماضي بالذكرى الـ 80 لإنتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، بحضور حشد كبير من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية وكبار المسؤولين والشخصيات والمدعويين.
والقى السفير الروسي فلاديمير جيلتوف كلمة أعاد خلالها إلى الاذهان اسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية ودور الاتحاد السوفيتي في حسمها، وتغير الخريطة الجيوسياسية بشكل جذري بعد هذه الحرب.
واستهل السفير جيلتوف كلمته قائلا:
إنه من دواعي سروري أن أعرب عن خالص امتناني لجميع الحضور الكرام لمشاركتكم معنا في الاحتفال بذكرى الانتصار على النازية.
لقد مرت 80 سنة على انتهاء الحرب الوطنية العظمى. هكذا نسمى في روسيا فترة الحرب العالمية الثانية - منذ هجوم ألمانيا النازية على الإتحاد السوفياتي في 22 يونيو1941 حتى هزيمة ألمانيا واستسلامها في 9 مايو 1945.
واضاف : و منذ ذلك الحين نشأت عدة أجيال ما بعد الحرب، لقد تغيرت الخريطة الجيوسياسية بشكل جذري ، اما الاتحاد السوفياتي الذي لعب دورا حاسما في سحق النازية لم يعد له وجود. وللناس في عالمنا المعاصر تبدو أحداث تلك الحرب ماضيا بعيدا ، واما بالنسبة لشعوبنا فتركت الحرب بصمة عميقة في ذاكرتنا التاريخية.
وتابع : الحرب العالمية الثانية لم تندلع بين عشية وضحاها، لم تبدأ بشكل غير متوقع وفجائي ، فهذه الحرب كانت نتيجة العديد من التوجهات والعوامل والتحديات في السياسيات العالمية في تلك الفترة التأريخية. إن أكبر مأساة في تاريخ البشرية تكمن أسبابها في النظام العالمي الهش الذي تشكل في أعقاب الحرب العالمية الأولى. في تلك الأوضاع المتوترة سعت القوى المهزومة إلى الانتقام نتيجة الإذلال الذي تعرضت له وبالتالي رحبت قادة الحرس القديم بقدوم الزعيم المتطرف النازي الى السلطة وليس في ألمانيا وحدها. اما النخب الحاكمة الأوروبية فحاولت استخدام المانيا النازية كورقة في سياساتها المعادية للاتحاد السوفياتي حيث أرغمته ودفعته إلى الاندفاع نحو الشرق.
واردف : عاجلا أم آجلا، أدت السياسة الغربية الفاشلة ل”إسترضاء” القيادة النازية إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939. ولحين هجوم ألمانيا على الاتحاد السوفيتي في 22 يونيو 1941 كانت كل أوروبا تقريبا تحت أقدام الجنود الألمان وحلفائهم. كما دعمت اقتصادات وموارد الدول التابعة والمحتلة آلة الحرب الألمانية. في هذه الظروف كان هجومها على الاتحاد السوفيتي مجرد مسألة وقت.
وبالنسبة للاتحاد السوفيتي، لم تكن الحرب غير متوقعة، فبلدنا كان يتوقعها ويستعد لها ، ولكن الهجوم كان له قوة تدميرية لم يسبق لها مثيل ، لقد واجهنا أقوى جيش في العالم في تلك الفترة استفاد من القدرات الصناعية والحربية وحتى البشرية لكل أوروبا تقريبا. واشار الى مشاركة جيوش الحلفاء والاتباع الأوروبيين جنباً إلى جنب مع الجيش الألماني في الهجوم على الاتحاد السوفيتي.
وتحولت آمال المعتدين في انتصار سريع على الاتحاد السوفيتي بما يسمى الحرب الخاطفة إلى أربع سنوات من الحرب الشرسة على الجبهة الشرقية. وهنا دُمر “العمود الفقري” للآلة الحربية الالمانية، وانحسرت الحرب من حيث أتت. ولفت الى انه بعد أن عانى الشعب السوفيتي من خسائر فادحة في بداية الحرب، تحول مساره خلال أكبر معركة في الحرب العالمية الثانية- معركة ستالينغراد في خريف 1942 - شتاء 1943. ومنذ ذلك الحين، كانت الجبهة الشرقية تتحرك فقط نحو الغرب. بعد طرد الغزاة عن أراضي الاتحاد السوفياتي، حرر الجيش الأحمر في وقت لاحق نصف أوروبا من الفاشية. ودفنت أفكار الهيمنة العالمية في مايو 1945 في برلين.
وقال : بعد مرور 80 عاما على هذه الأحداث الدراماتيكية، يجب ألا ننسى أن الاتحاد السوفيتي هو الذي قدم الإسهام الحاسم في هزيمة النازية حيث واجهنا ثلاثة أرباع القدرات العسكرية المشتركة لألمانيا النازية والدول الأوروبية تحت سيطرتها ، وعلى الجبهة الشرقية تكبد الجيش النازي 78% من خسائره الإجمالية. ويتوجب التذكير بأن حلفائنا فتحوا “الجبهة الثانية” في نورماندي في يونيو 1944 فقط، أي قبل أقل من عام من نهاية الحرب.
واضاف : جاء انتصارنا بثمن باهظ حيث خسر الا تحاد السوفيتي 27 مليون من أبنائه. وكانت أغلبية القتلى من المدنيين الذين سقطوا ضحايا القصف والتدمير والإبادة الجماعية الممنهجة تحت الاحتلال وفي معسكرات الموت النازية. ومن واجبنا المشترك أن نتذكر هؤلاء الضحايا.
وفي الوقت نفسه، نقدر مساهمة الحلفاء الذين شاركوا معنا في الحرب من أجل هزيمة ألمانيا النازية وإتلافها. ولكن من المؤسف أن الجيل المعاصر من النخب الغربية ينسو التحالف والتعاون بيننا خلال هذه الفترة الزمنية.
وفي هذه الأيام نشهد بأسف عميق جهودا دؤوبة لإعادة كتابة تأريخ الحرب العالمية الثانية والتقليل من أهمية الإسهام الحاسم للاتحاد السوفيتي في الانتصار على الفاشية، ويشمل ذلك أيضا محاولات لإعادة إعتبار التنظيمات والافراد المتعاونين مع النازية. والسبب وراء كل هذا النسيان السياسى هو الذاكرة التاريخية القصيرة ودروس الماضي غير المستوعبة
وختم السفير جيلتوف قائلا : عند هذه الكلمات إنني لأجدد الترحيب بكم جميعا في هذه الذكرى التأريخية الغالية على قلوبنا.