تطل علينا عبارة “ أريد الكثير .. من اللاشيء “ فتستفز سحابة الذائقة لتبسط تحت ظلالها كؤوسا تحاول أن تملأها من مطر الشاعر الأستاذ فهد دوحان .. الرغبة في الكثير لكن هذا الكثير يكون من اللاشيء.. فلسفة ورؤية تحمل رؤى كثيرة تحملنا في زوارق القافية لنبحر في بحر شعر هذا الشاعر المبدع وفي أنهار كلماته العذبة ..
قرأت شعر المبدع الشاعر أستاذي فهد دوحان وجدت أن كلمات معينة تتردد في شعره وتتكرر بصورة ملفتة للنظر وتحملنا هذه الكلمات على أجنحتها لدنيا الشعر المخملية والوارفة الظلال .. نجد مثلا كلمة “ الريش ، العصفور ، العش ، المطر ، الأحلام ، الدفء ، المراجيح ، الريح ، الطير ، البلل ، المنفى ، الحمام ، الشجر .. كثيرا ما تتردّد سواء في بعض قصائده أم في كلامه ونثره ..
مثلا :
( كنت اشتعل في داخلي ..
كنت اشتعل وادفا ،،
واليوم أنا في داخلك :
يملانـي المنفى ) !
**
( اختصر لك : لا ديــار ولا حبـايب
أجْـتمِع بي وآتفــّرق بي ، وانام
“مو حزن” لاوالله اكثر ، قل هبايب
صاخبة ، جف الشجر، طار الحمام )
**
ويقول أيضا بل لنقل أكثر دقة ويرسم أيضا.. يرسم الفنان فهد دوحان بألوان كلماته القزحية لوحات فسيفسائية على جدار ذاكرة القارئ فلا يطالها النسيان ولا يغطيها غبار الزمان تبقى تتزمزم روعة ..
( هجر يعني بأنك حي لو ماتت فراشات ابتساماتك
سعيد بحزنك اليابس
سعيد انك وحيد
إنك كثير بقلبك المُبتل
وحبيتك هجر يوقد فوانيس انتظارك : خِل ..
هجر يعني بأنك لا تزال العاشق الأجمل
هجر مثل المهاجر من بلاده للمدى الممتد بالأمثل
أحبك كثر ماطال الشجر والليل
وارتفعت تناهيد القلوب من الصدور تهدهد الانفاس
تبني بالضلوع المنهدم منها
وتجبر ماتكسر بالتعب وانهد لما ظل )
ولرسومات الشاعر المبدع فهد دوحان الشعرية عبق يتناثر فوق طرقات القوافي فيعيدها خضراء مبللة بندى الدهشة وفلسفة شعرية تنساب في جداول الذاكرة الشعرية ليس على المستوى الخليجي فقط بل على المستوى العربي أيضا تجعل القارئ لا يستمتع بما يقرؤه من شعره فقط بل يفكر وتتفتّح ورود الفكر عنده فتعطر الأحاسيس وتزداد عنده شهية القراءة لهذا الشعر الباذخ ، يحمل فهد دوحان القارئ إلى مدينة عامرة بالشعر والعشق وفلسفة حياتية تستحق من الباحثين دراستها بعمق وتحليلها لأنها فعلا فلسفة شعرية رائعة تضيف للساحة الشعرية الشيء الكثير .. فهد دوحان ظاهرة شعرية بكل المقاييس .
لست أجامل الأستاذ الشاعر فهد دوحان فمن يعرف فجر عبد الله من خلال كتاباتها يعرف أنها لا تجامل ، يعدّ هذا الشاعر المبدع ظاهرة شعرية تستحق الدراسة والبحث في شعره المتعمق ، المتجذر ، المتفرع في عوالم شعرية مخملية وفلسفات لقوافي تمدّ فروعها لتتشابك فتنسج لنا زوارق نبحر بها وفيها لموانئ الشعر الراقي والهادف الذي يحاول من خلاله الشاعر رسم ملامح العطاء ثم العطاء ثم العطاء بلا حدود للساحة الشعرية واجب على كل باحث في الشعر على الساحة الخليجية بالخصوص .. فقد أعطى فهد دوحان الكثير للشعر الخليجي .
وهذه قصيدة من قصائده الماتعة أترككم معها تعيشون وتستمتعون في عالم الشعر بقافية تتمايل فراشات الذائقة على أكمامها طربا ترتشف رحيق الشعر المغمس في شهد الروعة
( شكرا لأنك عرفتيني / كشفتنيني
في جنة اني لقيتك / عشتك الجنة
من غير ذنبٍ نزلنا الارض وشوفيني
في جنة إنا “ انتهينا “ بحب ونظنه :
في مرحلة فيه نجهل وينك وويني
لكنها في مدار اسراره ، وفنّه
بس الأكيد اكثر اني رغم مافيني
اتذكرك وابتسم واشتاق حد انه :
اذا اندهوني بالاسم اللي تسمّيني
هزيت راسي ، وصدري جر له ونّه !
تقطّع من الوله قلبي ، وذي عين
يتسيل ، والما يضمد مابقى منه
شكراً لأنك عبرتيني / عمرتيني
& في هالحياة ، وعطيتيني بلا مِنّه
شكرا ذبحتيني .. وشكراً عطيتني
عمرك على شان نرجع فيه للجنة )
***
“ لا تلتفت .. وصية درب “ عوالم مدهشة وفلسفة شعرية رائعة :
( هو الخيال :
أول دروب المعرفة
- أبعد سماوات الحياة
- الأقرب
- الحقيقة
- الباسط طريقة
من بداية الخلْق العظيم
إلى النهايات ..الأخيرة
لكل الجهات لحد لحظات الممات
المانح الإنسان ما لا يستطيع
الا يحس أنه جدير بكل ما يعنيه تاريخ اللّغات
بـْما حـَوتـْه المفردات المثقلات
إنه قدر يستوعب الممنوح له :
عرف معنى الحياة
ولا يزال.. !
**
الاسئلة :
سفن تمد شراعها
في كل شبر من أي بلل
لجل النجاة ..
الأجوبة :
تفتّحت على مصراعها
مليانة بنقص وزلل :
محاولات... !
فمن خلال المفترض أنّا نكونه
أو ما كان مفروض أننا
نعْـِرف مثل ما ينبغي لنا
كنت أدري أن أعظم إجابة
عمرها ما كانت أجمل من أصغر سؤال
ولا تزال...!
ومن خلال الانعتاق من القيود
إلى التقيد بما بعدها كان السؤال
وكان صوتي نفسه
المتكرر بنبرة ملامحها إتِّـشابه
وأتساءل أكثر من المرتبك
والعارف الإجابة المتمددة في كل مكان :
هي يا ترى “ الوحْدة “
صديقة الإنسان وإِنسِة وحشته
من كل قلب اسودَّت أطرافه
ومن كل الزحام الفارغ
وتشعر بأن إيدينه امتدت على روحك
وصل عندك جفافه
ما يخاف من اليباس
ولكنك تخافه ..
أي ما تقطع عمرنا عليه...
اي اختطافة
بأي وقت
باي طريق
باي طريقة
بأي زمان
بأي مكان
اي صوت ريح اجتاح في صدرك قرى
اي ارتجافة
اي ما يحاول يستبيح السنبل المجموع فيك
ويترك بروحك : عجافه
اي من تعلم في مدارس قلبك
ابجديات الحياة / الحب / الانسان
وهدم جدران فصله يوم قدم آخر امتحان ) ..!
فجر عبدالله