العدد 1656 Friday 06, September 2013
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
«عباءة» وضعت المعوشرجي في مرمي نيران النواب إغلاق باب الترشح لانتخابات «بلدي 2013» اليوم إطــــلاق ســراح المـــواطن الكــويــتــي المخـتـطـف في الفلبين الإطفاء:جاهزية تامة لخطة الطوارئ تحسباً للتطورات في المنطقة الحكومة المصرية: سنضرب الإرهاب بـيد من حديد الكندري: فريق لتجنيب المجتمعات الخليجية سلبيات « التواصل الاجتماعي» ديوان الخدمة يبدأ الفترة الـ 44 للتوظيف فجر اليوم الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: أزمة اللاجئين السوريين تتفاقم «الداخلية»: لا صحة لوفاة مواطن في نظارة «المخدرات» الأمير هنأ أسرة المواطن أحمد الكندري على إطلاق سراحه في الفلبين «الخارجية» تعلن إطلاق سراح المواطن الكويتي المختطف في الفلبين رئيس مجلس الوزراء يتلقى رسالة من نظيره الهندي تتضمن دعوة لزيارة نيودلهي السفير العتيبي: لجنة مجلس الأمن تزيل لجنة الدعوة الإسلامية من لائحة العقوبات كلية الدراسات العليا نظمت لقاءً تنويرياً لمديري البرامج الجدد الكندري: «وزارية الاتصالات الخليجية» توافق على تنظيم أسعار التجوال بين دول التعاون «الخدمة المدنية» ناقش مع جهات حكومية تنظيم أوقات دوام الموظفين والطلبة «الإطفاء»: جاهزية تامة لخطة الطوارئ تحسبا للتطورات في المنطقة الداحس ينفي إيقاف «الصندوق الخيري» دعمه للمقيمين العرب المطيري: افتتاح مبنى مختبرات الجهراء وعيادات الجلدية المسائية قريباً الغانم يتسلم رسالة من رئيس مجلس الشعب في جمهورية الصومال العازمي: عدم تأمين محطات التوليد أدى لتكرار انقطاع التيار الطريجي يستفسر عن ملف ياسر الحبيب الهاجري يقترح تقسيم الدوام في الوزارات  إلى فترتين الصانع يقترح موقع إنترنت متكاملاً للتواصل بين البيت والمدرسة سوريا تعصف بوحدة الـ «20»: 18 ضد 2 أربعة مرشحين في اليوم التاسع من التسجيل لانتخابات البلدي عمومية المزارعين: نجاح 5 مرشحين من قائمة الجميع و 4 من «الإصلاح » ديوان الخدمة يبدأ الفترة الـ 44 للتوظيف فجر اليوم الأنصاري: 700 ألف دينار صافي أرباح مبيعات «السلام التعاونية» الجسر الجوي يتواصل.. والطائرة الإغاثية الكويتية السادسة تصل إلى السودان الكويت تطلق أول إذاعة للقرآن الكريم في ألبانيا لجنة زكاة الفحيحيل تستعد لتنفيذ مشاريع خيرية في بنغلاديش بقيمة 45 ألف دينار مصر: الإرهاب يفتح أبواب الاغتيالات السياسية تونس: «الإنقاذ» تهدد بمواصلة التظاهر .. وبن جعفر يدعو «التأسيسي» لاستكمال صياغة الدستور القادسية جاهز لاستقبال الشرطة السوري الأزرق الأولمبي يواجه كوريا ودياً الكويت و5 دول أخرى تتنافس على ميداليات شباب آسيا غوميز: رفضت الريال خوفا من «الدكة» أبو ديابي: لم أفقد الأمل وواثق من العودة للتألق البورصة تستعد لمغادرة المنطقة الحمراء الأسواق الخليجية على الكف.. الأحمر وأسعار الأسهم أصبحت مغرية للشراء «جدوى للاستثمار»: الاقتصاد السعودي حقق 2.7 في المئة نمواً خلال الربع الثاني «أوابك»: بنك معلومات المنظمة يهدف إلى وضع نظام متكامل لبيانات الطاقة في الدول العربية نهاوند سليمان الفليح سليمان الفليح البدوي الأخير ... رغمــــــــاً عن مارسيل كوربر شوك صـــديــق الشعـراء وحبيبهم .. أبو سامي

