
سين في خمسين هو الحوار الذي أجراه معي الأخ والصديق المبدع الفنان فيصل العبدالله في « ثواب الأدبي « أحد أجمل اللقاءات التي قمت بها على الإطلاق ، ومن اسئلة اللقاء هذه الأسئلة :
أين ترى مكانك على خارطة الشعر ؟
- اتنقل في العالم بلا خرائط ، لذلك انا ابتسم وجداً حين اسمع شيئا عن الموقع المكان الخارطة العدد ..الخ ، فهي اشياء تخص المساهمين الصغار في عالم الشعر لا كبار المستثمرين خزائنه فلم يسبق لي بصدق منذ وقت طويل ان فكرت بهذا الشكل ، اتذكر لديفيد كاردين الممثل الامريكي مقولة بديعة وهي : « إن لم تكن تستطيع أن تكون شاعراً فكن الشعر ذاته» ، وهو ما اعتقده يتناسب مع مفهومي لأمر الشعر والواجب علي كشاعر .
كيف ومتى وأين تكتب القصيدة ؟
- الشاعر الألماني الكبير ريلكه : لا تكتب الشعر إلا عندما تشعر أنك ستموت إذا لم تفعل » .
يقول الناثر والشاعر العظيم محمد الماغوط : » أحاولُ أن أكون شاعراً في القصيدة وخارجها، لأن الشعر موقفٌ من الحياة، وإحساسٌ ينسابُ في سلوكنا » .
وربما لهذا انا كل يوم اكتب الشعر ، اتعامل معه كصفة لي ، كحياة اعيشها بهدوء بلا تشنج ، كتابة الشعر اليومية لا علاقة لها بنشره ، فأنا لا انشر إلا الذي اكتبه للنشر ، وما عدا ذلك ابقي بعض المسودات القليلة عندي واتلف الباقي ، لأقوم بكتابة غيره .
الشعر عندي سهل الكتابة ، وصعوبته تكمن بهذه السهولة الخطرة التي تقودك الى عوالم نائية نتيجة ربما التمرس اليومي وعوامل مساعدة كثقافة الشاعر ، وقراءاته المتخصصة بالشعر ، وقراءاته المتنوعة الاخرى ، وتوجهه ، و لكني اعتدت على هذه الخطورة ولم امت فيها سوى مرات قليلة في البدايات ، نجوت بالصدفة وقتها اعتقد ، فلم يكن بقربي اي أحد طوال فترة الموت فصحوت على صوت الشعر وعرفته ، وعلمت ان الذي يموت من « لأنهم قالوا له ذلك » سيموت فعلا ، أما الذي لا يصدّق إلا نفسه ويصدُق معها ، فإنها تنجيه من كل شيء
في أي فنون الحرف وجدت نفسك ؟
- انا شاعر عامي وهذا اختياري وليس مجرد قدرتي ، فلم اكن غريبا في العوالم الأخرى فقد مارست العمل الصحافي وكتابة المقال ، والنقد ، في نفس الوقت الذي كتبت فيه الشعر لكني احببت ان اكون الشاعر ، ذلك الذي يؤمن بشاعرية العاميه وعالميتها ولازلت كذلك فأين ما توجهت في هذا الحرف وجدتني الشاعر فالقصيدة ، تصنع بي ما عجز عنه غيرها : السكينة ، التوتر ، الأمان ، الاندفاع ، الرغبة بالحياة ، الحياة برغبةٍ ما ، فتجمع الأجزاء المتناثرة في نفسي وتنثر المُجتمع، كأنها تطلعني على غيبي ، كلما غبت في مطالعها ، فاترك دابة الخيال تأكل منسأتي فكم فعلت ، ورأيتني كذلك ، فشددت قبضة البوح ، كي افلت قبضة الشعر !
هو الشعر لا درب لي غيره
لا انتماء سواه ..
ولا ارض اعرفها ..
لا سماء جديدة
لا بحر
لا نهر
لا أصدقاء القصيدة
لا العمر
لا الحلم
ولا الضّحكات اللواتي تعلقن في كل مقهى الفناه
ثم وجدنا بأنّا تركناه مثل دخان الأراجيل ذات انتهاء
بذاتِ مساء / فناء
متى شقق الحزن والضيق صدراً
ترتَق في أُغنيات الصِّبا بينهم
فاستحال اليباس مدىً واسعاً وضياء ..
سوى ما تريد بنا هذه الامنيات / القصيدة !
فأرواحنا أُرهقت بالمجازات
التي يقتضيها الغباء
كدرءٍ لمفسدة الانتماء
وجلب المصالح / تمريرها بمكيدة !
ألا ايها العاملون عليها
علينا ..
عليه : الوطن !
مجازا .. تُسمونَهُ هكذا !
غير ان الحقيقة لم تتركوه سوى قطعة من كفن !