ثمة بعض الأسماء الشعرية النسائية التي لازالت بحاجة إلى تسليط مزيد من الضوء على تجربتها الإبداعية ليتسنى للجميع التعرف عليها أكثر في ظل اختلاط الغث بالسمين وتحيز الإعلام لأسماء بعينها نشراً وإحتفاءُ حتى لو كانت تجربتها ليست بالمستوى المأمول
عموماً لا أنوي الخوض أكثر في هذه النقطة وأعود للحديث عن محور مقالي هذا الأسبوع الشاعرة السعودية مريم بغدادي الحاصلة على الدكتوراه من جامعة باريس في حقوق ومكانة المرأة العربية من واقع الأدب الجاهلي وهي حالياً تدرس الأدب العربي واللغة العربية لغير الناطقين بها في عدد من جامعات المملكة . وقد صدر للشاعرة عدد من المؤلفات والكتب أبرزها ديوان شعر « عواطف إنسانية» وكتاب بعنوان « شعراء التروبادور» و« المدخل في دراسة الأدب» إلى جانب « أعراف الزواج العربية قبل الإسلام» لازال مخطوط وكذلك عدد من الدواوين الشعرية كما أن لها العديد من المقالات والبحوث في مجالات الأمومة , الدلالة بين الغزل والرثاء , النمطية في شعر الغزل الجاهلي , التأصيل الفني للبكئية القديمة في الشعر الجاهلي ,, وغيرها
وبعيداً عن سيرة الشاعرة العلمية الزاخرة بالتقدير والإحتفاء ننتقل لديوانها الشعري «عواطف إنسانية» والذي سأقتطف لكم منه عبر هذه السطور عدد من المقتطفات في سبيل الوقوف على تجربة هذه الشاعرة
والتعريف بها أكثر لدى جمهور المتابعين والمهتمين بالساحة الأدبية والشعرية .. أستهلها أولاً بهذا النص العاطفي المختلف والمتفرد للشاعرة والذي عنونته ب «حديث العفة » وتقول فيه :
قالوا:سُحِرتَ به فقلتُ لحبه أتطوع
قالوا:جفاك فقلتُ إني في النوى لا أجزعُ
قالوا:سَقِمتَ فقلتُ راضٍ والمحبةُ توجعُ
لا تسمعوني في الهوى ما لا أطيقُ سماعه
إني مُحبٌ للذي قد خطَّ فيَّ يراعه
قد خطَّ في قلبي غراماً لا أطيقُ وداعه
حلو السجايا والشمائل قد عشقتُ طباعه
وفي نص عاطفي آخر للشاعرة ولكن هذه المرة موغل في اللوم والتقريع والعتاب لمن استبدلها بسواها وهجر حبها ووصالها حيث تقول الشاعرة مريم في هذا النص :
أُنبئتُ أنـك قـد وصلـت سوانـا
وتركت قلبي في النوى عطشانـا
واطعت غيري في الهوى وهجرتني
وصرمت حبلي فاشتفـى اعدانـا
وحملت أقسى ما يحمله الفتى
جرحاً عميقاً زادنـي أحزانـا
واشتد حزني حين رحت لغيرنا
فينـا تعـرض ذلـة وهوانـا
...
وبعيداً عن عواطف اللوم والعتاب نعود لعواطف الحب والإعجاب عند الشاعرة مريم فنجدها هنا تتغزل بحبيب أسمر اللون ولاعجب في ذلك فسمار البشرة كان موطن سحر وفتنة وإلهام لعديد من الشعراء والفنانين والتشكيليين منذ الأزل وإلى وقتنا الحالي عموماً ليس هذا موضوعنا ولنعود لمريم وقصيدتها في المحبوب الأسمر حيث تقول في نص تحت عنوان « أنت العيون» :
الا أيها الحب يا أسمرُ
لقد كشف الشوق ما أسترُ
أُمني فُؤادي بكل المُنى
ومني النوى في الخفا يسخرُ
وأسهر من حبكم دائماً
طوال الليالي وكم أسهرُ
وأبكي جوىً وكذا لوعةً
ورغم جراح الهوى اصبر
وهبتُ فؤادي لكم وردةً
فدستُم شذاها ولم تشعروا
ولكن قطفتم بها مُهجتي
ومتُ احترقاً ولا أظهرُ
كان هذا غيض من فيض عن التجربة الإبداعية لواحدة من شاعرات بلادي المملكة العربية السعودية التي تعج بالعديد من الأسماء الشعرية المتميزة على مستوى الوطن العربي .. ختاماً أوجه الشكر للشاعر خانق العبرة «محمد حسن حمزة» الذي عرفني بهذه الشاعرة ودعاني للكتابة عن تجربتها فله التحية والتقدير ولجميع المتابعين الأعزاء في مختلف أقطار الوطن العربي وستظل زاويتي مشرعة أبوابها للجميع لتقديم أرائهم واقتراحاتهم .
نجاة الماجد