القتل فعل مبغوض عند البدو وغيرهم كذلك على وجه العموم ويسمونه البدو « السواة الشينة» ويعد القتل من أجل القتل من أبعض الأعمال عند البدوي ، ومع ذلك فقد يعد القتل كأحد أنبل وأعظم وأهم الأعمال التي هي من متطلبات البدوي في حياته, وذلك عندما يكون من أجل الأخذ بالثأر أو الذود عن العرض «الشرف والديار « رد الغزو « ، فإنه ممدوح ولطالما افتخروا به « أخذ بالثأر ونفي العار».
وعندما يثأر الرجل لنفسه ويقتل قاتل أبيه, أو ولده, أو أخيه,أو ابن عمه القريب , فأنه يأخذ ثأره من غريمه المباشر «القاتل» وإذا لم يتاح له ذلك لصعوبة الأمر عليه فأنه يقوم بأخذ الثأر من أحد أقربائه أيا كان منهم , من تربطهم رابطة الدم بالقاتل « الدومي « إلى الجد الخامس , وهذا العرف يسمونه البدو « مقبض السيف « والجد السادس لايؤخذ بحق الدم , لأن السيف يقبض بالخمسة أصابع فقط ، ويجوزللقاتل, عندما يقترف فعل القتل « يذبح له واحداً من العرب أن يجلي – اي يرحل - « يصير جلوي» عن ديرته إلى ديار أخرى, و يجلي مع القاتل كل فرد من أفراد أسرته وأقربائه « للجد الخامس « إذا كان القاتل والمقتول من عشيرة واحدة أو من عشيرتين تنتميان إلى صف واحد فيجب على القاتل وخمسته أن يجلوا إلى ديار غير ديارهم الأصلية . وأما إذا كان ينتميان إلى صفين مختلفين فإن القاتل وجماعته لا يجلون بل يبقون مع عشيرتهم.,و يجوز لأهل القتيل أن ينتقموا لقتيلهم من أي رجل يدخل في دموية القاتل, و يجوز لأهل القتيل أو أي كان من خمسته أن يقتلوا من يصادفونه من خمسة القاتل فحسب بل أن ينهبوا «نهابه» اي نهب ما يصادفونه من مال وحلال أيضا. وتسمى حالتهم هذه « ساعة فورة الدم « أو» شعث الدم» ، وكل ما ينهبونه في شعث الدم من مال وحلال يكون من نصيبهم, ولا يحسب من الدية, ولا يجوز الاعتداء على عرض أي امرأة من نساء القاتل أو أي كان من خمسته ، وكذلك الانتقام أثناء شعث الدم ، ساعة فورة الدم، بقتل طفل من أولاد القاتل لأنه يشترط لأجل الثأر أن يكون المثؤر منه « الغريم» قادرا على حمل السلاح، ولا يجوز قتل امرأة في سبيل الأنتقام. وإذا كان بين أهل القاتل امرأة تنتمي بالنسب إلى أهل القتيل فإنه يجوز لها أن تقتل واحدا من أهل بعلها أخذا بالثأر للمقتول من أهلها أو عشيرتها, وهذه نادرة عند البادية لأن الثأر تطالب به النساء الرجال , ومدة «شعث الدم- ساعة فورة الدم» يوم واحد لا يجوزبعدها نهب المال والحلال بعد انقضاء المدة وإنما يجوز قتل النفس للإنتقام .
ومن العرف عند قبيلة عنزة أن العنزي يجلى عن قبيلته إلى قبيلة أخرى تؤويه ومدت الجلوة سبع سنوات , ويحق لخصمه خلال هذه المدة النيل منه أو قبول الديه « المّدى « ولكن كيف يستطيع النيل منه وهو جلوي عند قبيلة أخرى تقوم بحمايته من غريمه ؟ فهذه ترجع إلى فروسية صاحب الحق ودهائه . حيث يمكن له أن تسلل حتى يصل أليه ثم يقتله , وإذا تمكن من ذلك فليس عليه شيء لأنه أخذ بثأره , ولا يحق لأفراد القبيلة التي جلى عنهم «الدومي» أن يعترضوه بأذى .
