العدد 1707 Friday 08, November 2013
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الداخلية : لا تهاون إزاء محاولات الفتنة وضرب الوحدة الوطنية الجارالله ينفي شغل الكويت لمقعد السعودية في مجلس الأمن المجلس يترنح .. وأيامه باتت معدودة سويسرا كشفت المستور : عرفات مات مقتولاً ! البدون اعتصموا.. والجهاز المركزي رفض تسلم طلباتهم سوريا: القوات الحكومية استعادت السيطرة على بلدة السبينة جنوب دمشق أحمد المشعل :لابد من تلافي أسباب تأخير المشاريع الرياضية فريق الغوص: الرمال هي السبب في نفوق المحار «المواصلات» تستأنف القطع المبرمج الشهر الجاري الأمير هنأ رئيس طاجيكستان بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية المبارك: الكويت حريصة على توطيد علاقاتها مع مختلف دول العالم الخرافي: الفتنة الطائفية تدمر الوطن.. والإعلام دوره مهم في القضاء عليها أحمد المشعل بحث مع الجزاف مشاريع «الرياضة» ونسب إنجازها العبدالله : الشباب والمبدعون هم طليعة المجتمع ومستقبل الكويت الجارالله ينفي شغل الكويت لمقعد السعودية في مجلس الأمن البدون يفضون اعتصامهم.. والجهاز المركزي يرفض تسلم وثيقتهم الحمود:لن نتردد يوما في دعم ذوي الاحتياجات والأخذ بأيديهم فريق الغوص: الرمال هي السبب في نفوق المحار ممثلو برلمانات دول التعاون ناقشوا الاتحاد والبرلمان الخليجي وزيارة الكونغرس الغانم يعلن تسلمه طلب استيضاح عن الاستجواب من العبدالله الحمدان: الشباب على رأس أولويات «شؤون التعليم البرلمانية» ذياب: 9 نوفمبر انطلاق دوري مناظرات جامعة الكويت باللغة الإنكليزية الجسمي: «المهندسين» حريصة على تشجيع الطلبة للانخراط في المشاريع الصغيرة والمبادرات الأمانة العامة للأوقاف اختتمت أعمال الدورة التدريبية في جنوب تايلند الأنصاري حاضر لطالبات «موضي العبيدي»: الكويت صنعت معجزة بإطفاء حرائق آبار البترول الأزرق يغادرإلى الإمارات للدخول في معسكر الكويت تؤكد أهمية الرياضة في توطيد العلاقات بين الأمم والشعوب السهو: الأندية لا تلتزم بشعار البطولة الأردن يحقق فوزاً معنوياً على زامبيا استعداداً لملحق المونديال أمام أوروغواي السعودية تعسكر في الدمام استعداداً للعراق ... وانكشف المستور تونس: الأزمة السياسية تعود إلى المربع الأول السودان: البشير يغازل معارضيه بتعديل وزاري.. والزهد في الرئاسة المغرب: محمد السادس يرفض المتاجرة بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية البورصة: مفاجآت سارة في آخر عشر دقائق «زين» تكشف عن خططها لإطلاق شبكة «LTE Advance» الأسرع في العالم بالتعاون مع «هواوي» تقرير: حجم أدوات الدين الخليجية القائمة يحقق نمواً بنك الكويت الدولي: الأرباح التشغيلية ترتفع 85 في المئة خلال الربع الثالث نهاوند مدينة الجرح خلفان الثاني من التصوف إلى التشرد سيد سليم .. الشاعر الذي دفعته المروءة لرفض جائزة الدولة مقعدُ أمي   « هذا مقعد أمي» شاعر شباك مختطفات بكر هوساوي وجه مستعار !! قالت له البنت : « حج ياشايب » ! .. فعاد وقال : ياليتنا من حجنا سالمينا ! بعض المدى .. بعض الندى ..! لا تسهرّينه أمل العوضي: مستعدة لـ «أبو الملايين» في مفاجأة لجمهوره.. «باب الحارة» لن يصور في سوريا فيلم «ذا فاميلي فانغ» يجمع نيكول كيدمان وجيسون بيتمان

