من المؤكد أن قيمة الكلام في معناه وفكرته , ولايعني هذا عزل جمال الشكل والمفرده وسلامة اللغه في النص الشعبي بذريعة ان العامية لاتخضع لمقاييس صرفيه او نحويه, لأن التذرع بهذه الحجه أخرج لنا مفردات جديده معسوفه مستهجنة جدا ليس آخرها «عشاشيق» ولايمكن لنا ان ندعو شعراء العاميه لجعل نصوصهم فصيحه خالصة.
لكن الشاعر الذكي يدرك متى وكيف يرتقـــي بلغــته باختياره المفردات المناسبـه والسليمة والقريبة من الفصحى لفظا لانها هي المحرك الرئيسي للنص والباعث للحياه فيه, متى ماكانت منسجمه مع السياق ولاتسبب اضطراب للقاريء, في مكان وجودها , أما مانقرأه من عسف للألفاظ وابتكار ابجدية جديدة تُدخل على اللغة ماليس فيها فهو مما يتلف الشعر ويفسد جماله فأصبحنا نقرأ مفردات على شاكلة» تجمّاع - تهملاع - تقصّاف - تنعّام» فهي عسف قبيح واحالة الافعال الى مصدر غير موجود في اللغه , صحيح ان العاميه لاتخضع لمقاييس النحو إلا ان الذائقة السليمة لاتقبل .
ان نحتال عليها بكلام جديد تالف المعنى, ومتعذر النطق، والشاعر الذكي يدرك ان هندسة المعنى وصبه في قالب لغوي جميل هو أدعى للجمال والقبول وايصال المعنى بيسر وسهوله ، فهو يتخير الالفاظ المرنه والعذبه والتي تضيف للمعنى جمال الشكل ومتى ماجعل اقصى علمه ومبلغ همه ان يكتب قوافي صعبه ومضطربة وتعجيزيه فلن يمتلك افكاره وسيظل متذبذب في تتبع القوافي في احيان وابتكارها في احيان أخرى , ومن المؤكد ان نتاجه في مثل هذا النص ليس سوى كلام قبيح موزون حتى وان كان المعنى المقصود محمودا وجميلا .