الحياة تتطلّب خوذةً صلبة، تحمي رأسك من الضربات القاسية كي يظلّ سليماً أو على الأقل يؤدي غرض العيش بما يتناسب مع مآلك الذي اخترت.
مآلُك هذا: هو الذي رُسِمَ لك، ومشيتَ فيه مُختاراً.. تبذل لأجله من الأسباب ما يجعلك على جادة الوصول إليه، تعيشُ في غمرةٍ من اللهو، أو جوٍّ من الزهد يقول لك أن الحياة فانية ولا يبقى لك فيها سوى ما زرعت، ولن تأكل إلا إياه .
ويا للغرابة ..!
الكثير جداً يعلم تلك الحقيقة علم اليقين ولا يُؤخّر أجلاً من الشقاء كما يتهيّأُ له، ولا يُقدّم حصةً من الهناء كما يزعم.
الاختيار لك، والنتيجة راجعةٌ إليك، والهوى مُقادٌ أو مَقُود.. كلٌّ يعمل على شاكلته وما أُوتيَ من الإدراك وتغليب الأفضل على الأسوء إن لم يخالط ذلك تسويف يقلِبُ الموازين وتُقضى فيه الآجال.
أأدركت أم لم تدرك ذلك.
الجهل غير مسوَّغٍ لصدودك، ولحاقك بركب الهائمين على وجوههم يبتغون عرض الحياة وطولها دون أن يحدُّهم فقدُ عزيز ويعتبرون من قصرها ونهايتها، ولا العلم برادّك عن ترفيه نفسك ومنحها ما تستحقّ من الفرح ونيل ملذاتها من الحلال، ومن يصوّر لك المسألة على خلاف هذا النحوِ أيم الله هو كاذب.
لقد تقاضَت الحياة ممن قضوها على غير هدىً ولا إيمان وفسادٍ كبير بالفناء، وفاجعةٍ سوء عقبى الدار، وأما من أحسنوا فيها وقدّموا ما يملكون لينالوا وعدَ أُخراهم فإنها أخذت بعضهم على أحسن حال، وتركت آخرون يقتدون بفِعلهم من فَعل فينجو، ويتجاهله من لا يقدّر للآخرة سعيها فيهلك.
إن الحياة بصورةٍ بسيطة خالية من الشوائب، والتحريف: تموت لتحيا، أو تموت لتموت !
أيهما اخترت: فأنت ظافرٌ به .
نفلة محمد
“ عبرات الرحيل “