
كابوس ستيفان ليختشتاينر الذي تحقق هذا هو الوصف الذي أطلقه البعض على هذه المباراة التي أسفرت عنها القرعة بعدما خرج مُدافع اليوفنتوس ستيفان ليختشتاينر قبل أيام قليلة مُعرباً عن أمله بتجنب بايرن ميونخ إلا أن القرعة لم تستمع لرغباته وقررت أن تصدمه وتُجبره على ملاقاة بايرن ميونخ في الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا.
المباراة تُعد الأصعب والأقوى بين نتائج القرعة نظراً لتوازن وتقارب مردود الفريقين هذا الموسم من جانب وبسبب المواجهات التي جمعت الفريقين في السنوات الماضية من جانب آخر، يوفنتوس سيكتسب أهمية الفوز في هذه المباراة من كونه الفريق الإيطالي الوحيد المتبقي في البطولة بينما سيكون قطار بايرن ميونخ مُندفعاً كعادته باحثاً عن التأهل إلى المباراة النهائية التي اعتاد الوصول إليها في آخر ثلاثة نسخ من البطولة.
وفي باقي مواجهات قرعة دور الثمانية بدوري أبطال أوروبا التي أسفرت عن مواجهات برشلونة مع باريس سان جيرمان، وبروسيا دورتموند مع ملقةا وريال مدريد مع غلطة سراي.
وضع بايرن ميونخ نفسه في موقف أكثر من رائع بعدما تمكن من حسم لقب البوندسليغا عملياً بفارق وصل إلى 20 عن أقرب ملاحقيه بوروسيا دورتموند كما تمكن من إقصاء دورتموند أيضاً من كأس ألمانيا ليُصبح إن جاز التعبير مُتفرغاً لدوري أبطال أوروبا حيث تجنب بذلك ما حدث معه الموسم الماضي من تراجع ذهني ونفسي للاعبين بسبب خسارة كأس ألمانيا قبل أيام قليلة من نهائي دوري الأبطال وهو ما أثر بشكل كبير على مستواه في الملعب أمام تشيلسي بنهائي البطولة والذي خسره في النهاية.
وإن كان هناك صعوبات في مشوار البافاري هذا الموسم فكانت على المستوى الأوروبي وليس المحلي بعدما افتك صدارة مجموعته التي ضمت ليل الفرنسي، فالنسيا الإسباني وباتي بوريسوف البيلا روسي بصعوبة حيث عقد مُديره الفني يوب هاينكس الأمور على نفسه منذ البداية بالهزيمة من باتي بوريسوف قبل أن ينجح في تعديل الأوضاع واقتناص الصعود، في الدور ثمن النهائي اصطدم البايرن بنادي الأرسنال الإنكليزي حيث نجح في اكتساحه على ملعبه بالعاصمة الإنكليزية لندن بنتيجة ثلاثة أهداف لهدف قبل أن يترك الأمور للتعقد في لقاء العودة بالهزيمة بهدفين دون رد وهي النتيجة التي كانت كافية تماماً للصعود إلى الدور ربع النهائي.
وتبقى نقاط القوة للبايرن ميونخ هو عدم تعرضه للضغوط على المستوى المحلي وهي النقطة التي أثارها المدير الفني لنادي اليوفنتوس أنتونيو كونتي حيث أكد على أن بايرن ميونخ حسم البطولتين المحليتين بشكل كبير وهو الشيء الذي سيمنحه التفرغ والتركيز في بطولة دوري الأبطال.
على المستوى الفني تكمن قوة بايرن ميونخ في إجادته للهجوم الكاسح عبر الأطراف والمد الهجومي الجيد من خلال الوسط مع تأمين خطوطه دفاعياً بشكل جيد وهي السياسة التي تحطمت تماماً عندما تغيب باستيان شفاينشتايغر وفرانك ريبيري عن إياب ثمن النهائي أمام البايرن حيث افتقد الفريق بشكل واضح القدرة على تطبيق أسلوبه كما يُحتسب لبايرن ميونخ أيضاً تكامل تشكيلته القادرة على تعويض أي غياب قد يحدث.
يُعد دفاع بايرن ميونخ ضمن أقوى الدفاعات الأوروبية هذا الموسم حيث ظل صامداً في المركز الأول على مستوى الدوريات الأوروبية لفترة طويلة وذلك بفضل التناسق الكبير الذي ظهر عليه بعد التعاقد مع المدافع الدولي البرازيلي دانتي.
وتأتي أبرز نقاط الضعف التي تؤخذ على بايرن ميونخ في مباريات دوري الأبطال خلال السنوات الأخيرة هي تألقه الشديد في مباراة الذهاب والتأثر بهذا التألق لدرجة تدفعه للرعونة الشديدة في لقاء الإياب، ظهر ذلك جلياً في الموسم قبل الماضي عندما تفوق على إنترميلان وهزمه في إيطاليا قبل أن يعود ويخسر بطاقة التأهل في ملعبه بالأليانز آرينا وكادت أن تتكرر هذا الموسم في مباراة الأرسنال.
أما من ناحية الجانب الفني يعتبر مركز الظهير الأيسر الذي يشغله ديفيد آلابا هو أبرز النقاط القابلة للاختراق في صفوف بايرن ميونخ نظراً لعدم امتلاك الابا للخبرة الكبيرة حيث يظهر هذا العيب عندما يتغيب ريبيري الذي يُساند الابا كثيراً في المهام الدفاعية على الرواق الأيسر.
