العدد 1563 Friday 17, May 2013
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الراشد: الحكومة في أزمة وليس المجلس.. ولا تأجيل للاستجوابات الخرينج: قضية انعدام الجنسية تشكل أهمية قصوى للكويت والمجتمع الدولي العوضي: علينا الالتزام بالبروتوكولات الطبية الدولية ووضع مصلحة المريض فوق كل اعتبار ولي العهد: الكويت تعيش روح الأسرة الواحدة المتلاحمة في كل الظروف الحكومة: إحالة كل ما يتصل بعقد «الداو» إلى النيابة الخالد للضباط: ضعوا مصلحة الوطن والذود عنه نصب أعينكم سلمان الحمود عن الوضع السياسي: أبشركم أن الأمور طيبة الصالح: علاقاتنا الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي تتقدم بشكل جيد جداً الحرس الوطني اختتم تمرين «نصر 11» الأذينة: إدارة «الكويتية» وافقت على العرض الأقل سعراً والمطابق للمواصفات الفنية الكندري: التنسيق الخليجي في مراقبة الأغذية يعود بالنفع على المواطنين الحجرف للخريجين: العمل والمثابرة ضرورتان لرفع اسم الكويت وتشريف «التطبيقي» ولي العهد: نعيش روح الأسرة الواحدة المتلاحمة في كل الظروف «الداو» إلى النيابة .. وإيقاف قياديين عن العمل الراشد: متفائلون بجدية الحكومة في إحالة «الداو» للنيابة فيــتـو نـيــابــي ضــد تــأجــيـل الاستجــوابات اليهود يدنسـون الأقـــصـى بحماية الأمن الإسرائيلي إسرائيل تستعد لشن غارات جديدة على سوريا العراق: الاضطرابات تتزايد بين عشائر الأنبار وجيش النظام «الجامعة»: طرح تخصص مساند في «الأدلة الجنائية» «الكويتية»: توقيع شراء 25 طائرة جديدة خلال أسابيع «الداخلية»: ضبط 33 مطلوباً وتحرير 154 مخالفة بالأحمدي «البلدية»: إتلاف طن و730 كيلو غراماً من الأسماك الفاسدة السند: مجلس النشر العلمي أصدر 66 مطبوعاً في العام الجامعي الماضي نادي التعاون في الجامعة الأمريكية دشن أنشطته برحلة إلى مكة المكرمة العنزي: «منا وفينا» كرمت الفائزين في المسابقة البيئية طالبات «البنات الجامعية» زرن شركة نفط الكويت الملكي يضرب فنجا برباعية نظيفة استقبال حافل لمحاربي العربي يعقوب يفتتح ملتقى بيوت الشباب لدول مجلس التعاون الخليجي رئيس الاتحاد الآسيوي يشيد بمبادرة صلاح رشدي والصحافة الرياضية الاتحاد العربي لبناء الأجسام يرفع شعار لا للمنشطات في «الفجيرة» ريال مدريد يتمسك بالأمل الأخير تشيلسي يخطف الميدالية الذهبية .. وبنفيكا يكتفي بالسيطرة الميدانية سوريا: الجماعات المسلحة تتقدم في درعا... وإسرائيل تلوح بضربة جديدة «المفخخات» تهز العراق.. وعشائر الأنبار تمهل الجيش 24 ساعة للخروج من الرمادي مرسي يشكل خلية أزمة.. ويؤكد: الجندي المصري خط أحمر اليــــهــــود يــدنــســـون الأقـــصــــى.. مــــجـــدداً البورصة تخترق حاجز 7900 نقطة «الأولى للوقود»: 1.26 مليون دينار أرباح الربع الأول طلال الخالد التقى بمديري مشاريع 6 سيجما في قطاع العلاقات الحكومية والبرلمانية والعلاقات العامة «بيتك» ينظم دورات في «الأسس الشرعية للمعاملات» عماد بوخمسين: «العربية العقارية» تمكنت من ترسيخ مكانتها في سوق العقار المحلي تقرير: السعودية تتجه لإقامة 6 مصافٍ للبترول والغاز محللون: القرارات الجديدة في سوق الأسهم السعودية تحمي المستثمرين من التلاعبات نهاوند فرصة طفيفة ! استجلاء نص «الطريق» للشاعر عبد الله سعيد النصف الفارغ .. للتمحيص أو للكسر ..! احذر صديقك مليون مرة الغزالة التي وصلت .. ! شعراء المناسبات بين وابل الهبات ورصاص اللعنات الاستسقاء المنتهى المحمد: فوز بن إبراهيم برئاسة «الآسيوي» يؤكد حرصه على تطوير اللعبة راغب: ليس لدي خلافات مع أحلام لكن لا يمكنني السكوت عن الخطأ لاميتا فرنجية: لا علاقة للبدل المادي بعدم إطلالتي على LBC منى زكي: زوجي لن يضحي باسمه وأمواله من أجلي