مقامات

خلفان الثاني من التصوف إلى التشرد

النافذة الأولى : التشخيص الخارجي
تبدو ملامح الارتباك بادية على النص , وهو ارتباك ظاهري يرتبط بموسيقاه الخارجية , ولهل هذا الارتباك الناجم حول التجديد مرده عائد إلى التشويش الحاصل في علاقة الشاعر بالشاعر , وارتباط الذاكرة بزحمة الفراغ الموجودة فيه  , حيث تتنازعه رغبة الحداثة وثقل النمطية , ومن جهة أخرى سيطرة الميل للكتابة النمطية , إذ من المعتاد في الغالب , وكما لاحظته في العديد من الكتابات أن يتم تطعيم النص الحداثي ببعض الصيغ الكتابية التقليدية , غير أن الشاعر في هذا النص قام بتطعيم النص التقليدي بقبس حداثي فصل فيه المقطعين التقليديين  , وهذا ما اتضح في المقطع الذي فصل القصيدة وشطرها إلى نصفين , وقد يكون النص قصيدتين منفصلتين في الأساس ربطهما الشاعر من خلال هذا المقطع القصير . وكذلك فإن الوزن يختلف بين النص العمودي والنص التفعيلي , فالأول على ( مفاعيلن ) , والنص الحداثي على  (  فاعلاتن ) وهذا فيه بطبيعة الحال مؤشر على  التنازع , علاوة على تغيير قافية العجز التي اختلفت عن المقطع الأول , حيث التزمها في الشطر الأول في كلا المقطعين التقليديين , بينما غيّر القافية في الشطر الثاني .

النافذة الثانية : التشخيص الداخلي
يمثل عنوان النص  « زحمة فراغ « النافذة الأولية بفهم القصيدة , لاسيما أن الغياب وازدحام المدينة « وبعثرة أحباب – وحارس كذاب « كلها تدور حول الزحمة والفراغ , خاصة كون هذه الأيام التي قذفها الشاعر في هذه الفقرة تدل على  هذا المدلول الموحي بالشتات والخوف والحنين والغربة  ، لكن من يعيد النظر في كلمات هذا المقطع , ويحاول رصد ما به من كلمات « أحباب – عظامي – أقدامه – صورة مدينة – حارس كذاب –  صدرك – الجسد والهامة التي تكررت كل كلمة منها مرة واحدة « يجد أن صوت الجسد والنزعة الجسدانية مرتفعة في هذا المقطع , وذلك بسبب وجود فصل معنوي مجرد بين الذاكرة المرتبطة بالنفس والروح وبين المادة المسيطرة على توجه الشاعر في بدء هذا النص .  وبعيدًا عن كل شيء , وبعيدًا عن حال الشاعر في هذا النص , فإن المتأمل في كلمات هذه القصيدة لا عباراتها  حتى لا يقودنا للحديث عن نفسية الشاعر من خلال هذه الصيغ التعبيرية , فقط ننظر في الكلمات دون سواها , نجد أنها أشبه بالقطيع الجميل  من الظباء الذي يجول في فراغ واسع متسع لا تحده الحدود , يدور في نظام عشوائي  وفي عشوائية منظمة  تتراقص  بين السطور وفوق الورق , وفي زوايا النص الشعري , وكأنها تجول في الذاكرة وتتراكض أو تسير في فراغ ممتد , وكأن الفراغ عالم افتراضي أحدثته هذه الكلمات قبل أن نلمسه في القصيدة .
أكاد ألمس في شعر العمانيين ما لا أستطيع أن أكتشفه عند غيرهم , وهي الاتكاء على الرمزية والتفنن الجميل في أصانيع القول وأفانين الكلام , ولا يكون في الأمر غرابة حينما يأتي اسم الشعر في سلطنة عمان  إلا ويعانق الجمال الجمال , ويفرد الشعر أوردته وشرايينه قبل يديه لاستقبال هذا القادم المحمل بالشعر والمعجون بالجمال  , رغم أن الجمال مسألة نسبية لا يمكن الاتفاق عليها , لكنها ارتبطت بهذا الشعر حتى صارت صفة من صفاته , ومن هؤلاء الجميلين الشاعر خلفان الثاني  الذي يكتب وكأنه يتحرك فوق الغيم ويسير بين خيوط النسيم , يقدم لنا الورود وهو يعبر حقولاً من الشوك , وعلى ضوء هذا الكلام لا أستطيع أن أهدم هذا النص وأعيد بنائه وفق طريقتي , بل هو الذي هدم النمطية المخبوءة في دواخلنا وأعاد بنائنا داخليًّا من خلال لغة الشاعر ورؤيته الفنية الثاقبة . وحتى أخرج من هذه الدائرة التي تبدو دائرة تنظرية لكي أدخل جانب التطبيق العملي للقراءة , أجد من الإنصاف أن أقدم هذا الكلام بين يدي القراءة قبل مواصلة الحديث في رسم خريطة طريقي في هذه القراءة .