أما عن اليوفي فأفضليته محلياً لا تقل عن أفضلية البايرن وإن كانت أقل منها في المستوى حيث يفصله 9 نقاط فقط عن صاحب المركز الثاني نابولي قد تتقلص في الفترة المقبلة نتيجة لخروج الميلان صاحب المركز الثالث من بطولة دوري الأبطال وهو الشئ الذي سيمنحه التركيز أكثر في بطولة الدوري الإيطالي، وقد يتسع الفارق إن لم يتطور مستوى الفرق الملاحقه له.
يوفنتوس تخلص من الضغط الواقع عليه في بطولة أخرى محلية وهي كأس إيطاليا ولكنه اتخذ أسلوباً آخر غير الذي اتبعه البايرن حيث ودع يوفنتوس البطولة في دورها نصف النهائي بهزيمة من لاتسيو قوامها هدفين دون رد وهو الموقف المحلي الذي ساعد الفريق كثيراً في الوصول إلى الدور ربع النهائي من دوري الأبطال.
مشوار البيانكونيري في البطولة الأوروبية بدأ بمجموعة قوية ضمت بجانبه تشيلسي حامل اللقب ونورشيلاند الدنماركي بالإضافة إلى شاختار دونيتسك الأوكراني حيث نجح اليوفي في التأهل صحبة شاختار عن هذه المجموعة وإجبار تشيلسي على توديع البطولة مبكراً ليُصبح أول فريق في التاريخ يحصد لقب البطولة ويودع من دور المجموعات في الموسم التالي، تأهل يوفنتوس الذي اعتبره البعض محظوظاً لأنه وجد سيلتك الأسكتلندي بانتظاره في الدور ثمن النهائي حيث نجح الفريق في تحقيق الفوز ذهاباً بثلاثة أهداف وإياباً بهدفين.
نقاط القوة: يملك يوفنتوس قائمة جيدة من الأساسيين والبدائل وهو الشئ الذي يتفوق فيه على بايرن ميونخ كما يمتلك خط وسط قوي للغاية يضمن نجوماً لامعة أمثال ماركيزيو وآخرين تحدث عنهم لاعبوا البايرن حيث قال شفاينشتايغر عقب سحب القرعة أنه من الكافي متابعة لاعب مثل أندريا بيرلو القادر على حسم المباراة في أي لحظة لكي تعرف مدى قوة اليوفي بينما تحدث كروس عن آرتورو فيدال زميله السابق في ليفركوزن واصفاً أياه باللاعب الرائع.
من نقاط القوة الواضحة لدى اليوفي أيضاً أنه فريق إيطالي وهذا يكفي، اليوفي بطبعه يتميز بإجادة الدفاع في المباريات الكبيرة والحاسمة والحفاظ على شباكه مع الإبقاء على حظوظه هجومياً لتسجيل الأهداف وهو السيناريو الذي منحه التفوق على تشيلسي بدور المجموعات من هذه البطولة.
نقاط الضعف: يُطلقون على الفرق الصغيرة التي تعتمد على لاعب واحد فقط في تسجيل الأهداف «فريق الرجل الواحد»، عندما نتكلم عن اليوفي فيُمكن وصفه إن جاز التعبير بـ»فريق نجم المباراة الواحد»، من يُتابع اليوفي خلال مبارياته بالدوري الإيطالي يُلاحظ أن حسمه للمباراة يأتي غالباً عن طريق تألق لاعب واحد فقط وقد يحدث ذلك في نفس المباراة التي يُقدم فيها بعض اللاعبين في الفريق آداء كارثي، في مرة تجد بوغبا ينفجر ويُسجل أكثر من هدف ويقود الفريق للفوز وفي مباراة أخرى تجد ماركيزيو يُسجل وقد يكون ماتري نجم ليلة أخرى، تلك السياسة تضمن للفريق الفوز بالفعل ولكنها لا تضمن له ثبات النتائج وهو ما يتسبب في خسارته لمباريات من المفترض أن تكون سهلة مثلما حدث وخسر أمام سامبدوريا قبل شهرين من الآن.
يُعاب على اليوفي ضعف فاعلية هجومه و هو الشئ الذي قد يُساهم في تحجيمه تماماً إذا ما لاقى فريق يُجيد عزل هجوم الخصم عن نصف ملعبه وهو الأسلوب الذي يُجيده بايرن ميونخ تماماً وفي هذه الحالة لن يكون لليوفنتوس أمل سوى استغلال هفوة دفاعية أو الاعتماد على تالق لاعبي الوسط.
في النهاية قد يفوز اليوفي أو يتأهل البايرن ولكن على المستوى الشخصي أرى بايرن ميونخ أقرب للتأهل، ليس تقليلاً من قدرة اليوفي على تحقيق الفوز ولكن إن نظرنا إلى مشوار الفريقين فاليوفي لم يواجه اختباراً حقيقياً حتى الآن مثلما حدث مع بايرن ميونخ أمام الأرسنال كما أن تركيز البايرن في بطولة دوري الأبطال سيكون أكثر كثيراً من تركيز اليوفي، أضف إلى ذلك خبرة بايرن ميونخ على مدار السنوات الخمسة الأخيرة التي يتفوق بها على خبرة اليوفي بمراحل إلا أن كل هذه العوامل قد تساوي صفر لسبب بسيط جداً وهو أنك تُتابع دوري أبطال أوروبا الذي يضم أندية لا تعترف بالمعطيات والمستحيلات.