
الضحكات اللواتي
تعلقن في كل مقهى !
انا شاعر عامي وهذا اختياري وليس مجرد قدرتي ، فلم اكن غريبا في العوالم الأخرى فقد مارست العمل الصحافي وكتابة المقال ، والنقد ، في نفس الوقت الذي كتبت فيه الشعر لكني احببت ان اكون الشاعر ، ذلك الذي يؤمن بشاعرية العاميه وعالميتها ولازلت كذلك فأين ما توجهت في هذا الحرف وجدتني الشاعر فالقصيدة ، تصنع بي ما عجز عنه غيرها : السكينة ، التوتر ، الأمان ، الاندفاع ، الرغبة بالحياة ، الحياة برغبةٍ ما ، فتجمع الأجزاء المتناثرة في نفسي وتنثر المُجتمع، كأنها تطلعني على غيبي ، كلما غبت في مطالعها ، فاترك دابة الخيال تأكل منسأتي فكم فعلت ، ورأيتني كذلك ، فشددت قبضة البوح ، كي افلت قبضة الشعر !
(هو الشعر لا درب لي غيره
لا انتماء سواه ..
ولا ارض اعرفها ..
لا سماء جديدة
لا بحر
لا نهر
لا أصدقاء القصيدة
لا العمر
لا الحلم
لا الضّحكات اللواتي تعلقن في كل مقهى الِفناه ثم ..
تركناه مثل دخان الأراجيل ذات انتهاء
بذاتِ مساء / فناء ..!
**
متى شقق الحزن والضيق صدراً
ترتَق في أُغنيات الصِّبا بينهم
فاستحال اليباس مدىً واسعاً وضياء ..!
(2)
التطرف هو عدم قبول الآخر الذي يختلف معنا سواء كان عقائديا أو فكريا أو سياسياً .. الخ اياً كان هذا الاختلاف ، ومن الناحية الشعرية هو ما نراه في تطرف الشاعر العربي برفض كل مدارس الشعر الأخرى إلا تلك المدرسة التي ينتمي اليها ،وهو مانراه واضحا عند الشاعر»الشعبي» المعاصر – مع استثناءات قليلة - الذي لا ينتمي لأكثر من التطرف فينطلق منه لمعاداة اهل الأرض وليس الشعراء الآخرين فقط !
أما حول معضلة الفكر العربي فهي تكاد أن تكون كما يؤكد البعض على انها عملية التشكيك في العقل العربي وكذلك الشخصية العربية ، وهي من جهة أخرى كما تحدث عنها كثيراً المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري يرحمه الله ، وبينها في ثلاثية « نقد العقل العربي» ، كإشكالية فكرية بين الأصالة والمعاصرة يرى ترابط عواملها بين الماضي البائد وبين الواقع المتغير فالمثقف العربي عند الجابري كما يقول الدكتور وليد السيد :
« أصبح يعيش تناقض اللغة الفصيحة كمثال واللغة العامية كواقع مستعمل والصورة تتعقد أكثر في حالتي الأمي العربي والمثقف العربي المستغرب. فالأول وهو الأغلبية حبيس عامّيته إذ هو يتعامل مع أشياء لا يسمّيها, وإذا فعل يستعمل لها أسماء أجنبية “مكسّرة” مما يترك أثرا عميقا في فكره وبنية عقله الفكرية. أما الثاني الذي يمارس أكثر من لغة منها لغات أجنبية فيعيش تناقض عوالم لغوية مختلفة , حيث يفكر بلغة أجنبية ويكتب بلغة أو لغتين -عربية فصيحة وأخرى أجنبية- ويتحدث في البيت والشارع والجامعة بلغة ثالثة عامّية « !