ليس أجمل من الإبحار في بحور الشعر وصيد الدرر من قوافيه البليغة ماكان منها فصيحاً أو نبطي وعبر زاويتي هذا الأسبوع أواصل معكم سبر أغوار المبدعين عبر سطور مطرزة بجميل سيرتهم وبديع قصيدهم .. وشاعرنا هذا الأسبوع شاعر سعودي أبدع في نظم الإبداع قلائداً من شعر فصيح موغل في العمق اللغوي والتصويري فكان جديراً بالمتابعة رغم أنه من تلك الفئة القليلة المغردة خارج السرب والبعيدة عن أضواء الإعلام وصخبه فالشعر بالنسبة له موهبة ربانية وليس سلعة تجارية أو فرقعة إعلامية أو مصلحة شخصية إنه الشاعر السعودي محمد حسن حمزة الملقب ب«خانق العبرة» وصاحب ديوان « عبرات مخنوقة»
وشاعرنا هو القائل :
ألا ليتنا كنا وياليت اننا
وئدنا ولم يبلغ بنا الحال هكذا
وياليتنا لم نلقى من قبل بعضنا
وكنا كحلم دون خوف ولا اذى
هذا وقد ولد شاعرنا في مدينة الفن والإبداع عروس البحر الأحمر جدة وهو يحمل شهادة الثانوية العامة
وقد بدأ الشاعر مشواره الكتابي من خلال كتابة بعض الخواطر الأدبية والمقالات الرياضية وقد تم نشر أغلب مقالاته الرياضية بصحيفة الملاعب الأسبوعية ومن ثم تفرغ لكتابة الشعر الفصيح الذي أبدع فيه ولازال حتى أن بعض تلك القصائد لجودتها وبلاغتها قد تم إذاعتها عبر أثير الإذاعة السعودية بصوت الإذاعي القدير محمد الراعي كما أن الشاعر حرص أيضاً على التواجد عبر منتديات الشبكة ومواقعها الأدبية للإستفادة من تجارب المبدعين من جهة ولنشر إبداعاته من جهة أخرى لتلقي أراء النقاد والأدباء حيالها وبعد أن نضجت تجربة الشاعر وأصبح له اسم وجمهور وعدد لا يستهان به من الفرائد الشعرية عبر صفحات الإعلام الالكتروني عمد إلى إنشاء مدونة خاصة به على الانترنت تحمل عنوان « عبرات مخنوقة» تضمنت مقدمتها عبارات صاغها الشاعر كإهداء قال فيه :
« لكل من خنقت عبرته لكل من ذرفت دمعته لكل من سلبت إرادته لكل من أسكتت كلمته لكل الصامتين لكل الصامدين لكل الساهرين لكل الحائرين لكل المحرومين لكل المجروحين لكل المظلومين لكل المقهورين لكل الأحبة ولكل من مر هنا تقبلوا هذا الإهداء من محبكم »
وقد اخترتً من مدونته هذه القصيدة الفارهة بعنوان «خمسون عاماً » والتي يقول في مطلعها :
خمسون عاماً مضت في القهر والنكدِ
السهد أرهقني والهم في كبدي
خمسون عاماً من الأحزان تخنقني
ومخلب اليأس منحوت على جسدي
حتى التبسم عني غاب من زمنٍ
وهل تبسّم من قد عاش في نكدِ
وثمة نقطة نسيت الإشارة إليها وهي أن لقب خانق العبرة الذي عرف به شاعرنا كان أول من لقبه به هو الشاعر القدير محمد الشدوي . وشاعرنا خانق العبرة لديه العديد من الدواوين الشعرية الالكترونية بينما لم يصدر بعد أي ديوان مطبوع وممايدعو للغرابة والدهشة أن شاعرنا لا يحب المشاركة في الأمسيات ولا الاحتفالات بل إنه كذلك يعترض وبشدة على المسابقات الشعرية وخاصة مسابقة أمير الشعراء إذ يعتبر الشاعر من أوائل من عارض هذه المسابقة إذ يرى أنها أقدمت على سرقة لقب أمير الشعراء الأصلي أحمد شوقي دون وجه حق
وأختم حديثي عن الشاعر بهذا النص الشعري الموغل في الإبداع والذي كان لي شرف الإطلاع عليه عبر صفحته على الفيسبوك حيث يقول في مطلعه :
يامشعلاً بحشاشتي نيرانا
هلا رحمت متيما ولهانا
قد كان يأمل أن تجود بزورةٍ
لتزيح عنه البؤس والحرمانا
فإذا به يلقى الصدود مضاعفا
ماذنب من أسدى لك الإحسانا
كم ليلةٍ بات القريض نديمه
من أجل عينك ردد الألحانا
وهو الذي يرجو وصالك علهُ
ينسيه ذاك الصد والهجرانا
نجاة الماجد