الذاكرة
حينما يتحول الكلام عن الشعر إلى ترف خارج الاهتمام اليومي المعتاد , تتجمد الذاكرة وتمتلئ بالفراغ الذي يشل طنينه المسامع , يصبح لا شيء له قيمة حتى الشعر , لكننا في حال أمثال هذه النصوص نشعر بنكهة المطر التي تملأ الطرقات وتتسلل عبر مسامات الجسم إلى كل ذرات الجسد , وتسافر ذهابا وإيابا بين الشرايين والأوردة , نشعر بطعم الحياة وجمال الشعر ومدى عذوبة الكلام , وكيف تتحول الحروف إلى فراشات تطير , وكيف تصبح الكلمات أشبه بطيور الكراكي التي تسافر من مكان إلى آخر تعبر الأمكنة وتسافر عبر السنين
 فراغ الذاكرة لا تملؤه إلا مشاعر الفرح والإحساس بنشوة الدهشة , فما بالنا إذا كان الفراغ مزدحمًا والذاكرة خاوية مثل الصحراء التي لا توجد فيها ملامح الحياة , وهكذا هي حال الشاعر المعدومة من الأماني والأحلام , فلا أمنيات تداعب النفوس لتتسلل وتملأ الفراغ , ولا أحلام قادرة أن تتسلل لذاكرة الشاعر حتى يستحيل الفراغ المزدحم إلى حياة ممتلئة بالحياة .
إنه الفراغ الذي ازحدم في وجدان الشاعر وفي مخيلته وتسلل إلى ذاكرته , سيطر على الطرقات وعلا هامات البيوت وسكن السطوح والقمم والسفوح , وصار يتجول بين الناس في المدن , يقاسمهم الحياة ويشاطرهم الهموم , بينما ظل الشاعر واقفًا خارج كل هذه الأشياء في معزل عن كل شيء إلا الفراغ الذي يحيط فيه إحاطة السوار بالمعصم , وذلك عن طريق تكسر الفراغات في زوايا الجسد وبين طرقات المدينة والحارس الكذاب الذي تحولت كل القيم عنده إلى زحمة غير متناهية من الفراغات تمتخر عباب الذاكرة , وتسافر في اللا مكان واللا زمان , حيث لا أحد هناك , ولا شيء في جعبتها هنا .
هذه الذاكرة الملآى بالفراغ ولدت لدى الشاعر الميل إلى اتساع مسامات الجسد لا اشتعال ثورة الروح والقلب والمشاعر , لأن الصخب ملأ المكان , ولم يعد للمشاعر أي وجود , لكن المقطع الآخر للنص تنبعث الحياة في ركان المشاعر , وتمتلئ الذاكرة بالحب , ويستحيل الفراغ المزدحم إلى ورد وعطر وقصيدة , لكنها لا تنغرس فيه بشكل التصاقي في أول الأول , وإنما تطل في صحبة الأفاعي  -حينما تستحيل ملامح الوجوه إلى أنياب مستعدة للفتك والتدمير , وسحق كل شيء بهي في هذه الحياة , حيث تمره مرور العابرين بلا ملامح , وتحاول أن  تزرع فيه البسمة , لكنها بسمة لا تكاد تستقر إلا قليلا لتستحيل بعد ذلك إلى شتات وضجيج , إذا تتحول الذاكرة إلى شتات , ويستحيل الفراغ المزدحم إلى ضجيج يملأ الشوارع ويستقر في وجدان الشاعر  , وذلك من خلال  ردم الفراغ بالضجيج , وقد تحول الشاعر هنا من شخص يبحث عن لا شيء إلى لا شيء تبحث عن شاعر , فلا الأول وجد الثاني , ولا الآخر باستطاعته اكتشاف صاحبه .
إنها فلسفة الأشياء حينما تفقد الأشياء فلسفتها ، هذا ما كان مع الشاعر الذي وجد صومعته في الفراغ , وتلذذ في محراب الذاكرة , لقد كانت المدينة تضمه في أول النص , ثم استحالت عملية « الضم « بالنسبة عنده إليه من   شعور نفسي لتتحول إلى جهد عملي مارسه الشاعر , غير أنه غاب في المقطع الأخير باحثًا عمن يمنحه هذا « الضم « للخلاص من ضجيج الذاكرة والتخلص من زحام الفراغ المشتعل فيه , وذلك من أجل خلق حالة من التوازن المفقود , والذي كاد أن يفلت منه في آخر القصيدة , لو لم يتدارك نفسه في الأخير .
صورة الحب
 إن الذاكرة الملأى بالفراغ المزدحم دفعته للقول « ترى كل الأفاعي طيبة لو ما لها أنياب  .. وأنا عندي الوجوه أنياب تقتلني وتحييني « حيث تحولت الشخوص أمامه إلى أشباح تتراءى له في الأماكن والطرقات , وكأنه في هذا الحكم القاسي المرير البشع يريد تخليص ما بنفسه من هموم  وشوائب هو في أمسّ الحاجة للتخلص منها  , وذلك من أجل تمكين نفسه  دخول نفق الروح  الضيّق الذي تضاءل مع اتساع هوة الذاكرة وتراكمات الفراغ , وهذا ما حصل له في آخر النص حيث إن الفراغ بدأ بالاحتضار , والذاكرة تعيد ترميم ما بها من تصدع , من أجل أن يتمكن من ملء روحه بالحب والحياة , لهذا يحاول الشاعر ردم الهوة المتسعة في ذاكرته من خلال اللقاء بمن يحب , وذلك من أجل أن تمتلئ روحه بالحب , ولا يعود الفراغ مزدحما بالفراغ , بل من أجل أن تعود الحياة لروحه المهشمة وتعود إليه ذاكرته التي غادرته إلى الفراغ أو  حل فيها الفراغ ,. لهذا بمارس الشاعر مناسك الحب , ويتعبد في محرابه « يا حلوك .. أخاف « حيث تجتمع لديه الرغبة والرهبة في هذا الكلام ,  الرغبة في التواصل , والرهبة من عودته لما كان عليه ، لذا نرى الشاعر  يتخلص من فوضى الضجيج وعويل الفراغ  للوصول إلى من يحب حتى يسكن في عيونه  متمنيا الخلاص من السفر والدروب والمدينة والناس , والملاحظ أن صوت الحب والنشوة بلقاء الأنثى لم تتضح ملامحه إلا في آخر النص , وكأن النص عند الوهلة الأولى  نص إنساني تأملي لا نصًّا عاطفيًّا , وذلك أن ملامحه النهائية لم تتضح إلا عن الانتهاء من قراءته , إذ أن كل شيء مختفٍ , ويعاني من الفقدان ,  وهو في هذا الفقد وعدم الوضوح ناتج بسبب فراغ الذاكرة وازدحام الفراغ باللا شيء , فلا مكان للأشياء خاصة المحبوبة , لهذا جاءت صورة الحب في الأخير , وذلك بعد أن تخلص الشاعر من كل شوائب الفراغ  والضجيج والناس والمدينة