مقامات

سليمان الفليح البدوي الأخير ... رغمــــــــاً عن مارسيل كوربر شوك

فجعت الساحة الثقافية المحلية والخليجية يوم الأربعاء قبل الماضي بتاريخ 21 – 8 - 2013  ، بخبر وفاة الكاتب والشاعر السعودي الكبير الأديب سليمان الفليح عن 67 عاماً ، الذي كان يقضي إجازة خاصة في الأردن، حيث وافاه الأجل حيث ذهب ، فووري الثرى بالمقبرة الهاشمية.
وألقى رحيل صاحب ديوان «أحزان البدو الرحل» بظلال قاتمة على نفوس محبيه، اذ كان الفقيد مكانة كبيرة ومنزلة عالية وشعبية جارفة بين الشعراء على اختلاف تجاربهم وأعمارهم وعلى تنوع ما يكتبونه ، وبين المثقفين باختلاف مشاربهم .

والراحل الكبير ، عُرف محارباً في حروب الاستنزاف 1973 ثم في حرب تحرير الكويت، إذ كان جندياً في الجيش الكويتي، التي شهدت تشكلاته الأولى شاعراً وكاتباً من طراز مختلف، قبل أن يعود إلى الرياض ويقيم فيها بشكل دائم .
ويعد سليمان الفليح أحد أعلام قصيدة الحداثة في الخليج، منذ السبعينيات، وانطلقت شاعريته من الكويت، وشارك بفاعلية في صحافتها ومنتدياتها الثقافية، ومنها انطلقت زاويته الصحافية «هذر لوجيا»، التي عرف بها، وانتقلت معه إلى الصحافة السعودية.

وهنا نحن نعيد « البورتريه » الذي جاء معبراً في سبر عن الحالة العامة لمحبيه في كل مكان ، بعد فقد هذا الكبير:
« برحيله اتشحت الساحة الأدبية في الخليج بلون الحزن غير المهادن ، فقد أحدثت فيها وفاة هذا الأديب ثغرة لن تُسد، وهو الذي ملأها وشغل ناسها بأشعاره و «هذرولوجياته».. تلك التي سطر فيها أروع ما يكتبه أديب عن نفسه وعن قبيلته وعن وطنه، مستفيداً من نشأته الصحراوية التي أطعمته الشعر قبل أن يبلغ سن الحداثة.. ففي الصحراء نشأ، وفوق رمضائها نمت قريحته واستطالت، وأينعت ثمارها، حتى إذا بلغ نهاية المطاف قرر أن يطوي أشرعة الكتابة.. ويتوقف عن الإبحار في محيطها.

يتم الطفولة لم يقف حاجزاً في طريق موهبته، فقد رحل عنه والده «لافي العنزي» وهو في الرابعة مايزال، وحين بلغ السن التي تؤهله للزواج قرر أن يتزوج، وعاهد نفسه أن ينجب قبيلة من الأبناء تعوضه عن حالة اليتم التي لازمته صغيراً وظلت آثارها منطبعة في وجدانه حتى - ربما - قبل أن يخطفه الموت.

وكان عقد السبيعنيات من القرن الفائت شاهداً وموثقاً لأول ثمرات نتاجه الأدبي عندما أصدر ديوانه الشعري «الغناء في صحراء الألم».. كان رحمه الله يكتب الشعر ويتلوه بالتوازي مع عمله جندياً في الجيش الكويتي، وزاويته الشهيرة «هذرولوجيا» ظلت محل ترحيب الصحف الكويتية، تنتقل من صحيفة إلى أخرى حاملة معها الإثراء والغزارة، بدأها في جريدة السياسة وانتقل بها إلى الوطن ثم إلى الرأي العام وفي عدد من المجلات والإصدارات الثقافية قبل أن يترك الكويت نهائياً إثر تسريحه من الجيش ويغادر إلى المملكة العربية السعودية، وهناك مُنح جنسيتها ولم يجد إلا الترحيب والحفاوة من أهلها شعباً وقيادة.. عاد بعد ذلك ليكتب في جريدة الجريدة الكويتية، ثم جريدة أوان التي توقفت عن الصدور لاحقاً.. وظل مواظباً على كتاباته في صحيفة الجزيرة السعودية » .
 
