حتى نعرف الفرق بين الشعر والشعير, المعقول وغير المعقول , السماء والأرض
دعونا نقرأ فقط نموذجان من السعودية استقطبهما أكبر مهرجان ثقافي وشعري
هو “ الجنادرية “
النموذج الأول قصيدة للشاعرة عيدة الجهني
ياسيـدي الشعـر جيـتـك مـدنـفٍ بـاكـي
أسحـب جروحـي علـى بـحـة مواويـلـك
يومـن رجـع شـدو عصفـورك لشباكـي
حلفـت لامـسـح وجــع قلـبـي بمنديـلـك
لي عام ما عانقت بك روحي افلاكـي
ولا تـرحـلــت فــــي رجـــــوى مـخـايـيـلـك
ب..ارد عدودك واقيّل فـي ذرى الراكـي
وارتاح عقب النهار الضنك فـي ليلـك
وارمـي عباتـي واوسـد راســي إنهـاكـي
وانــام فــي حـضــن تهلـيـلـك وترتـيـلـك
تعبت مـن شكـوةٍ مـا تنصـف الشاكـي
تعبـت أهلهلـك وامشـي فــي هلاهيـلـك
تـعـبـت اغـنـيـك وردٍ واجـنــي أشـواكــي
وانزفـك لوعـه عـلـى رقـصـة خلاخيـلـك
واطرب بك اللي مريح القلـب متباكـي
مايوم جرحه وطيت أقصاه فـي خيلـك
يـاسـيــدي والـلـيـالـي تـتـعــب الـحـاكــي
يبـطـي سـنـا فجـرهـا لا يسحـبـه ذيـلـك
ســودٍ تـجـر الـسـواد وصبحـهـا خـاكـي
مـن بـردهـا صـاحـت القيـعـان ياويـلـك
أشعلتـهـا فـيـك شـعــر ونـــادت إيّـاكــي
مــن جــذوةٍ لا طـفـت بــك بـايـدٍ حيـلـك
دوبك علـى المرهـف اللـي قـام يبراكـي
لا ارتد لك شعر يغرق هالدجى سيلك
يـاسـيـدي يـــوم جـيـتـك مـدنــفٍ بـاكــي
أسحـب جروحـي علـى بـحـة مواويـلـك
لا تـتـرك الـشـدو عصـفـورك بشـبـاكـي
إمسح على الجرح في قافـك ومنديلـك
أما النموذج الثاني : أسميته “ ضيّم “ واحتفظ بأسم كاتبته
من تغلى تخلى والله اني لاخليك
وانت لا طحت من عيني تلقتك الاعماق
صرت من حرتن بي من تغليك ماابيك
ادري انك تثاقل تبتشب نااار الاشواق
تحسب الحب لعبه مادري وش شايفن فيك
لا حبيبي ترى قلبي خذا الف ميثاق
لايحسب حسابك لا ولا يجيب طاريك
فاكر اني على خبرك غشيمه لك اشتاق
لا هذا من اول يوم ب العمر افد يك
يوم انا فيك هايم يوم اناظرك بشفاق
مير ربي رحمني يوم بين بلاويك
لا دهمني خيالك اتعالج بترياق
تمتحني بحلو القول تبغاني اشريك
ادري انك كما دابن به السم زراق
وادري انك تكمل نقص فيك بتغليك
ااااااه ي قو عينك تحجب بيدك الاشراق
وش لقيت يغرامك غير حسره وانا اطريك
كنت لا غبت عني اذرف الدمع حراق
لا تمرجل علي ولا تحسبني ارجيك
انت صرت الضحيه وعيد لا حل الافراق
وانته برضو حليلك كثر كذبك معنيك
والله انك تذكرني بصداار العراق
تكذب الصبح كذبه والعشى وايين اراضيك
وان نشدناك وينك قلت ب الحييل مشتااق
انت مضحك ومبكي ماتحسب خطاويك
من تناقض كلامك قمت احسبك سواااق
الان أتسائل : هل من المعقول أن اللجنة التي اختارت صاحبة النموذج الأول للمشاركة في الجنادرية هي ذاتها من اختارت صاحبة النموذج الثاني ايضا ؟!
أيعقل هذه المسافة الشاسعة بين الشعر والشعير و السماء والأرض ان يجتمعا في مهرجان واحد هو الجنادرية ؟!
أيعقل من أنصف شاعرية عيدة الجهني وشيخة الجابري و اشجان العبدالله وغيرهن هو ذاته من جامل صاحبة النموذج الثاني ؟!
عندما نتحدث عن الشعر فنحن لا نتحدث عن وزن وقافية فقط ! , نحن نتحدث عن شعر داخل القصيدة , عن روح داخل القصيدة , عن قيمة داخل القصيدة !