مقامات

استجلاء نص «الطريق» للشاعر عبد الله سعيد

بـلادي .. يا بـلادي .. يــا بـلادي والطــريـق  منين
عجـزت ألقى مكـان يلـم خطواتـي ويقـرانـي
لمين أبكي بعـد رب البريـة وأشتكيك لميـن؟
بكيت وجيـه نـاس ولا بكـى واحـد علـى شانـي
بـلادي .. والطريـق اللـي حدانـي للسفـر تنيـن
يبـث النـارمـن فـم المسافـة ليـن تصـلانـي
كذا ترضين ؟ أصير إنســـان يبكــي .. ينكسـر ويليـن
ليـا شفــــت السـنيـــن تمـر واللحـظــة  تعـــدانـي
منافي في منافـي والفـرج فـي صومعـة  بعديـن
يفـر المسبـحـة ويقـبّـل المـحـراب وحـدانـي
بلادي .. ما عرفتيني ؟  وأنا اللي جلت صـدرك  ليـن
مليت الخبت مـن دمـع الرحيـل وغيمـة أحزانـي
هنا في ربعـك الخالـي مكبّـل مـن ثـلاث سنيـن
هنـا ..والبـرد يجلـد عبرتـي ويشـل  وجـدانـي
من  أيام “ أيدمة” لـ“الخن” لأول جرح في “ يبرين”
وأنا أهـذي بالطـروق المبكيـات وسـرب قيفانـي
بلادي كيف أخاف من الدما ؟ وأخشى من السكيـن ؟
مـادام المشكلـة بينـي وبيـن تــراب وديـانـي
ورب المصحف إني رحـت أقسـم خافقـي نصفيـن
عشـان أحيـا بنصـف وللحبايـب نصفـه الثانـي
عشان أخرج من أفواه الضلال وكلمـة “المسكيـن”
وأطمـن خاطـر أمـي واستقيـم بنظـرة إخوانـي
بلادي .. يا بلادي .. يا بـلادي .. والبقيـة ويـن؟
عسـاي ألقـى مكـان يشتـت أحزانـي ويقرانـي
 

دلالات الموت في النص الشعري:
قبل الدخول إلى النص والسفر بين منحنياته ,هناك عنصر لا بد من الوقوف عنده, حيث يساعدنا فيما بعد على فهم الأبعاد النفسية  للقصيدة, وهو دلالات الموت  في النص الشعري , وذلك حين الوقوف عند البيت السابع  الذي يعتبر بمثابة المفتاح الفني لفهم هذه الدلالات:

هنا في ربعـك الخالـي مكبّـل مـن ثـلاث سنيـن
هنـا ..والبـرد يجلـد عبرتـي ويشـل  وجـدانـي  