وفي آخر محاضرة أدبية ألقاها في الكويت ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي التاسع عشر، عبر الشاعر سليمان الفليح عن سعادته لاستضافته في رابطة الأدباء الكويتيين التي تسكن أعماقه، لأن أروقتها تحمل مواقف وذكريات جميلة.
وتمحورت المحاضرة حول شعر الصعاليك وحنشل البوادي المتأخرين، وأدارها الشاعر إبراهيم الخالدي، وتحدث فيها الراحل عن مفهوم «الصعلوك» لغوياً، مصححاً بعض المعلومات المغلوطة في هذا الجانب، وتتبع الفليح مجموعة من الشعراء منذ العصر الجاهلي مرورا بالعصور الأخرى، مستشهداً ببعض القصص التي تروي بطولاتهم، معتبراً أنه ظهر في أواخر الدولة العباسية حينما أوهنها التشرذم والتفكك شعراءُ استمروا في أسلوب أسلافهم مكتسبين طرقاً جديدة تواكب عصرهم.

وقدّم الفقيد الكبير مقاربات شعرية بين بعض النصوص باللغة الفصحى ومشابهاتها باللهجة العامية، مؤكداً أن النصوص الشعرية جاءت متشابهة إلى حد كبير رغم اختلاف المكان والزمان والأسماء.

وكان له - يرحمه الله - اهتمام خاص بالصعاليك وشعرهم، مثل عروة بن الورد والسليك بن السلكة والشنفرى وتأبط شرا وغيرهم. واعتبرهم « فرساناً تميزوا بالبسالة والإقدام والكرم والإنسانية. يمكننا القول إن صعاليك العرب سلكوا أسلوباً واحداً في الحياة، آمنوا بأنه الأسلوب الوحيد الذي يستطيعون به أن يرفعوا عن كواهلهم ما وضعته فوقها ظروف مجتمعاتهم الجغرافية وتقاليدها الاجتماعية وأوضاعها الاقتصادية من ضيم وهوان».

التعريف  :
سليمان بن فليّح بن لافي بن طحيمر بن باطح بن عميرة القماصي السبيعي العنزي ، ولد في منطقة الحماد في شمال المملكة العربية السعودية حيث كان يملك قطعان والده الشاعر فليّح بن لافي رحمة الله ولد أديبنا الفليح كما يقال من رواة القبيلية ما بين عام 1950 م أو 1951، كما قال سليمان الفليح في احدي مقالاته أو لقاءاته الأدبية « توفي أبي وأنا أبن الأربع سنوات وأصبحت يتيمآ ولم يكنلي أخوة ،  فقلت حينما اتزوج سوف انجب قبيلة من الأبناء تعوضنّي مأسأة اليتمّ ،لكي لاتذقوا ماذقت من مرارة اليتّم والوحدة دون أخوة وضعتني أمي تحت شجيرة في الصحراء ولفتني بطرف عبائتها ثم سارت تغني في ركب القبيلة الضاعنة نحو حدود الغيم » ترجمت أعمال الفليح إلى اللغة الإنجليزية والروسية والصربية والفرنسية .


