تزخر المملكة العربية السعودية بالعديد من الأسماء الشعرية النسائية المتميزة على مستوى الوطن العربي وحين أتحدث عن الشاعرات فإني أخص تحديداً تلك الفئة التي وقفت بصمود وثبات في سبيل إثبات شاعريتهادون تجرد من ثياب الفضيلة والعادات المجتمعية السليمة ومن هؤلاء اخترتُ لكم الشاعرة والناقدة والباحثة في الدراسات القرآنية عطاف سالم التي تقول في إحدى نصوصها البديعة :
أيها الشعر يارفيق شجوني
لك بوحي بخافقي المجنونِ
وشرودي وليلكات فؤادي
وسخين الدموع ملءجفوني
وشاعرتنا من مواليد مكة المكرمة ـ وهي حاصلة على ماجستير في البلاغة القرآنية من جامعة أم القرى كما أنها حصلة على دبلوم في البرمجة اللغوية العصبية ودبلوم آخر في العلاج بخط الزمن وثالث في التنويم الإيحائي هذا إلى جانب العديد من الدورات في مجالات التدريس والإلقاء وتطوير الذات وللشاعرة عطاف عدد من البحوث الأدبية واللغوية من أبرزها : أنشودة المطر للسياب (دراسة وتحليل) ،الخطاب الشعري في عهد النبوة والخلفاء، مفهوم الصورة عند عبدالقاهر الجرجاني ، المشاكلة وصلتها بالمجاز، الفرق بين المبالغة في القرآن والمبالغة في الشعر ...الخ
وشاعرتنا عضو في عدة ملتقيات ونوادي ومنتديات أدبية أبرزها : رابطة الكتاب العربي واتحاد المدونين العرب , واتحاد الأدب والأدباء ومنتديات المعهد العربي للبحوث والدراسات والمركز الافتراضي لأبحاث الرسول عليه الصلاة والسلام . وهي ربما تكون مُقِلّة في النشر الورقي مقارنة بالنشر الالكتروني إذ اكتفت بالنشر فقط في ملحق الأربعاء الثقافي بصحيفة المدينة ثم اتجهت للنشر الالكتروني ولها مدونة خاصة تحت عنوان ( الشاطئ) .
والشاعرة عطاف مثلها مثل أغلب الشعراء الذين لعبت القراءة دور مهم في تكوين موهبتهم الأدبية واللغوية فقد ذكرت شاعرتنا أنها شغوفة بالقراءة منذ وقت مبكر وقد قرأت كل روايات أجاثا كريستي إلى جانب أغلب مؤلفات الرافعي والمنفلوطي وسيد قطب وعلي الطنطاوي هذا إلى جانب إطلاعها على أغلب أمهات الكتب اللغوية والأدبية على حد سواء أما في الشعر فكان ديوان عروة بن الورد هو أول ديوان تقتنيه ثم توسع اهتمامها بعد ذلك بالشعر قديمه وحديثه . وعن بداياتها في الكتابة تقول الشاعرة عطاف ( كتاباتي الأولى حقيقة كانت خربشات ومازلت أخربش كانت تتعلق بتدوين ذكرياتي في المرحلة الثانوية ثم تعلقت ببث أحزاني وهمومي خواطراً حول الوضع الفلسطيني والوضع الأفغاني في تلك الفترة فترة الاحتلال الروسي ثم غزو الكويت بعدها تعلق الأمر بخواطري حول كل ما يؤثر فيّ, ويلفت نظري ويظل عالقاً في وجداني وروحي ويقلقني حتى أكتبه وكان الوجع هو أكثر مايحرك قلمي ويدفعني أما غيره فمالم يكن متدفقاً ومؤثراً ومسيطراً وبطريقة غير طبيعية فلا يحركني نهائياً ) ، وعبر الأسطر القادمة أترككم مع مقتطفات من قصائد الشاعرة أستهلها أولاً بهذا النص الجميل الذي خصت به والدها يرحمه الله حيث تقول :
مازلت يا أبتاهُ في عيني سناً
لازلت نبض تشوقي ورجاهُ
ماكنتُ أعلمُ يا أبي أنِّي إذا
فارقتُ عُمري غاب من واساهُ
إنِّي زهدتُ الحرفَ يشبههُ العمى
لولاهُ ما انتفضت يدي لولاهُ
وفي نص آخر للشاعرة عطاف يحمل عنوان ( سلِّم على الذكرى) تقول فيه :
يا غائِبًا وَ نَجاوَى الرُّوحِ تَرعاهُ
أَودَعتُ فِيكَ دَمِي وَ الحافِظُ اللَّهُ
سَلِّمْ هُناكَ عَلى الذِّكرَى إِذا خَطَرَتْ
وَ قُلْ لَها : إِنَّنِي بِالعِشقِ أَوَّاهُ
وَ إِنَّهُ وَ إِذا غابَتْ مَلامِحُهُ
فَإِنَّ لِي أَمَلًا أَنِّي سَأَلقاهُ
وأختم حديثي عن الشاعرة عطاف سالم بهذا النص الشعري الجميل الذي يحمل عنوان (صداحة) وفيه تقول :
كسّرتها قارورة الأوجاع
أهرقتُ منها السمّ ملء القاعِ
أيقظت قلبي من سبات سرابه
فغدا سريـّاً فاضَ لي بشعاعِ
ومشاعري أحييتها بمشاعري
صدّاحة تختالُ في أضلاعي
ونفضتُ عنها طيشها وعثارها
طهّرتها من وسم قهر خداعِ
نجاة الماجد