وذلك من خلال الوقوف عند مدلول البرد الذي يوحي بالشتاء , والشتاء رمز للموت وبرودة  العواطف  والانكماش  والتقوقع , وقد أوضح هذا المراد الشاعر نفسه عندما قال:  « والبرد يجلد عبرتي ويشل وجداني  « غير أننا لو حاولنا لملمة هذه الخيوط المتناثرة في النص  لوجدنا أنها خيوط  ذات صلة قوية  بدلالة الموت , حيث يقول الشاعر في البيت الثاني « لمين أبكي .. وأشتكيك لمين؟  ..  بكيت  ..  ولا بكى واحد على شاني « فالبكاء والشكوى مرتبطان بالإحساس بالموت وبرودة العواطف , فالبكاء له صلة بالموت والشكوى مرتبطة بالشعور بالخمول وبرودة العواطف,  ثم يقول في البيت الثالث «والطريق اللي حداني للسفر تنين .. يبث النار من فم المسافة لين تصلاني « حيث تتزاحم دلالات التنين والنار  التي تبثها المسافة ثم تصلى الشاعر فيما بعد ,  مما يؤزم لديه هذا  الموقف الشعور  بالتلاشي والموت , وكذلك ما جاء في البيت الرابع «  إنسان  يبكي .. ينكسر ويلين ... ليا شفت السنين تمر واللحظة تعداني « فقد اجتمعت في هذا الكلام إيحاءات  الذبول والموت من السنين التي تمر أمامه وهي تحمل في جريانها آماله ومستقبله  وتتعداه في صمت من دون أن تلتفت إليه , بالإضافة إلى الإنسان الذي يبكي ثم ينكسر ويلين  كدلالة على إشرافه على الموت أكثر من مرة , ثم يقول في البيت السادس « دمع الرحيل وغيمة أحزاني « إذ أن الدمع له ارتباط بالموت والرحيل موت آخر كذلك , بالإضافة إلى علاقة الغيوم والأحزان بالموت  والشعور بالكآبة والضياع , ولم يقف الشاعر في الاسترسال حول هذه الدلالات عند هذا الحد  , حيث يقول في البيت التاسع « كيف أخاف من الدما ؟ وأخشى من السكين « إذ يؤكد حضور شبح الموت بهذه القوة في هذا البيت , مع العلم أنه  أعلن  عدم خوفه من كل هذا , لأن المشكلة لديه أكبر من ذلك , لكن هذا الحضور بهذا التكثيف يرسخ من دلالات الموت في النص , وأنه انتقل بهذا الحضور من كون الموت كان يشكل لديه  أزمة نفسية يعانيها الشاعر  إلى تجسيد شاخص أمام العيون من خلال لمعان السكين وجريان الدماء بعد ذلك .
إن هذا الحضور لدلالات الموت في القصيدة سيشكل لنا النقطة التي سننطلق منها لفهم العلاقة بين أبيات القصيدة , لكن بمعزل عن الدخول في هذه الجدلية رغبة منا بفتح آفاق هذا النص بشكل أكثر رحابة
استجلاء  نص « الطريق « للشاعر عبد الله سعيد
نص « الطريق « للشاعر عبد الله سعيد يحمل في طياته عذاب الإنسان وأزمته مع الحياة كوطن وكمعيشة , وتتضح هذه الحالة من النداء المتكرر الذي أطلقه الشاعر  في بداية البيت الأول « بلادي .. يا بلادي .. يا بلادي  «   والذي كرره في آخر القصيدة , وكأن النداء في الأول محاولة لبث روح الاستيقاظ , غير أن تداعيات المشاهد في النص حولت ذلك النداء إلى صراخ ممتد كما في البيت الأخير, كإعلان من الشاعر أن الشقاء والتعب في الحياة  الوجه الآخر للإنسان في هذه الدنيا , كما أن هذا النداء يوحي بأن وطنه لم يحرس عليه أو لعله مشغول عنه بغيره
 
بـلادي .. يا بـلادي .. يا بـلادي والطريـق  منيـن
عجـزت ألقى مكـان يلـم خطواتـي  ويقـرانـي

