
حلت أمس السبت الذكرى الأليمة الـ35 للغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت حين اجتاحت قوات النظام العراقي السابق الأراضي الكويتية في الثاني من أغسطس عام 1990 في اعتداء سافر استهدف الكيان والسيادة محاولا طمس الهوية الوطنية ومحو وجود دولة مستقلة وعضو فاعل في المجتمع الدولي.
وفي هذه الذكرى الأليمة أكد سفراء لدى البلاد أنه لا بد أن نستذكر في هذا اليوم تضحيات وشجاعة وبسالة أبناء وبنات الكويت في مقاومة الاحتلال حتى عادت لأهلها وقيادتها الذين بذلوا الجهد والغالي في سبيل عودتها درة مضيئة كما كانت».
في هذا السياق أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى البلاد الأمير سلطان بن سعد، أن ذكرى الغزو العراقي الغاشم للكويت، التي صادفت أمس مرور 35 عاما، هي مناسبة لاستحضار بسالة وتضحيات أبناء وبنات الكويت الذين دافعوا عن وطنهم حتى استعادت الكويت سيادتها ومكانتها.
وقال السفير في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»: «تحل اليوم «أمس» الذكرى «35» للغزو الغاشم الذي تعرضت له كويت المحبة والسلام، ولا بد أن نستذكر في هذا اليوم تضحيات وشجاعة وبسالة أبناء وبنات الكويت في مقاومة الاحتلال حتى عادت الكويت لأهلها وقيادتها الذين بذلوا الجهد والغالي في سبيل عودتها درة مضيئة كما كانت».
وترحّم الأمير سلطان في تغريدته على شهداء الكويت، كما استذكر قادة الكويت الراحلين، قائلاً: «رحم الله الشهداء، ورحم الله الشيوخ جابر وسعد وصباح ونواف، وحفظ الله الشيخ مشعل الأمل وولي عهده، وحفظ الله الكويت من كل سوء ومكروه».
من جهته قال سفير مملكة البحرين لدى البلاد صلاح المالكي، انه في الذكرى ال 35 للغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت « الذي عاصرته بأيامه وبمرارته الأليمة يوما بيوم نظرا لما تمثله دولة الكويت لكل أسرة بحرينية من منزلة قريبة وعالية وغالية في نفوسنا تعززها وشائج قربى وروابط دم أسرية ومصاهرة وعمق في التاريخ متميز عن باقي الشعوب».
اضاف في تصريح صحافي امس، لا يسعني في ذكرى هذا التاريخ الأليم الذي عاصرته وانا ابن السادسة عشر سنة، إلا ان اقف اليوم بعد 35 عاما بكل إجلال من امام أبراجها الشامخة بالعز والأمن والأمان ، بأن ادعو المولى عزت قدرته ان يرحم أمراء دولة الكويت السابقين رحمهم الله الذين افنوا حياتهم في خدمة كويت الخير والمحبة والرفعة والصمود وشعبها الأصيل الكريم ، داعيا الله العلي القدير ان يحفظ دولة الكويت الشقيقة في ظل راية قائدها واميرها صاحب السمو الشيخ مشعل الاحمد وأمده بالصحة والعمر المديد وجميع أسرة الـ صباح الكرام والشعب الكويتي الوفي العزيز من كل مكروه وان يرحم شهدائها الأبرار الذين ضحوا بارواحهم من اجل تراب الكويت الغالي وان تبقى رايتها عالية خفاقة بين الامم .
بدوره اكد سفير ايران في الكويت محمد توتونجي ، أن بلاده كانت من اوائل الدول التي أدانت الغزو البعثي الغاشم لدولة الكويت رافضة ادعاءات النظام البائد في المنظمات الدولية.
وقال في تغريدة على حسابه في منصة «اكس» : احتضنت ايران برحابة صدر مئات العوائل الكويتية في ايران وقدمت مابوسعها من تسهيلات وقد اختلط الدم الايراني مع الكويتي في الدفاع عن حياض الكويت ضد المعتدين،كما بادرت لتقديم كل امكانياتهالأطفاء حرائق آبار النفط في الكويت.
وكما سطرالشعب الإيراني ملاحم بطولية في دفاعه عن أرضه طوال 8 سنوات شهدنا تماسك وتضحيات الشعب الكويتي في الذود عن ترابه مما يبرهن عمق الأخوة بين الشعبين الجارين.
