حين يرتبط الشعر بالقلب تصبح القصيدة معزوفة من النبضات تعزفها القوافي على قيثارة العشق .. العشق الذي يعتبر ظاهرة عذبة ومعشوشبة في الشعر على مرّ العصور .. امتزجا معا - العشق والشعر - وسارا في دروب الجوى يتعثران مرة ويصلبان قامتهما تارة أخرى لإكمال مسيرة العاشقين لتحكي حكايتهما ركبان الشوق والشجن ..
ترى ما حكاية الشعر مع االشاعر الدكتور ماهر الرحيلي ؟ يقول الشاعر الأستاذ ماهر :
ويموت قلبي فجأةً..
لكن شعري لايموتْ
يبقى يردد نبضهُ..
وقوافل النبضات تبقى ..لا تفوت
الشعر عند الشاعر ماهر الرحيلي لا يموت بالرغم من موت القلب .. تظل النبضات تحكي علاقة الشعر بالشاعر ،وحين يتنفس الشاعر الشعر يكون نبضه وأكسجين شرايينه يمدّه بالحياة .. حياة أكبر من أن تقاس بالسنين والأيام ، حياة خالدة تنقش ملامح الشاعر وتقاسيم قوافيه على جدار تاريخ الشعر.. وما الشعراء الذين وصل إلينا شعرهم ببعيدين عن هذا .. ألم نعرف امرئ القيس والنابغة وابن زيدون وجميل بثينة من شعرهم أكثر مما نعرف – ربما – أقرب الناس إلينا .. إنه – السيد الشعر – حين يكون ترجمانا وناطقا رسميا عن دواخل الشاعر وعن آلامه وآماله يعرّفنا به ويبسط لنا موائد القوافي تحكي وتصور لنا عوالم الشاعر للمتلقي
شاعرنا لهذا الأسبوع من سلسلة “ شعراء تويتر “ هو المبدع الشاعر د. ماهر الرحيلي أكاديمي ورئيس فريق عمل الجودة في الكلية التي يدرّس فيها ورئيس لجنة الإعلام فيها صدر له ديوان شعري بعنوان : “ في سكون الليل “ 1430 هـ وآخر بعنوان “ ما بعد السكون “ عام 1433 هـ .. يقول ذات شعر
فإليك سافر واغتنى عن أضلعي!
حرف يبث حنين قلب سادرٍ..
مازال لايدري ختام توجعي!
إن تعبري أو تعذلي فتيقني..
أن الحروف تموت في صمت معي !
قد علمته مواجع الدنيا.. كفى..
لاتوسعي قلبي بدرس موجع !
الصمت مذهب خافقي لكنما..
حرفي إليك يطير دون تمنع
ويقول في قصيدة “ مع المدى “ يحكي لنا الشعر تفاصل حكايته مع رعشة سرت في أجنحته حيث يقول:
للبحر طرت وفي جناحي رعشة
لا تنطفي إلا بموجِ فؤادهِ
قابلتُه ومدى هوايَ.. وصبحُنا
نستلّ فيه الموجَ من أغماده
أنفاسُ ليلي والنهارِ تطايرتْ
لتذوبَ ملحاً في غمامِ رمادِهِ
وتسارعتْ من عُمقهِ أنشودةٌ
تمضي كصيدٍ راح عن صياده
ونصبتُ من حرفي وعيني لوحةً
فرمى إليّ بريشةٍ ومدادِه
وتدافعتْ نحوي رذاذاتٌ أرى
فيها انطلاقي غارقاً بعنادِهِ
وأشمّ فيها مثل عطر حبيبتي
وجموح شَعرٍ ندّ عن أصفادِه
ولحونَ صوتٍ من تموّج قلبِها
ورذاذَ صبرٍ بعد طول نفادِهِ
بحرٌ .. ولكن دمعةٌ هالتْهُ بي
ذرفَ النسيمَ لأجلها بمرادِهِ
لما رأى للجَهد.. فيّ علامةً
لطم الصخورَ مذكراً بجهادِه
وبياضُ أمواجٍ عليه تلألأتْ
يجري كشيبٍ لاح فوق سوادِهِ
يحكي حكاياتِ العزاءِ وبعضُها
أملٌ سقى العشاقَ من أورادِهِ
قد ضمّنا ضمّ الحبيبِ لحِبهِ
وحنا حنوّ الجدِ في أحفاده
إني بقيتُ هناك أشدو حبَّها
ومياهُهُ دامت على ترداده
ودعتهُ.. والشمسُ ترسل بحرَها
والظل يغمرنا بدفءِ مِهادِه
ودعتُه.. وهناك قلبي لم يزلْ
معها الرفيقَ.. لمنتهى آمادهِ
ومازالت قوافيه تعزف لحون الشجن والحزن ليبدع في رسم حالة شعرية رائعة تجعل القارئ يستعذب هذا الحزن رغم مرارته لكنه يذكرهم روعة الشعر وهذه مقتطفات من شعره :
وأنت تصرّ أن تقسو !..
تزيح دروب أحبابي..
فلن أنسى.. ولن ينسوا !..
ونبضي قاربٌ عصفت..
بحارك فيه..هل يرسو؟
.......
ولست أشكو من عنائِهْ!
لا مشط بين يديّ..
لكن غايتي..
ومضُ الصباح أزيحُ عنه ظلام قلبٍ تائهْ !
بأناملي أسعى لدى أعماقه..
لكنه الأقوى..
يضمّ الشِعر تحت لوائِهْ
........
حزنٌ يخاتلني..
وينهشُ في مرابعِ مهجتي..
ما قد بقِيْ من غيمةٍ محروقةٍ وسنابلِ !
حزنٌ تطارده وحوشُ الحربِ..
حتى يستقرَ على ضلوعي
يهدم الذكرى السعيدةَ ممعناً بمعاولِ !!
حزنٌ ..
وكل شخوصه أبطال حربٍ خائنونْ !
ورياح فكر جاهل
........
فإني في غيابك سوف أحيا فيك أكثرْ !
غِيبي..
فإني قد غرفت من الضجيج جحافلاً تبقي
فؤاداي مُشغلاً عن صمتك المتكسّرْ !
غِيبي ..
فقلبك هاهنا منذ الغروب ضممته..
والآن صار بأضلعي يتجذّر !
غِيبي..
فإن عاد الحنين إليك هاتي خصلةً ِ
لأشد فيها من وجيبي همسةً تتعثّر !
غِيبي..
ولا تتحدثي عن كيف غبتِ ..
ولاتقولي عن دواعيه..
فقلبي في غيابك ليس يغفر !
غِيبي ..
فكلي غائبٌ..
وعسى أقابلك الصباحَ ..
وومض روحي في حنينك يحضرْ !
فجر عبدالله
alrehaily_maher@