يبدأ النص بتكرر النــداء, ســواء من خلال حرف النداء المحذوف بسبب ضرورة الالتزام بالوزن الشعري أو تتابع حــرفـي الـنداء « يــا «بعد كلمة « بلادي « وذلك من أجل التنبيه ولفت الأنظار إليه نتيجة لشعوره بالشتات وضياع الطريق من تحت أقدامه, وهذا التشتت الحاصل للشاعر أفقده الشعور بالأمان والاستقرار, حيث كانت مفردة « خطواتي « توحي بعدم الثبات , وكلمة «يقراني « تدل على عدم الشعور بالأمان وأنه لا أحد في هذا الوطن قادر على فهم الشاعر واستيعابه ومعرفة همومه , وذلك أنه ضل الطريق, ولم يجد مكانًا قادرًا على لملمة خطواته المبعثرة

لمين أبكي بعـد رب البريـة وأشتكيك لميـن  ؟
بكيت وجيـه نـاس ولا بكـى واحـد علـى شانـي

تنتقل معه الحالة من تأزم في علاقته مع الأرض , إلى تأزم في علاقة أخرى لكنها علاقة مع من يسكنون الأرض» بكيت وجيه ناس ولا بكى واحد على شاني « , وهنا ينتقل معه الشعور بالتشت والتشظي من الخارج الناتج من علاقته بالمكان , إلى تشتت داخلي  نابع من إحساسه بالوحدة والضياع  , لقد كان الملمح واضحًا في آخر البيت الأول , لكنه تركز في هذا البيت « لمين أبكي  -  وأشتكيك لمين  -  بكيت وجيه ناس ولا بكى واحد على شاني « حيث يتجذر إحساسه بالألم من خلال عمليتي البكاء والشكوى التي خلقت لديه هذا الشعور بالانعزالية المكانية والنفسية في آن .

بـلادي .. والطريـق اللـي حدانـي للسفـر تنيـن
يبـث النـار مـن فـم المسافـة ليـن تصـلانـي

النص في الأساس مرتبط بموقف الإنسان الذي هو الشاعر مع الأرض , والتي كان يسميها في هذا النص بمسميات عدة « بلادي « التي تكررت معه أكثر من مرة , وكذلك «  منافي  – تراب ودياني « حيث دلت المفردة الأولى على ارتباطه بالأرض ومدى تعلقه بها , بينما دلت العبارتان التاليات على تعامل هذه الأرض القاسي مع ابنها الإنسان الذي يعيش فيه  فيها  , كما سيمر معنا فيما بعد

كذا ترضين ؟ أصيرإنسان يبكـي .. ينكسـر ويليـن
ليـا شفـت السنيـن تمـر واللحـظـة  تعـدانـي
منافي في منافـي والفـرج فـي صومعـة  بعديـن
يفـر المسبـحـة ويقـبّـل المـحـراب وحـدانـي

وعلى هذا الأساس , وتحت وقع شعوره بهذا التهميش يتوجه الشاعر بتوجيه خطاب اللوم والعتب المعجون بهموم الحسرة إلى بلاده  , حيث حولته هذه الأرض إلى إنسان « يبكي .. ينكسر ويلين « أي أنها خلقت منه إنسانًا محطمًا , يرى كل شيء يمر أمامه , السنين التي تدل على عمره وسنوات شبابه , واللحظة التي رمز فيها للأمل والمستقبل « تتعداه « فلا هو الذي استوقفها , ولا هي التي أخذت بيديه إلى بر الأمان
لهذا شعر الإنسان/ الشاعر بأن هذه الأرض , والتي هي في الأساس بلاده وتراب وديانه كما قال عنها بأنها مجموعة من المنافي التي حكمت عليه بالغربة والضياع , ولم تمنحه إلا الوعود الزائفة والآمال الكاذبة «  والفرج في صومعة بعدين « , أي أنه لا أمل ولا فرج في سياسة ديدنها ثقافة التسويف ,  مما خلق لدى الشاعر الانكفاء على الذات والشعور بالحسرة « يفر المسبحة ويقبل المحراب وحداني « كدلالة على الشعور بالإفلاس والانكفاء على الذات بعد ذلك