الجدير بالذكر أن الكويتيين سطروا منذ اللحظات الأولى أروع صور التلاحم والصلابة الوطنية فوقفوا في الداخل والخارج صفا واحدا خلف قيادتهم الشرعية متمسكين بالحق والسيادة رافضين الخضوع لواقع الاحتلال ومجسدين وحدة وطنية نادرة رسمت ملامح ملحمة تاريخية انتهت بتحرير البلاد وعودة الشرعية في 26 فبراير 1991.
ومع تعنت النظام العراقي السابق وتماديه في طغيانه لجأ إلى سياسة الأرض المحروقة إذ عمد إلى إحراق 752 بئرا نفطية وتخريب المنشآت الحيوية كما زرع الأرض بالألغام وحفر الخنادق النفطية في محاولة لعرقلة جهود التحرير والتسبب بأكبر ضرر ممكن للبيئة والبنية التحتية الكويتية.
وفي مقابل ذلك أظهرت القيادة السياسية الكويتية آنذاك قدرا عاليا من الحكمة والبصيرة تمثلت في الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد والأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله طيب الله ثراهما إلى جانب الدور التاريخي لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد - طيب الله ثراه - الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وكان له بصمات بارزة في حشد التأييد العربي والدولي لقضية الكويت العادلة.
وأمام فظاعة الغزو لم يتأخر المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم إذ أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم «660» الذي أدان العدوان وطالب بانسحاب القوات العراقية فورا ودون قيد أو شرط وتوالت بعده القرارات الأممية الصارمة تحت الفصل السابع ما شكل غطاء قانونيا لتحرير الكويت عبر تحالف دولي واسع النطاق.
وفي ضوء هذه المتغيرات شكلت الجهود الدبلوماسية الكويتية بقيادة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد حجر الأساس في كسب المواقف الدولية المساندة إذ استطاع عبر شبكة علاقاته الممتدة أن يوصل صوت الكويت إلى كل المحافل ويفضح الجريمة بحق السيادة والقانون الدولي ويؤسس لإجماع غير مسبوق على ضرورة إنهاء الاحتلال وإعادة الحق إلى أهله.
وعقب التحرير ثبتت الكويت سياسة خارجية قائمة على التمييز بين النظام العراقي البائد والشعب العراقي الشقيق مؤكدة أنها لا تحمل ضغينة لشعب مغلوب على أمره بل وقفت إلى جانبه إنسانيا وقدمت له الدعم والمساعدات منذ العام 1993 وحتى اليوم في صورة تعكس أصالة القيم الكويتية ومبادئها الثابتة.
ومنذ أبريل 1995 بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتي وبتوجيهات من القيادة السياسية بإرسال المساعدات إلى اللاجئين العراقيين في إيران وواصلت الكويت جهودها بعد تحرير العراق في 2003 لتصبح من أكبر الدول المانحة له حيث دعمت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والنازحين العراقيين بملايين الدولارات.
كما تبرعت الكويت في يوليو 2014 بثلاثة ملايين دولار لدعم العمليات الإنسانية في العراق ثم تبعتها في العام 2015 مساهمة غير مسبوقة بقيمة 200 مليون دولار لإغاثة النازحين وشملت المساعدات الغذائية أكثر من 50 ألف سلة موزعة في إقليم كردستان ومدن أخرى متضررة.
وفي يوليو 2016 تعهدت الكويت خلال مؤتمر المانحين في واشنطن بتقديم 176 مليون دولار مساعدات إنسانية للعراق ما دفع مجلس الأمن للاشادة علنا بجهودها المستمرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتوجت هذه الجهود باستضافة الكويت في فبراير 2018 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار العراق عقب تحرير مدينة الموصل من ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» إذ بلغت تعهدات المشاركين في المؤتمر نحو 30 مليار دولار أمريكي على شكل قروض ومنح وتسهيلات مالية.
وتكريسا لهذا النهج الأخوي قامت الكويت خلال السنوات الماضية بتسلم دفعات من رفات شهدائها الأبرار الذين استشهدوا إبان الاحتلال العراقي كما تسلمت دفعات من الأرشيف والممتلكات الكويتية التي تم الاستيلاء عليها في خطوة تعكس حرص القيادة السياسية على إغلاق الملفات العالقة بروح المسؤولية والإنصاف.
ولعل أبرز ما يميز هذه الذكرى رغم مرارتها هو أن الكويت لم تجعل منها عنوانا للانتقام بل منصة للسلام والتضامن مستندة إلى موروثها الإنساني ومبادئها الثابتة في دعم استقرار المنطقة وتعزيز العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب وفي مقدمتهم الشعب العراقي.