له من الإصدارات الأدبية :

1. ديوان الغناء في صحراء الآلم في عام 1979
2. ديوان آحزان البدو الرحل تم اصدار الكتاب في تاريخ 1980
3. ديوان ذئاب الليالي تم اصدار الديوان في عام 1993
4. ديوان الرعاة على مشارف الفجر في عام 1996 ميلادي
5. ديوان رسوم متحركة في عام 1996
6. البرق فوق البردويل 2009

واصدارات لم تُطبع بعد :

1. الدراسات النقدية والانتربولجيا
2. والأعراف والعادات، البدو
3. دراسة عن حياة العاليك العرب
4. السيرة الذاتية لطائر الشمال

كتابات ودراسات نقدية في شعره :

1. دراسة الدكتور عبده بدوي «ديوان من الكويت».
2. دراسة بقلم خليل عبويني من كتاب «نافذة إلى رؤية نقدية» عام 1982.
3. دراسة الدكتورة نجمة إدريس «أسفار الترحّل والهجر ومرجعياتها في شعر سليمان الفليح».
4. «ميزة البدوي المتجول سليمان الفليّح» للكاتب والأديب المصري محمود السعدني.
كلمات في الفقيد الكبير

آخر أحزان البدو الرّحل !
مسفر الدوسري :
سليمان الفليح يفتح بابه الأخضر الأخير في هذه الحياة..ويرحل!
سليمان الفليّح الذي لم يكن ليأنس لقبضة مكان لمدة تتجاوز قصيدة شعر أو شغب طفل أو سالفة من سوالف البدو!
هذا القَلِق ، سريع الضجر ، لا يكاد يحتويه جسدُه النحيل،لا يمكن للحظة تجمعك بذلك السليمان إلاّ وتبدي لك جمالها،..ولو بعد حين أنا دائماً أثق بهذا،وهذا سرّ محبته لي ،الذي يظن أنه يخفيه عنّي،وأنا لا أحرص على اكتشافه لأنني ببساطة..أعرف أنه يعرف أنني أفهمه ، يتعامل مع الزمن كذئب متوحش واللحظة ..فخّ! يتحاشى الوقوع في أسره ، وإذا ما حدث ذلك ملأ الفضاء عويلا يُغَنّى على الربابة! ، الربابة آلة الدلال الصفراء الوحيدة، والتي يحبّها سليمان، كنت اشاغبه أحياناً بها وأقول: من أين لك كل هذا القلق،وأنت تحب الربابة..رمز الرتابة!
فيبدأ سيل شتائمه المسجّعة، إلى أن يتّهمني ببلادة الاحساس لأنني لا أتفاعل مع قلقه أو تلك الربابة بما يليق من الضجر ، وبالرغم من قلقه هذا الذي لا يجعله يطيق ارتداء ثياب لحظة،إلا أنه من ذلك النوع الذي لا يمكن أن يزول من ذاكرة أي لحظة يمرُّ بها ، لا يمكن للحظة تجمعك بذلك السليمان إلاّ وتبدي لك جمالها،..ولو بعد حين ، أنا دائماً أثق بهذا،وهذا سرّ محبته لي ،الذي يظن أنه يخفيه عنّي،وأنا لا أحرص على اكتشافه، لأنني ببساطة..أعرف أنه يعرف أنني أفهمه!
قلت له مرةً: «أنا أقدر أقرأ خارطتك النفسيّة من «عقالك الميّال» يابو سامي»! ، رمقني بتعالٍ مفتعل،مع اغماضة قليلة في احدى عينيه،ساحباً نفساً عميقاً من سيجارته ،وقال ساخراً:«تفضل علينا..أخبرني كيف؟!»
قلت: «كلما زادت درجة ميلان «عقالك» زادت المسافة التي نحتاج أن نردمها معا بين عقلك وجنونك تلك اللحظة وقلت الله يعين» فلتت من بين شفتيه ابتسامة كبيرة بالرغم من شواربه الطويلة التي تحاول أن تخفي دائما ما لا يريد قوله صراحة، بما في ذلك الكلمات ، وحاول أن يداري وجهه بلثام الشتائم!وضحكت..!
سليمان الفليّح هذا القَلِق.. أهدى باقة من الخزامى والعرفج الجاف لربطات العنق الأنيقة ففرِحت بها ،وفرّغت بعض الفازات من النرجس لوضعها بدلاً منها في الصالونات ، جَمَع ما تيسّر لصوته من حداء الرعاة،وقطا الغدران، ورائحة البنّ الأسود في الخيام، ليصبح صوته «بيت شَعَر» تستظل بأغنيته القوافل،ويقصده كل صوتٍ مشرّد،
يتسع قلبه للمدى،ولأغنية يعرف مسبقاً أنها.. لن تكتمل! ، التقينا معاً تحت سقف قصيدة كتبتها له..وليس عنه،
حينها لم تكن لدي أصابع،إنما كنت أجيد عدّ النجوم، كان الشاعر والكاتب سليمان الفليّح أحد تلك النجوم في عيني..
كان حينها يكتب زاوية بجريدة السياسة الكويتية،بعنوان «هذرولوجيا»،وكنت متابعا لها،ومعجباً بالقصائد التي أقرأها له في الجرائد،أو تلك العالقة بذهني من ديوانه «أحزان البدو الرّحل»،أو بعض قصائده التي يحفظها بعض أصدقائي في الجامعة،والذين أصبحوا لاحقاً أصدقاءنا المشتركين ، وفيما عدا ذلك لم أكن أعرفه، في ذلك الوقت حدث أن غاب سليمان الفليّح عن الكتابة في الجريدة لمدة تزيد عن السنة تقريباً..وتحديداً للحدّ الذي اعتاد فيه الناس غياب  «هذرولوجيته»!
سألت أحد أصدقاء الجامعة عن سليمان الفليّح،فأخبرني سبب غيابه عن الكتابة «لا أذكر السبب الآن» إلا أنني أذكر أنه آلمني،وكتبت قصيدة نُشِرَت في احدى الصحف،وقرأها سليمان وبحث عني إلى أن التقاني!
لم أكن لأصدق لحظتها أنني في حضرة أحد أشهر الشعراء الصعاليك العرب في ذلك الوقت،
في ذلك الوقت لم يكن سليمان الفليح بالنسبة لي يعني أكثر من ذلك،ليس بخساً بقدره ولكن لأني لا أعرفه،
وبعد أن عرفته،عرفت أن ما خفي كان أجمل ، سليمان الفليّح: إنسان حمل البداوة في قلبه ، وربما لهذا السبب فتح بابه الأخضر الأخير ومضى،قلقٌ على «عقاله» المائل وربابته،بعض ما تبقى من بداوته!