نافذة أخيرة  :
من يقرأ النص مرة أخرى بمعزل عما كتبته عنه سابقا يدرك أن  الشاعر تتنازعه روح المتصوف المتأمل والمتشرد الباحث عن الأمان , وهو بين تأمله وتشرده يحاول ملء فراغه العنيد المتغطرس بما يلبي له هذه الرغبة , وهي الحياة والحيوية , الحياة من خلال المتصوف المتأمل , والحيوية عن طريق المتشرد الباحث عن الأمان  , لهذا يجد لذته في الانغماس بنشوة الارتماء في عيون المحبوب حتى يكوّن له العالم المفقود من ضجيج الذاكرة وذاكرة الفراغ , لهذا يريد السكنى في هذا العالم حتى يعيش لحظة أخرى , هي لحظة التصوف والتأمل في هذا المحراب , ويمارس نشوة التمرد  من خلال الحب على نفس الدرجة
هذه الحالة لم تكن مقترنة بالناحية الفنية للنص , بل هي كذلك مرتبطة بالجانب الشكلي للقصيدة حيث رأينا في بداية هذه القراءة تداخل الحداثة بالنمطية , وشاهدنا الانتقال  من قافية لقافية , وكأن هذا النزوع متأصل مع الشاعر في هذا النص , ولم يأتِ كحالة عَرَضية .


محمد مهاوش الظفيري
 

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق