لا يوجد عاقل ينكر دور المنتديات الأدبية في السابق في انتشار الكثير من الأسماء وساهمت بشكل كبير في بروزها ، ولا ينكر عاقل أن المنتديات كانت أرض زرعت بها الأقلام نتاجها الأدبي وكان للجمهور والمتلقي دور أكبر في المساهمة على هذا الانتشار ، ولا يوجد عاقل ينكر أهمية الدور الذي لعبته المنتديات في تقديم الأدب بكل تصنيفاته على طبق من ذهب ، وذات العاقل لن ينكر التحول الذي حدث في توجه المنتديات وكيف كان لأصحابها اليد الطولى في إبراز وفي المساهمة في طمس الكثير من الحقائق والدور الأكبر في انتشار المجاملة والتلميع وأسس العلاقات الوهمية التي تبنى على المصالح المتبادلة ، رغم الكثير من السلبيات التي كان يعيشها رواد المنتديات إلا من كسب ودّ قادته لأن كسبهم يعني أنك تتحول إلى عضو سوبر ، بالطبع نحن لسنا بصدد تعداد مساوئ المنتديات من مبدأ الضرب في الميت حرام لذلك دعونا نتحدث عن المرحوم في ايجابياته ولو مؤقتاً ، بمعنى أن المنتديات كانت مساهمه بكل شيء الجميل والسيء لكن نسبة غلبت على نسبة واترك الحكم لكم في هذه الجزئية لكنني متأكد من اتفاقنا بنسبة كبيره على كلمة المرحوم التي سوف نسبقها في تعريف اي منتدى في الوقت الحالي لأنها بالفعل أصبحت في عداد الموتى .
بعد ان أصاب رواد المنتديات وأصحابها على حد سواء توجه الجميع تقريباً إلى الفيس بوك كتعويض ومحاولة انتشار بشكل أكبر والغالبية وجدت فيه مهرب من تسلط أصحاب المنتديات وإداراتها ، لاحظنا انتقال أغلب الأسماء إلى الفيس بوك وبنفس التواجد وأحيانا بنفس الطريقة والأسلوب الذي كان متبع هناك ولم يختلف إلى ما تحدثنا عنه وهي عدم وجود سلطة بشكل واضح من خلال أسماء معروفه أو سلطة معروفة مثل التي تدير المنتديات ، لكن بعد أن انتقلت العدوى وتفشت في الفيس بوك ومع ظهور تويتر وانتشاره بشكل كبير لاحظنا توجه هذه الأسماء من جديد إلى ملاذ آخر غاية في الانتشار والتفرد وكسب اكبر عدد من المتابعين بشكل واضح من خلال نظام تويتر الذي يتيح لك اختيار متابعيك واختيار من تريد متابعتهم وحجب من لا تريد أي بمعنى انحسار التسلط بشكل اكبر من خلال التواجد في هذا الموقع .
لكن مع هذه الحرية ومع تواجد ما كان يتفقده الأعضاء في المنتديات وفي تويتر ، وانعدام الأسباب بهذه الحرية وعدم وجود تلك القيود بدأنا نلاحظ انتقال عدوى المنتديات في أسلوب التغريد والهاش تاق وكنت اخشي أن نجد في تويتر مثل تلك المواضيع التي كنا نجدها في المنتديات ( عبر عن إحساسك بصوره ، بماذا تفكر الآن ، كلمه مني وكلمة منك ، عبّر عن مزاجك ، سين جيم ، مضيق لكلمة ، أعرف رجل وأعرف أنثى ، سجّل دخولك ، سجّل خروجك ... إلخ ) والكثير من هذه الأمور التي كنت أخشاها وتبادر إلى ذهني أنها ولّت بلا رجعة لكننا نجدها اليوم وبشكل يشبه تماماً ما كان يحدث في المنتديات لكن باختلاف الشكل الخارجي فقط .
وبعودة إلى الأسماء نجد أنها هي ذاتها في المنتديات في الفيس بوك وفي تويتر وبعودة إلى الأحداث نجدها هي ذاتها في الثلاث أماكن ، وفي قراءة للمحتوى نجدها هي ذاتها ، كل شيء هو كل شيء في كل مكان ، تغيرت الأماكن لكن الشخصيات لم تتغير ، تغيرت الألوان والأسماء وبقيت العقلية هي ذاتها ، هذا ما يجعلنا نكون أكثر قناعة أن المشكلة هي في عقلية الرواد أكثر من المكان نفسه وكيفية إدارته ، المشكلة مشكلة عقول وفكر يبقى في إطار محدد لا يفكر حتى في إخراج نفسه من دوامة هذه الأشياء ، عقلية تبحث عن التجمّل الخارجي وعدم الاهتمام بالمضمون ، عقلية تريد السطح وتبحث عنه وتنسى أن العمق أقوى وأجمل وألذ .
المنتديات ، الفيس بوك ، تويتر نجد أنها ثلاث أوجه لعقلية واحدة .. عقلية اللا عقلية في بعض الأحيان وبعض الأحيان نقول راحو الطيبين ... ودمتم .
بدر الموسى
b_almosa@