سلام مربّع في رحيل سليمان الفليّح

الشاعر فهد عافت :
لو كتبت في سليمان الفليّح رثاء ، لن تتمكن أطيب طيور لغتي من قنص طريدة واحدة من طرائد مشاعري، والأهم من ذلك أن كتابتي لن تعجب أستاذي الكبير رحمه الله، و سوف يعاتبني على ذلك حين يجمعني الله به، وهو صاحب أشد أحزمة الوصايا قدرة على شدّ الظَّهر: يا ولد، إن ضاقت بك الدنيا فاتّسع!، لا أريد لكتابتي أن توصف بمخنوقة العبرة، سوف أكتب مبتسماً لأن ذلك ما كان يحرّضني عليه سليمان الفليّح دائماً، هو سيد العبارات المفتوحة على الأفق، و نقيض العبرات المخنوقة، أجاز لنا سرقات ثلاث: الكتب وأشرطة التسجيلات النادرة والقلوب، و لم يتفوّق عليه أحد من تلاميذه في الثالثة، وعلّمنا أن حركة القصيدة في وقفاتها المفاجِئة، حكى لنا عن جان جينيه و بديوي الوقداني بالحماسة نفسها، واشترط علينا الجَسَارة حُلُماً و قلماً إن نحن رغبنا حقاً السير في دروب الكتابة، و عن نفسي أقول: لم أتمكّن من دخول الجامعة، فكانت ديوانيّة سليمان الفليّح جامعتي التي تخرّجت منها شاعراً وإنساناً بغض النظر عن نسبة النجاح التي مكّنني الله منها، لم يكن أستاذاً بالمعنى الذي يمكن للكلمة أن تشي به، كان أباً وصاحباً وكان شيئاً ثالثاً شديد العجب: كان منافساً!، يحتال على الأمر والعمر حتى يسقطك في شَرَك المنافسة، فإن سقطت سقطت إلى أعلى!، لولا الله أولاً وأخيراً ثم لولا سليمان الفليّح لما طقت فراقه، سأعذره: لم يكن قاسيّاً من قبل إلى هذا الحدّ الذي أفجعنا برحيله، و سأظلّ أشكره بامتنان دائم لأنه نجح في تهيئتي لمثل هذا الفراق، مبتسماً أتابع الرحلة لأنها وصيّته، و لأنني تلميذ خاص له، خاص لدرجة أنني فيما لو لم أفعل بالوصيّة فإنني أخاف أن أصحى من النوم فأجد أُذني حمراء من كثرة شدّه لها في حُلم!، سلام مربّع يا أستاذ .. سلام مربّع !