ماهي القيمة التي سنحصل عليها من قصيدة خالية من الشعر ؟ ماهي النتيجة التي سنحصل عليها عندما ندعم حضور مثل هذا الخواء ؟! على حساب القصيدة الغارقة في بحر الشعر !
أتفهم دعم المواهب لكن ليس بهذا الشكل ولا في مهرجانات كبيرة وهامة وذات صبغة دولية
انا هنا لا اقارن بين النموذجين , لو كانت المسألة مقارنة فأنا هنا اظلم شاعرة فذة واجعلها في كفة متساوية مع صاحبة النموذج الثاني
الحديث بعيد تماما عن المقارنات , أنا اتحدث عن الشعر من خلال أنموذجين يعكسان واقع الحال
في الساحة الشعرية الذي بات واقعا مؤسفا وذلك نتاج ممارسات وسلبيات تراكمية طوال السنوات الماضية التي تسببت بها المجلات الشعبية التي تآمرت على الشعر من أجل أن تسوّق لنفسها وتجني أكبر قدر من المال !
عاثت فسادا , صنعت أسماء نسائية وهمية و ملامح نسائية جميلة وقدمتهن وجعلتهن من ضمن مصاف شاعرات الخليج ورسخت مفهموما أنهن شاعرات متفوقات على من سبقنهن وعملت لهم أمسيات شعرية وكأنهن إعجاز من شعر !!
وضعت المرأة في موضع أتهام دائم بأن هناك من يكتب لها وأن أغلب الشاعرات وهميات حتى أن هذه المجلات “ غذت “ عقدة النقص لدى بعض الشعراء فأصبح يكتب بأسمه ويكتب بأسم آخر نسائي !!
هذه الفوضى العارمة والفساد الذي اكتسح ساحة الشعر ودمّر الذائقة السليمة لدى الكثير دعمه وباركه إعلام غير نزيه لم يحافظوا على أمانة الشعر و صفق له شعراء لم يدركوا قيمة الشعر حتى نتج عنه قضايا وممارسات وسلبيات كبيرة ولعل أهمها أكبر قضية جدلية في تاريخ الشعرالشعبي في السنوات الأخيرة وهي المرأة بين مصطلح الشاعرات والمستشعرات
هذه المرأة التي شجع وأكد شاعريتها سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام والمرأة التي أحترم شاعريتها وقّدر موهبتها الحقيقية اباءنا واجدادنا حتى خلد التاريخ أسماءهن ومازلنا نردد قصائدهن حتى يومنا هذا .
هذه المرأة ذاتها باتت في موضع اتهام وشبهه دائمة وفي صراع تشكيك في شاعريتها وامانتها ومكانتها وانسانيتها بلا ذنب سوى أنها فاقت وتفوقت و جدّت واجادت و أثرت وأثّرت
هذه المرأة التي تقدم الشعر بكل قيمة وابداع وجمال وثراء وجدت نفسها داخل “ معمعة “ الساحة الشعرية المقلوبة رأسا على عقب ! , أنصاف الشاعرات و “ الأسماء التي يكتب لها والشعراء المتأنثين ! من يبع الشعر ومن يشتريه هم أسيادها للأسف !!
بدلا من أن تجد كل الدعم والأهتمام والتقدير لشاعريتها الحقيقية أصبحت تصارع من أجل أن تثبت أنها صاحبة حق وتنال المكانة الحقيقية التي تستحقها وتكون عليها في ساحة الشعر
فعندما نجد شاعرة مثل عيدة الجهني يتفق الجميع على شاعريتها والتي تفوقت بها على كثير من الشعراء تدعى لمهرجان شعري في أي مكان وتدعى معها أسماء أخرى أبعد ماتكون للشعر
هنا من حقنا كعشاق للشعر الحقيقي أن نقول كفى مجاملات و كفى تقليل من قيمة الشعر وكفى اساءة للشاعرة الحقيقية
زمن الضحك على الذقون والمجاملات انتهى , زمن المجلات الشعرية انتهى , المتلقي أصبح الان اكثر وعيا وأكثر أدراك بما يدور حوله .. فأنصفوا أنفسكم أولا .. الشعر قادر أن ينصف نفسه لأنه لم يوجد ليكون ضعيفا ..!
الخلاصة : الشعر الحقيقي باق .. والشاعرات الحقيقيات باقيات وراسخات .. وكل من حاول أن يثبت عكس ذلك ويرسخ مفاهيم أخرى غير حقيقية سيذهب كما ذهب غيره مع الريح .. !
ريم علي
@reeem_ali