ابن شعلان ومصيبته المضاعفة
هذه القصة الغريبة والحقيقة للشيخ محمد بن مهلهل شعلان من الشعلان شيوخ الرولة من عنزة، اذ حدث أن محمد بن مهلهل الشعلان ، قتل أحد أفراد جماعته ، فرحل عن قومه كنا هي العادات المعروفة في ذلك الوقت أن يرحل القاتل عن ديار المقتول ان كانوا في نفس المكان ، ونزل عند ابن رمان من شمر « عبدالكريم بن على الرمان حاكم تيماء ، ولأن من عادات البدو حماية الجار أو الذي يلجأ لهم ويسمى « الدومي « كما ذكرنا سابقاً، فقد أكرم وفادته ابن رمان وأكرمه ، وبقي عنده فترة تزيد عن الخمس سنوات بعدها أرسل له جماعته من يقول له أن المشكلة حلت وما عليك إلا أن تعود وفعلاً عاد لقبيلته وقامت امرأته تبني بيت الشعر وجماعته يذبحون الذبائح وذهب هو يروي إبله على الماء ولما أقبل على الماء فإذا الناس مجتمعه فذهب يستكشف ولما أقبل عليهم جاءه اثنان الأول يطارد الثاني فحاول حل المشكلة فأدخل الأول وقال للثاني أنا أمنعك بالوجه ، فلما سمعه قال الثاني مخاطباً محمداً ، إذا لم تبتعد ذبحتكما أنت والرجل . فغضب محمد وتناول سيفه وقطع رأسه وبسرعة عاد لزوجته وقال لا تكملين بناء بيتك سنرحل ، فقالت : ذبحت رجلاً ؟ فقال نعم ، فقالت: « أدخل على الله واتركني مع جماعتي» ، فتركها ورحل وحيداً وعاد إلى ابن رمان ، عرف ابن رمان أن هناك سالفة جديدة ولكنه لم يكلمه بل حضر له القهوة وكان يشرب الدخان فأحضر له «السبيل» والتتن فقال ابن شعلان :
طس السبيل من اشقر التتن طسه
الشاوري يبرى عن القلب عله
من كيس قرم دايم مايدسه
تلقاه محذوف على جال دله
والله من قلب همومه تمسه
مست احبال امهاوزات الاظله
سبع الخلا كيف الضواين تلسه
والصلح من فرق الغنم ماحصل له
البوم يفرس الفهد والفهد صار بسه
وتبدلت دنياك يافاطن له
ول يا عجوزٍ كل بيت تعسه
مضفي على كل المخاليق ظله
لاصار ماحقك بسيفك تقصه
بربع يعدون المخالف محله
ولو عندنا من غيب الايام رسه
الادامي مصلوح نفسه يدله
كما ان القصيدة ذكرت بالترتيب التالي ايضا :
يامل قلب للروابع تمسة
مسة حبال مهاوزات الاضلة
طس السبيل من اصفر اللون طسة
الشاوري يبري عن القلب علة
من كيس قرم ضارين ما يدسة
تلقاة مجدوع على جال دلة
لو عندنا من غيب الايام رسة
الآدمي مصلوح نفسة يدلة
لا شفت ضول الناس باللك تعسة
وان جنبك شر المخاليق خلة
ياللة ياللي كل درب تجسة
عقد البلش غير انت ما حد يحلة
تفرج لمن مثلي زمانة يرسة
علية من قرب الرفاقة محلة
البوم يفرس والاسد صار بسة
تغيرت دنياك يافاطن لة
سبع الفلا جاب الضواري بحسة
والصلح من فرقى الغنم ما حصلة
ثنتين دون اللي خصيمة ينسة
سيفي لمن داور دخيلي نسلة
لاصار عن خصمك سلاحك تدسة
ما ينقعدلك في حضون المذلة
وبعد ان قال هذه الابيات اجابه قضيب الرمالي الملقب راعي الطوير بهذه الابيات وهو يوضح له كذلك ان ترك من لايعنيك فائدة وقال :
يا راكب اللي كثر الادلاج مسه
يشدي ظليم هاوز العصر ظله
لابن مهلهل يافتي الجود نصه
يدعيك ضوح النار في رفتله
ونجر يصوت للمسايير حسه
بديوان قرمٍ دايم ماتمله
انصح رفيقك انصحه ثم وصه
اربع معاني يافتى الجود قله
والثانية حكي العرب لاتقصه
حكي العرب يجمع على القلب عله
والثالثة : الشر بالك تعسه
وان جنبك شر المخاليق خله
والرابعه من جاك ينذخ بحسه
اما يتيه الدرب ، ولا يدله
تعبا له المحشا على الملح رصه
لينه يفوت الملح في مضنكٍ له
وان ثارت المثلوث وانجال حسه
يجلا عن قلبك صدى كله عله