ثمة طقوس معينة كانت سمة غالبة على شهر رمضان المبارك في بعض البلدان العربية والإسلامية هذه الطقوس بعضها غاب مع الحضارة والبعض الآخر لازال حاضراً لكن مع بعض التغيرات والتطورات التي تتناسب والعصر وعبر السطور القادمة سأتركك عزيزي القارئ مع بعض ماقيل حول الطقوس الرمضانية القديمة وأستهلها أولاُ بالمدفع الرمضاني الذي أجمعت الروايات التاريخية على أن مصر هي أول بلد استخدم المدفع الرمضاني وكان ذلك في عهد الخديوي إسماعيل إذ أن بعض الجنود كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع الحربية فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرةوبالمصادفة كان ذلك وقت أذان المغرب في رمضان فاعتقد المصريون أن أمراً من الحكومة صدروبذلك صار المدفع حديث الناس وأعجبت بذلك الحاجّة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل وأصدرت قراراً بانطلاق المدفع وقت الإفطار والسّحور ومن الروايات الأخرى أن محمد علي الكبير في مصر كان يجرب مدفعاً جديداً من المدافع التي استوردها من ألمانيا في إطار خططه لتحديث الجيش المصري فانطلقت أول طلقة وقت أذان المغرب في شهر رمضان وبذلك ارتبط صوته في أذهان العامة بإفطار وسحور رمضان.
هذا فيما يتعلق بالمدفع أما بالنسبة للفانوس فليست نشأته ببعيدة عن سابقه إذ تشير الروايات إلى أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق وهم يحملون فوانيسهم ويشدون بأعذب الأهازيج الجميلة.
وفي رواية أخرى أن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها بالشموع وقد انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل وأصبح الكثير من الناس الآن يعلقون فوانيس كبيرة وملونة في الشوارع وأمام وداخل البيوت تعبيراُ عن فرحتهم بحلول شهر رمضان،
وننتقل الآن للحديث عن المسحراتي الذي ظهر كما يشير المؤرخون في عصر الدولة العباسية وتحديداُ في عهد الخليفة المنتصر بالله
وذلك عندما لاحظ والي مصر «عتبة بن إسحاق» أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور،
ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحر مناديا الناس: «عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة, أما في عصر الدولة الفاطمية فقد أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور ومع مرور الوقت تم تخصيص رجل للقيام بمهمة المسحراتي ثم تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصرحيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي بدل العصا ليدق عليهاأثناء تجوله بالأحياء وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة .
هذا كان غيض من فيض مما تناقله الرواة وخلده التاريخ فيما يتعلق بأبرز الطقوس والرموز الرمضانية في الديار العربية والإسلامية ما كان منها باقٍ وما اندثر وبقي ذكره هذا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.