حفل تأبين للشاعر الراحل يوم 2 أكتوبر المقبل

الشاعر إبراهيم الخالدي «رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية برابطة الأدباء الكويتيين » :
إن الأدب العربي فقد علما شاهقا من أعلامه، وشاعرا مبدعا كبيرا برحيل الأديب والشاعر السعودي سليمان الفليح، تاركا إرثا ثقافيا منوعا ،  إنه صنع خطا شعريا متفردا بمزاوجته بين التجربة الشعرية الحداثية وروح البداوة النقية بكل مفرداتها وتفصيلاتها.
ورابطة الأدباء الكويتيين، شهدت بدايات الفقيد خلال السبعينيات، وتتبعت مسيرته الأدبية في العقدين اللاحقين حتى غادر وطنه الكويت إلى وطنه السعودية في أواخر التسعينيات، وهي الآن إذ تنعيه تستذكر جانبا من كلماته الجميلة في محاضرته الأخيرة التي أقامها في رابطة الأدباء في يناير الماضي، واستذكر فيها أيامه الجميلة في الرابطة ، ان الرابطة لا تملك إلا أن تتقدم بخالص العزاء لأسرة الفقيد، ومحبيه، وقرائه، وتعلن نيتها إقامة حفل تأبين للشاعر الراحل سليمان الفليح في ذكرى اليوم الأربعين لوفاته 2 أكتوبر المقبل قي مقر الرابطة بالعديلية، بمشاركة عدد من الشعراء والأدباء، كما سيتم خلال ذلك الحفل توزيع كتاب تذكاري عن الفقيد وما قيل في رثائه، نقوم حاليا بجمع مادته مما ينشر تباعا في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أبسط ما يمكن تقديمه لشاعر كبير بحجم سليمان الفليح يرحمه الله .

رجل الأدب والمقال
الشاعر رجا القحطاني :
ها هي فصول الرثاء وكلمات الحزن تتوالى كلما فقدنا شخصا أثرى حياتنا الإنسانية أو الأدبية بعطاءاته الجمة التي ستظل محفورة في جدار الزمن ، بالأمس القريب فقدنا الرجل الأول للعمل الدعوي والخيري الدكتور عبدالرحمن السميط، إذ عانقت روحه سحائب الرحمة، وها نحن نودع رجل الأدب والمقال سليمان الفليح الذي أعطى الكثير في مجال الشعر والمقالة الصحافية، ذلك الإنسان البسيط في مظهره وتعامله مع زملائه وأصدقائه والمخلص لقيمه البدوية المستقاة من واقع حياته التي عاشها في الصحراء والمدينة، وانعكست على نتاجه الشعري الثري بمدلولات إنسانية ظل الفقيد ابو سامي متمسكا بها أصالة ووثوقا، ليفتح نوافذ الحرية والأمل نحو غد مشرق لا يفقد فيه الإنسان قيم الماضي النبيلة مهما طغت من حوله ضوضاء الحاضر .
إنه عاش منسجما مع قناعته وفلسفته في الحياة حينما تلون الآخرون وفصلوا حاضرهم عن ماضيهم فضاعوا في الزحام، متقدما بواجب العزاء إلى أسرته الكريمة، متضرعا إلى المولى أن يتغمد الراحل برحمته الواسعة، لاسيما انه سيبقى شعلة إنسانية وإبداعية في ذاكرة الأجيال.