بلادي .. ماعرفتيني؟ وانا اللي جلت صـدرك  ليـن
مليت الخبت مـن دمـع الرحيـل وغيمـة احزانـي   
هنا في ربعـك الخالـي مكبّـل مـن ثـلاث سنيـن
هنـا ..والبـرد يجلـد عبرتـي ويشـل  وجـدانـي   
من أيام  «ايدمة» لـ«الخن» لأول  جرح في « يبرين»
وأنــــا أهــــذي بالطــروق المبكيـات وسـرب قيفانـي  

في هذه الأبيات ينتقل الشاعر من التعميم إلى التخصيص – إذا كان بالإمكان استخدام مثل هذه المسميات – حيث تتحدد ملامح الغربة المكانية التي دفعت الشاعر لكتابة هذا النص , وذلك عندما أورد بعض أسماء الأماكن التي مر بها في طريق  اغترابه في وطنه وغربته بين مواطنيه , إذ  ذكر عددًا من الأماكن مثل  « يبرين « ( 1 )  وهي  هجرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المملكة العربية السعودية , وكذلك « الخن «  ( 2 )  وهي أيضا  هجرة تبعد عن هجرة « يبرين «   حوالي 35  كيلو , واقعة جنوب شرق البلاد  , بالإضافة  إلى « يدمة  «  ( 3 ) والتي  تنطق كذلك بـ  « أيدمة “ وهي هجرة  كذلك تقع في الجنوب , ونلحظ من خلال هذا التشتت المكاني  الواضح الذي عاشه الشاعر من خلال اعتماده على مفردة لا تكاد معروفة في مناطق أخرى , وهي الخبت ( 4) وهي كلمة سواحلية تعني المساحات الواسعة من الأراضي الخالية , ليتوافق هذا الجفاف بالجفاف , أي جفاف الأراضي الخالية المقفرة بجفاف الروح من خلال العيش في أماكن متباعدة وهو بعيد عن أمه وأخوانه وخلانه , وكأن البلاد تحولت في عيون الشاعر إلى “ ربع خالٍ “ من المشاعر والحياة  , وليس معه في هذا الطريق الطويل إلا قصاصات قصائده التي يبثها هنا وهناك  

بلادي كيف أخاف  من الدما ؟ وأخشى من السكيـن ؟
مـــــــــا دام المشكلـة بينـي وبيـن تـــــراب  وديـانـي

