يعتبر الشاعر الشيخ سيد محمد أحد أعلام النهضة العلمية والأدبية في موريتانيا في القرن التاسع عشر الميلادي وهو أحد أعظم الأدباء في بلاد شنقيط على الإطلاق و شعره في الذروة و المقام الأرفع،
والشيخ سيدي محمد هو ابن الشيخ سيدي ابن المختار , ولد سنة 1246هـ وعاش نحو أربعين سنة وتوفي 1286هـ. ومن أبرز إنتاجه ديوانه الشعري الذي هو بمثابة دائرة معارف إسلامية إذ كانت دراسة شعره وحياته الأدبية وموضوعات شعره تعكس واقع الحياة أيام الشيخ سيدي. ومن الصعب أن نعزل حياته عن حياة أبيه، وبمعنى آخر أن نقرأ شعره معزولا عن ذلك الواقع المعاش، بل إن قراءة في شعر الشيخ سيدي محمد تضع أيدينا على ملامح تلك الحياة السياسية والاجتماعية أيام الشيخ سيدي الكبير.
وللشاعر الشيخ سيد محمد العديد من القصائد التي تدل على طول باعه في الأدب وله في النكت الأدبية أشياء كثيرة ومن ذلك هذه الطرفة الأدبية الشعرية التي رويت عنه حيث يقال بأن شاعرنا تزوج في أولِ شبابه بامرأة من غير أن يستأذن والدته ، فذهبت إليه بصحبة عدد من العجائز، فضربنه ؛ فكتب إلى أبيه يشكوهن
أمنْ فعلِ أمرٍ فـي الشريعـة جائـزِ
يَرومُ اهتضامي بينكم كـلُّ عاجـزِ
وكــان بـكـمْ جـنـدُ البُـغـاة يَهابُـنـي
فصـالَ علـيَّ اليـومَ جنـدُ العجـائـزِ
فصـرتُ كأنـي قــدْ أتـيـتُ ببـدعـة
ٍوفاحشـةٍ مــن نَـحـوِ فَعـلـةِ مـاعـزِ
فلو أنَّ أَرضِي ذاتُ مُعْزٍ رَجَمْنَنِي
ولكـنـهـا لـيـسـتْ بـــذاتِ أمــاعــزِ
وللشاعر قصيدة نونية أظهر فيها براعته التاريخية ومعرفته الموسوعية في كل الفنون من أيام العرب والسيرة وتاريخ الفرق وعلم النجوم والنحو وغيرها كذلك للشاعر قصيدة رائية اعتبرها البعض أهم نموذج لشعر المقاومة والالتزام ومحاربة اللصوص والفوضى الاجتماعية والسياسة
كل ذلك خوّله بحق لأن يكون شاعرا فذاُ ومؤرخا عظيماُ لذا نجده يقول في إحدى قصائده مفتخراُ بنفسه :
وكمْ سامرتُ سُــمَّارًا فُـتُـوًا
حَـوَوْا أدَبًا عَـلَى حَـسَبٍ فَدَاسُوا
أُذَاكِرُ جَمْعَـــهُــمْ وَيُذَاكِـرُونِي
كَخُلْفِ اللَّيْثِ والنُّعْمَانِ طَوْرًا
كذلك اشتهر شاعرنا بقصيدته التي كان يبحث لها عن مطلع حيث يقول:
يا معشر الشعراء هل من لوذعي
يهدي حجاه لمقصد لم يبدع
إني هممت بأن أقول قصيدة
بكرا فأعياني وجود المطلع
لكم اليد الطولي علي إن أنتم
ألفيتموه ببقعة أو موضع
فاستعملوا النظر السديد ومن يجد
لي ما أحاول منكم فليصدع
هذا كان غيض من فيض مما تداوله الرواة من سيرة وشعر الشيخ سيد محمد الذي تقول عنه دراسة في مجلة الوسيط الصادرة عن المعهد الموريتاني للبحث العلمي: (هو العلامة الأديب والشاعر الأريب غُـرّة عصره وابن سيد دهره )