المعلم
الشاعر عبدالله الفلاح :
إن الراحل تبوأ مكانة مرموقة في الأدب الخليجي، متمسكا بصفات نادرة يصعب توافرها في وقتنا الراهن»، معتبرا رحيله خسارة كبيرة لمحبيه الذين أمتعهم أدباً وشعرا وإنسانياً، فهم سيتحسرون على فقده كلما بحثوا عن إنسانيتهم وتلمسوا دروب المتعة الإبداعية فلم يجدوا ما يغذي ذائقتهم.
حزنت لوفاته متحسرا على عدم تمكنني من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، بسبب ظروف منعتني من السفر إلى مرقده الأخير، لم يودعنا الشاعر والمعلم الذي علمنا كيف نتمرد على هذه الحياة بالروح والشعر لندركها... ونسخر منها، لم يودعنا، البدوي الذي يستحق أن يقال له العم وتقف الدلة في قدومه، لم يودعنا... الذي خذلته الدنيا والأوطان ولم يخذلها ولم يخذل إنسان، لم يودعنا... أبو سامي الرجل الذي يقدم نبل روحه وطهر وصاياه، ذلك الذي علمنا كيف نترك أعيننا معلقة على غيمة في الصحراء، لم يودعنا... آخر البدو فكتب لأصدقائه قصيدة الراحلون، لم ننتبه لها جيداً، ولم ننبهه أنه سيتركنا نجلس منهكين في الفقد في الذاكرة .
آخر البدو الرحل

الشاعر عبدالله الصيخان:
رحمك الله يا سليمان الفليّح: يا آخر البدو الرحل، كم غنيت في صحراء الألم ولممت أحزان البدو الرحل ورافقت الرعاة على مشارف الفجر مشدوداً. إلى خيمة القيم التي عشت تحت ظلالها ومن أجلها، مرتحلاً دوماً كصقر في فلاة المعتى، آخيت بين شعرنا الفصيح والشفاهي متجلياً الجمال الكامن بعين البصير وقلب المحب، أحببتَ في صعاليكهما نكران الذات فاستضفت الشنفرى «وإن مُدت الأيدي إلى الزاد لم أكن/ بأعجلهم إذ أجشع القوم أجهل» في مضارب شليويح العطاوي. وان قلت الوزنةْ .. وقومي مشافيح/ أخلي الوزنةْ لقومي وأشومي». ونزوعهما إلى عدالة اجتماعية، وتبحث في ما بينهما، على رغم تباعد العصور وانزياح اللغة، عن الصوت الشعري الحي في وجه واقع اجتماعي ظالم .
يا أبا سامي ترقد في الشمال حيث كنت باحثاً عن الحماد «حيث وُلدتَ» في الحماد الممتد كشريان في صحرائك، قريباً من هيجنة أخيرة لنمر بن عدوان وبحة ناي لراع لم يسق شياه الوقيعة بين البشر، في الشمال حيث مضارب البدو لم تزل منصوبة في صحراء الترحال مقتفياً آثارهم خلف الشعر والمطر وما يجمع النسيج العربي في حكاية شعبية أو أنة ألم، في رحلتك الأخيرة كنت تنزف كلما قتل أو جُرح عربي، ولعل هذا الدم المنساب قد أضعف قواك على مواصلة كتابة ديوان الألم في سيرتك الشعرية.
يا صديقي ، أي شيح وخزامى ضاعت في قصيدتك قبل عقود فأدهشتنا، وقادتنا إلى برية شعر جديدة. نقتفي فيها أثر قرني الأيل على صخورها ورشاقة الضباء فوق رمالها وأنفاس الغيمة في صحراء عطشها .. فسلاماً عليك .
 