هذا الشعور بالتشظي  , والذي لمسناه في نص الشاعر , ها هو يصدمنا بالاعتراف فيه في هذا البيت « ما دام المشكلة بيني وبين تراب ودياني « , لهذا يعلن  هذا السؤال التهكمي « كيف أخاف من الدما ؟ وأخشى من السكين ؟ « لأن المشكلة لديه أكير من كونها نتاجًا  لهموم خارجية « الدما – السكين « بقدر ما هي هم داخلي  سببه الشعور بالاغتراب والتشظي في وطنه  , المتجاذب ما  بين الشعور بالمواطنة أو الإحساس بعذابات المغترب النازح في بلده وبين مواطنيه  
ورب المصحف إني رحـت أقسـم خافقـي نصفيـن
عشـان أحيـا بنصـف وللحبايـب نصفـه الثانـي
عشان أخرج من أفواه الضلال وكلمـة « المسكيـن»
وأطمـن خاطـر أمـي واستقيـم بنظـرة  إخوانـي  
لذا من الطبيعي أن يلجأ  الشاعر إلى القسم « ورب المصحف « لخلق حالة من الاتزان بينه وبين واقعه , ومن ناحية ثانية , ولعلها  الأقوى في هذه المعادلة , وهي تأكيد ارتباطه بالناس بعد  أن وجد الشتات  مصيرًا ينتظره في كل طريق وفي كل مكان , لا سيما الناس المقربون إلى قلبه , والذين وصفهم بـ « الحبايب « مقسمًا قلبه بين الحياة وبين الحب , بالإضافة إلى رغبته بالخروج من دوامة الضياع  ونظرة الآخرين  الذين يمثلون المجتمع ونظرته  للإنسان العاطل عن العمل , حيث اختصر الشاعر هذه النظرة بمفردة واحدة وهي مفردة « المسكين « الموحية بالتهميش والشفقة  والنظرة الدونية , ولعل الأهم في كل هذه المعادلة الاجتماعية بعد ذلك أيضًا  قول الشاعر :  « وأطمّن خاطري أمي واستقيم بنظرة أخواني « باعتبار أنهم مجتمعه الصغير , والعنصر الأهم في حياته , فهو يعمل على تحقيق الأمان لوالدته من خلاله « وأطمّن خاطر أمي « وكذلك لكي يكون رجلاً وفق الفهم النمطي للحياة في عيون أخوته « واستقيم بنظرة أخواني « لهذا كان من الضروري اللجوء للقسم بالله « ورب المصحف « لأن هذه المواقف التي أعلنها الشاعر في هذين البيتين مواقف مصيرية في حياته , فكان لا بد عليه من تشديد إيضاح هذه المواقف بهذا القسم الغليظ   
بلادي .. يا بلادي .. يا بـلادي .. والبقيـة ويـن ؟
عسـاي ألقـى مكـان يشتـت أحزانـي  ويقرانـي  
لو حاولنا عقد مقارنة بين بيتي الاستهلال والخاتمة , وخاصة فيما يتعلق في الشطر الأول من كلا البيتين , حيث جاء الشطر الأول من البيت الأول « بلادي .. يا بلادي .. يا بلادي والطريق منين « وجاء الشطر الأول من البيت الأخير  « بلادي .. يا بلادي .. يا بلادي .. والبقية وين ؟ « إذ كان الاستهلال إعلان بالرغبة باليقظة , بينما كانت الخاتمة استسلام ورضوخ لديمومة الضياع , وكأنه في آخر المطاف بدأ من حيث انتهى  , فقد كانت البداية  « عجزت ألقى مكان يلم خطواتي ويقراني « ولم تكن النهاية ببعيد من هذا السياق « عساي ألقى مكان يشتت أحزاني ويقراني « , ولو حاولنا بعد ذلك فك كلا  الشطرين وتفتيت محتواهما , لرأينا أن مع العجز نتجت  الرغبة بلملمة الخطوات  كما في البيت الأول , بينما اقترن الترجي « عساي «  بديمومة الشتات كما هو الحال في البيت الأخير , وذلك أن هناك فرق بين « والطريق منين « التي في البيت الأول , وبين « والبقية وين « كما هي في البيت الأخير , لأن العبارة الأولى جاءت كرغبة في البحث وبث روح الاستيقاظ  , بينما العبارة الأخرى جاءت نتيجة لإحساس الشاعر بأنه لازال في منتصف الطريق  وأن مشوار البحث لا زال ممتدًّا أمامه , وهو طريق طويل
هوامش :   1 – يبرين :هجرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المملكة العربية السعودية , على بعد 300 كيلو جنوب محافظة الإحساء , وعلى بعد 100 كيلو جنوب منطقة حرض .
 2 - الخن : أيضا هي هجرة تبعد عن هجرة “ يبرين “ 35 كيلو , واقعة جنوب شرق المملكة العربية السعودية وعلى بعد 300 كيلو عن محافظة الإحساء .
 3 - يدمة : وتنطق « أيدمة “ وهي هجرة تقع جنوب المملكة العربية السعودي وتبعد عن منقطة نجران 180 كيلو جنوب شرق .
 4 - الحبت   : كلمة سواحلية تعني المساحات الواسعة من الأراضي الخالية، وأكثر من يستخدم هذه الكلمة هم أهالي تهامة والجبال الغربية القريبة منها .

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق