مشكلتنا في هذا الزمن لم يعدْ للمصطلح قيمته الحقيقية ؛ فمصطلح ( رائع ) على سبيل المثال أكثر من أنه تقييم حقيقي يقوم على معايير و أسس !! هو مصطلح ( انطباعي ) يتأثر بكل المشاعر الإنسانية تمامًا كما هو حال الانطباع الذي ينقله لنا المثل المحكي ؛ “ القرد بعين أمه غزال “ فكل أم تعيش انطباع بتأثير مشاعرها كأم حتى لو كان ولدها “ ما ينبلع “ لأنها لا تحكم من معايير حقيقية فكان حكمها بغزال انطباعًا اعتباطًا ..! و السبب في مثل هذه الأحكام الانطباعية يتعلق بالمُقَيِّم !! و ما دام هناك سبب فحتمًا هناك نتيجة هي في حقيقتها تأثير في التجربة و صاحبها !! المهم ؛ لو أسقطنا الحديث هذا على النتاج الأدبي في زمننا هذا ؛ لوجدنا تداخل كبير في التجارب حتى اختفت المعالم تمامًا فلم يعد هناك سلم تقييم لنضع “ المُنتج الأدبي “ في مكانه المناسب ، لأنه بالأساس لا يوجد هناك معايير للتقييم ! وهذا انعكس ليكون الحَكَم كل النّاس فاختلط مفهوم الذائقة بمفهوم النقد لتصبح النماذج الشعرية التي تتصدر الواجهة ليست بالضرورة أن تتصدر عن استحقاق !! ولا تعتبروا هذا الذي أتحدث عنه هيّنًا .. فما دام الأدب هو المصوّر الحقيقي لحياة النّاس ؛ فنحن أحوج لأن نتعامل معه باحترام أكثر !! حتى نضمن أن تنتقل تجربتنا الإنسانية بصورتها الحقيقية للزمن القادم ! لذلك نحن قبل كل شيء نحتاج لمنح التقييم قدسيته المفترضة و نسوّر حدوده و نشيّد “ خيمة النابغة الذبياني “ بمقتضى الزمان ..! ومتى ما قمنا بهذا فسينعكس كسبب بقيمة حقيقية على النتاج !! لتكون كل “ مقطوعة “ أدبية في مكانها الصحيح لنبدأ نفهم جيّدًا تلك التجارب الخالدة ذات المستوى الذي يخولها بأن تكون نموذحاَ يحتذى به و يقاس عليه ..! فتلك الروعة التي تملأ الأفاق من حولنا لا يمكن الاعتداد بها و اعتمادها كحكم نهائي .. بل هي مجرد انطباع يتأثر بكل المؤثرات ..! حتى أصبح و بكل تجرد أكثر ما نقرأه مجرد “ تجربة القرد الغزال “ التي دفعت بالجمهور ليلعب دور الأم ليمنح كثيرًا من التجارب أكبر من قدرها الذي تستحق ..! وحتى لا يكون حديثي هذا مجرد وصف للمشكلة ؛ فنحن أحوج الآن لتصنيف شركاء الساحة الأدبية بحسب قدرتهم الحقيقية ، و إن خرجنا بأربعة نقاد فنحن أسسنا للبناء الصحيح لتكون تجربتنا الأدبية -الشعرية بوجه الخصوص - تجربة حقيقية بمراتب لا تدخل “ الحوّة بالبسباس “ وسأترك لكم هذا المثل الشعبي لتفهموه بالطريقة التي تناسبكم ..!
شاهدي سأقدمه بطريقتي .. ولي :
من عاد لي بالشعر وأحاول أقوله
بلسان واقعنا ، و أوّلف معانينا
ما همني من ينقل العيب بهموله
ما جيت واديهم ! ولا جوّ وادينا
مبطي سوالفنا و هي حيل معسولة
يا كثر ما ضعنا عسى الله يهدينا
راحت سنين و عاد الأوجاع منقوله
أمراض ترهقنا .. و الآمال تلهينا
حتى غدينا تالي الوقت ؛ وفصوله :
ما بينا يمدينا ..! ولا عاد يمدينا
مثل الوطن فارغ و إذا قلت وشوله؟!
بيلخص التالي تعب كل ما فينا :
لو الوطن يستشعر الحب بآصوله
ما كان عنّانا .. وضيّع معانينا
نزرع غلاه و يحصد الغير محصوله
ضايع تعبنا .. قبل نلحق أمانينا
فواز بن عبدالله
Fawaz11100@hotmail.com