كتب الشعر وعاشه

الشاعر محمد جبر الحربي:
كان الشاعر المبدع سليمان الفليّح - رحمه الله - لا يكتب الشعر فحسب بل يعيشه، فهو نبضه وواقعه وحلمه، وكان مسالماً على رغم الثورة الموجبة التي تشتعل في داخله، منحازاً للبسطاء وقضاياهم، مدافعاً عن حقوقهم، نبيلاً مع الجميع، غيوراً على التراث الشعري العربي بشقيه الفصيح والشعبي، ومهتماً بالجمال والفنون جميعها، محباً للناس كل الناس، ولأحاديثهم وصخبهم،عرفته أوائل الثمانينات الميلادية وزرته مرتين في الكويت، ثم صار بيننا هنا في الرياض. وعلى رغم ندرة لقاءاتنا أخيراً، إلا أن الحب لم ينقطع. كتب لمجلة اليمامة وهو في الكويت شعراً ونثراً، ثم كتب لصحيفة الرياض والجزيرة زاويته الشهيرة «هذرولوجيا». أعتبره أحد مؤسسي تجربة الشعر الحديث في الخليج والجزيرة العربية، وصعلوكاً نبيلاً كما هو الشنفرى وأقرانه الكبار.
 

شخصية استثنائية

الشاعرة سعدية مفرح:
كان الشاعر الراحل سليمان الفليّح - رحمه الله - شخصية استثنائية على صعيد الشعر والحياة كما يليق بشاعر حقيقي، وقد ظل مخلصاً لصعلكته النبيلة حتى النهاية وفي كل مرحل من حياته التي تشظت بين الكويت والسعودية، ليس على صعيد الجغرافيا فحسب، ولكن أيضاً على صعيد العشق السرمدي للمنبع والمصب من دون أن يغفل انتماءه العربي، الذي انفتح عليه مبكراً وكانت كتاباته الصحافية في صحيفة «السياسة»، إذ بدأ مشواره الصحافي بداية السبعينيات الميلادية شاهدة على اهتماماته القومية الكبيرة. وقد رافق سليمان الفليّح في تلك الفترة فنان الكاريكاتور الفلسطيني الكبير ناجي العلي، وتأثر به كما حكى لي شخصياً في مرة من المرات. وعلى رغم أن الفليّح تميز كثيراً عن أقرانه ومجايليه من الشعراء الكويتيين في بداياته ومع صدور ديوانه الشعري الأول عام ١٩٧٩بعنوان: «الغناء في صحراء الألم» باعتباره كتب قصيدة حديثة بنكهة بدوية خالصة على صعيد اللغة والمعاني الكامنة وراءها، إلا أنه توقف لاحقاً معطياً جل اهتمامه للشعر الشعبي، الذي لم يكتب منه سوى القليل جداً، ولكنه اهتم بصحافته وبشعرائه من الشباب الذين تتلمذوا على يديه وأخذوا الكثير منه.
وعندما عاد الفليّح للكتابة الشعرية والصحافية لاحقاً بشكل متقطع ثم بشكل منتظم كانت قد اتسعت مكانته بين الشعراء العرب من مجايليه، ولاسيما أنه حرص على الانفتاح العربي دائماً.

الشاعر خلف الأسلمي:
يا رب نقّه من ذنوبه ولا تجعله
إلاَّ من اللي على حوض النبي واردين
الطف بعبدك وصبِّر في فراقه هله
يا واسع المغفرة يا ربنا.. يا معين

الشاعر عارف سرور:
صدرك يابو سامي لنا كان مدهال
كفِّك يسوق الطيب قبل الفناجيل
الناس تبكي لا أنفقد يوم رجَّال
وشلون نبكي والفقيده رجاجيل

الشاعر محمد عواد ‏:

من رحلت وصديقك يهرف بلا رقاد
 في صدور اصدقائك مالقى له مقيل
عقب جر العوا ياصاحبي والجهاد
صار ذيب الفيافي ياصديقي هزيل
كنت كل السحابة ، صوتها، والبلاد
واقفرت بعد روحك فيضْة «البردويل»

الشاعر عبدالله محمد الرويلي ‏:

ودع وراح مرافق الرمث والشيح  
تبكي على فرقاه جرد الفيافي   
الموت ماحسب لحزن المجاريح
 بس الوكاد انه خطف له سنافي 

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق