
- أتمنى صدقا أن يكون هناك احتراف للقصيدة وأن ننظر للفن على أنه خيارات متنوعة ، ومن المخجل أن لاتزال للآن الصراعات بين هراطقة التقليدية والحداثية ، فالصراع لايكون إلا من ضعفاء الناس العاجزين عن اقناعنا بنتاجاتهم في المدرستين فالفن ترويج للإبداع لايطلب منك أن تلغي الآخرين لتظهر أنت وحدك بل يطلب منك ان تراهم كما هم ، لتستطيع رؤية نفسك كما هي .
- حين أختلفت مقاصد الشاعر أختلف الشعر ، صحيح ان « بعض » الشعر بخير لكن « اغلب » الشعراء ليسوا كذلك ، فالشاعر الخلاق ، عليه ان يشعر بالسلام حين يكتب ، وبالزهو بما يكتب وبالمسؤولية بعد ان يكتب ، أكثر من شعوره المتلعثم ، ونواياه الفاسدة ، لكنهم – الشعراء أعني – جنحوا للحياة أكثر من الشعر ، فأهدافهم الآن دونية ، باردة ، ، معيبة ، رخيصة ، لاتحمل من النبل ولا الفكر شيئا كما يصنع الشاعر الحق أو الشعر الحقيقي .
- الفرق بين شعراء الثمانينات وشعراء هذا الوقت هو أن كثيرين منا كانوا قرّاء جيدين وكتابا صحفيين ، حملنا فكرا نؤمن به ونروج له ، كنا أبناء أزمة ونمثل دورنا بوعي وفهم شديدين وحماسة اشد ، ليس كما يصنع العجزة من شعراء هذه المرحلة الذين يتباكون عند كل حائط ، وضع الشعر في الثمانينات كان رائعاً وعظيماً وأختلفت قصائدنا الحالية عن السابقة بحكم التطور فكانت روح التحدي أكبر من روح الشعر في بدايتنا لكن الآن أصبحنا نمارس دورا ابداعيا يمثلنا ويمثل تجربتنا ، صحيح ان شعراء الثمانينات ساخطون على أن تنتهي المرحله بهذا الشكل ، لكن الشاعر الذي يريد أن يأخذ زمنه وزمن غيره بحاجة الى علاج يساعده في تجاوز المرحلة ليعرف انه بحاجة الى الشعر المبتكر ، المتطلع للحياة ليذهب به الى حيث مكانهما .
- هناك فرق بين النجومية والإبداع فالنجوم يتلاشون ويسقطون بتلاشي الإعلام عنهم بعكس المبدعين ، لم اسع للنجومية الكاذبة المرتبكة الوقتية في يوم من الأيام ، ولم تعنني او تشغلني ، فالنجومية – في اكثرها مرحلة عابرة ، اعلانية ، غير إبداعية ، تشبه النكات « الرخيصة » التي نضحك عليها بعض الوقت فننساها كل الوقت ، غالبا ماتهوي بأصحابها الى هوة سحيقة فأن تكون مبدعا ً تشغله نجوم الكلمات ومعانيها البكر ، اعظم بكثير من أن تكون نجماً آفلا ونكتة قصيرة .
- شخصيا أنا من المتحيزين للشعر التقليدي الجميل، بل افرح حين أكتبه أوأتابعه لذلك أقبل تجارب الآخرين كما ينبغي لا كما يريدون لكن شعر التفعيلة اكثر من مجرد رغبة في الاختلاف بقدر ماهو تطوير للقصيدة الجامدة المهترئة ، التفعيلة : واقع الشعر الآتي ، فلها جمهورها العريض وان كانت ليست بحظ القصيدة النبطية بسبب ثقافة المجتمع الضحلة فالتجديد هو تجديد في رؤيتنا للحياة ، تجديد في الصوره والتطلعات وهي اختراع بشري يشعرك بقيمة التجربة ولذة الخوض في فشلها ونجاحها ، هي يقين راسخ ، يختلف بإختلاف البيئة ، والأزمنة والأمكنة ، فالحديث عن التجديد أو التفعيلة ، حديث قديم نستحي من أن يكون حديثنا الدائم وان كان ليس بالحديث العابر اذ يحتاج الى مساحة رحبة للتبصر فيه ، غير ان البعض ليسوا مستعدين لمعرفة الشعر حتى ، ليكون لديهم الاستعداد ليتعرفوا على اسراره ، التجديد نبتة طاولت السماء منذ زمن بعيد جدا لم يمروا على ارضه ولم يروه ، الا من خلال مناظيرهم المكسورة .